مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 17

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 17/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب المكاسب و المتاجر

فصل في شرائط العوضين

اشارة

فصل في شرائط العوضين و هي أمور.

الأول: يشترط في المبيع أن يكون عينا

الأول: يشترط في المبيع أن يكون عينا (1).

______________________________

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين فصل في شرائط العوضين

العقود و القرارات المعاملية بين الناس متقومة بأمرين المتعاقدين و العوضين، و تقدم ما يتعلق بالأول، و نذكر في هذا الفصل ما يتعلق بالثاني إن شاء اللّه تعالى.

(1) للإجماع، و السيرة. و أما ما ورد في بيع خدمة المدبر، كخبر أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل يعتق جاريته عن دبر أ يطأها إن شاء، أو ينكحها، أو يبيع خدمتها حياته؟ فقال عليه السّلام: أي ذلك شاء فعل» (1)، و في خبر

ص: 5


1- الوسائل باب: 3 من أبواب التدبير (كتاب العتق) حديث: 1 ج: 16.

متموّلًا (2)، سواء كان موجودا في الخارج أو كلياً في ذمة البائع أو في ذمة غيره، كأن يبيع ما كان له في ذمة غيره بشي ء (3). فلا يجوز أن يكون المبيع

______________________________

السكوني عن علي عليه السّلام قال: «باع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خدمة المدبر و لم يبع رقبته» (1).

و ما ورد في بيع سكنى الدار التي لا يعلم صاحبها، كخبر إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السّلام قال: «سألته عن رجل في يده دار ليست له و لم تزل في يده و يد آبائه من قبله، قد أعلمه من مضى من آبائه أنها ليست لهم و لا يدرون لمن هي فيبيعها و يأخذ ثمنها. قال عليه السّلام: ما أحب أن يبيع ما ليس له. قلت: فإنه ليس يعرف صاحبها و لا يدري لمن هي و لا أظنه سيجي ء لها رب أبداً. قال عليه السّلام: ما أحب أن يبيع ما ليس له. قلت: فيبيع سكناها أو مكانها في يده، فيقول: أبيعك سكناي و تكون في يدك كما هي في يدي. قال ع: نعم يبيعها على هذا» (2). و ما ورد في بيع الأرض الخراجية (3)، مما هو ظاهر في تعلق البيع بالمنفعة فهو من المسامحة في التعبير لا أن يكون من البيع الحقيقي.

(2) بإجماع العقلاء فضلًا عن الفقهاء. و المراد بالمال ما فيه غرض صحيح عقلائي غير منهي عنه شرعاً. و الغرض إما نوعي أو صنفي أو شخصي خاص اتفاقي نادر، و لا ريب في صحة كون الأولين مناط مالية المال. و أما الأخير فهو كذلك أيضا إن لم يستنكره المتعارف و إلا فلا. و لا فرق في النوعي و الصنفي بين غلبة الوجود أو ندرته، كجملة من الأدوية لبعض الأمراض، و كذا بعض العتائق النادرة.

(3) للإطلاقات و العمومات، مضافا إلى الإجماع في جميع ذلك، و لا فرق في ما هو الموجود في الخارج بين العين الشخصية و المشاع، و الكلي في

ص: 6


1- الوسائل باب: 3 من أبواب التدبير (كتاب العتق) حديث: 4.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 5.
3- راجع الوسائل باب: 21 من أبواب عقد البيع.

منفعة، كمنفعة الدار، و نحوها، أو عملا كخياطة الثوب مثلا، أو حقا، كحق التحجير و الاختصاص (4). و أما الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملا متمولا (5) بل حقا قابلا للنقل و الانتقال، بل يجوز أن يكون حقا قابلا للإسقاط و إن لم يكن قابلا للنقل و الانتقال، كحق الخيار و الشفعة (6)، و إن

______________________________

المعين فان له اعتبار خارجي أيضا، و يأتي في أقسام البيع، و بيع السلف ما ينفع المقام.

(4) لتبادر العين في مقابل المنفعة من المبيع عرفا، و صحة سلب البيع عنها، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه، و إطلاق كلام بعض اللغويين حيث قال:

«إن البيع مبادلة مال بمال» مبني على المسامحة، فلو وقع كل ذلك بلفظ البيع يكون فاسدا، و لو استوفى المنفعة يكون ضامنا لأجرة المثل، و كذا في مورد بيع الحق. و لو عمل في مورد الخياطة يستحق أجرة المثل على تفصيل تقدم في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده. و لو كان لفظ البيع مستعملا عند قوم في الإجارة و ظاهرا فيها يقع به و لا إشكال فيه حينئذ، لما مر أن المدار على الظواهر العرفية و هي تختلف.

(5) كعمل المملوك، و عمل الحر مع الاستيفاء.

(6) لصدق البيع عليه عرفا، فتشمله الإطلاقات و العمومات قهرا، و لا دليل على تقوم البيع بالتمليك من البائع و التملك من المشتري و إن كان هو الغالب فيه، بل حقيقته أنه جعل عين بعوض بالنحو المعهود، كما مر كان هناك تمليك أولا مع إمكان فرض التملك ثمَّ السقوط في ما لا يقبل النقل و الانتقال أيضا، لأن الاعتباريات خفيفة المؤنة جدا، فيصح أن يكون الثمن كلما فيه غرض صحيح غير منهي عنه، سواء كان عينا خارجيا شخصيا كانت أو مشاعا، أو كليا في المعين، أو كليا ذميا، أو منفعة أو عملا متمولا، أو حقا أو انتفاعا إن تحقق الغرض الصحيح في جميع ذلك، كل ذلك للإطلاقات و العمومات و عدم

ص: 7

كان الأحوط خلافه (7)

الثاني: تقدير مقدار العوضين بكلما تعارف تقديرهما به وزنا أو كيلا أو مسامحة أو بغيرها من أنحاء التقديرات

اشارة

الثاني: تقدير مقدار العوضين بكلما تعارف تقديرهما به وزنا أو كيلا أو مسامحة أو بغيرها من أنحاء التقديرات (8). فلا يكفي مجرد المشاهدة

______________________________

ما يصلح للتقييد و التخصيص.

(7) خروجا عن خلاف من قال ببطلانه، و إن لم يكن له دليل.

(8) البحث في هذا الشرط من جهات.

الأولى: هل هو شرط تعبدي شرعي لا بد و أن يؤخذ من الشارع حتى نحتاج إلى التماس دليل فيه، أو هو من الأمور الفطرية نظير حلية أصل العقود و المعاملات النظامية؟ الحق هو الأخير، و لا وجه لاحتمال الأول، لأن هذا الشرط كان بين الناس قبل البعثة و حينها و بعدها في شرق الأرض و غربها في جميع أصناف الناس فإنهم يهتمون بجميع جهات أموالهم كاهتمامهم بنفوسهم بل أشد و من أهم جهات الاهتمام بالأموال معرفة العوضين كما و كيفا في المعاوضات، فما ورد من الشرع، كقوله صلّى اللّه عليه و آله: «نهى النبي عن الغرر» (1)، أو «عن بيع الغرر» (2)، إرشاد إلى تقرير طريقتهم لا إيجاد تعبد خاص مخالف لسيرتهم، و كذا في جميع الأمور النظامية التي وردت الشريعة عليها من البيع و الإجارة و النكاح و الطلاق و نحو ذلك.

نعم، حددها الشارع بحدود و قيود، كما هو شأنه في جميع الموضوعات العرفية، فلا مجال لبحث الفقهاء و تطويل الكلام فيه و نقل أقوال بلا دليل عليها و لا أثر لها، لأن مثل هذه الأمور ليست استنباطية بل من العرفيات، و لذا نرى الرواة يسئلون عن بيع المكيل بغير الكيل أحيانا، فيستفاد منه أن اعتبار الكيل في

ص: 8


1- الوسائل باب: 10 و 12 من أبواب عقد البيع حديث: 2 و 13 و في كنز العمال ج: 4 صفحة: 41 حديث: 391- 393.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب التجارة حديث: 3.

..........

______________________________

المكيل مركوز في فطرتهم و مفروغا عنه لديهم و يسئلون عن حكم مخالفة هذا الأمر المركوز لديهم، كصحيح ابن محبوب عن زرعة عن سماعة: «سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن هل يصلح شراؤه بغير كيل و لا وزن؟ فقال عليه السّلام:

أما إن تأتي رجلا في طعام قد كيل و وزن تشتري منه مرابحة فلا بأس إن اشتريته منه و لم تكله و لم تزنه إذا كان المشتري الأول قد أخذه بكيل أو وزن و قلت له عند البيع إني أربحك كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك فلا بأس» (1)، و مرسل ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل يشتري الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل، فقال ع: إما أن يأخذ كله بتصديقه، و إما أن يكيله كله» (2)، و رواية ابن حمران قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله فصدقناه و أخذناه بكيله، فقال عليه السّلام: لا بأس، فقلت: أ يجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال عليه السّلام: لا، أما أنت فلا تبعه حتى تكيله» (3).

الثانية: الأغراض العقلائية و المقاصد المعاملية تختلف من جهات شتى.

فتارة: بالنسبة إلى ذوات الأشياء من حيث كونها حنطة أو شعير أو غيرهما من الأجناس مثلا.

و أخرى: بالنسبة إلى كيفياتها من الجودة و الرداءة و سائر الأوصاف.

و ثالثة: إلى الحد و الكمية، فتكون نفس الكمية من حيث هي ملحوظة مستقلا مع قطع النظر عن مقدار المالية و القيمة السوقية، فعلى هذا لو وضع مقدارا من الحنطة في كفة من الميزان و مثله في الكفة الأخرى بحيث علم تساويهما من حيث المقدار و لكن لم يعلم أصل الكمية لا تصح المعاملة لفقد ما هو أهم المقاصد المعاملية و هو العلم بالكمية، و كذا لو كيل بمكيال مجهول.

نعم، تصح بعنوان المصالحة و التراضي المغتفر فيها مما لا يغتفر في غيرها.

الثالثة: لا ريب في اختلاف التحديدات باختلاف الأزمنة و الأمكنة

ص: 9


1- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 7.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 3 و 4.

..........

______________________________

اختلافا كثيرا، فرب شي ء في زمان أو مكان موزون و هو بعينه في محل أو زمان آخر مكيل أو بالعكس، و كذا في المعدود و المدار في كل زمان أو مكان حكمه، و لا ريب في تغييره بتغير الموضوع.

و ما قيل: من أن المناط على ما كان في زمان النبي صلّى اللّه عليه و آله مكيلا أو موزونا.

قول عليل قام على خلافه الدليل، لما مر من أن ذلك ليس من التعبديات الشرعية حتى يرجع إليه صلّى اللّه عليه و آله أو إلى زمانه مع وقوع الاختلاف في زمانه صلّى اللّه عليه و آله فراجع التواريخ.

الرابعة: يصح بيع الموزون كيلا أو بالعكس إذا كان كل منهما طريقا صحيحا معتبرا عرفا إلى المقدار الخاص المعهود، بل يصح بيع كل واحد منهما بالمساحة المعتبرة أيضا، كما إذا فرض أن الحديد يباع وزنا مثلا كل كيلو بدرهم و كان حديد طوله بمقدار متر واحد مع تساويه في تمام سطحه من تمام الجهات بحيث يكون وزن تمامه بمقدار كيلو يصح بيع نصف المتر منه بنصف درهم، إذ المناط كله على إحراز الكمية المخصوصة للمال و قد أحرز بذلك و التحديدات كلها طريق إليها لا أن يكون لها موضوعية خاصة بوجه من الوجوه، و لا يعتبر قول فقيه في المقام بعدم الجواز لأنه ليس من أهل خبرة ذلك، بل يشكل اعتبار إجماعهم في نظائر المقام من العرفيات التي قد يكون أهل السوق أبصر منهم بالخصوصيات، مع إن النزاع لفظي، فراجع المطولات و تأمل فمن يقول بعدم بيع الموزون كيلا يقول ان الكيل ربما لا يكون بقدر الوزن و هو أضبط فلا يجوز من هذه الجهة، و من يقول بالجواز يقول إن هذا خلف الفرض لأنا نقول في ما إذا أحرز التساوي من كل جهة، بل يجوز بيعهما عدا أيضا، كما إذا جعل مقدارا خاصا من المبيع في علب مخصوصة كل علبة كمية معينة ثمَّ باع عددا كما شاع في هذا الأعصار في جملة كثيرة من الأشياء، بل يصح بيع المعدود كيلا أو وزنا إذا أحرزت الكمية المعينة بهما.

و لو حصل التفاوت عند بيع المكيل وزنا أو بالعكس، و كذا في سائر

ص: 10

و المجازفة (9)، و لا تقديره بغير ما يكون به تقديره، كتقدير الموزون بالكيل أو العد، و المعدود بالوزن أو الكيل إذا لم يعلم قدر الوزن في الأول و العدد في الثاني (10)

______________________________

موارد اختلاف التحديدات. فهو إما قابل للمسامحة عند المتعارف أو غير قابل لها، و لا بأس بالأول لوجود المقتضي و فقد المانع لأن المقدار معلوم في الجملة و التفاوت قابل للمسامحة فتشمله الإطلاقات و العمومات بلا إشكال. و الثاني لا يصح لجهالة الكمية بعد فرض عدم المسامحة في التفاوت، و المسامحة و عدمها يختلفان بالنسبة إلى الأشياء اختلافا كثيرا، بل ربما يختلف بالنسبة إلى شي ء واحد باختلاف الأزمنة و الأمكنة، فقد يتسامح بشي ء في الرخص بما لا يتسامح به عند الغلاء، كما لا يخفى. و لو شك في أنه قابل للمسامحة أو لا، يمكن القول بالصحة، لقاعدة الصحة.

الخامسة: الغرر و الحرج و الضرر يلاحظ كل واحد منها موردا للحكم من حيث الشخص لا من حيث النوع، لكونها موضوع الحكم فمع عدم تحققه بالنسبة إلى شخص كيف يتحقق الحكم بالنسبة إليه لأنه من الحكم بلا موضوع.

نعم، لو كان ذلك حكمة للحكم لا أن يكون قيدا و علة له يكفي تحققه النوعي للحكم الشخصي أيضا، و لكنه و ان أمكن ثبوتا الا أنه لم يقم عليه دليل إثباتا، فلو كان شي ء معلوما عند المتبايعين و مجهولا عند الناس يصح البيع و في عكسه لا يصح، و حيث أن جملة من هذه المباحث أصبحت باطلا بفضل شيوع التحديدات المضبوطة العالمية فلا وجه لإطالة البحث بأكثر من ذلك.

(9) لعدم إحراز كمية المال بها.

نعم، لو فرض إحرازها بها.

نعم، لو فرض إحرازها بها يكفي حينئذ كما قيل بالنسبة إلى بعض أهل الخبرة من أن ما يخبر بمشاهدته بمقدار المال لا يختلف عنه واقعا.

(10) لأنه حينئذ جهالة بكمية المال، فتكون موجبة للبطلان، كما

ص: 11

و أما إذا علم بذلك أيضا فيصح و يجزي (11). و لو كيل جملة مما يعد أو مما يوزن بمكيال ثمَّ يحسب الباقي بحسابه يصح و لا إشكال فيه (12).

مسألة 1: يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع

(مسألة 1): يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع فيشتريه مبنيا على ما أخبر به إن حصل الاطمئنان من قوله (13). و لو تبين النقص

______________________________

هو واضح.

(11) لفرض إنه علم الوزن في الأول و العدد في الثاني، فيكون المقتضي للصحة موجودا و المانع عنها مفقودا، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فتأمل، فمن يقول بعدم الجواز أي في ما إذا لم تحرز الكمية و من يقول بالجواز أي في صورة الإحراز.

(12) لأنه ليس من تقدير المعدود بالكيل أو الموزون به، بل هو نحو اختصار مغن عن التفصيل و التطويل في كل واحد منهما، و يدل على ذلك أيضا صحيح ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثمَّ يعد ما فيه ثمَّ يكال ما بقي على حساب ذلك العدد، قال عليه السّلام:

لا بأس به» (1).

(13) لجملة من الأخبار.

منها: صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الطعام أشتريه منه بكيله و أصدقه؟ فقال عليه السلام: لا بأس، و لكن لا تبعه حتى تكيله» (2).

و منها: مرسل ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل يشتري الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل، فقال عليه السّلام: إما أن يأخذ كله بتصديقه، و اما

ص: 12


1- الوسائل باب: 7 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 8.

فله الخيار (14)، فأن فسخ يرد تمام الثمن و إن أمضى ينقص من الثمن بحسابه (15).

______________________________

أن يكيله كله» (1).

و منها: خبر محمد بن حمران: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله فصدقناه و أخذناه بكيله، فقال عليه السّلام: لا بأس- الحديث-» (2).

و لأن التقدير معتبر من حيث الطريقية إلى حصول الاطمئنان بكمية المال و المفروض حصوله من اخبار البائع، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه، و تقتضيه السيرة العملية بين التجار أيضا.

و أما صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم و إن صاحبه قال للمشتري: ابتع منى من هذا العدل الآخر بغير كيل، فان فيه مثل ما في الآخر الذي ابتعت. قال عليه السّلام: لا يصلح الا بكيل- الحديث-» (3).

فلا بد من حمله على صورة عدم حصول الاطمئنان العرفي، أو عدم إيقاع المعاملة مبنيا على اخباره، و كذا الحكم لو لم يعلما المقدار و لم يخبر البائع و اكتفيا باشتراط المقدار فيصح و يجزي. و كذا يصح الاكتفاء لو كتب المقدار على المتاع كما هو الشائع في جملة من الأمتعة في هذه الأعصار.

(14) لانحلال العقد بالنسبة إلى أجزاء المقدار و تخلف جزء منه يوجب الضرر على المشتري فلا بد من تداركه بالخيار.

(15) لأن الثمن يقسط بالنسبة إلى الأجزاء. فما وصل من المثمن إلى المشتري تملك عوضه البائع من الثمن و ما لم يصل إليه يكون مقداره من الثمن باقيا على ملك المشتري. و قيل يبطل أصل البيع لأن المعقود إنما هو المقدار

ص: 13


1- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 3 و 4.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 2.

و لو تبينت الزيادة فهي للبائع و للمشتري الخيار (16).

مسألة 2: كما يصح الاعتماد على قول البائع مع حصول الاطمئنان

(مسألة 2): كما يصح الاعتماد على قول البائع مع حصول الاطمئنان (17)، يصح الاعتماد على قول أهل الخبرة أيضا مع حصوله (18).

مسألة 3: لو كان شي ء له أجزاء و أفراد و هي متحدة من كل جهة

(مسألة 3): لو كان شي ء له أجزاء و أفراد و هي متحدة من كل جهة في أصل المالية و خصوصياتها الموجبة لزيادة الرغبات و القيمة يجوز بيع ذلك الشي ء بأنحاء مختلفة.

الأول: بيع المجموع من حيث المجموع (19).

الثاني: الجزء المشاع منه- ثلثا أو ربعا أو عشرا-

______________________________

الخاص، فما وقع عليه العقد لم يقصد و ما قصد لم يقع عليه العقد.

و قيل: انه لو أمضاه يرجع بشي ء من الثمن، لأن الثمن انما وقع بإزاء وصف المبيع بمقدار كذا و الأوصاف لا يقسط عليها الثمن. و لا ريب في بطلان القولين.

أما الأول: فلأن العقد انحلالي لا أن يكون بسيطا متعلقا بالبسيط.

و أما الثاني: فممنوع صغرى و كبرى لأن الوصف هنا عنوان مشير إلى الاجزاء لا أن يكون في مقابلها، و أما الكبرى فيأتي البحث عنها في باب الخيارات إن شاء اللّه تعالى.

(16) أما الخيار فلأجل الشركة مع مال البائع لأنها نحو نقص في مقابل الاستقلال المطلق على المال و أما كون الزيادة للبائع فهو معلوم.

(17) لأنه حجة عقلائية، كما تقدم مرارا.

(18) لأن المدار على المسبب لا على السبب، و مر أنه حجة.

(19) مع كونه معلوما كيلا أو وزنا أو عدا أو بغير ذلك مما يكون طريقا لمعلوميته، و يصح البيع للإطلاقات و العمومات.

ص: 14

أو غير ذلك (20).

الثالث: بيع فرد موجود في الخارج في ضمن الكلي المتحقق فيه (21).

______________________________

(20) بلا إشكال في صحة البيع، لما تقدم من الإطلاقات و العمومات.

(21) الفرق بينه و بين سابقة أن في السابق كل جزء من أجزاء ذلك الشي ء مشترك بين البائع و المشتري بحسب قدر المبيع، فإذا كان المبيع ثلث المتاع مثلا يكون كل جزء من الأجزاء المفروضة في ذلك الشي ء ثلثه للمشتري و بقيته للبائع، و ليس كذلك في القسم الثالث فان فيه تمام الشي ء للبائع إلا المقدار المبيع للمشتري. فإذا باع كيلو من كيس سكر مقداره مائة كيلو مثلا فإنه يجوز للبائع التصرف في تمام الشكر فإذا بقي كيلو واحد لا يجوز له التصرف فيه حينئذ، و يعبر عن هذا القسم بالكلي في المعين، و هذا بخلاف القسم الثاني فإنه لا يجوز للبائع التصرف في أي جزء من المبيع و لو كان بقدر ذرة لكونه مورد حق المشتري أيضا. و قد أستدل للبطلان في القسم الثالث.

تارة بالجهالة.

و أخرى بالإبهام.

و ثالثة بالغرر.

و رابعة بأن الملك صفة وجودية لا بد له من محل وجودي، و المردد لا وجود له.

و الكل باطل: كما هو معلوم، لأن الوجوه الثلاثة الأولى من الاستدلال على البطلان يرجع إلى شي ء واحد، و هو الغرر، و لا ريب في انتفائه عرفا، و الملكية أمر اعتباري يكتفي فيه بالموضوع الاعتباري أيضا، و لا ريب في صحة اعتبار الكلي في المعين عقلا و عرفا فتشمله الأدلة الشرعية قهرا.

ص: 15

الرابع: أن يبيع في الذمة بشرط إعطائه مما في الخارج (22)، هذا في المتساوي. و أما في مختلف الأجزاء فلا يجوز (23).

مسألة 4: كل مورد يكتفي المتعارف فيه بالمشاهدة تجزي المشاهدة عن الوزن و الكيل و العد

(مسألة 4): كل مورد يكتفي المتعارف فيه بالمشاهدة تجزي المشاهدة عن الوزن و الكيل و العد (24)، و ما تعارف الاكتفاء في تعيين مقداره بالمساحة لا بد من التعيين بها و يجوز بغيرها إن أفاد فائدتها (25)، كما انه يصح الاكتفاء بالمقاييس الحديثة المصنوعة لتعيين مقدار جملة من الأشياء (26).

مسألة 5: إذا اختلفت البلاد في طريق تعيين المقدار فلكل بلد حكم نفسه

(مسألة 5): إذا اختلفت البلاد في طريق تعيين المقدار فلكل بلد حكم نفسه، و مع اختلاف بلد الوجود و المعاملة، فالمدار على بلد المعاملة إن لم تكن قرينة على الخلاف (27).

______________________________

(22) بلا إشكال في الصحة أيضا، لما تقدم.

(23) لمكان الغرر المنهي عنه شرعا.

(24) لفرض جريان العادة على إحراز كمية مالية المال بها فتشمله الإطلاقات و العمومات و هي تختلف باختلاف البلاد و الحالات، فيمكن أن يكون شي ء واحد يكتفي فيه بالمشاهدة في بلد دون آخر، و في حالة دون أخرى.

(25) لأن تعيين مقدار كمية تلك الأشياء انما هو بالمساحة عرفا- كالأراضي و الأقمشة و نحو هما مما هو كثير- و لو علم إن عشرة أمتار من قماش كذا يكون بقدر كيلو- مثلا- يصح الاكتفاء بالوزن حينئذ، لكونه طريقا إلى إحراز مساحته الخاصة.

(26) لفرض كونها طريقا لتعيين الكمية و المقدار، و يكتفي المتعارف بها في احرازهما.

(27) لكون ذلك كله هو المتعارف بين الناس فتنزل الأدلة عليه.

ص: 16

مسألة 6: إذا كان الشي ء معلوما للمتعاملين قبل المعاملة يصح الاكتفاء به ما لم يتغير

(مسألة 6): إذا كان الشي ء معلوما للمتعاملين قبل المعاملة يصح الاكتفاء به ما لم يتغير (28)، و إذا كان العوضان معلومين حين إنشاء المعاملة و عرضت الجهالة عليهما بعد تمامية العقد لا يضر ذلك بالصحة (29). و كذا تصح المعاملة لو كانا مجهولين حين الإنشاء و علماء بأنهما يصيران معلومين حين التسليم و التسلم (30).

مسألة 7: لو كان المبيع معلوما عند الوكيل المفوض و لم يكن معلوما عند الموكل تصح المعاملة

(مسألة 7): لو كان المبيع معلوما عند الوكيل المفوض و لم يكن معلوما عند الموكل تصح المعاملة، و يمكن الصحة في العكس أيضا (31).

مسألة 8: لو كان الثمن معلوما عند البائع دون المشتري و المثمن معلوما عند المشتري دون البائع

(مسألة 8): لو كان الثمن معلوما عند البائع دون المشتري و المثمن معلوما عند المشتري دون البائع فكل منهما يعلم بالكمية في الجملة و أنه وصل بقدر عوض ماله إليه تصح المعاملة (32).

مسألة 9: لا يجب ذكر المقدار في المعاملة لفظا إذا كان معلوما

(مسألة 9): لا يجب ذكر المقدار في المعاملة لفظا إذا كان معلوما (33) بلا فرق بين المعاطاة و غيرها (34)، فلو كان عند البائع كيسا من السكر وزنه كيلو- مثلا- و قيمته درهم و كان في يد المشتري درهم فقال البائع بعت هذا بهذا صح.

مسألة 10: لو وقعت المعاملة ثمَّ شك في أن العوضين كانا معلومين حين البيع أولا

(مسألة 10): لو وقعت المعاملة ثمَّ شك في أن العوضين كانا معلومين حين البيع أولا، تحمل على الصحة إلا مع القرينة على

______________________________

(28) لأصالة عدم التغيير.

(29) لانتفاء الغرر فيه عرفا.

(30) لما تقدم في سابقة من انتفاء الغرر.

(31) لعدم صدق المعاملة الغررية بحسب النتيجة عند متعارف الناس.

(32) لعدم جهالة و غرر في البين.

(33) لأن الذكر اللفظي طريق إلى المعلومية و المفروض تحققها.

ص: 17

الخلاف (35).

الثالث من شرائط العوضين:

اشارة

الثالث من شرائط العوضين: معرفة جنسهما و أوصافهما التي تتفاوت بها القيمة و تختلف بها الرغبات، إما بالمشاهدة أو التوصيف الرافع للجهالة (36)، و يجوز الاكتفاء بالرؤية السابقة إذا اطمأن بالبقاء و عدم التغير (37)، و إذا تبين التغيير تخير المتضرر منهما- و هو البائع إن تغير إلى ما يوجب زيادة القيمة، و المشتري إن تغير إلى ما يوجب النقصان (38) و لو اتفقا على الصفات السابقة و أنها كانت كذا و كذا باتفاق منهما و اختلفا في البقاء إلى حال العقد و عدمه، فادعى أحدهما البقاء و أنكره الآخر يقدم قول من يدعى البقاء (39). و كذا لو علم حصول التغيير و شك في تاريخه و أنه

______________________________

(35) لأصالة الصحة الجارية فيها.

(36) باتفاق العقلاء فضلا عن إجماع الفقهاء، و هذا الشرط أيضا من الفطريات لا من التعبديات، و لا وجه لاطالة القول فيه، كما هو معلوم.

(37) للأصل، و السيرة بين الناس.

(38) لقاعدة نفي الضرر و الضرار التي هي من القواعد النظامية، و قد قررتها الشريعة المقدسة، مضافا إلى سيرة المتشرعة بل العقلاء في عدم الالتزام بالرؤية السابقة من كل جهة في هذه الصورة. فأصل البيع وقع صحيحا، لوقوعه على ذات ما رؤي سابقا، و الخصوصيات بمنزلة الشروط المبنية عليها العقد فلا محالة يوجب تخلفها الخيار. و ما يتوهم من أنه حيث لم يذكر التوصيف و الشرط في اللفظ فلا منشأ للخيار.

فاسد: لأن الذكر اللفظي طريق إلى إحراز وقوع التباني المعاملي و الالتزامات النوعية أيضا كاشفة عن ذلك، فالمناط على إحراز البناء المعاملي بأي وجه اتفق.

(39) لأصالة البقاء، و عدم عروض التغيير، و هذان الأصلان مقدمان على

ص: 18

حدث بعد العقد أو قبله مع العلم بتاريخ العقد (40)، و كذا مع الجهل بتاريخ وقوع العقد (41)، و إن اتفقا على الصفات الموجودة حال العقد و اختلفا في أنها هي المرئية سابقا، أو أنها زالت و هي غيرها فللمتضرر منهما الخيار (42)، و كذا الكلام لو اتفقا على التغيير بعد المشاهدة و وقوع

______________________________

أصالة بقاء سلطنة المنكر على ماله.

(40) لأصالة عدم التغيير إلى زمان حدوث العقد، فلا يجب على مدعى البقاء إعطاء شي ء إلى المنكر، و لا يثبت للمنكر جواز العقد.

(41) لما مر من أصالة عدم التغيير، و لا يعارض بأصالة عدم وقوع العقد حال التغيير. لأنها لا تثبت وقوعها حال وجود الصفات إلا بالأصل المثبت الذي ثبت بطلانه.

(42) لأصالة بقاء علقته بالنسبة إلى من انتقل عنه في الجملة.

و أشكل عليها. تارة: بأنه مع اعترافهما بوقوع البيع لا وجه لجريان هذا الأصل.

و أخرى: بمعارضتها مع أصالة اللزوم.

و ثالثة: بأصالة عدم التغيير، و قد يتمسك بأصالة عدم وقوع العقد على الموجود.

و الكل باطل. أما الأول: فلأن الاعتراف إنما هو على وقوع طبيعي البيع و هو لا ينافي النزاع في بعض خصوصيات المبيع، كما هو واضح.

و أما الثاني: فلأن أصالة بقاء العلقة مقدمة على أصالة اللزوم، كما هو المسلم في كل أصل سببي بالنسبة إلى الأصل المسببي.

و أما الثالث: فلأنها بنفسها ليست موردا للأثر الشرعي، بل الأثر مترتب على تعلق البيع بالموجود أو بغيره، و لا ريب في أنها بالنسبة إليهما مثبتة كوضوح كون الأخير مثبتا بالنسبة إلى وقوع العقد على غير الموجود الا أن يراد

ص: 19

العقد على الوصف المشاهد و اختلفا في تقدم التغيير على البيع و عدمه (43).

مسألة 11: كل شي ء جرت السيرة فيه على اختباره طعما أو ريحا يجوز فيه الاختبار كذلك

(مسألة 11): كل شي ء جرت السيرة فيه على اختباره طعما أو ريحا يجوز فيه الاختبار كذلك، بل قد يجب (44). كما يجوز الاعتماد على

______________________________

بها إثبات وجوب الوفاء و اللزوم، فلا يكون مثبتا حينئذ. و التسمك بالأدلة اللفظية تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و حيث إنه لا نص و لا إجماع في البين صارت المسألة مورد ازدحام الأصول و معترك آراء الفحول، و إن شئت التفصيل مع التشويش في المقام فراجع المطولات مع ما علق على بعضها شيخنا المحقق المدقق قدس سره لعلك تجد تلخيصا أخصر و أنفع مما تعرضنا له.

(43) لعين ما مر في المسألة السابقة من غير فرق، و طريق الاحتياط التصالح و التراضي في مطلق هذه المسائل المضطربة الأقوال و الدلائل.

(44) ان توقف رفع الغرر عليه، و اختلفت الأغراض المعاملية و الرغبات بالنسبة إلى مراتب الطعم و الرائحة، و تدل عليه رواية محمد ابن العيص: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى ما يذاق يذوقه قبل أن يشتري؟ قال عليه السّلام: نعم فليذقه، و لا يذوقن ما لا يشتري» (1).

ثمَّ إن البحث في هذه المسألة من جهتين.

الأولى: في الحكم التكليفي في التصرف في مال الغير لأجل الطعم أو الاستشمام، و حكمه إنه إن أحرز من السيرة الرضاء به، فلا إشكال فيه و الا فيلزم الاسترضاء أولا ثمَّ الاختبار، لأصالة عدم جواز التصرف في ملك الغير إلا بإذنه.

الثانية: في كفاية اختبار الطعم و الاستشمام لإحراز الصحة و الفساد، و لا ريب في صحة الاكتفاء بهما مع فرض كونهما طريقا متعارفا لإحراز الصحة و بعد كون مطلوبيتهما من باب الطريقية فيصح الاعتماد على التوصيف

ص: 20


1- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

التوصيف و الاشتراط، بل يجوز الاعتماد على أصالة الصحة و عدم الفساد.

و ما يفسده الاختبار يجوز ابتياعه بلا اختبار معتمدا على التوصيف، أو الاشتراط، أو الأصل (45)، و حينئذ فإن ظهر عيب فله خيار العيب على تفصيل يأتي في محله، و إن ظهر عدم المالية له رأسا يتدارك بالأرش

______________________________

و الاشتراط و أصالة الصحة أيضا، لفرض إن الطعم و الرائحة ملحوظ من حيث الطريقية فيقوم مقامها كلما صح استفادة هذه الجهة سنه و مع التخلف يثبت الخيار، نعم لو فرض أنهما ملحوظان من حيث الموضوعية الخاصة، بدعوى إن بدعوى إن الأذواق و المشام مختلفة غاية الاختلاف فلا بد و أن تلحظ ذلك موضوعية فلا تقوم مقامها غيرها.

و فيه: إن لكل طعم و رائحة جهة نوعية بها تكون كاشفة عن الصحة فلا وجه لملاحظة خصوصيات الأذواق و المشام، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات، فمن يقول بالطريقية يصح له القول بقيام التوصيف و نحوه مقامهما، و من يقول بالموضوعية لا يقول به، و قد تقدم أنه لا وجه له، فراجع و تأمل. و قد ذهب موضوع جملة كثيرة من هذه المسائل بفضل تعيين التحديدات الدقية لكل شي ء و تعيين الدرجات و النمرات و الأسعار بحسبها.

(45) لما مر من أن الاختبار طريق إلى إحراز السلامة، و بذلك كله يمكن إحرازها فيرتفع الغرر.

نعم، لو كان للاختبار موضوعية خاصة لا يصح الابتياع حينئذ، للغرر و لا يمكن دفعه بالاشتراط و التوصيف و الأصل، لفرض الموضوعية في الاختبار، و لا يقوم ذلك مقام ما يعتبر بنحو الموضوعية لأنه حينئذ من قبيل ما يدرك و لا يوصف. ثمَّ انه لو اختبر بنفسه و تبين الخلاف لا خيار له، لأنه بنفسه أقدم على تضرره.

ص: 21

المستوعب (46).

مسألة 12: بيع المجهول من كل جهة باطل

(مسألة 12): بيع المجهول من كل جهة باطل (47)، و كذا مع المعلوم بحيث تسري الجهالة إليه أيضا (48).

______________________________

(46) لصحة البيع بحسب اعتبار المالية الظاهرية و يبطل من حين ظهور الخلاف لأمر سابق على البيع، فمقتضى قاعدة نفي الضرر تداركه بالأرش المستوعب بالنسبة إلى المشتري. و احتمال بطلان أصل البيع من رأسه و رجوع تمام الثمن إلى المشتري مبني على أن المعتبر في مالية المبيع المالية الواقعية، و عدم كفاية الاعتبارية الظاهرية منها، و هو احتمال حسن ثبوتا و لا دليل عليه إثباتا، و الأحوط التصالح و التراضي مطلقا، كما إن الأحوط التراضي في الثمرة المترتبة بين القولين، و يجوز للبائع التبري من العيب فيكون الثمن له مجانا، لإقدام المشتري عليه مع علمه و التفاته.

(47) لاتفاق الفقهاء، و لحديث نفي الغرر (1)، و في النبوي عنه صلى اللّه عليه و آله: «انه نهى عن المجر، و نهى عن الملاقيح و المضامين، و نهى عن بيع حبل الحبلة و ذلك غرر» (2)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أنه نهى عن المنابذة و الملامسة و بيع الحصاة لأنها غرر كلها» (3)، و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «أنه سئل عن بيع السمك في الآجام و اللبن في الضرع و الصوف في ظهور الغنم. قال عليه السّلام: هذا كله لا يجوز لأنه مجهول غير معروف يقل و يكثر و هو غرر» (4).

(48) لأنه مع فرض السراية يكون من بيع المجهول فيبطل بالنسبة إلى المجموع. و لكن نسب إلى المشهور الجواز لأجل المستفيضة الواردة في

ص: 22


1- تقدم في صفحة: 7.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب عقد البيع حديث: 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد البيع حديث: 13.
4- مستدرك الوسائل باب: 7 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

..........

______________________________

مسألتي السمك و اللبن، كخبر البزنطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا كان أجمة ليس فيها قصب أخرج شي ء من السمك فيباع و ما في الأجمة» (1)، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في شراء الأجمة ليس فيها قصب إنما هي ماء، قال عليه السّلام: تصيد كفا من سمك، تقول: أشترى منك هذا السمك و ما في هذه الأجمة بكذا و كذا» (2)، و في موثق إسماعيل بن الفضل الهاشمي عنه عليه السّلام: «في الرجل يتقبل بجزية رؤوس الرجال و بخراج النخل و الآجام و الطير و هو لا يدري لعله لا يكون من هذا شي ء أبدا. أو يكون، أ يشتريه و في أي زمان يشتريه و يتقبل منه؟ قال عليه السلام: إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا انه قد أدرك فاشتره و تقبل منه» (3)، و في صحيح عيص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل له نعم يبيع ألبانها بغير كيل. قال عليه السّلام: نعم حتى تنقطع أو شي ء منها» (4)، و في موثق سماعة: «سألته عن اللبن يشترى و هو في الضرع، فقال: لا، إلا أن يحلب لك من ه أسكرجة، فيقول: اشتر مني هذا اللبن الذي في الأسكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمى، فان لم يكن في الضرع شي ء كان ما في الأسكرجة» (5)، و في موثق الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة و ما في بطونها من حمل بكذا و كذا درهما، فقال: لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل رأس ماله في الصوف» (6).

و فيه. أولا: إن النسبة إلى المشهور غير ثابتة للاختلاف الكثير في معنى التبعية، فمن قائل بأنه ما كان شرطا في مقابل الخبر، و من قائل بأن المراد التبعية العرفية، و هو على أقسام، و من قائل بأنه التابع في الغرض و الداعي المعاملي، و من قائل بأن المراد منه التباني الفعلي على المعلومية بحسب بناء المتعاملين،

ص: 23


1- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 2، 6.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 2، 6.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد البيع حديث: 4.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 1.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 2.
6- الوسائل باب: 10 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

و أما بيعه تبعا للمعلوم فيصح (49). و كذا بيع كل واحد منهما مستقلا بأن

______________________________

و مع هذا الاختلاف كيف تتحقق الشهرة على شي ء.

و ثانيا: إن الأخبار التي أستند إليها قاصرة الدلالة، لأن الجهل.

تارة: في الوجود.

و أخرى: في الحصول.

و ثالثة: في الأوصاف اللازم اعتبارها في العوضين، و مقتضى إطلاق بعض الكلمات صحة الجميع مع الضميمة، و استفادة كل ذلك من الأخبار مشكل. مع ان في مورد خبر البزنطي و أبي بصير يكون من ضم المجهول إلى المجهول، و هو مما لا يقول به أحد.

و يمكن أن يقال: أن المبيع في جميع هذه الموارد معلوم عند متعارف أهل الخبرة بهذه الأمور إلا في ما يتسامح فيه و الضميمة إنما هي إما للتعرف على صفات المبيع، أو للاستيثاق منه، فليس في هذه الأخبار مخالفة للقاعدة في شي ء، و ما كان مخالفا لها لا بد من رده إلى أهله.

(49) لعدم الغرر في المبيع الذي هو المقصود الأصلي، و لا بأس بجهالة ما يتبع المبيع إذا لم تسر الجهالة إليه، و يدل عليه جملة من الأخبار.

منها: ما تقدم في موثق سماعة و صحيح العيص (1).

و منها: ما ورد في بيع الآبق مع الضميمة ففي موثق رفاعة النخاس عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: «أ يصلح لي أن أشتري من القوم الجارية الآبقة و أعطيهم الثمن و أطلبها أنا؟ قال عليه السّلام: لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها ثوبا أو متاعا، فتقول لهم: أشترى منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع بكذا و كذا درهما، فأن ذلك جائز» (2). إلى غير ذلك من الأخبار.

و لا فرق في الجواز بين كون التبعية عرفية، أو من الالتزام في ضمن

ص: 24


1- تقدم في صفحة: 23.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

ينحل البيع إلى بيعين (50).

مسألة 13: يجوز بيع الظرف مع المظروف و منه بيع المسك في فأره

(مسألة 13): يجوز بيع الظرف مع المظروف و منه بيع المسك في فأره (51)، و يجوز أن يندر للظرف بما هو معلوم المقدار بلا زيادة و نقيصة، أو معهما لكن بما يتسامح فيه (52)، و إن كان مع أحدهما بما لا

______________________________

الالتزام.

نعم، إذا كانت تقييدية فالظاهر البطلان لأجل السراية، و يمكن حمل ما ورد في صحة بيع الآبق مع الضميمة على كون الضميمة مستقلة بالبيع و الآبق تبع فيكون مطابقا للقاعدة حينئذ. و لكن يبطل في العكس بأن يبيع المجهول مستقلا و المعلوم تبعا إن لم ير العرف ذلك من الانحلال إلى بيعين.

(50) فيصح في المعلوم و يبطل في المجهول، لفرض انحلال البيع إلى بيعين.

(51) للإطلاقات و العمومات، و السيرة العقلائية في بيع الادهان و العطور و المعلبات و غيرها مما لا يحصى. و أما بيع المسك في فأرة فلا اشكال فيه للإجماع، و السيرة، و قد تقدم بعض ما يتعلق به في كتاب الطهارة (1).

(52) للنص و الإجماع، و تقتضيه السيرة أيضا، ففي موثق حنان: «كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له معمر الزيات: إنا نشتري الزيت في زقاقه و يحسب لنا فيه نقصان لمكان الزقاق. فقال عليه السّلام: إن كان يزيد و ينقص فلا بأس، و إن كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه» (2). و قوله عليه السلام: «إن كان يزيد و ينقص فلا بأس» بيان للغالب من الزيادة أحيانا و النقيصة كذلك بما يتسامح فيه، و هذا القيد كالقرينة القطعية المحفوفة بالكلام بحسب نوع المعاملات و ملاحظة نوع

ص: 25


1- راجع الجزء الأول ص: 316.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب عقد البيع حديث: 4.

يتسامح فيه فلا يصح البيع (53).

الرابع- من شروط العوضين: كونهما ملكا طلقا

اشارة

الرابع- من شروط العوضين: كونهما ملكا طلقا (54) فلا يجوز بيع

______________________________

الناس. و قوله عليه السّلام: «و إن كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه» كناية عن التفاوت الذي لا يتسامح فيه، فيكون الحديث مطابقا للقاعدة. و هناك احتمالات أخرى في قوله عليه السّلام و من شاء فليراجع المطولات. و من الأخبار صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام: «سألته عن الرجل يشتري المتاع وزنا في الناسية و الجوالق، فيقول: ارفع للناسية رطل أو أقل أو أكثر من ذلك، أ يحل ذلك البيع؟

قال عليه السّلام: إذا لم يعلم وزن الناسية و الجوالق فلا بأس إذا تراضيا» (1)، و خبر علي ابن أبي حمزة: «سمعت معمر الزيات يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: جعلت فداك إني رجل أبيع الزيت- إلى أن قال- قلت: فإنه يطرح لظروف السمن و الزيت لكل ظرف كذا و كذا رطلا، فربما زاد و ربما نقص، فقال عليه السّلام: إذا كان ذلك عن تراض منكم فلا بأس» (2)، و المراد بالتراضي منهما أي كون الزيادة و النقيصة مما يتسامح فيها.

(53) للجهالة، و عدم استفادة صحة هذه الصورة من الأخبار، مع ما مر من أن الأخبار ليس فيها تعبد في شي ء و إنما وردت مطابقة للقاعدة.

(54) إجماعا من المسلمين بل ضرورة من فقههم ان لم يكن من الدين، و قد تقدم في بيع الفضولي، قوله صلى الله عليه و آله: «لا بيع إلا في ما يملك» (3)، و غيره من الأخبار فراجع، هذا بالنسبة إلى أصل اعتبار الملكية أي مالكية التصرف. و أما الطلقية فهي عبارة عن الملكية المحضة من حيث تمام المقتضى و فقدان أي مانع من الموانع المتصورة، و يصح أن يتصف بها نفس الملك من باب الوصف بحال الذات، كما يصح أن تتصف بها السلطنة أيضا من باب الوصف بحال

ص: 26


1- الوسائل باب: 20 من أبواب عقد البيع حديث: 3، 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب عقد البيع حديث: 3، 1.
3- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب عقد البيع حديث: 3.

الماء و العشب و الكلأ قبل حيازتها و السموك و الوحوش قبل اصطيادها، و الموات من الأرض قبل إحيائها (55).

نعم، إذا استنبط بئرا في أرض مباحة ملك ماءها، و كذا لو حفر نهرا و أجرى فيه الماء من ماء مباح، كالشط- مثلا- ملك ماءه فله حينئذ بيعه، كسائر أملاكه (56). و كذا لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو

______________________________

المتعلق، فيصح أن يقال ملك طلق، كما يصح أن يقال سلطنة طلقة، و ليس لهذا التعبير عين و لا أثر في الأخبار. و إنما ذكره الأساطين من جهة كونه عنوانا مرآتيا إجماليا عن موارد الحجر في التصرف اما لقصور في مقتضى الملكية أو لمانع عن التصرف، فاكتفوا بذكر هذا العنوان الإجمالي عن تعداد موارد الحجر، فيكون دليل اعتبار هذا الشرط مضافا إلى الإجماع و السيرة من المتشرعة بل العقلاء، جميع الأدلة الدالة على اعتبار عدم الحجر في الموارد المتفرقة فتأمل في ما قلناه ثمَّ راجع ما ذكر في الجواهر و المكاسب تجد الخدشة فيه ظاهرة.

(55) لأن الناس في جميع ذلك شرع سواء، و ليس أحد أولى بها من الآخر قبل الحيازة و الاصطياد و الاحياء، و يدل على ذلك جملة من الأخبار.

منها: موثق محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألته عن ماء الوادي، فقال عليه السّلام: إن المسلمين شركاء في الماء و النار و الكلأ» (1)، و مفهوم صحيح إدريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السّلام: «قلت له: الرجل يبيع المراعي، فقال عليه السّلام:

إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس» (2). و يأتي تفصيله في كتاب الاحياء و المشتركات إن شاء اللّه تعالى.

(56) لأن ذلك من فروع الملكية بالحيازة، فيكون حفر البئر و النهر موجبا لحيازة الماء المباح الحاصل فيها، و يملكه بالحيازة و يكون حينئذ كسائر أملاكه،

ص: 27


1- الوسائل باب: 5 من أبواب إحياء الموات حديث: 1.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

إجازته (57). و إذا باع الراهن العين المرهونة ثمَّ افتكت يصح البيع بلا

______________________________

و يدل عليه طائفة من الروايات على ما يأتي تفصيله في حيازة المباحات.

(57) للنص، و الإجماع، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف» (1)، و مفهوم صحيح معاوية بن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يرهن العبد أو الثوب أو الحلي أو متاع البيت، فيقول صاحب المتاع للمرتهن: أنت في حل من لبس هذا الثوب فالبس الثوب و انتفع بالمتاع و استخدام الخادم. قال عليه السّلام: هو له حلال إذا أحله، و ما أحب أن يفعل- الحديث-» (2). فيكون بيع الرهن بدون اجازة المرتهن من صغريات بيع الفضولي، لأنه عبارة عما وقع بلا إذن من له الاذن، سواء كان مالكا أو لأجل ان له نحو حق فيه.

و أما ما يستدل به لعدم كون المقام من الفضولي.

تارة: بأن المتيقن منه ما إذا كان البيع عن غير المالك بلا إذن منه، و هنا يكون البائع هو المالك فلا وجه لأن يكون منه.

و أخرى: بأنه بناء على الكشف في الإجازة يلزم أن يكون ملك غير الراهن رهنا و وثيقة لدين غير المالك.

و ثالثة: بأن الرهن و البيع متنافيان لا يجتمعان.

و رابعة: بأن النهي عن بيع الرهن داخلي يكشف عن الفساد، فيفسد أصل البيع.

فالكل باطل: أما الأول: فلأن المراد بالفضولي كل من ليس له السلطنة التامة إما لعدم المقتضي أو للمانع أي مانع كان ذلك المانع فيشمل بيع الراهن و المفلس و المريض و عقد الزوج لبنت أخت زوجته أو أخيها، و الأمة على

ص: 28


1- مستدرك الوسائل باب: 17 من أبواب الرهن حديث: 6.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام الرهن حديث: 1.

حاجة إلى الإجازة (58). و يجوز بيع العبد الجاني- عمديا كانت

______________________________

الحرة و غير ذلك، فكل مورد يكون عدم الصحة لحق الغير و يكفي إذنه السابق تكفي إجازته اللاحقة على ما هو المقطوع به من طريقة الأصحاب إلا في موارد خاصة دل الدليل الخاص على الخلاف.

و أما الثاني: فيمكن القول ببطلان الرهانة حين صدور البيع، كما يمكن القول ببقائها، إذ لا يعتبر في العين المرهونة أن يكون ملكا للراهن و يكون الخيار للمشتري إن شاء أمضى الرهن و إن شاء فسخ البيع إذا جهل به و أما إذا علم فيصح البيع و الرهن و لا خيار له.

و أما الثالث: فلأنه لا تنافي بين البيع و الرهن، و يأتي في محله إنه لا يعتبر في الرهن أن يكون الراهن مالكا للعين المرهونة، فإذا جاز ابتداء رهن ملك الغير جاز استدامته أيضا على ما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى.

و أما الرابع: فلأن النهي إنما هو لأجل مراعاة حق المرتهن فإذا أجاز فلا مانع في البين لوجود المقتضى و فقد المانع.

فتلخص ان بيع العين المرهونة، سواء وقع البيع من الراهن أو من المرتهن يكون من موارد بيع الفضولي.

(58) لوجود المقتضى و هو كون العاقد مالكا للمبيع، و فقد المانع و هو كون المبيع غير طلق، فإذا تمت الطلقية فليست في البين حالة منتظرة للصحة و اللزوم، فتؤثر العلة التامة حينئذ أثرها، و كذا الكلام في إسقاط المرتهن حقه أو إبرائه للراهن من الدين فيكون جميع ذلك مثل اجازة المرتهن و كشف الجميع عن كون البيع صدر جامعا للشرائط فيكون نماء المبيع للمشتري من حين حدوث البيع و نماء الثمن للبائع.

إن قيل: حدوث البيع وقع فضولة و متوقفا على الإجازة فيستصحب ذلك، فيكون نماء المبيع للبائع و نماء الثمن للمشتري إلى حين

ص: 29

الجناية أو خطأ- (59).

نعم، يكون للمشتري الخيار مع جهله بذلك (60).

______________________________

الإجازة مطلقا.

يقال: لا وجه للاستصحاب لتغير الموضوع، و يمكن أن يقال أن المقام خارج عن مسألة الكشف و النقل مطلقا، لأن الفك و الإبراء و الاسقاط يدل على خروج العين موضوعا في الواقع و في علم اللّه تعالى عن مسألة العين المرهونة و حق المرتهن حين البيع كان حقا ظاهريا اعتقاديا لا واقعيا. و لا وجه لقياس المقام بمسألة من باع شيئا ثمَّ ملك لأنها كانت في مورد عدم ملك المبيع، و المقام في عدم ملك البيع بعد تحقق ملك المبيع مع ذهاب جمع إلى عدم التوقف على الإجازة في تلك المسألة أيضا، و يأتي في كتاب الرهن إن شاء اللّه تعالى جملة من الفروع التي لا بد و أن تذكر هناك دون المقام.

(59) لوجود المقتضى و هو الملكية الطلقية، إذ لا يخرج بالجناية عن ملك المولى.

نعم يتعلق به حق المجني عليه أو ورثته، و ذلك لا يوجب الخروج عن الملك، كما في تعلق حق الرهانة بالعين المرهونة، و لكن في العين المرهونة لا يجوز بيعها للنص و الإجماع، بخلاف المقام. و المانع مفقود، فيكون مثل بيع العبد المريض المشرف على الموت، و كبيع الأشياء التي فيها النقص.

(60) لأنه نحو نقص فلا بد و أن ينجبر بالخيار، لقاعدة نفي لضرر و الضرار.

ثمَّ إن الأقوال في المسألة ثلاثة: البطلان مطلقا في ما يوجب القصاص، نسب ذلك إلى الشيخ قدس سرّه في الخلاف، و أستدل بعدم الملكية، لكونه في معرض القصاص.

و فيه: ما لا يخفى. و الصحة و اللزوم مطلقا، و ثبوت الخيار للمشتري مع الجهل. و الصحة مع التوقف على إجازة المجني عليه. و أحسن الأقوال أوسطها

ص: 30

..........

______________________________

لثبوت السلطنة المطلقة للبائع، و لذا يجوز له جميع أنحاء التصرفات من دون مراجعة ذي الحق، و كذا المشتري. و لكن لذي الحق إزالة أصل الملكية بالإتلاف.

نعم، لو قلنا ان الجناية توجب انتقال العبد الجاني إلى ملك المجني عليه أو ورثته يكون حينئذ من بيع الفضولي و لكنه مخالف للأصل و لا دليل عليه من عقل أو نقل.

و أما الأخبار الواردة في المقام، فمنها خبر ابن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام سألته: «عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد، قال عليه السّلام: هو لأهل الأخير من القتلى ان شاءوا قتلوه، و ان شاءوا استرقوه، لأنه إذا قتل الأول استحق أولياؤه، فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول فصار لأولياء الثاني فإذا قتل الثالث استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث، فإذا قتل الرابع استحق من أولياء الثالث و صار لأولياء الرابع ان شاءوا قتلوه و ان شاءوا استرقوه» (1). و من هذا الخبر لا يستفاد منه انتقال أصل الملكية بوجه، لأن قوله عليه السّلام: «هو لأهل الأخير» أعم من انتقال الملكية قطعا، و يشهد له قوله عليه السّلام: «ان شاءوا استرقوه» إذ لا معنى لاسترقاق ما هو ملك فعلي للمسترق (بالكسر).

و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في عبد جرح رجلين، قال عليه السّلام: هو بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته. قيل له: فأن جرح رجلا في أول النهار و جرح آخر في آخر النهار؟ قال عليه السّلام: هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول» (2). فإن قوله عليه السّلام: «هو بينهما» أعم من الملكية.

و في صحيح أبي بصير: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن مدبر قتل رجلا عمدا، فقال عليه السّلام: يقتل به. قال: قلت: فان قتله خطأ، فقال عليه السّلام: «يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم رقا، فان شاؤوا باعوا، و ان شاؤوا استرقوا، و ليس لهم أن

ص: 31


1- الوسائل باب: 45 من أبواب القصاص في النفس حديث: 3.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب القصاص في النفس حديث: 1.
مسألة 14: لا يجوز بيع الوقف. إلا في مواضع

(مسألة 14): لا يجوز بيع الوقف (61). إلا في مواضع.

______________________________

يقتلوه، قال: ثمَّ قال عليه السّلام: يا أبا محمد إن المدبر مملوك» (1). و هو ظاهر في بقاء ملكيته على ملك المالك قبل الدفع هذا مع إنهم لم يعدوا في أسباب الملك القهري القتل الحاصل من المملوك، و حيث إن المسألة خرجت عن مورد الابتلاء منذ قرون، فلا وجه للتطويل فيها، و يأتي بعض الكلام في محله إن شاء اللّه تعالى.

ثمَّ إن الفرق بين حق الرهانة و حق الجناية إن.

الأول: يتعلق بالمال من حيث إضافته الفعلية إلى المالك.

و الثاني: يتعلق بذات المال من حيث هو و إن تبدلت الإضافات.

(61) بضرورة الدين، و المستفيضة من نصوص المعصومين عليه السّلام.

منها: قول علي عليه السّلام في كيفية ما وقفه: «صدقة بتا بتلاء في حجيج بيت اللّه، و عابر سبيله، لا تباع و لا توهب و لا تورث» (2)، و في وصيته عليه السّلام: «لا تباع و لا توهب حتى يرثها اللّه الذي يرث السموات و الأرض» (3)، و في صحيح ابن راشد عن أبي الحسن عليه السّلام: «لا يجوز شراء الوقف» (4)، و في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج في كيفية وصية موسى بن جعفر عليه السّلام: «لا يحل لمؤمن يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يبيعها و لا يبتاعها، و لا يهبها، و لا ينحلها» (5). و الظاهر مسلمية عدم الجواز في الجملة بين جميع المليين و لا يختص بالمسلمين.

و يمكن الاستدلال عليه بالأدلة الأربعة.

فمن الكتاب قوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (6).

ص: 32


1- الوسائل باب: 42 من أبواب القصاص في النفس حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب أحكام الوقوف حديث: 2، و 4، 1.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب أحكام الوقوف حديث: 2، و 4، 1.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب أحكام الوقوف حديث: 2، و 4، 1.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب أحكام الوقوف حديث: 5.
6- سورة البقرة: 187، و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 3 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

..........

______________________________

و من الإجماع إجماع المسلمين.

و من النصوص المستفيضة التي تقدم بعضها آنفا.

و من العقل إنه ظلم قبيح، لأنه تصرف في حق الموقوف عليهم و في حق اللّه تعالى بلا مسوغ في البين.

و حيث إن حقيقة الوقف إنما هو الإيقاف عن النقل و الانتقال و التبديل و التبدل، كما هو ظاهر قوله صلّى اللّه عليه و آله: «حبّس الأصل و سبل الثمرة» (1). فيكون عدم جواز البيع و سائر الانتقالات من الذاتي لحقيقة الوقف لا أن يكون من الخصوصيات الخارجية، و ليس المراد بالذاتي المنطقي منه لاختصاص ذلك بالحقائق الأصيلة دون الاعتبارية بل المراد الذاتي العرفي الاعتباري، كما إن المعنون أيضا كذلك. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

ثمَّ انه لا بد من بيان أمور.

الأول: الوقف إما مؤبد أو منقطع، و الأول ما لم يكن وقفا على من ينقرض غالبا، كالمساجد، و القناطر، و المدارس، و الوقف على الذرية نسلا بعد نسل و بعد انقراضهم فعلى العلماء و هكذا، و يسمى هذا بالوقف المؤبد و هو على قسمين.

فتارة: يكون للموقوف عليهم حق الانتفاع فقط لا أن يكون مالكين للمنفعة، كالمساجد و المدارس و القناطر و نحوها مما لا يكونوا ملكا لأحد مطلقا لا ذاتا و لا منفعة.

و أخرى: يكونوا مالكين للمنفعة، كتملكهم لمنفعة أملاكهم الخاصة، و الفرق إن في أملاكهم الخاصة يملكون الذات و المنفعة معا بخلاف الوقف عليهم فيملكون المنفعة فقط.

و الثاني: أقسام أربعة. منقطع الأول: كما إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه ثمَّ على ما يصح. و منقطع الوسط، كما إذا وقف على ما يصح الوقف عليه

ص: 33


1- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 1 ج: 2.

..........

______________________________

ثمَّ على ما لا يصح ثمَّ على ما يصح.

و منقطع الآخر: كما إذا وقف على ما يصح ثمَّ على ما لا يصح.

و منقطع الطرفين: كما إذا وقف على ما لا يصح ثمَّ على ما يصح ثمَّ على ما لا يصح، و يأتي تفصيل الأقسام و ما يصح فيه و ما لا يصح في كتاب الوقف إن شاء اللّه تعالى.

الثاني: أقسام الوقف من جهة أربعة- و إن كان له أقسام أخر من جهات أخرى.

فتارة: يملك الموقوف عليه المنفعة، كملكيته لمنفعة أملاكه، فيجوز له التصرف فيها تصرف المالك في ملكه، و هي الأوقاف الخاصة و ما يشبهها فيملك الموقوف عليه المنفعة فله التصرف بما شاء ما لم يحده الواقف بحد خاص.

و أخرى: لا يملك المنفعة بل يملك الانتفاع بتمليك الواقف و إنشائه، كالأوقاف العامة من المدارس و الخانات و القناطر و نحوها.

و ثالثة: ما يفيد ملك الانتفاع بحكم الشارع لا بتسليط الواقف كالمساجد، فأن مقصود الواقف ليس الا جعله مسجدا و انتفاع العموم إنما يحصل بحكم الشارع، كسائر أحكام المسجد و لا ربط له بالواقف، و لذا لو وقف محلا للصلاة لا تترتب عليه تلك الأحكام.

و رابعة: ما لا يفيد ملك المنفعة و لا الانتفاع لا بجعل الواقف و لا بحكم الشارع، كالمعلقات الموقوفة على الأمكنة المقدسة و المشاهد المشرفة، فإنها لمجرد تزيين تلك البقاع المتبركة، و ليس فيها ملك منفعة و لا انتفاع لا حد بوجه من الوجوه. إلا أن يقال إن ذلك كله تعظيم لذلك المشهد و هذا نحو انتفاع لمن يعتقد بصاحب المشهد.

ثمَّ إنهم قالوا: إن الوقف إما تحرير و فك ملك، أي لا يكون ملكا لأحد، أو تمليك.

ص: 34

..........

______________________________

و الأول: كالمساجد و المدارس و نحوها فإنها فك ملك إن كان لها مالك لا مثل مسجد الكوفة و مسجد السهلة، و مسجد الخيف، و مسجد الحرام في أول الإسلام التي لم يعلم واقفها و لا كيفية وقفها.

و الثاني: كالأوقاف الخاصة حيث إنها تمليك للموقوف عليهم فيملكون العين الموقوفة نحو ملك مخصوص لا كملكهم لأموالهم. و استدلوا على ذلك بوجوه لعل أحسنها ما عن بعض مشايخنا قدس سرّه: إن حبس العين على قوم لا بد فيه من إضافتها إليهم و ليست هذه الإضافة باعتبار ملك المنفعة، لأن تمليك المنفعة عبارة أخرى عن التسبيل الذي قصده الواقف بتبع وقف العين، فالإضافة الخاصة عبارة عن الملكية و تتبعها ملكية المنفعة.

و فيه: إنه لا ريب في أن الإضافة خفيفة المؤنة، كما لا ريب في أنها أعم من الملكية فأصل الإضافة معلومة و الملكية مشكوكة مدفوعة بالأصل.

نعم، الاستيلاء التام على المنفعة من أهم آثار الملكية، فيصح أن يستدل على العلة بالمعلول. و الحق أن الوقف في جميع موارده تحرير و فك ملك، كما يشهد به الوجدان و آثار هذا التحرير تختلف بحسب الموارد.

فتارة: تكون ملكية المنفعة.

و أخرى: ملكية الانتفاع هذا مع المماشاة مع القوم، و الا فلنا أن نقول ان للموقوف عليه التسلط على المنفعة و هو أعم من الملكية، كما هو واضح، فليس الوقف مطلقا إلا قسما واحدا و هو الإيقاف و الحبس و فلك الملك و التحرير إلى غير ذلك من التعبيرات التي سياقها سياق حبس العين.

نعم، داعي حبس العين. تارة: هو الانتفاع.

و أخرى: هو التسلط على المنفعة بجعل من الواقف أو بحكم من الشارع.

الثالث: لا ريب في أن الوقفية لا تتعلق بالعين من حيث هي بل من حيثية الانتفاع بها، و هذه الحيثية هي التعليلية المنحصرة و هي الصدقة الجارية الباقية، فمع بقائها لا وجه لجواز بيع الوقف، لما مر من الأدلة الأربعة على عدم جواز

ص: 35

..........

______________________________

البيع و مع عرضتها للزوال يحكم العقل بفطرته بجوازه بل لزوم حفظ تلك الحيثية في عين آخر، فالنزاع في بيع الوقف مطلقا لا بد و أن يكون من النزاع الصغروي لا من النزاع الكبروي، إذ لا ريب في لزوم تقديم تلك الحيثية عند الدوران بين زوالها رأسا و إبقائها بالتبديل بصورة أخرى فيكون من الدوران بين الانعدام و البقاء و لو في الجملة، و الفطرة تحكم بالثاني.

الرابع: لا ريب في جواز بيع الوقف- كما يأتي- فهل يبطل الوقف أولا ثمَّ يعرض عليه البيع أو بعروض نفس البيع خارجا يبطل الوقف، قال بكل قائل، و الحق هو الأخير، لأصالة بقاء الوقفية إلى عروض المبطل خارجا. و استدل من قال بالأول بما خلاصته: إن الحكم بجواز البيع لا بد له من موضوع و مع بقاء الوقفية لا موضوع له، فلا بد من زوالها ابتداء تحفظا لموضوع جواز البيع.

و فيه: إنه ان أريد السبق الزماني فلا دليل عليه أبدا في مقابل الأصل، و إن أريد السبق الاعتباري الرتبي فلا اشكال فيه، و هو صحيح، و به يمكن الجمع بين القولين.

مع انه لو كان موضوع جواز البيع عين موضوع الوقف من حيث هو لا إشكال في عدم جواز الاجتماع و ليس كذلك بل موضوع جواز البيع حيثية عرضة للزوال مثلا و هذه حيثية اعتبارية غير حيثية الوقف من حيث هي فلا بأس بالاجتماع لاختلاف الحيثية، مع إنه لا ثمرة لهذا النزاع أصلا بعد الإجماع على حرمة البيع قبل عروض المجوز، و على جوازه بعد ثمَّ دوامه بدوام المجوز و ارتفاعه بارتفاعه.

الخامس: قد أطالوا الكلام في المقام و لا يستحق تلك الإطالة، و حق أصل العنوان أن يعنون هكذا: «يجوز تبديل العين الموقوفة بغيرها عند الضرورات العرفية المتعلقة بتبديل العين الموقوفة». كما في الأملاك الشخصية حيث يمكن تبديلها بغيرها عند الاضطرار و الضرورات الواردة عليها، و يجوز أن يكون التبديل من موارد الأهم و المهم الاتفاقي بالنسبة إلى العين الموقوفة لا

ص: 36

..........

______________________________

بالنسبة إلى الجهات الخارجية عنها.

و هذا العنوان من القضايا التي دليلها معها فنفس تصويرها يغني عن إقامة الدليل عليها و لا نحتاج إلى إقامة دليل من الخارج، و تشخيص موضوع الضرورة و الاضطرار إلى أهل الخبرة بالعين الموقوفة، فإذا حكم ثقات أهل الخبرة بلزوم تبديله يتبدل حينئذ و ليس تشخيص ذلك من شأن الفقيه بوجه من الوجوه و انما شأنه بيان الحكم عند تحقق الموضوع عرفا و معنى التبديل قيام البديل مقام المبدل من كل جهة، و يتفرع على ذلك فروع تأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه تعالى.

كما إنهم قد أتعبوا أنفسهم في أن أيا من أقسام الوقف يكون للموقوف عليه و أيا منها ليس بملك له تصحيحا لبيع الوقف عند طرو المسوغات حيث قالوا إنه لا بد و أن تكون العين ملكا للبائع في البيع و المنفعة ملكا للمؤجر في الإجارة، و هذا أيضا تطويل بلا طائل، لأن البيع تمليك العين و الإجارة تمليك المنفعة سواء كان البائع مالكا للعين و المؤجر مالكا للمنفعة أو لم يكن، و لا دليل من عقل أو نقل على لزوم كون البائع مالكا للعين و المؤجر مالكا للمنفعة. و قد تقدم بعض الكلام فراجع.

السادس: ما يؤتى به للأماكن المقدسة- من المساجد، و المشاهد المشرفة- من الفرش و الأغطية، و الستر، و السرج و المصابيح و غيرها يتصور فيها وجوه.

الأول: كونها وقفا لذلك المكان الشريف.

الثاني: كونها وقفا على عامة المنتفعين بها، و حيث إن ذلك المكان من مظان الانتفاع بها أتى بها إليه.

الثالث: أهداؤها إلى ذلك المكان الشريف.

الرابع: كونها هدية للمنتفعين بها أتى بها إلى ذلك المكان من حيث أنه من مظان الانتفاع، و يأتي في كتاب الوقف ما ينفع المقام، و حيث أن هذه الهدية

ص: 37

..........

______________________________

مفتقرة إلى قصد القربة و تكون لازمة كالوقف و مقتضى الأصل عدم ترتب الأحكام الخاصة لكل منها إلا بدليل خاص يدل عليه.

ثمَّ انه لا ريب في خروج أنقاض المسجد- التي لا ينتفع بها في المسجد- عن المسجدية للسيرة المتعارفة بين المسلمين على نقلها و انتقالها و بيعها و غير ذلك، مما يكشف ذلك كله عن زوال عنوان المسجدية عنها. و أما ما ينتفع بها في المسجد فالظاهر بقاء الوقفية فيها، للأصل. و أما البناء ما لم ينقض و أرض المسجد في ما لا بناء فيه أو هما معا إذا صار ذلك بحيث لا ينفع بها، كما إذا صار المسجد مهجورا بالمرة بحيث لا يرجى عادة وقوع العبادة فيها و صيرورتها معبدا للناس، فالكلام فيها أولا في بيان الموضوع، ثمَّ بيان حكمه المترتب عليه.

فنقول: الوجوه المتصورة في جعل المسجد أربعة.

الأول: جعله بقيد التعبد فيه بحيث يكون هذا القيد علة تامة منحصرة حدوثا و بقاء جعلا من الواقف و إمضاء من الشارع، و حكمه انه عند زوال هذا العنوان تزول أصل المسجدية و لا يترتب عليه جميع أحكامها مطلقا لزوال الموضوع بزوال العنوان و يصير ملكا للواقف أو ورثته على حسب الطبقات حتى يصير إلى الامام عليه السّلام، و لا دليل على الخلاف الا ما يقال من عدم زوال مشعر العبادة عن المشعرية و لا دليل له الا الإجماع و شموله لمثل الفرض مشكل.

نعم، هو مسلم في مثل مسجد الحرام و عرفات و المشعر و مسجد الكوفة و نحوها.

الثاني: كون القيد داعيا لجعل الوقف لا علة تامة منحصرة، و حكمه بقاء الوقفية و لو مع زوال العنوان، لما تسالموا عليه من أن الداعي لا يوجب التضييق، فيكون من قبيل حكمة الجعل لا علة المجعول.

الثالث: جعله بقيد التعبد فيه حدوثا و بقاء على نحو العلية التامة، و لكن الشارع حكم بترتب آثار المسجدية و لو مع زوال القيد و العنوان، و هو حسن

ص: 38

..........

______________________________

ثبوتا و لكن لا دليل عليه إثباتا.

الرابع: الشك في أنه من أي الأقسام، و التمسك بالأدلة اللفظية في إلحاقه بواحد مما مر من الأقسام تمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، فتصل النوبة إلى استصحاب المسجدية، و هو من الشك في الموضوع مع تبدل العنوان، و يأتي ما ينفع المقام في كتاب الوقف إن شاء اللّه تعالى.

السابع: قالوا إن كل وقف يكون من فك الملك لا يجوز بيعه مطلقا و لو زال الانتفاع به بالمرة، لأن البيع لا بد و أن يكون في ملك، و المفروض أنه لا مالك له ثمَّ قالوا إنه لو غصبه غاصب و أتلفه لا ضمان عليه، لأن الضمان و العهدة لا بد أن يكون للمالك، و المفروض أنه لا مالك له، و قالوا أيضا أنه لو استوفى منافعه ظالم كأن جعل المسجد- مثلا- سكنى لا يؤخذ منه أجرة المثل، لفرض عدم الملك بالنسبة إليه، ثمَّ ذكروا قاعدة: «إن ما يطلب بقيمته يطلب بمنافعه، و ما لا يطلب بمنافعه لا يطلب بقيمته» و في مثل المسجد لا يطلب بالقيمة فلا يطلب بالمنافع.

و الكل مخدوش. لا دليل عليه من عقل أو نقل. أما أنه لا يجوز البيع لعدم الملك فقد أثبتنا إن البيع هو تمليك العين و لا يلزم أن يكون عن ملك و في ملك.

و أما القضية أن الضمان و العهدة لا بد و أن يكون للمالك فلا وجه له أصلا فإن الضمان و العهدة لا بد و أن يكون لمن هو أهل لهما و يستحقهما، و لا ريب في وجوده في المقام. و أما القاعدة فلا دليل على الملازمة فيها من نص أو إجماع أو عرف، و على فرضه فالطالب بالمنافع هو موجود ففي المسجد ولى أمر المسلمين و في المدرسة أهلها و من يتولى أمرها.

الثامن: عدم الانتفاع و قلة المنفعة بالنسبة إلى العين الموقوفة أمر إضافي لا بد من الرجوع فيه إلى ثقات أهل الخبرة لكل شي ء مخصوص، فربما يكون انتفاع ألف دينار بالنسبة إلى شي ء من عدم الانتفاع به عند أهل الخبرة مع أنه يكون انتفاع خمسة دنانير من الانتفاع العادي بالنسبة إلى شي ء آخر فيختلف

ص: 39

الأول: عدم إمكان الانتفاع المناسب للعين الموقوفة مع بقائها، كان ذلك لأجل الخراب أو غيره، كانت منفعة في الجملة لها أولا (62).

______________________________

ذلك بالنسبة إلى الأعيان و الأشخاص و الأعصار و الأمصار.

ثمَّ إنهم قدس سرّه قد أكثروا من بيان صور جواز بيع الوقف بتعداد صغريات الموارد مع وجود جامع قريب بينها، مع إن اللازم انما هو الأخذ بالجامع القريب فان كانت خصوصية لمورد خاص تذكر و الا فيذكر الجامع المشترك.

(62) لأن حيثية تسبيل المنفعة و الانتفاع بالعين الموقوفة حيثية تعليلية منحصرة للوقف حدوثا و بقاء و مع انتفاء تلك الحيثية لا تشملها أدلة حرمة بيع العين الموقوفة لبية كانت أو لفظية.

أما الأول: فمعلوم، لعدم الاجتماع حينئذ على الحرمة رأسا.

و أما الثاني: فلأن المنساق منها بحسب الأذهان السليمة ان حرمة البيع انما هي لأجل التحفظ على الصدقة الجارية و المنفعة المسبلة و مع عرضتهما للزوال فلا مناط لحرمة بيع العين لأن الاهتمام بحفظ العين مطلقا ملكا كانت أو وقفا انما هو لأجل المنافع المتوقعة منها بل لا مالية لها إلا لأجل هذه الجهة و بازديادها تزداد مالية العين و بنقيصتها تنقص، و يشهد لذلك وجدان الواقفين من جميع المليين فإذا قلنا للواقف إذا زالت منفعة العين التي وقفتها هل ترضى ببقائها كذلك أو لا ترضى به بل تطلب تبديلها بغيرها مما يكون مثلها في المنفعة و الانتفاع؟ يقول لا أرضى بالبقاء بل أطلب التبديل و الشارع أيضا يقول بذلك و الموقوف عليهم أيضا يعترفون به فالأمر يدور بين تعطيل الوقف رأسا و بين تملك البطن الموجود و حرمان البطون اللاحقة و بين البيع و مراعاة بقاء الوقف و جميع البطون، و العرف و العقلاء يقدمون الأخير، و الأدلة الشرعية منزلة على هذا الأمر الفطري العقلائي فلا نحتاج إلى التطويل و التفصيل و النقض و الإبرام و أما الأخبار فسيأتي الكلام فيها.

ص: 40

مسألة 15: لو بيع الوقف يكون الثمن في حكم المثمن فيشترك جميع البطون فيه

(مسألة 15): لو بيع الوقف يكون الثمن في حكم المثمن فيشترك جميع البطون فيه و يجري عليه كل ما كان للمثمن من الخصوصيات و الجهات (63)، و لا يحتاج في جريان حكم الوقف على الثمن إلى إجراء صيغة الوقف (64).

مسألة 16: يجب شراء ما فيه الصلاح بحكم الثقات و لو كان من غير المماثل

(مسألة 16): يجب شراء ما فيه الصلاح بحكم الثقات و لو كان من غير المماثل (65)،

______________________________

ثمَّ انه ليس المراد بالمنفعة و الانتفاع صرف الوجود منهما بل النسبي منهما بالنسبة إلى العين الموقوفة فلا بد من ملاحظتهما بالنسبة إليهما ثمَّ يحكم أهل الخبرة بأنها كالعدم بالنسبة إلى العين الموقوفة، و أظن أنه إذا عرضنا المسألة على متعارف الناس يعترفون بأن إثباتها لا يحتاج إلى التطويل و يكتفون بما قلناه.

(63) اقتضاء للبدلية إلا ما خرج بالدليل.

(64) لأن نفس البدلية تقتضي البدلية في جميع ما للمبدل من الجهات خصوصا أظهرها ما لم يدل دليل على الخلاف.

ثمَّ إن لمن يتولى أمر البيع أن ينظر فيه و يتصرف في الثمن بحسب المصلحة فربما تقتضي ابدال الثمن بعين آخر أصلح للوقف و ليس الثمن من هذه الجهة في حكم العين الموقوفة فإن عدم جواز التصرف فيه بالنقل و الانتقال كان من جهة لزوم إبقاء العين مهما أمكن و مع سقوط هذه الجهة لا يبقى موضوع بالنسبة إلى الثمن بل له الإبدال إلى الصالح و الأصلح.

(65) إذ المناط كله مراعاة المصلحة و هي قد تكون في غير المماثل، و ما نسب إلى العلامة و ولده و غيرهما من وجوب شراء المماثل، لأنه أقرب إلى غرض الواقف لا وجه له صغرى و كبرى.

ص: 41

و المتولي للبيع من يقوم بأمر الوقف (66) مع مراجعة الحاكم الشرعي و ملاحظة الخصوصيات و سائر الجهات (67).

مسألة 17: لو لم يتمكن من شراء البدل ينتفع الموجودون بالثمن

(مسألة 17): لو لم يتمكن من شراء البدل ينتفع الموجودون بالثمن و لو بالاتجار به إلى أن يتمكن من البدل (68).

مسألة 18: حكم عدم الانتفاع ببعض العين الموقوفة حكم عدم الانتفاع بكلها

(مسألة 18): حكم عدم الانتفاع ببعض العين الموقوفة حكم عدم الانتفاع بكلها فيجري فيه جميع ما مرّ في الكل (69) و لو كان سقوط المنفعة و الانتفاع ما داميا لا دائميا بحيث حرم البطن الموجود عن الاستفادة فقط يجوز التبديل مراعاة لحق الموجودين مع عدم الإضرار بالنسبة إلى اللاحقين (70).

مسألة 19: لو كان للعين الموقوفة ناظر فبيعت لأجل عروض المجوز للبيع يبقى الناظر على ما كان

(مسألة 19): لو كان للعين الموقوفة ناظر فبيعت لأجل عروض المجوز للبيع يبقى الناظر على ما كان (71).

______________________________

(66) لفرض بقاء توليته.

(67) لاحتمال عدم شمول توليته للبيع و انحصارها فيما يتعلق بالعين مع بقائها.

(68) لأنه نحو تسبيل للمنفعة أيضا، فيشمله إطلاق أدلة الوقف.

(69) للأدلة الدالة على الحكم الثابت في الكل بعد كون المنساق فيها انحلالية.

ثمَّ انه لا فرق في منشأ سقوط المنفعة و عدم الانتفاع بين أسباب ذلك من أي منشأ حصل و بأي وجه اتفق و لذلك مناشئ شتى لا تعد و لا تحصى، كل ذلك للإطلاق الشامل للجميع.

(70) لعين الدليل في سقوط المنفعة دائما.

(71) للأصل، و عموم البدلية إلا أن تكون في البين قرينة معتبرة على الخلاف.

ص: 42

مسألة 20: قد يقال بجواز بيع الوقف مع تغير عنوانه

(مسألة 20): قد يقال بجواز بيع الوقف مع تغير عنوانه، كما إذا وقف بستانا فصار عرصة و ذهبت الأشجار (72).

مسألة 21: لو خرجت العين الموقوفة عن الانتفاع المعتد به لجهة من الجهات بحيث يصح أن يقال في العرف أنه لا منفعة له

(مسألة 21): لو خرجت العين الموقوفة عن الانتفاع المعتد به لجهة من الجهات بحيث يصح أن يقال في العرف أنه لا منفعة له كما إذا انهدمت الدار و صارت عرصة- و يمكن إجارتها بمقدار جزئي و كانت بحيث لو بيعت و بدلت بمال آخر يكون نفعه متساويا مع الأول أو قريبا

______________________________

(72) لأن الوقف تعلق بالعنوان الخاص و مع زواله لا موضوع للوقف، كما أن القصر مثلا تعلق بعنوان المسافر و مع زواله لا وجه لوجوبه، و كذا التمام بالنسبة إلى الحاضر و للمقام أمثال و نظائر.

و أشكل عليه. أولا: بأنه مخالف للإجماع.

و ثانيا: بأن الوقفية تتعلق بجميع الأجزاء و الخصوصيات من الأرض و غيرها.

و ثالثا: انه توقيت للوقف و هو باطل.

و يمكن الخدشة في الجميع.

أما الإجماع: فالمتيقن منه المشاعر العظام و نحوها.

و أما ان الوقفية تتعلق بجميع الأجزاء فهو خلاف الفرض، لفرض ان الوقف تعلق بالعنوان فقط و النزاع في ان الأرض بعد زوال العنوان داخل في العنوان أولا؟

و أما الأخير: فهو خلاف الوجدان لفرض عدم التوقيت و زوال الحكم بزوال العنوان ليس من التوقيت عرفا.

نعم، يمكن أن يقال ان زوال الوقفية بزوال العنوان خلاف مرتكزات المتشرعة.

ص: 43

منه يجوز بيعه (73)، و كذا لو صارت المنفعة قليلة بحيث لا تلحق بالمعدوم و لكن كان بحيث لو بيع يشتري بثمنه ماله نفع كثير يجوز البيع حينئذ أيضا (74).

الثاني: ما إذا أدى بقاؤه إلى سقوط منفعته و الانتفاع به (75) سواء كان

______________________________

(73) لما تقدم من الأدلة الشاملة لهذه الصورة أيضا. و ما نسب إلى المشهور من عدم الجواز في هذه الصورة لاقتصارهم مورد الجواز بما إذا لم يكن فيه المنفعة يمكن أن يراد بقولهم عدم المنفعة المعتد بها المتعارفة لا العدم الحقيقي من كل جهة بلا مخالفة في البين.

نعم، لو كان الثمن على تقدير البيع لا يعطى به إلا ما كانت منفعته كمنفعة العين الموقوفة لا يجوز البيع حينئذ للأصل.

(74) لأن بناء العقلاء في أموالهم الشخصية و النوعية على التبديل حينئذ و الشرع لا يتجاوز بناؤهم إلا بوجود رادع عنه و لا رادع في البين إلا الأدلة المانعة و يشك في شمولها لهذه الصورة، فيكون التمسك بها من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك و لا يجزي استصحاب عدم الجواز أيضا، لأن هذا البناء النوعي العقلائي كالامارة المعتبرة المتقدمة عليه. و قد يعد ترك العين الموقوفة و الحال هذه تضييعا لها عرفا فالمقتضي للبيع موجود و المانع مفقود فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(75) لما يأتي من الأخبار، و للسيرة المستمرة بين العقلاء على تحفظ الأموال الشخصية و النوعية بذلك و استنكار من خالف بل قد تعد المخالفة سفها و أدلة الوقوف وردت على طبق هذه السيرة المستمرة في جميع الأعصار و القرون بل يمكن القول بخروج هذه الموارد عن مورد حرمة بيع الوقف تخصصا، لقوام الوقف بتسبيل المنفعة فإذا كانت في معرض الزوال فأي منفعة في البين حتى تسبّل و من أنكر ذلك باللسان يصدقه بالفطرة و الوجدان.

ص: 44

ذلك لخلف بين أربابه أو بسبب آخر (76) بشرط أن يكون تأدية البقاء إلى الخراب بتصديق أهل الخبرة به (77)، و لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر كالانتفاع السابق لا يجوز بيعه (78).

الثالث: أن يشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة، أو كثرة الخراج أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم، أو حصول ضرورة و حاجة شديدة لهم فيجوز بيعه و تبديله حينئذ (79).

______________________________

نعم، تسبيل المنفعة بالنسبة إلى أصل المالية ممكن فلا بد و ان يتحفظ بالنسبة إليها و لا يمكن ذلك إلا بالتبديل.

(76) لشمول ما مر من الدليل للجميع.

(77) لأن ذلك من الموضوعات العرفية التي لا بد فيها من الرجوع إلى أهل خبرتها و لا يعتبر حصول العلم من قول أهل الخبرة بل يكفي الاطمئنان العادي.

(78) للإطلاق و الاتفاق و الأصل.

(79) مورد هذا الشرط.

تارة: هو اشتراط البيع عند عروض مجوزات البيع و هذا الشرط مؤكد لا أن يكون مخالفا لمقتضى الوقف، أو للكتاب و السنة. و كل من قال بالجواز عند عروض المجوزات لا بد أن يقول في المقام بالأولى.

و أخرى: يكون تحديدا لآخر الوقف و هذا من صغريات وقف منقطع الآخر فمن يقول بالجواز فيه لا بد له من القول بالجواز هنا أيضا.

و ثالثة: يكون من اشتراط بيع الوقف مع بقائه على الوقفية. و مورد البحث في هذه الصورة و هي.

تارة: بنحو يشتري بالثمن ما صار وقفا لجميع البطون و يكون مثل العين الموقوفة من كل جهة.

و أخرى: بأن يأخذ البطن الموجود الثمن لأنفسهم و يتصرفون فيه بما

ص: 45

..........

______________________________

شاءوا كتصرفهم في أموالهم الخاصة لهم.

و استدلوا لجواز بيع الوقف مع الشرط بأمور.

الأول: إطلاق قوله عليه السّلام: «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها» (1)، بلا فرق بين اشتراط هذا الشرط و اشتراط سائر الشروط فكما لا بد من الوفاء بها على حسب الشرط فكذا المقام.

الثاني: عموم قوله عليه السّلام: «المؤمنون عند شروطهم» (2).

الثالث: صحيح عبد الرحمن قال: «بعث إليّ بهذه الوصية أبو إبراهيم عليه السّلام:

هذا ما أوصى به و قضى في ماله عبد اللّه علي عليه السّلام ابتغاء وجه اللّه- إلى أن قال- و انه يقوم على ذلك الحسن بن علي عليهما السّلام يأكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يريد اللّه في حل محلل لا حرج عليه فيه، و ان شاء جعله شروى الملك و ان ولد علي عليه السّلام و أموالهم إلى الحسن بن علي عليهما السّلام، و إن كان دار الحسن غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه و إن باع فإنه يقسمها- الحديث-» (3)، و هو صحيح سندا، ظاهر بل نص دلالة في جواز اشتراط بيع الوقف، و في خبر ابن حنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقف غسلة له على قرابته- إلى أن قال- فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض ان احتاجوا و لم يكفهم ما يخرج من الغلة؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا رضوا كلهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا» (4). فإذا جاز البيع بغير شرط جاز معه بالأولى.

و نوقش في الجميع بأن الإطلاق لا يشمل ما يخالف مورد الإطلاق و يضاده، و ان هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد، و للكتاب و السنة فلا يشمله العموم، و ان المراد بما في الصحيح الصدقة أو الوصية بالوقف دون الوقف

ص: 46


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 2.
2- الوافي ج: 12 باب: 86 من أبواب النكاح صفحة: 80.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 4.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 8.

..........

______________________________

المعهود، و خبر ابن حنان قاصر سندا.

و الكل مردود: أما الأول: فبأنه مخالف للإطلاق إذا كان باقيا على إطلاقه و شموله من كل جهة. و أما إذا ضيق دائرة الإطلاق من أول حدوثه و إيجاده فأي منافاة في البين.

و أما الثاني: فلأن الشرط مخالف لإطلاق مقتضى العقد و إطلاق الكتاب و السنة لا لذاتهما حتى يبطل و مع الشك تجري أصالة عدم المخالفة كما في سائر موارد الشك و الحمل على الصدقة أو الوصية بالوقف في الصحيح بعيد عن مساق قوله عليه السّلام: «هذه صدقة واجبة بتلة حيا أنا أو هيتا» (1). و أما قوله عليه السّلام:

«هذا ما أوصى به و قضى في ماله يدل على أنه جعل في ماله شيئا غير الوصية أيضا فلا بد و ان يحمل قوله عليه السّلام في آخر الحديث على الأعم من الوصية قطعا، و من المتعارف و التدبير أن يكتب الشخص جميع ما يتعلق من الوقف و العتق و غيرهما بعنوان الوصية احتفاظا عليها و الا فقد صرح عليه السّلام بالصدقة الواجبة في زمان حياته عليه السّلام و لا معنى لها إلا الوقف.

نعم، خبر ابن حنان قاصر سندا بجعفر بن حنان، مع أن المشهور لم يعملوا بإطلاقه، هذه عمدة الصور التي يجوز فيها تبديل الوقف.

و قد ذكر صور أخرى.

منها: ما إذا كان بيع الوقف انفع و أعود للموقوف عليهم نسب ذلك إلى المفيد مستندا إلى ما تقدم من خبر ابن حنان.

و منها: ما إذا لحق بالموقوف عليهم ضرر شديد نسب ذلك إلى جمع و عن الانتصار دعوى الإجماع عليه.

و منها: ما إذا وقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال أو النفس.

ص: 47


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 4.

..........

______________________________

و منها: أن يؤدي الاختلاف بينهم إلى ضرر عظيم.

و منها: أن يلزم فساد يستباح منه الأنفس و لا دليل في البين يصح الاعتماد عليه في مقابل الأصل و الأدلة الدالة على عدم جواز تبديل الوقف إلا مكاتبة ابن مهزيار قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام: ان فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها و جعل لك في الوقف الخمس، و يسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض أو تقويمها على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقوفة فكتب إليّ، أعلم فلانا أنى آمره أن يبيع حقي من الضيعة و إيصال ثمن ذلك إلي، و ان ذلك رأيي إن شاء اللّه أو يقومها على نفسه ان كان ذلك أوفق له، قال و كتبت إليه: ان الرجل ذكر أن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا، و انه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده فان كان ترى أن يبيع هذا الوقف و يدفع إلى كل إنسان منهم ما وقف له من ذلك أمرته، فكتب إليه بخطه و أعلمه أن رأيي ان كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف ان بيع الوقف أمثل، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس» (1).

و فيه. أولا: إنه لم يعمل أحد بإطلاق صدره.

و ثانيا: ان المنساق منها عدم تحقق القبض فلا موضوع للبحث حينئذ.

و ثالثا: المنساق منه الوقف المنقطع فلا ربط له بمورد البحث، لأنه في الوقف المؤبد.

و أما ذيله ففيه. أولا: ان ظاهره صرف الثمن على البطن الموجود و لم يعمل به المشهور.

و ثانيا: أن مقتضى عموم التعليل: «ربما يأتي في الاختلاف تلف الأموال و الأنفس» جواز البيع لرفع كل اختلاف و هو خلاف المشهور أيضا.

و ثالثا: انه ظاهر في الوقف المنقطع فلا ربط له بالمقام الذي هو من الوقف المؤبد إلا أن يدفع ذلك كله بفهم المشهور.

ص: 48


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف و الصدقات حديث: 5، 6.

..........

______________________________

نعم، إذا كان تلف المال و النفس بنحو اللازم غير المنفك عن إبقاء الوقف.

و بعبارة أخرى: صار إبقاء الوقف مادة للفساد عرفا و حينئذ يجب قطع مادة الفساد عقلا و عرفا و شرعا فيجوز البيع حينئذ، لأنه في هذا الحال من تقديم الأهم على المهم عند المتشرعة و عند العقلاء و الا يجب على الموقوف عليهم أن لا يبيعوا الوقف و لا يتلفوا الأموال و الأنفس فإطلاق هذا الحديث لا ينفع للمقام إلا إذا انطبق قاعدة تقديم الأهم على المهم في خصوص المورد هذا.

و أما دعوى الإجماع في الانتصار فغريب في هذه المسألة التي قال فيها في الجواهر و نعم ما قال: «لكن كلامهم في تعيين محل الجواز و السبب المجوز على ما ترى من الاختلاف الشديد الذي قل ما اتفق مثله في شي ء من المسائل حتى انفرد كل منهم بقول بل صارت كل عبارة لهم قولا مستقلا و خالف الواحد منهم نفسه في الكتاب الواحد فذهب في كتاب البيع إلى شي ء و خالفه في الوقف إلى آخر و ربما اتفق لبعضهم الاختلاف في المقام الواحد ما بين أول كلامه و آخره» فراجع ما قاله رحمه اللّه تجده متينا حسنا و ما هذا شأنه فأي داع لنقل الأقوال و نقضها و ابرامها و سيأتي في كتاب الوقف ما ينفع المقام.

ثمَّ ان الأصحاب قد تعرضوا للحقوق الأربعة المعروفة المانعة عن البيع و هي: الوقف، و الرهانة، و الجناية، و أم الولد و هي أمهات الحقوق.

و عن بعض إلحاق حق السادة و الفقراء، و عن آخر ذكر جملة أخرى من الحقوق و أنهاها إلى العشرين. و لا بد من بيان أمور يتبين بها الحال.

الأول: ألحق كما تقدم مرتبة من الاستيلاء و السلطنة و الملكية و السلطة بلا فرق فيه من هذه الجهة بين الحقوق كلها خالقيا كان أو خلقيا، شخصيا أو نوعيا أو صنفيا و إنما الفرق بينها بحسب الموارد لا بحسب الذات.

نعم، الحق بحسب الذات من الأمور التشكيكية و له مراتب متفاوتة كما

ص: 49

..........

______________________________

هو شأن جميع التشكيكيات من الجواهر و الاعراض و الاعتباريات بناء على ثبوت الحركة الجوهرية كما أسسه بعض أعاظم الحكماء و أثبتته الفنون الحديثة.

الثاني: متعلق الحق إما ذات الشي ء كحق الوقف، و أم الولد. فإن حق الوقف نحو حق متعلق بذات العين الموقوفة يمنع عن بيعه إلا فيما استثنى، و حق أم الولد نحو حق حاصل لها لأجل ولدها الحر يمنع عن بيعها. و إن شئت قلت انها برزخ بين المملوكية المحضة و الحرية الصرفة فيئول إلى الحرية المطلقة بشروط مذكورة في محلها.

و أما أن يكون متعلق الحق خصوصية الإضافة الملكية و يعبر عنه بحق الرهانة فإنه متعلق بملك المالك مع بقاء خصوصية الملكية، لأنها القابلة للوثيقة الدينية دون أصل المالية المتبدلة و لو إلى غير المالك، إذ لا معنى لكون ملك الغير وثيقة لدين الغير إلا مع أذنه و رضاه.

و أما أن يكون متعلق الحق المالية و لو كانت متبدلة إلى أي مالك كان كحق الجناية فإنه حق متعلق بمالية العبد الجاني و إن تبدل من مالك إلى مالك آخر و ليس خصوص ملكية شخص خاص دخيلا في ذلك.

و أما أن يكون الحق نوعيا لا شخصيا و هو حق السادة و الفقراء المتعلق بأموال الأغنياء و هذا مسلّم عند الكل إنما الكلام في ذات هذا الحق و هل هو من الشركة الخارجية العينية كما نسب إلى المشهور أو أنه من قبيل حق الرهانة أو أنه من قبيل حق الجناية فلا وجه لعده حقا مستقلا في مقابلها و قد تقدم التفصيل في كتاب الزكاة و الخمس (1)، فراجع.

الثالث: ليس كل ما لا يجوز بيعه لتعلق تكليف به يلزم أن يكون لأجل حق مانع عن صحة البيع، بل يجوز أن يكون ذلك لأجل حكم تكليفي شرعي لا تنافي مخالفته صحة البيع و ان أثم لأجل مخالفة الحكم التكليفي و يصح البيع،

ص: 50


1- راجع ج: 11 صفحة: 142.

..........

______________________________

لفرض أنه ليس من الحكم الوضعي الذي يوجب البطلان و حينئذ فإن أحرز أنه من الحكم الوضعي أو التكليفي يتعين البطلان في الأول و الصحة مع الإثم في الأخير، و إن شك في أنه من أيهما و لم تكن قرينة معتبرة على التعيين في البين فمقتضى الأصل عدم تحقق النقل و الانتقال بعد كون التمسك بالأدلة من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه.

الرابع: قد عد صاحب المقابيس جملة من الحقوق المانعة عن صحة البيع و لا بأس بالإشارة إليها إجمالا:

الأول: النذر المتعلق بالعين قبل البيع.

أقول: هذه مسألة مشهورة بالإشكال و لا بأس بالإشارة الإجمالية إليها فنقول البحث فيها.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الاستظهارات.

و ثالثة: بحسب الدليل الخاص.

أما الأول: فمقتضى الأصل عدم ثبوت الحق للمنذور له في العين المنذورة فضلا عن الملك إلا إذا دل عليه دليل بالخصوص.

و أما الثاني: فلا ريب في ثبوت وجوب الوفاء بالنذر في النذر المطلق و المشروط بعد حصول الشرط و لزوم حفظ العين المنذورة تحفظا للامتثال و عدم صحة تفويت القدرة عليه بحكم العقل، لقبح تعجيز المكلف نفسه عن التكليف الفعلي أو ما أحرز بحسب القرائن توجهه إليه فلزوم حفظ العين المنذورة مقدمة للوفاء بالنذر مما لا ريب فيه و هو من شؤون وجوب الوفاء به و تقتضيه مرتكزات المتشرعة في نذورهم المتعلقة بالأعيان و أما ان هذا من جهة تعلق ملك المنذور له أو حقه بالعين المنذورة فيحتاج إثباته إلى دليل و هو منحصر. إما بمذاق العرف و المتشرعة أو بظاهر صيغة النذر أو بالدليل الخاص.

أما الأول: فلا ريب في أنهم يمنعون عن التصرف فيه أما ان ذلك انما هو

ص: 51

..........

______________________________

لأجل الاهتمام بالوفاء بالتزامهم النذري و وجوب الوفاء به أو لأجل ثبوت نحو حق أخلاقي للمنذور له في العين كما في الشي ء الذي يعزلونه من أموالهم لأن يتصدقوا به تدريجا أو لأجل حصول حق له بالنسبة إلى العين كحق الرهانة أو كحق الجناية و نحوهما، أو لأجل انه يحصل له الملك فيه و الأولان متيقنان و البقية تحتاج إلى دليل.

و أما الثاني: فربما يقال بأن مفاد قول «للّه علي أن أعطي هذا الغنم- مثلا- إلى زيد» في نذر الفعل، و قول: «للّه علي أن يكون هذا الغنم لزيد» في نذر النتيجة جعل حق للمنذور له في العين مؤكدا ذلك بالإضافة إلى اللّه تعالى، أو ذلك نحو تمليك بالنسبة إلى المنذور له.

و فيه: ان هذا الاحتمال ثبوتا له وجه و لكن لا دليل عليه في مقام الإثبات لأن كلمة «اللام» في قول «للّه علي» أعم من الملك و الحق و الاختصاص و الأخير هو المتيقن و الأولان مشكوكان و مقتضى الأصل عدم حصولهما.

و أما الثالث: و هو الدليل الخاص فلم نظفر على حديث بالخصوص يدل على المقام إلا موثق ابن مهزيار: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام رجل جعل على نفسه نذرا أن قضى اللّه حاجته أن يتصدق بدراهم فقضى اللّه حاجته فصيّر الدراهم ذهبا و وجهها إليك أ يجوز ذلك أو يعيد؟ قال عليه السّلام: يعيد» (1)، و في رواية الشيخ رحمه اللّه بعين هذا الحديث: «أن يتصدق في مسجده بألف درهم» (2).

و فيه: ان المنساق منه ان الأمر بالإعادة انما هو لأجل عدم الوفاء بالنذر فإنه نذر ان يتصدق و لا وجه حينئذ لتوجيهها إلى الامام عليه السّلام خصوصا بناء على نسخة الشيخ رحمه اللّه فإن التصدق كان مقيدا بكونه في مسجده و لم يحصل ذلك فمقتضى بقاء العين المنذورة على ملك مالكه و عدم حدوث حق يمنع عن سلطنته و تصرفاته في العين فمقتضى قاعدة السلطنة و العمومات و الإطلاقات الجواز.

ص: 52


1- الوسائل باب: 9 من أبواب النذر و العهد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب النذر و العهد حديث: 1.

..........

______________________________

نعم، لو شككنا في شمول الإطلاقات و العمومات، فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر على تصرفاته، لأنه يصير التمسك بالإطلاقات و العمومات حينئذ تمسكا بالدليل في الموضوع المشكوك، و الظاهر صحة التمسك لأن المناط في الصحة و عدمها الأنظار العرفية كما في سائر الموارد فيصح البيع و ان عصى و تجب عليه الكفارة و أداء المنذور بالمثل أو القيمة و لكن المسألة مشهورة بالإشكال فسلموا الاشكال و لم ينفح في دفعه حق المقال (رضوان اللّه تعالى عليهم على كل حال) و قال في الجواهر في كتاب العتق: «و لو نذر كونه للّه خرج عن ملكه و وجبت الصدقة به» و لم يذكر دليلا عليه مع انه لا ربط له بالمقام لأنه في نذر النتيجة و المقام في نذر الفعل هذا.

و أما نذر النتيجة فهو على قسمين.

الأول: ما إذا كان مفاده تمليك شي ء من الناذر للغير كما إذا قال: «للّه عليّ أن يكون كتابي- مثلا- لزيد» في النذر النتيجة بالأولى و إلا فالإشكال فيه هو الإشكال في مطلق النذر.

الثاني: ما إذا كان مفاده غير التمليك كالتزويج، و الطلاق، و العتق، و الوقف، كما إذا قالت المرأة: «للّه علي أن أكون زوجتك» أو قال الرجل لزوجته: «للّه علي أن تكون مطلقة» فقالوا إنه لا يترتب على مثل هذه النذور الأثر. للأصل بعد كون هذه الأمور لها أسباب خاصة، و النذر و الشرط ليس منها و المناط كله صدق وجوب الوفاء بالنذر لمثل ذلك و عدمه فمع عدم الصدق أو الشك فيه لا يترتب عليه الأثر، و يكفي الشك في الصدق في صحة التمسك بالأصل و يأتي في كتاب النذر بعض الكلام كما سيأتي في الشروط ما يناسب المقام و من اللّه تعالى الاعتصام.

الثاني: من الحقوق المانعة عن صحة البيع: الخيار المتعلق بالعين.

ص: 53

..........

______________________________

أقول: متعلق الخيار إما نفس العقد ثمَّ العمل بالقواعد العامة. و إما إرجاع نفس العوضين إلى مالكهما قبل العقد، و إما أن يكون متعلقه رد مالية العوضين لا عينهما و لا يمنع حق الخيار عن البيع إلا في القسم الثاني فقط.

الثالث: ارتداد المملوك فإنه يوجب قتله ان كان عن فطرة فيكون بمنزلة الميت.

أقول: لا وجه لكونه مانعا عن صحة المعاملة إذا انطبق عليه عنوان السفه فيكون كبيع المملوك المريض المأيوس عن برئه فمع وجود الغرض الصحيح المعاملي يصح البيع و مع عدمه لا يصح و لا ربط لذلك بنفس الارتداد.

الرابع: الحلف على عدم البيع.

أقول: هو من النهي التكليفي الذي لا يوجب البطلان فيصح البيع و إن اثم و تجب عليه الكفارة.

الخامس: تعين الهدى للذبح و هو صحيح بناء على الخروج عن الملكية بمجرد التعين أو تعلق حق الفقراء به و قد مرّ التفصيل في كتاب الحج.

السادس: اشتراط عتق المملوك في عقد لازم.

أقول: اشتراط العتق كنذر العتق و الكلام فيه عين ما تقدم في النذر فلا وجه للإعادة.

السابع: الكتابة بالنسبة إلى ما لم تحرر من المكاتب.

أقول: و ذلك للزوم عقد الكتابة فيحصل للعبد حق بالنسبة إلى البيع الواقع عليه و يمكن أن يكون من الحكم الشرعي و التفصيل يطلب من محله.

الثامن: التدبير المعلق على موت غير المولى بناء على جوازه فإذا مات المولى و لم يمت من علق عليه العتق كان مملوكا للورثة ممنوعا عن التصرف فيه و أما المعلق على موت المولى فيجوز بيعه قبل موته، لأنه عقد جائز يكون نفس البيع حلا للتدبير فراجع.

التاسع: تعلق حق الموصى له بالموصى به و قبل قبوله بناء على اشتراط

ص: 54

مسألة 22: لا يجوز بيع أم الولد

(مسألة 22): لا يجوز بيع أم الولد (80) و يتحقق الموضوع بمجرد

______________________________

الملك بالموت و القبول و يأتي التفصيل في كتاب الوصية إن شاء اللّه تعالى العاشر: تعلق حق الشفعة بالمال أقول: هذا و ما قبله مانع عن لزوم البيع لا عن أصل صحته فيكون عدهما في موانع الصحة بلا وجه إلا أن يراد مطلق المانعية أعم من الصحة و اللزوم.

الحادي عشر: تغذية الولد المملوك بنطفة سيده فيما إذا اشترى أمة حبلى فوطئها فأتت بالولد بناء على جواز بيعها، لنصوص كثيرة منها موثق ابن عمار قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل اشترى جارية حاملا قد استبان حملها فوطئها قال عليه السّلام: بئس ما صنع- إلى أن قال- ان كان عزل عنها فليتق اللّه و لا يعد، و إن كان لم يعزل عنها فلا يبيع ذلك الولد و لا يورثه و لكن يعتقه و يجعل له شيئا من ماله يعيش به فإنه قد غذاه بنطفته» (1).

الثاني عشر: كون الولد مملوكا ولد من حر شريك في أمة حال الوطي.

أقول: هذا مبني على رقية هذا الولد، و يأتي التفصيل في محله.

الثالث عشر: تعارض السبب المملك و المزيل للملك، كما لو قهر حربي أباه.

أقول: يظهر من الأدلة ان الحربي حاله حال المباحات الأصلية يملكه كل من استولى عليه على ما يأتي تفصيله في محله.

الرابع عشر: الغنيمة قبل القسمة بناء على منع الغانمين عن بيعها قبلها و لا دليل على ذلك، لأن الحق لا يعدوهم فإما أن يكون من بيع الفضولي ان وقع البيع على سهم الغير أو الحقيقي ان وقع على سهمه. هذا مضافا إلى الوقف و حق الرهانة و الجناية و أم الولد و حق السادة و الفقراء.

(80) إجماعا من المسلمين، و نصوصا مستفيضة بينهم تأتي الإشارة

ص: 55


1- الوسائل باب: 9 من أبواب نكاح العبيد و الإماء حديث: 1.

الحمل أيضا (81) بشرط أن لا يموت ولدها في حياة سيدها و الا فهي كسائر المماليك يجوز بيعها (82)، كما يشترط أن يكون الحمل في زمان الملك (83)، فلو ملكها بعد الحمل لا يجري عليها الحكم، و لو مات الولد من الصلب و بقي ولد الولد ففي جريان الحكم إشكال (84).

مسألة 23: قد استثنى من عدم جواز بيع أم الولد مع حياة ولدها مواضع

(مسألة 23): قد استثنى من عدم جواز بيع أم الولد مع حياة ولدها مواضع: (85)

______________________________

إلى بعضها.

(81) نصا، و إجماعا ففي صحيح ابن مارد عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتزوج الأمة تلد منه أولادا ثمَّ يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها ثمَّ يبدو له في بيعها قال عليه السّلام: هي أمته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك و إن شاء أعتق» (1).

(82) نصوصا، و إجماعا يأتي التعرض لبعضها.

(83) لأنه المنساق من الأدلة و المشهور بين فقهاء الملة، و تقتضيه مناسبة الحكم و الموضوع، و قاعدة السلطنة و العمومات و الإطلاقات.

(84) منشأه صدق الولد و الجمود على الإطلاق، و احتمال الانصراف إلى خصوص ولد الصلب.

(85) قد ثبت المنع عن بيع أم الولد في الجملة نصا و إجماعا و أما ان هذا من القواعد الكلية التي يرجع إليها في مقابل العمومات و الإطلاقات و قاعدة السلطنة فلم يثبت ذلك و ان ادعاها شيخنا الأنصاري رحمه اللّه.

و تظهر الثمرة في موارد الشك و فقد الدليل على الجواز. فبناء على كونها

ص: 56


1- الوسائل باب: 85 من أبواب نكاح العبيد و الإماء حديث: 1.

..........

______________________________

قاعدة يرجع إليها، و بناء على العدم يرجع الى قاعدة السلطنة.

نعم، اقتضاء المنع في بيع أم الولد موجود ثبوتا لكنه لا ينفع في إفادة قاعدة كلية في مقام الإثبات ما لم يكن عموم أو إطلاق لفظي في البين و الاخبار الواردة في المقام قاصرة الدلالة عن افادة العموم حتى يستظهر منه القاعدة الكلية كما لا يخفى على من تأمل فيها.

و أما ما سلكه بعض مشايخنا في إثبات القاعدة الكلية من أنه بعد إحراز المقتضي ثبوتا يدفع المانع إثباتا بالأصل، فتثبت القاعدة الكلية بذلك.

مخدوش. أولا: بأنه لم يعهد إثبات القاعدة بهذا النحو في علم من العلوم.

و ثانيا: ان عدم المانع من لوازم ترتب الحكم شرعا على الموضوع فيكون إثباته بالأصل من الأصول المثبتة.

نعم، يمكن أن يقال: ان المرتكز في النفوس الاهتمام بجانب الحرية و تقدمها مهما أمكن و لا بأس بجعل ذلك من القواعد العقلائية في الجملة إلا بدليل يدل على المنع.

و قد جمعوا موارد الاستثناء في موارد أربعة جامعها تقديم الأهم على المهم.

الأول: تعلق حق الغير بها.

الثاني: تعلق حق سابق على الاستيلاء.

الثالث: تعلق حقها بتعجيل العتق.

الرابع: عدم تحقق الحكمة المانعة.

فمن الأول ثمن رقبتها، و من الثاني ما إذا كان العلوق بعد رهنها أو إفلاس المولى و تعلق حق الغرماء و لا يبطل حق المرتهن بذلك، و من الثالث ما إذا أسلمت و هي ذمية مع بقاء مولاها على الكفر فتباع على مولاها حينئذ، و من الأخير ما إذا كان إبقاؤها في ملك المولى غير معرض لها للعتق، لعدم أرث

ص: 57

كلها مورد المناقشة (86) إلا في موضع واحد و هو بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها و المتيقن من هذه الصورة أيضا صورة موت المالك بأن مات مدينا بثمنها و لم يترك سواها، و أما مع حياة مولاها فالحكم بالجواز مشكل (87).

______________________________

ولدها لأحد موانع الإرث.

فالمهم بيان حكم صورة الشك و فقد الدليل حتى يرجع مع عدم الدليل أو تعارضه.

فنقول: إن تمَّ كون عدم جواز بيع أم الولد قاعدة كلية فهي المرجع في موارد الشك و الا فالمرجع عمومات البيع و إطلاقاته و لم تثبت القاعدة بعموم أو إطلاق لفظي و لا بإجماع مسلم و الشك في ثبوتها يكفي في عدم الثبوت، فالمرجع في موارد الشك الإطلاقات و العمومات و لا وجه للتفصيل بأكثر من ذلك، إذا المسألة خرجت عن مورد الابتلاء منذ قرون كثيرة و في عصرها لم تكن مورد الابتلاء بجملة كثيرة من فروعها التي تعرضوا لها فضلا عن عصر الانقضاء.

(86) لأن قاعدة سلطنة الناس على أموالهم من أهم القواعد المعتبرة العقلائية التي لا يتقدم عليها شي ء إلا بنص صحيح أو دليل تام صريح هذا مضافا إلى عمومات أدلة البيع و إطلاقاتها.

(87) الأصل في هذا الحكم صحيح عمر بن يزيد قال: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: أسألك عن مسألة فقال عليه السّلام: سل قلت لم باع أمير المؤمنين عليه السّلام أمهات الأولاد؟!! قال عليه السّلام: في فكاك رقابهن. قلت فكيف ذلك؟ قال عليه السّلام: أيما رجل اشترى جارية فأولدها و لم يؤد ثمنها و لم يدع من المال ما يؤدي عنه أخذ ولدها منها فبيعت و أدى ثمنها. قلت فيبعن في ما سوى ذلك من دين؟ قال عليه السّلام:

لا» (1)، و سياقه المحاوري يدل على اعتبار قيود ثلاثة في الجواز، كون الدين

ص: 58


1- الوسائل باب: 24 من أبواب بيع الحيوان.
مسألة 24: لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة

(مسألة 24): لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة (88) و هي

______________________________

في ثمن رقبتها، و عدم مال آخر للمولى، و موت المولى بقرينة قوله عليه السّلام: «و لم يدع من المال»، و قوله عليه السّلام: «لم باع أمير المؤمنين أمهات الأولاد» و يستفاد من استنكار السائل و جواب الامام عليه السّلام التشديد في عدم بيعهن إلا في المقام لو فرض لها إطلاق ثابت في البين، مع انه لا وجه لإطلاقها، لكونها في مقام أصل التشريع و لا يستفاد منها أزيد من أصل الجواز في الجملة و لا بد من إحراز سائر القيود من الرجوع إلى الأدلة الأخرى و لا وجه لملاحظة التعارض بينها حتى يبحث عن انه العموم من وجه أو غيره.

و منه يظهر الإشكال في غير هذه الصورة لثبوت حق أم الولدية وجدانا و الشك انما هو في عروض المجوز. و يمكن أن يدخل في الموضوعات المركبة بعض اجزائها من الوجدان و بعض الأجزاء بالأصل بعد ان كان الاحتمال لا ينفع في الجواز ما لم يثبت بدليل قاطع، مع ان بناء الفقهاء بل العقلاء على تغليب جانب الحرية مهما أمكنهم ذلك عند عروض الجهات المزاحمة و يمكن أن يكون نظر شيخنا الأنصاري رحمه اللّه إلى ذلك حيث جعل عدم جواز بيع أم الولد من القواعد.

(88) البحث في هذه المسألة من جهات.

الأولى: في أقسام الأراضي باعتبار نفسها و هو أنها إما محياة أو موات و كل منهما إما بالأصل أو بالعرض فهذه أقسام أربعة لا خامس لها.

و المحياة بالأصل كأطراف الشطوط و الآجام و الغابات و نحوها مما تكون في معرض الانتفاع القريب عرفا.

و الموات بالأصل كبطون الأودية و رؤوس الجبال و ما لا يكون في معرض الانتفاع عرفا.

ص: 59

..........

______________________________

و الموات بالعارض ما عرض لها الموت بعد الحياة. و المحياة بالعارض عكسه.

الثانية: ما كانت محياة بالأصل أو مواتا كذلك يكون للإمام عليه السّلام نصا و إجماعا ففي صحيح الكابلي: «الأرض كلها لنا فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي و له ما أكل منها» (1)، و قد عد أبو جعفر عليه السّلام: «من الأنفال كل أرض لا رب لها» (2)، و لا ريب في ان الأنفال للإمام عليه السّلام بالأدلة الثلاثة كما مر في كتاب الخمس. و أما ما في مرسلة حماد حيث عد من الأنفال «كل أرض ميتة لا رب لها» (3)، فلا ينافي المطلق لكون كل منها مثبتا و في مقام بيان الكلية في مورده فكأنه عليه السّلام قال. كل أرض لا رب لها عامرة كانت أو ميتة مع ان سياق قوله عليه السّلام: «كل أرض لا رب لها» آب عن التقييد، و يشهد لعدم التقييد ما ورد من «ان الأرض كلها للإمام عليه السّلام» (4)، و إن كانت هذه الملكية غير الملكية الاعتبارية التي كلامنا فيها، و لكن يمكن الاستيناس به للمقام بل يمكن أن يقال ان الأرض كلها له عليه السّلام حتى بالملكية الاعتبارية إلا ما خرج بالدليل، هذا مع أن كون الأرض لا موضوعية لها من حيث هي و إنما تكون الميتة طريقا محضا لعدم كونها تحت استيلاء أحد فلا وجه للتقييد حينئذ، فمجموع الأخبار الواردة في المقام أقسام ثلاثة.

الأول: العمومات و الإطلاقات الدالة على أن الأرض للإمام (5).

الثاني: ما ورد من ان الأرض التي لا رب لها للإمام (6).

الثالث: ما ورد من ان الأرض الميتة التي لا رب لها للإمام و بعد حمل الأخير على الغالب لا وجه للتقييد.

ص: 60


1- الوسائل باب: 3 من أبواب إحياء الموات حديث: 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الأنفال حديث: 28، 4.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الأنفال حديث: 28، 4.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: 12.
5- راجع الوافي باب: 2 من أبواب الخمس حديث: 3 صفحة: 35 ج: 6.
6- الوسائل باب: 2 من أبواب الأنفال حديث: 28.

..........

______________________________

نعم، يقيد القسم الأول من الأخبار بقوله عليه السّلام: «لا رب لها» لما دل من أن «من أحيا أرضا مواتا فهي له» (1).

و ما كانت عامرة بالأصل و عرضها الموات فمقتضى الأصل بقاؤها على ملك الامام عليه السّلام و ليس في البين دليل حاكم عليه.

و ما كانت مواتا بالأصل و عرضها الحياة بالطبع لا من محي بشري فمقتضى الأصل بقاؤها على ملك الإمام أيضا كما إذا غيرت الزلزلة أو السيل مجرى شط أو نهر من محل إلى آخر فصارت المحياة مواتا و بالعكس و إن كان ذلك بإحياء بشرى فهي للمحيي إجماعا، و نصا كما تقدم.

الثالثة: إحياء الموات من الأرض من الأمور المطلوبة و المحبوبة لكل من تمس قدميه الأرض من الإنسان كافة- نبيا كان أو إماما أو ملكا أو سوقيا- فالقطع برضا الامام عليه السّلام حاصل في احياء ما كان ملكه عليه السّلام من موات الأرض بشروط تأتي في محلها، لأنه رأس العقلاء و رئيسهم الذي لا بد و ان يهتم اهتمام الأب الرحيم بأمور أولاده، مضافا إلى إطلاق قولهم عليه السّلام، «من أحيا أرضا مواتا فهي له». (2)، فإن سياقه الترخيص و الاذن و الامتنان فتطويل الكلام في المقام مما لا ينبغي، كما ان الظاهر قيام فقهاء عصر الغيبة مقامه عليه السّلام في ولايتهم على الاذن في هذه الجهة أيضا كذلك.

و احتمال العدم كما عن بعض مشايخنا.

بدعوى: أن أدلة الولاية لا تشمل أمواله عليه السّلام الخاصة له كالأنفال و سهم الامام.

مخدوش: لأن أمواله الخاصة على قسمين قسم مختص بشخص نفسه من حيث أنه أحد أفراد من البشر و لا معنى لشمول أدلة الولاية لمثله و قسم يختص به من حيث انه رأس الطائفة و رئيسهم و أدلة الولاية تشمله قطعا

ص: 61


1- الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 6.

..........

______________________________

و يطلب التفصيل من محله.

الرابعة: هل الاحياء تفيد الملكية أو مجرد الأحقية. و الحق ان هذا النزاع ساقط من أصله لعدم الثمرة العملية أصلا بل و لا العلمية، لاتفاق الفقهاء و استقرار سيرة العقلاء من هبوط آدم إلى انقضاء العالم على ترتب آثار الملكية في مورد الاحياء و الحيازة بشروطها المقررة و انما اختلف الفقهاء في ان كلمة «الكلام» في قولهم عليه السّلام: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» (1)، و كذا النبوي: «هي لكم مني» (2)، أو بزيادة «أيها المسلمون» كما في آخر للملكية أو لمجرد الاختصاص و لا وجه لهذا الاختلاف، لأن هذه الجملة ليست من التعبديات حتى تصل النوبة إلى نظر الفقيه و الاختلاف فيها بل هي من الفطريات العقلائية في كل مذهب و ملة، لعدم اختصاص الاحياء بخصوص المسلمين، مع ان العقلاء بفطرتهم يرون الملكية في المحياة بماله من الشروط التي يأتي ذكرها في محلها.

و أما التمسك بعدم حصول الملك لورود لفظ «الأحق» في بعض الأخبار فلا وجه له لذكر لفظ «لهم» بعد ذكر لفظ «أحق» ففي صحيح ابن مسلم: «أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عملوه فهم أحق بها و هي لهم» (3)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض و عمروها فهم أحق بها و هي لهم» (4)، و نحوهما غيرهما، و ظهورها في الملكية مما لا ينكر.

و قيل بظهور الثمرة في البيع، فإن قلنا بالملكية يصح بيع المحياة للمحيي، إذ «لا بيع إلا فيما تملك» (5)، و إلا فلا.

و فيه: ما تقدم مرارا من ان البيع ليس الا جعل شي ء بإزاء شي ء آخر مما هو المرتكز في النفوس و ثمرته.

ص: 62


1- الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 5، 6.
2- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 5.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 1، 4.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب إحياء الموات حديث: 1، 4.
5- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب عقد البيع حديث: 3 و سبق في ج: 16 صفحة: 255.

..........

______________________________

تارة: الملكية.

و أخرى: الأحقية.

و ثالثة: زوال الملكية و معنى قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا بيع إلا في ملك» انما هو مالكية البيع بأي نحو كان لا مالكية المبيع فلا وجه لعد ذلك من الثمرة هذا كله مع عدم ظهور الحجة (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف) و أما بعد ظهوره فهو أعلم بما يقول و يفعل و ليس لأحد تعيين وظيفته بعد الظهور.

ثمَّ انه كما تملك الموات بالاحياء تملك العامرة بالحيازة على ما يأتي تفصيله في محله.

الخامسة: هل الاذن في الاحياء مختص بخصوص الشيعة أو يعم جميع المسلمين بل الكفار أيضا؟ الحق هو التعميم مطلقا، للسيرة، و إطلاق جملة من الأدلة، و ما ذكر فيه المسلم، أو المؤمن أو نحو ذلك (1)، يكون من باب ذكر أفضل الأفراد تشريفا و من بيان بعض حكم الجعل لا أن يكون علة المجعول بنحو العلة التامة المنحصرة و الشك يكفي في عدم ثبوتها.

السادسة: لو كانت العمارة من معمر فصارت مواتا أو كانت عامرة فتملكها أحد ثمَّ مات، فمقتضى الأصل بقاؤها على ملك مالكها و يدل عليه أيضا خبر ابن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي الأرض الخربة فيستخرجها و يجري أنهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه؟ قال: الصدقة قلت:

فإن كان يعرف صاحبها قال: فليؤد إليه حقه» (2)، و المراد بالحق أما نفس رقبة الأرض أو أجرتها و على أي تقدير يدل على بقاء ملك الأول، و لكن في صحيح ابن وهب قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها و كرى أنهارها و عمرها فإن عليه فيها الصدقة، فإن كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها و تركها فأخربها ثمَّ جاء بعد يطلبها فإن الأرض للّه و لمن

ص: 63


1- راجع الوسائل باب: 4 من أبواب الأنفال حديث: 13.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب إحياء الموات حديث: 3.

..........

______________________________

عمرها» (1)، و في صحيح الكابلي (2): «فإن تركها و أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي و له ما أكل منها» و يمكن حمل الأخيرين على ما إذا امتنع الأول عن القيام بعمارتها فيزول حقه حينئذ لا محالة، و حمل خبر ابن خالد على ما إذا لم يمتنع فيفي حقه، مع ان خبر ابن خالد نص في عدم حق للثاني، و الصحيحان ظاهران في أن له الحق و لا ريب في تقدم النص على الظاهر و لا يجوز التمسك بملكية الثاني بالعمومات الدالة على أن الاحياء موجب للملك، لأن التمسك بها في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و يأتي التفصيل في كتاب الأحياء.

السابعة: ما عرضت لها الحياة من أراضي الموات تكون ملكا للمحيي سواء كان مسلما أو كافرا، كما مر و لا يزول هذا الملك إلا بناقل شرعي، للأصل و قاعدة السلطنة.

نعم، لو كان ما عمرها الكافر في دار الكفر يزول ملكه عنها بكل ما يزول به ملك المسلم، و بالاغتنام كسائر أمواله، و بانجلائهم عن أراضيهم فتكون للإمام عليه السّلام حينئذ و بمصالحتهم مع الامام على أن تكون الأراضي للمسلمين فتنتقل الأراضي عنهم في الصور الثلاثة و تكون للمسلمين في صورتين و للإمام في صورة واحدة و تقدم في كتاب الجهاد بعض الكلام و يأتي في المباحث المستقبلة ما ينفع المقام.

الثامنة: ما ملكه الكفار من الأراضي ثمَّ استولى عليها المسلمون لا يخلو مالكها عن أحد ثلاثة. الإمام عليه السّلام، و المسلمون، و الكافر الذي كان مالكا لها.

فمن الأول: الأرض التي انجلى أهلها عنها أو هلكوا بلا وارث غير الامام.

و من الثاني: ما إذا غلب المسلمون عليهم و أخذوا أرضهم بالقهر و الغلبة، و تسمى هذه بالمفتوحة عنوة، و منه ما إذا أسلموا على أرضهم طوعا أو صولحوا على أن تكون الأرض للمسلمين.

ص: 64


1- الوسائل باب: 3 من أبواب إحياء الموات حديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب إحياء الموات حديث: 2.

..........

______________________________

و من الثالث: ما إذا أسلموا على أرضهم طوعا أو صولحوا على أن تكون الأرض لهم بشروط خاصة.

و في الأرض المفتوحة عنوة جهات من البحث نشير إليها بنحو الاختصار.

منها: انه يعتبر فيها أن تكون محياة حين استيلاء المسلمين عليها، فإن الموات من الأنفال و هي للإمام عليه السّلام بلا شبهة و لا كلام، و لو شك في انها كانت محياة أو موات فمقتضى الأصل عدم الحياة فتكون ملكا للإمام عليه السّلام.

و منها: انه يعتبر أن يكون الفتح بإذن الإمام عليه السّلام و إلا تكون للإمام عليه السّلام نصا و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام عليه السّلام و إذا غزوا بإذن الإمام فغنموا كان للإمام عليه السّلام الخمس» (1).

و منها: ان طريق إحراز الاذن منحصر بالعلم برضائهم عليه السّلام بتوسعة ظاهر الإسلام لأرض المسلمين في مقابل الكفر و أرضهم كما كان كذلك عند النبي صلى الله عليه و آله في أول البعثة بل في تمام زمان حياته صلّى اللّه عليه و آله، فإن ظاهر الإسلام مطلوب في مقابل الكفر و يمكن أن يربّى في ضمن تلك الصورة الظاهرة أشخاص ذوو حقيقة و واقعية.

و أما ما ورد من حرمة الجهاد إلا مع الامام العادل (2)، فهو حكم واقعي صحيح لا ينافي مطلوبية صورة الإسلام و ظاهره بحسب الظاهر.

و بالجملة: دعوى العلم بتحقق الرضا من المعصوم صحيح بعد التأمل فيما ورد من المطلقات المرغبة إلى الإسلام و المجاملة مع فرقهم و مداراة الأئمة عليه السّلام معهم، و بعد التأمل في معاداة مطلق فرق الكفر مع المسلمين مطلقا بلا فرق بين الفتوحات الحاصلة في زمان الخلفاء الراشدين و زمان غيرهم من بني أمية و بني العباس.

ص: 65


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الأنفال حديث: 16.
2- راجع ج: 15 صفحة:

..........

______________________________

و منها: ان المشهور تعلق الخمس بالأرض المفتوحة عنوة، لإطلاق آية الغنيمة (1)، و إطلاق قولهم عليه السّلام في موثق أبي بصير: «كل شي ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلّا اللّه و إن محمدا رسول اللّه فإن لنا خمسه» (2)، و قوله عليه السّلام: «و ما لنا من الأرض و ما أخرج اللّه منها إلا الخمس» (3)، و هو مختص بالمفتوحة عنوة لأن غيرها اما للإمام عليه السّلام أو لأربابها و لم يخالف في المسألة إلا صاحب الحدائق و لا دليل له على ذلك يصح الاعتماد عليه و تقدم في كتاب الخمس ما يتعلق بالمقام فراجع، و يملك السادة الأرض بعد القبض كما في سائر أقسام الخمس و سهمهم يكون خارجا عن ملك المسلمين.

و منها: لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة إجماعا، و نصوصا مستفيضة قال أبو عبد اللّه في خبر حماد: «و الأرض التي أخذت بخيل و ركاب فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج» (4)، و عنه عليه السّلام في خبر الشامي: «لا تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة فإنما هو في ء للمسلمين» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار و لا بد و ان تكون كذلك، لأن هذه الأرض شعار للغلبة على العدو، و وسام استيلاء المسلمين عليهم و هي من مفاخر جميع مسلمي العالم من حين الاستيلاء عليها إلى يوم القيامة فلا بد و إن يحتفظ بهذا المفخر العظيم و لا ينبغي أن يقابل بالمال و تنقل من يد إلى يد أخرى، و أي مال يصلح لأن يكون بدلا لهذا الشعار القويم.

نعم، يجوز بيع الآثار الحاصلة فيها، لقاعدة السلطنة، و للمشتري الاستيلاء على الأرض كما كان للبائع بتبع الآثار.

ص: 66


1- سورة الأنفال: 41.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس حديث: 5.
3- الوافي باب: 33 و 34 من أبواب الخمس حديث: 3 صفحة: 38 و 39.
4- الوافي باب: 33 و 34 من أبواب الخمس حديث: 3 صفحة: 38 و 39.
5- الوسائل باب: 21 من أبواب عقد البيع و شروطه حديث: 5.

..........

______________________________

و يمكن أن يقال: أن عدم جواز البيع مطابق للقاعدة، لأن هذه الملكية من سنخ ملكية السلطان لمملكته أي: ملكية دفع المزاحم و المنافي لا ملكية ذات الشي ء ملكية شخصية أو نوعية متوقفة على القبض كما في ملكية الفقراء للصدقات و في هذا النحو من الملكية لا يصح البيع قطعا.

نعم، دلت الأدلة على أنه يصح لهم الانتفاع بالأرض تبعا للآثار تنظيما لنظام عمران الأرض.

و منها: انها ملك للمسلمين لمن كان منهم حين الاستيلاء و من يوجد منهم إلى يوم القيامة- من ذكورهم و إناثهم و كبيرهم و صغيرهم و حرهم و مملوكهم- نحو ملكية خاصة تختص بها فقط و لا توجد في غيرها و المستند في الملكية لهم ظواهر الأخبار مثل قوله عليه السّلام في موثق الحلبي: «لجميع المسلمين» (1)، و قوله عليه السّلام: «أرض المسلمين» (2)، و نحو ذلك من التعبيرات.

و قد يقال: انها أعم من ملكية الرقبة و مطلق حق الاختصاص، و لذا ذهب جمع إلى ثبوت الأخير فقط.

و يمكن أن يقال: ان إطلاق هذه التعبيرات يقتضي الملكية، لأن إرادة غيرها في المحاورات تحتاج إلى قرينة و هي مفقودة، كما ان إطلاق صيغة الأمر يقتضي كون الوجوب نفسيا عينيا تعيينيا، لأن إرادة غيره يحتاج إلى بيان و عناية خاصة و يشهد لذلك ان في فن الحكمة و الكلام يعبرون عن الملك بكلمة (له).

و لكن لا ثمرة بين القولين، للاتفاق على عدم جواز ترتب آثار الملكية بالنسبة إلى ذات الرقبة كالاتفاق على ملكية الآثار المستحدثة فيها و انتقال الأرض إلى الغير تبعا لانتقالها لا بالذات بل هي باقية على ما كانت عليها من كونها لجميع المسلمين.

و منها: ان المراد بحق الاختصاص لمن بيده الأرض الخراجية انما هو

ص: 67


1- الوسائل باب: 18 من أبواب إحياء الموات حديث: 1.
2- الوسائل باب: 71 من أبواب جهاد العدو حديث: 1.

..........

______________________________

حق دفع مزاحمة الغير عن التصرف في الأرض، لفرض انه استولى على الأرض بوجه شرعي فحصل له حق دفع المزاحم لا أن يكون المراد به حق النقل و الانتقال و الإرث و نحو ذلك من الآثار المترتبة على الملك أو على الحقوق القابلة للنقل و الانتقال، لأن ذلك كله مناف لكونهما للمسلمين من حاضرهم و غابرهم و من يأتي منهم إلى يوم الدين فيكون هذا الحق من جهة كحق البطن الموجود بالنسبة إلى العين الموقوفة مثلا و إن كان يخالفه من جهة أخرى.

و منها: ان حصول حق الاختصاص لمن وقعت الأرض في يده لا بد و ان يستند إلى اذن من ولي أمر المسلمين- اماما كان أو نائبه- لأن الأرض لجميع المسلمين و من أهم مصالحهم العامة و التصرف فيها معرض للنزاع و الجدال فلا بد في مثله من الرجوع إلى ولي الأمر، و ليس لأحدهم التفرد بالتصرف فيها.

و يمكن الاعتماد على العلم بالرضا في المقام أيضا، لأن الاستيذان الظاهري طريق إليه و الظاهر حصوله، لأنه عليه السّلام رأس العقلاء و رئيسهم و العقلاء خلفا عن سلف يهتمون بعمران الأرض اهتماما بليغا و الشارع أكد فيه تأكيدا كثيرا كما لا يخفى على من راجع أبواب المزارعة و المساقاة و نحوهما مما يتعلق بعمران الأرض و كثرة الاهتمام به هذا بحسب الحكم الواقعي، و أما بحسب الحكم الظاهري فلا بد من الاستيذان دفعا للنزاع و الجدال، لأن الموضوع من مظانهما فلا بد من الاستيذان منه دفعا لذلك.

و منها: انه يجب فيها الخراج نصوصا (1)، و إجماعا و لا بد أن يكون كذلك، لأنها من أهم أمور المسلمين فلا بد و ان يتحصل منها ما يصرف في مصالحهم، و موكول إلى نظر ولي الأمر من تمام الجهات و الخصوصيات كمية و كيفية و غيرهما، و له أن يهب لمن يشاء بما يريد، و يزيد على من يشاء بكل ما يشاء لاقتضاء مقام ولايته على رعيته ذلك، و للحاكم الشرعي أن ينفذ ما فعلته الحكومات الجائرة في تلك الأراضي تسهيلا على المسلمين و تيسيرا عليهم.

ص: 68


1- الوسائل باب: 72 من أبواب جهاد العدو، و باب: 21 من عقد البيع.

..........

______________________________

و منها: في تعيين موضوعه لا ريب في وجود الأراضي المفتوحة عنوة في بلاد المسلمين خصوصا في العراق المعبر عنه في الأخبار بأرض السواد، و ليس لنا طريق معتبر لتعيينها بحد معين مخصوص و ما قيل في ذلك لا يستند إلى ما يصح الاعتماد عليه و من شاء العثور عليه فليراجع المطولات، فليس في البين علم تفصيلي بحدود هذه الأراضي.

نعم، لا ريب في وجود العلم الإجمالي، و الذي يسهل الخطب أنه لا أثر لهذا العلم أبدا، و لذا جرت السيرة على معاملة الملك مع تلك الأراضي- و أجزائها المنفصلة عنها- خلفا عن سلف، و ذلك لأحد وجوه كلها صحيحة موجبة لسقوط هذا العلم الإجمالي عن التنجز جامعها خروج بعض الأطراف عن الابتلاء.

أحدها: وجود أملاك شخصية مخصوصة كثيرة في تلك الأراضي قطعا.

و هذا يوجب سقوطه عن التنجز لخروج جملة من الأطراف حينئذ عن الابتلاء.

ثانيها: وجود موات في تلك الأراضي و هي لمن أحياها و يسقط بها العلم الإجمالي عن التنجز لا محالة.

و قد يقال: ان المشاهد المشرفة كلها من هذا القبيل و لكنه غير ثابت، بل يمكن استظهار الخلاف من بعض التواريخ.

ثالثها: الخمس من تلك الأراضي يكون ملكا لأربابها- بناء على كونهم مالكين للخمس- و هو أيضا موجب لسقوط العلم الإجمالي.

رابعها: أراضي أهل الذمة التي أقرت في أيديهم تكون ملكا لهم و تنقل إلى غيرهم فيسقط بها العلم عن التنجز أيضا و في الاخبار إشارة إلى وجود مثل هذه الأراضي كقوله عليه السّلام: «لا تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة» (1).

خامسها: ما باعها من ينفذ أمره من الأراضي المفتوحة عنوة لمصلحة

ص: 69


1- الوسائل باب: 21 من أبواب عقد البيع حديث: 5.

المأخوذة من يد الكفار قهرا المعمورة وقت الفتح، فإنها ملك للمسلمين كافة فهي باقية على حالها بيد من يعمرها و يؤخذ خراجها و يصرف في مصالح المسلمين (89)، و أما ما كانت مواتا حال الفتح ثمَّ عرض لها الاحياء فهي ملك لمحييها (90)، و بذلك يسهل الخطب في الدور و العقار، و بعض الإقطاع من تلك الأراضي فيعامل معها معاملة الأملاك حيث انه من المحتمل إن المتصرف فيها ملكها بوجه صحيح فيحكم بملكية ما في يده

______________________________

راجعة إلى المسلمين فإنه صحيح و يوجب التمليك و يوجب انحلال العلم.

سادسها: ما وهبه السلطان فإن حال الأرض كحال خارجها الذي يحل قبوله من السلطان فهذه جملة مما يوجب سقوط العلم عن التنجز و عدم الأثر له.

و منها: الاجزاء المأخوذة عن الأرض المفتوحة عنوة- كالتراب و الأحجار و النباتات و نحوها- و حكمها حكم المباحات الأولية يملكها كل من أستولى عليها، لما تقدم من سقوط العلم الإجمالي عن التنجز.

و منها: انه هل المراد بالمفتوحة عنوة المحل الذي فتحه جيش المسلمين و نواحيها التابعة له عرفا، كالمدائن و حواليها التابعة لها في الأمور المتعارفة، أو المراد بها القطر الذي يقع فيها ذلك المحل، كالعراق مثلا لو فتحت المدائن عنوة يكون جميع أرض العراق من المفتوحة عنوة، الظاهر اختلاف ذلك باختلاف الخصوصيات و الجهات. هذا كله نزر يسير مما يتعلق بالمفتوحة عنوة و تأتي الإشارة إلى بعضها الآخر في كتاب الاحياء و يبقى المهم منها إلى أن يظهر بقية اللّه لي أرضه و يحيى الأرض بعد موتها و يظهر العدل الإلهي في شرقها و غربها.

(89) لما تقدم لي الأمور السابقة فراجع.

ۀ 90) لما مر من أنها من الأنفال و هي للإمام عليه السّلام و قد ملّكها عليه السّلام لمحييها فراجع (1).

ص: 70


1- راجع الجزء الحادي عشر صفحة: 493.

ما لم يعلم خلافها (91)، و المتيقن من المفتوح عنوة بعض أرض العراق و بعض الأقطار ببلاد العجم (92).

الشرط الخامس: من شروط العوضين: القدرة على التسليم

اشارة

الشرط الخامس: من شروط العوضين: القدرة على التسليم (93)، فلا يجوز بيع الطير المملوك الطائر في الهواء، و السمك كذلك السائر في الماء

______________________________

(91) لقاعدة ان كل من استولى على شي ء فهو له ما لم يعلم الخلاف، و تقدم وجوه ستة في انحلال العلم الإجمالي.

(92) و حيث انه ليس لتعيين الأرض المفتوحة عنوة ثمرة عملية في هذه الأعصار فلا وجه لصرف الوقت فيه، و طريق تعيينه قول العدول من المؤرخين الذين عاينوا الموضوع و أخبروا عن حس، أو إجماع معتبر على التعيين، أو نص معتبر مفصل غير مجمل و دون إثبات كل ذلك خرط القتاد فراجع المفصلات.

نعم، العلم الإجمالي حاصل في الجملة و تقدم عدم تنجزه.

(93) المراد بهذا الشرط إمكان استيلاء كل من المتعاملين على عوض ماله كما كان مستوليا على نفس ماله و اعتبار هذا الشرط بهذا المعنى من فطريات العوام في الأسواق و الأنام في جميع الآفاق، لأن قوام المعاوضة و المعاملة كذلك عند الناس بلا شبهة و التباس، و لو فرض تمامية ما استدل به الفقهاء في المقام كان إرشادا إلى ما ارتكز في أذهان العوام لا أن يكون نحوا من الكلام.

و قد استدلوا عليه. تارة بالإجماع.

و أخرى: بحديث: «نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر» (1) و ثالثة: بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا بيع إلا في ما تملك» (2).

و رابعة: بأن لازم العقد وجوب التسليم فيجب أن يكون مقدورا.

ص: 71


1- تقدم في صفحة: 8.
2- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب عقد البيع حديث: 3.

مع عدم قدرة المشتري على الأخذ (94) و لو قدر المشتري على التسلّم و لم يقدر البائع على التسليم يصح (95)، و العبرة في هذا الشرط على زمان استحقاق التسليم دون العقد (96)، فلو كان مفقودا حين العقد و موجودا حين التسليم يصح بخلاف العكس، و لا فرق بين كون القدرة شرطا أو

______________________________

و خامسة: بأن الغرض من البيع الانتفاع و مع عدم التسليم يسقط الغرض.

و سادسة: بأن بيع غير المقدور سفه فيكون من أكل المال بالباطل هذه أدلتهم قدس سرّه على ما لخصناه.

و الكل مخدوش. إذ الأول من الإجماع العقلائي لا التعبدي الشرعي، إذ ليس كل ما أجمع عليه الفقهاء لا بد و أن يكون تعبديا شرعيا كما هو أوضح من أن يخفى، و الثاني مبني على أن يكون المراد بالغرر أعم مما يتعلق بذات العوضين و صفاتهما و ما يتعلق بالقدرة و هو أول الكلام و على فرضه يكون إرشادا إلى ما قلناه فلا وجه لتطويل البحث عن سند الحديث تارة و دلالته أخرى، و المراد بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا بيع إلا في ما تملك» هو الاستيلاء على أصل البيع لا على تسليم المبيع، و البقية إن رجعت إلى ما قلناه كما هو الظاهر و الا فلا يخفى ما فيها.

(94) لما مر من اعتبار إمكان استيلاء المشتري على عوض ماله عرفا و المفروض عدمه في مثل المثالين.

(95) لأن المناط كله وصول المشتري إلى عوض ماله و استيلائه عليه و تسليم البائع طريق إليه لا أن تكون فيه موضوعية خاصة كما هو معلوم بالوجدان.

(96) لأن الالتزام العقدي طريق عرفي إلى التسليم و التسلم و لا موضوعية له بالسبة إلى هذا الشرط بوجه من الوجوه، و ليس هذا الشرط كالعربية، و الموالاة، و الماضوية بالنسبة إلى العقد بناء على اعتبارها فيه. و على هذا فلو لم

ص: 72

العجز مانعا (97).

مسألة 25: لو أمكن التسليم و التسلم حدوثا فماطل أحد

(مسألة 25): لو أمكن التسليم و التسلم حدوثا فماطل أحد

______________________________

يكن البائع قادرا على التسليم و كان المشتري قادرا على الأخذ صح البيع، و كذا العكس بأن لم يكن المشتري قادرا على تسليم الثمن و كان البائع قادرا على أخذه، و لو كان أحدهما قادرا على التسليم و كان الآخر غير قادر على التسليم أصلا فلا يصح البيع.

(97) لعدم الفرق بينهما في الأنظار العرفية و ما عن شيخنا الأنصاري رحمه اللّه من عدم صحة كون العجز مانعا، لأن المانع ما يلزم من وجوده العدم و العجز أمر عدمي، لأنه ليس إلا عدم القدرة خلط بين التكوينيات و الاعتباريات مع أن عدم القدرة ليس عدما محضا بل من عدم الملكة الذي له حظ من الوجود.

كما أن ما عن بعض مشايخنا من عدم المانعية للعجز لا واقعا و لا جعلا مغالطة واضحة بين التكوينيات و الاعتباريات العرفية فإن العرف و اللغة يعترف بصحة قولنا: (البائع عاجز عن تسليم المبيع) كصحة قولنا: (هو قادر عليه) و قد أشكلنا عليه في فقهه و أصوله و لم يقنعنا بالجواب.

ثمَّ انه لا ثمرة عملية بين كون القدرة شرطا أو العجز مانعا، لأنه مع سبق القدرة أو عدمها يجزي الأصل فيهما بالنسبة إلى القدرة و عدم العجز أو عدم القدرة و العجز و يترتب عليه حكمه سواء كانت القدرة شرطا أو العجز مانعا و مع عدم إحراز الحالة السابقة فليس في البين أصل بالنسبة إلى العدم النعتي و تجزي أصالة عدم المانع بالعدم الأزلي و لا أثر لها لأنها مثبتة بالنسبة إلى إثبات العجز و يصح إجراء أصالة عدم القدرة بالعدم الأزلي أيضا و هي مثبت أيضا بالنسبة إلى عدم القدرة الخاصة. إلا أن يقال بعدم الإثبات على ما تقدم مرارا من أن الحصة عين الكلي فلا إثبات في البين.

ص: 73

المتعاقدين عنه ثمَّ طرأ العجز يوجب ذلك الخيار (98) و أما إذا لم يمكن ذلك من الأول بطل العقد (99).

مسألة 26: لو عجز الوكيل في إجراء العقد عن التسليم و التسلم و قدر الأصيل عليه صح العقد

(مسألة 26): لو عجز الوكيل في إجراء العقد عن التسليم و التسلم و قدر الأصيل عليه صح العقد (100) بخلاف العكس (101) إلا في الوكيل المفوض (102).

مسألة 27: المشهور إنه لا يجوز بيع الآبق منفردا

(مسألة 27): المشهور إنه لا يجوز بيع الآبق منفردا (103).

نعم، لو اشتراه المشتري للعتق و أعتقه مع عدم تسلمه يصح البيع (104).

مسألة 28: كل مورد قلنا ببطلان البيع لعدم القدرة على التسليم

(مسألة 28): كل مورد قلنا ببطلان البيع لعدم القدرة على التسليم لو باع البائع و اشترط للمشتري رد الثمن أو مثله مع عدم تسليم المبيع على

______________________________

(98) لوقوع العقد صحيحا، و مقتضى قاعدة نفي الضرر الخيار حينئذ.

(99) كما تقدم، فلا ينعقد حتى تصل النوبة إلى الخيار كفقد سائر شرائط الصحة.

(100) لعدم ربط التسليم و التسلم بالوكيل حينئذ، بل هو أجنبي عنهما.

(101) لأن الوكيل ليس له حق التسليم و التسلم و المفروض ان الأصيل عاجز فلا معنى لصحة العقد حينئذ.

(102) فإن معنى التفويض إيكال العقد إليه أعم من المباشرة و التسبيب و المفروض قدرة الوكيل على التسليم و التسلم تسبيبا.

(103) لعدم القدرة على التسليم، و للإجماع.

(104) ان قلنا بكفاية هذا النحو من الانتفاع الشخصي في صحة البيع و لو مع عدم قدرة البائع على التسليم، فيخرج بذلك عن الغرر و يكون المقتضي للصحة موجودا و المانع عنها مفقودا فتشمله العمومات و الإطلاقات و المتيقن من إجماعهم على المنع غير هذه الصورة.

ص: 74

النحو الذي باعه يصح البيع (105)، و كذا لو اشترط المشتري على البائع ذلك، و يصح بيع الضال و المجحود مع هذا الشرط أيضا (106).

مسألة 29: يجوز بيع الآبق مع الضميمة

(مسألة 29): يجوز بيع الآبق مع الضميمة، و كذا بيع اللبن في الضرع، و بيع السمك في الأجمة (107).

______________________________

ثمَّ انه لو قلنا بالصحة مطلقا مع ثبوت الخيار للمشتري لو اشتراه برجاء الظفر عليه لكان موافقا للقواعد و إن كان مخالفا للمشهور

(105) للإطلاقات، و العمومات، و عدم الغرر عرفا و لا شرعا، و ثبوت استيلاء المشتري على ماله.

(106) للعمومات و الإطلاقات، و عدم كون التسليم و التسلّم من مقومات إنشاء البيع.

(107) نصا و إجماعا ففي صحيح رفاعة قال: «سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام قلت له: أ يصلح لي أن أشتري من القوم الجارية الآبقة و أعطيهم الثمن و أطلبها أنا؟ قال عليه السّلام: لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها ثوبا أو متاعا، فتقول لهم:

أشترى منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع بكذا و كذا درهما فإن ذلك جائز» (1)، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يشتري العبد و هو آبق عن أهله قال عليه السّلام: لا يصلح إلا أن يشتري معه شيئا آخر، و يقول: اشترى منك هذا الشي ء و عبدك بكذا و كذا فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه» (2)، و المنساق منهما كون المملوك و الضميمة بمنزلة شي ء واحد و كون البيع تنجزيا بالنسبة إليهما معا.

ثمَّ انه قد ورد في صحة البيع مع الضميمة في بيع الآبق، و بيع اللبن في

ص: 75


1- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد البيع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد البيع حديث: 2.

..........

______________________________

الضرع و بيع السمك في الأجمة اخبار (1)، و يمكن جعل ذلك موافقا للقاعدة بأحد وجوه ثلاثة.

الأول: وقوع البيع بإزاء المجموع من الضميمة و الآبق إلا أن البائع لا يضمن الآبق لو لم يظفر المشتري عليه مباشرة أو تسبيبا بناء على تنبيههما عليه و لا محذور فيه ثبوتا و لا إثباتا و حينئذ فيجري الحكم في الآبق و غيره من الضال و المحجور و نحوهما.

الثاني: كون المبيع الضميمة فقط و يصير الآبق جزء للمبيع بعد الظفر عليه و لا محذور فيه إلا دعوى انه بيع تنجيزي بالنسبة إلى الضميمة و تعليقي بالنسبة إلى غيرها.

و فيه: إن إنشاء البيع تنجيزي مطلقا.

نعم، الفعلية الخارجية تدور مدار تحقق الموضوع و ذلك لا يسمى تعليقيا مع أن التعليق على مقتضى العقد لا دليل على بطلانه من عقل أو نقل فنفس الإنشاء الواحد ينحل إلى إنشاءات متعددة حسب ثبوت المقتضيات.

الثالث: كون البيع هو المجموع من حيث المجموع و مع عدم الظفر على الآبق يختص البيع بالنسبة إلى الضميمة فقط و لا محذور فيه أيضا، فالنص ورد موافقا للقاعدة لا مخالفا لها حتى يقتصر على مورده و لكن الأحوط الاقتصار على خصوص مورد النص.

ص: 76


1- راجع الوسائل باب: 12 من أبواب عقد البيع

فصل في الخيارات

اشارة

فصل في الخيارات

______________________________

ينبغي تقديم أمور.

الأول: الخيار لغة عبارة عن اختيار فعل أو الترك أو إبقاء شي ء أو ازالته و بهذا المعنى اللغوي العرفي ورد في الكتاب و السنة قال تعالى وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ (1)، و قوله تعالى وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا (2)، و يسمى الخير خيرا لتعلق الاختيار به و للترغيب إلى اختياره في مقابل الشر، فليس للشرع و للفقهاء فيه اصطلاح جديد في مقابل العرف و اللغة.

نعم، يستعمل في العرف و اللغة في جميع الموارد، و في اصطلاح الفقهاء في موارد خاصة فالفرق بينهما بالعموم و الخصوص لا بحسب المفهوم كما هو واضح فتشمل جميع العقود التي تكون لكل واحد من المتعاقدين أو لأحدهما فقط سلطة إبقاء العقد و حله بلا فرق بين المعاوضات و غيرها على ما يأتي من التفصيل في النكاح و غيره.

الثاني: مقتضى الوجدان تقوم الاختيار و جميع ما يتفرع منه بنحو من السلطة و الاستيلاء فيكون الخيار لدى العرف و العقلاء نحو حق خاص لصاحبه فليس من مطلق الترخيصات العرفية و لا من الحكم الشرعي حتى لا يكون لصاحبه تسليط عليه فيكون جميع العقود الجائزة الحكمية خارجا عنه تخصصا، إذ ليس فيها حق و سلطنة لأحد على الإبقاء و الحل و إنما الجواز فيها حكم إلهي و لا ربط له بمشية المتعاقدين و إرادتهما و اختيارهما أبدا. كما أنه

ص: 77


1- سورة القصص: 68.
2- سورة الأعراف: 155.

..........

______________________________

ليس الخيار ملكا بالمعنى المصطلح عليه و هو الاستيلاء و السلطة المطلقة على الشي ء كملكية البائع للثمن و المشترى للمثمن، بل هو حق خاص و هو أيضا من مراتب السلطنة و الاستيلاء و الفرق بينه و بين الملك بالشدة و الضعف و يكفي الشك في تحقق الملكية في عدم حصولها، لأن حصول المرتبة الضعيفة من السلطنة معلوم و الزائد عليها مشكوك و مقتضى الأصل عدم الحصول. و تعبير بعض الفقهاء بملك فسخ العقد و إبقائه لا يدل على انه ملك، إذ المراد بقوله:

«ملك فسخ العقد» هو مطلق الاستيلاء و السلطنة و لا ريب في كونهما أعم من الملك الاصطلاحي الذي هو في مقابل الحق.

الثالث: الاختيار و جميع ما يتفرع منه متقوم بطرفين في حد ذاته أي الفعل و الترك و قد أثبتوا ذلك بالأدلة في فن الكلام و الحكمة مضافا إلى الوجدان و هو يحكم بأن أحد طرفيه ثبوتي و الآخر عدمي فهو في الواقع كذلك و إن عبر في الظاهر عن العدمي بالتعبير الوجودي أي: الفسخ و الإبرام أو وجودي و عدمي أي الفسخ و تركه، مع انه لا يترتب على هذا النزاع ثمرة عملية بل و لا علمية معتنى بها بعد وضوح المقصود عند سواد الناس و عامتهم.

الرابع: من أهم الأصول النظامية بين الناس اهتمامهم بإبرام عهودهم و عقودهم و القرارات المعاملية الجعلية بينهم، فيستنكرون خلف الوعد فيما بينهم فضلا عن نقض العقد و العهد فيرون بفطرتهم ان بناء العقود و العهود و القرار المعاملي على الثبات و اللزوم إلا ما خرج بالدليل يعني: ان طبعها من حيث العقد و الشد و الربط اللزوم مع قطع النظر عن الجهات الخارجية.

و بعبارة أخرى: ذات العقد- من حيث هو عهد و قرار خاص بين المتعاقدين- اللزوم كما يقال: الأصل في الجسم أن يكون كرويا و كذا بناء العقد من حيث بناء العقلاء فيه على اللزوم و الاستقرار و في مثل هذه الأمور العامة البلوى يكفي عدم ثبوت الردع شرعا و لا نحتاج إلى التقرير و مع ذلك قد ورد

ص: 78

..........

______________________________

التقرير بطرق شتى أشرنا إليها في أول المعاطاة (1)، فلو تعرضنا لها في المقام لاستلزم التكرار من دون أن يكون فيه شي ء زائد على ما تقدم و الظاهر عدم الاحتياج إلى التفصيل و التكرار، لأن وقوف العقلاء لدى التزاماتهم و ثباتهم عليه أوضح لديهم من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه فيصح أن يستدل به لا أن يستدل عليه.

الخامس: أصالة اللزوم الثابتة لدى العقلاء في عهودهم و عقودهم من الأصول الكلية النظامية سواء عدت في الفقه من الأصول اللفظية أو العملية و هي تجري في جميع موارد الشك في اللزوم و عدمه سواء كان منشأ الشك في الشبهة الكلية أو في الشبهة الموضوعية ما لم تكن امارة على الخلاف أو أصل موضوعي كذلك كما هو الشأن في جميع موارد الأصول الكلية فلا يتمسك بها مع الأمارة أو الأصل الموضوعي على الخلاف، فلو انعقد العقد جائزا ثمَّ شك في عروض اللزوم لسبب من أسبابه لا تجري فيه أصالة اللزوم، لوجود استصحاب الجواز و هو أصل موضوعي و كل أصل موضوعي مقدم على الأصل الحكمي هذا في غير مورد التنازع و التخاصم و أما فيه فيأتي تفصيله في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

السادس: العقود الدائرة بين الناس على أقسام.

الأول: ما هو لازم بنحو العلة التامة فلا معنى لجعل الخيار فيه أبدا لخروجه عن تحت استيلاء المتعاقدين كالنكاح فاللزوم فيه ذاتي حكمي لا خيار فيه إلا في موارد خاصة عينها الشارع تأتي في كتاب النكاح.

الثاني: ما هو جائز اقتضائي كالهبة إلى غير ذي الرحم و الزوج و الزوجة مع بقاء العين فإن الجواز فيها اقتضائي حكمي و قالوا: إنه لا وجه لجعل الخيار فيها، لأنه لغو بعد كون الجواز من مقتضيات ذاتها.

و فيه: إنه لا مانع من تعدد السبب بنحو التبدل و التعاقب، مع أن له أثر و هو

ص: 79


1- راجع المجلد السادس عشر صفحة: 226- 248.

..........

______________________________

ثبوت الإرث، لأن الخيار حق يورث بخلاف نفس الجواز الثابت للعقد لأنه حكم و لا يورث.

و أما اشتراط اللزوم في العقود الجائزة في ضمن عقد لازم آخر فلا مانع منه إلا إذا ثبت أن الجواز فيها بنحو العلية التامة المنحصرة بحيث لا تتغير و لا تتبدل و الشك فيها يكفي في عدم ثبوتها.

الثالث: اللزوم الحقي كنوع المعاوضات فإن اللزوم فيها إنما هو لأجل الحق الذي حصل من القرار المعاوضي المتحقق بينهم، فيكون اختيار هذا الحق أنهم إن شاؤوا أبقوه على حاله و إن شاؤوا أزالوه بجعل الخيار.

الرابع: الجواز الحقي و هو في مورد تحقق شرط الخيار في اللزوم الحقي، و يأتي تفصيل هذا الإجمال في مستقبل المقال إن شاء اللّه تعالى.

السابع: الالتزامات المعاملية الدائرة بين الناس و القرارات الجعلية الرائجة بينهم تدور مدار الاحتفاظ بمالية أموالهم و الوصول إلى مقاصدهم و أغراضهم، فالقرار الجعلي الواقع بين المتعاقدين و إن كان واحدا صورة، لكنه منبسط في الواقع على التزامات كثيرة حسب الأغراض النوعية المعاملية، كالالتزام بعدم العيب، و عدم التأخير، و عدم تخلف الشرط، إلى غير ذلك من موارد الخيارات، و مع ثبوت الخلل في أحد تلك الالتزامات يختل الالتزام العقدي إلا مع الدليل على الخلاف، لأن هذه الالتزامات ملحوظة بنحو الواحد الانبساطي، كانبساط وجوب الصلاة مثلا عليها من أول التكبيرة إلى آخر التسليمة، فجميع الخيارات المذكورة في كتب الفقهاء مطابق للقاعدة، لا أن تكون مخالفا حتى نحتاج إلى التماس دليل لكل واحد منها بالخصوص حتى خيار الحيوان لأن الأغراض المعاملية بالنسبة إلى الحيوان مختلفة لا يطلع عليها إلا بعد تملكها و الاستيلاء عليها. و كذا خيار المجلس أيضا، لأن تجدد الرأي من الأمور النوعية في المعاوضات و قد حدد الشارع زمانه بالمجلس، فالزمان فيه و في خيار الحيوان فيه تعبد و تحديد شرعي لا أن يكون أصلهما كذلك، كما ان

ص: 80

الخيار: سلطنة خاصة على حل العقد لطرفيه أو لأحدهما فقط على ما سيأتي.

و هي أقسام (1).

الأول: خيار المجلس

اشارة

الأول: خيار المجلس (2)، فإذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم

______________________________

أصل السفر أمر عرفي و لكن تحديده بحدّ خاص و قيود خاصة شرعي، و للمقام نظائر كثيرة في الفقه.

نعم، الانحلال في الأغراض الشخصية لا يكون موجبا لاختلال الالتزام المعاملي و الا لاختل نظم المعاملات لكثرة الأغراض الشخصية و اختلافها اختلافا كثيرا.

و بالجملة إن الخيارات حقوق اعتبرها العرف و العقلاء عند عروض أسباب خاصة و ليس في أصلها تعبد شرعي و إن كان ذلك في بعض حدودها و قيودها و أحكامها على ما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

الثامن: قد أنهى الشهيد في اللمعة الخيارات إلى أربعة عشر و هي: خيار المجلس، و خيار الحيوان، و الشرط، و التأخير، و ما يفسد ليومه، و الرؤية، و الغبن، و العيب، و التدليس، و الاشتراط، و الشركة، و تعذر التسليم، و تبعض الصفقة، و التفليس. و المعروف التعرض لسبعة منها، و عن المحقق في الشرائع ذكر خمسة منها، و عن بعض ذكر ثمانية، و ليس ذلك خلافا و إنما هو من الاكتفاء بالأهم، كل بحسب نظره.

(1) تعرضنا لها في الأمر الثامن.

(2) للنصوص المستفيضة، مضافا إلى الإجماع، ففي صحيحي زرارة و ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «البيعان بالخيار حتى يفترقا» (1)، و عنه عليه السّلام في صحيح الفضيل: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فلا خيار

ص: 81


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 1.

يفترقا، فإذا افترقا سقط الخيار من الطرفين و لزم البيع من الجانبين (3)، و يكفي في الافتراق مجرد صدقه العرفي و لو تحقق بأقل من مقدار خطوة (4). و لا يعتبر فيه أن يكون عن الرضا فيسقط به الخيار و لو كان عن

______________________________

بعد الرضا منهما» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار المستفيضة بل المتواترة بين الفريقين (2).

ثمَّ إن لفظ المجلس لم يرد في خبر من الأخبار، و حيث إن هذا الخيار مغيى بالافتراق يعلم منه إنه خيار الاجتماع، و من جهة أنه لا بد و أن يكون في المكان، فالمراد هو الاجتماع في المكان، و حيث أن الغالب في الاجتماع كونه محلا للجلوس عبّر بخيار المجلس، فالمراد إنما هو خيار الاجتماع في حال العقد، سواء كانا قائمين أو جالسين أو ماشيين، فذكر المجلس إنما هو من باب الغالب.

و أما ما ورد في خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السّلام:

«إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب و إن لم يفترقا» (3)، فهو محمول على اشتراط السقوط بذلك، فيكون المراد بالصفق الالتزامي لا الصفق الإنشائي.

و يمكن الحمل على التقية لأنه مروي عن الصادق عليه السّلام عن علي عليه السّلام.

(3) للنص و الإجماع، و تقدم قوله عليه السّلام: «فإذا افترقا فلا خيار». و المراد به تغيير الهيئة الاجتماعية التي كانت حين العقد.

(4) للإطلاق الشامل للأقل منها أيضا. و عن بعض التشكيك في الأقل، و عن آخر التشكيك في كفاية الخطوة أيضا، لاستصحاب بقاء الخيار، لما في بعض الأخبار «فلما استوجبتها قمت فمشيت خطأ ثمَّ رجعت فأردت أن يجب

ص: 82


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 2 و 3.
2- راجع الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار و راجع البخاري ج: 3 ص: 83- 84 ط: مطابع الشعب.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 7.

الغفلة و النسيان و الاضطرار (5).

مسألة 1: يثبت هذا الخيار للوكيل المفوض إليه أمر العقد من كل جهة دون غيره

(مسألة 1): يثبت هذا الخيار للوكيل المفوض إليه أمر العقد من كل جهة (6) دون غيره (7). و هل يثبت هذا الخيار للموكلين أيضا مع ثبوته

______________________________

البيع» (1). و لكن الاستصحاب لا وجه له في مقابل الإطلاق، و ما ذكر في الحديث إنما هو من باب المثال لا التقييد.

نعم، لو شك العرف في صدق الافتراق لا وجه حينئذ للتمسك بالإطلاق، و كونه من احدى طرق التفرق، و يشهد له قوله عليه السّلام في بعض الاخبار: «قام فمضى» (2).

(5) لصدق الافتراق عرفا على ذلك كله فيشمله الإطلاق. و ما في صحيح الفضيل: «فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» (3)، إما محمول على الغالب فلا وجه لتقييد المطلقات به أو المراد بالرضا بأصل البيع حين الإنشاء.

(6) لأن المنساق من الأدلة إنه ثابت لكل من كان مسلطا على جميع شؤون العقد الشرعية إيجابا، و فسخا و تسليما و تسلّما، و المفروض انه كذلك فتشمله الأدلة قهرا.

نعم، لو كان المدار في ثبوته على كل من سمي بائعا و لو بعنوان الوكالة في العقد فقط يثبت للوكيل على العقد له أيضا.

و لكنه ممنوع: و يكفي الشك فيه في عدم شمول الإطلاق له.

(7) لعدم مساعدة الأذهان العرفية عليه، و ما قيل في وجهه من أنه لا سلطة له على الفسخ حتى يشمله الدليل، و الدليل لا يثبت الموضوع و انما تكون سلطته على مجرد إنشاء العقد فقط فهو و الأجنبي بالنسبة إلى الفسخ و الخيار

ص: 83


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الخيار حديث: 2.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الخيار حديث: 1.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 3.

..........

______________________________

سواء، و كذا لو لم يكن مفوضا من كل جهة و إن كانت دائرة وكالته أوسع من الوكيل في مجرد إنشاء العقد فقط.

مخدوش: على ما يأتي تفصيله. و الشك في الثبوت يكفي في عدمه بعد عدم صحة التمسك بالإطلاق حينئذ، لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، كما مرّ.

و عن بعض مشايخنا قدس سرّه استظهار ثبوت الخيار للوكيل في مجرد العقد أيضا، و خلاصة ما قاله قدس سره في بحثه الشريف بتوضيح منا: إن محل الكلام ثبوت الخيار للوكيل في مقابل الموكل لا من حيث إنه طريق اليه حتى يقسم الوكيل إلى أقسام ثلاثة: المفوض إليه جميع شؤون العقد، و من هو الوكيل في مجرد الإنشاء، و من هو برزخ بينهما، و طريق استظهار ثبوته للوكيل من حيث هو أمور.

الأول: تعليق الخيار على صدق عنوان البيع عرفا، و لا ريب في صدقه على الوكيل كذلك، فيستفاد منه الملازمة العرفية بين السلطة الإنشائية البيعية فقط و السلطة الخيارية.

الثاني: لا ريب في صحة فعل الخيار للأجنبي مع انه لا سلطة له على شي ء من العقد و الرد، و الاسترداد، و طبع الخيار يقتضي كونه في جميع موارده و أقسامه واحد إلا مع دليل على الخلاف و هو مفقود، و حكم الأمثال في ما يجوز و ما لا يجوز واحد.

الثالث: إنشاء البيع صحيحا من الأمور التسبيبية القهرية لثبوت الخيار للمنشئ، فيكون ذلك من سنخ الأمور التوليدية على ما هو سياق قوله: «البيعان بالخيار». فالتفصيل بين أقسام الوكلاء كما يظهر عن جمع منهم شيخنا الأنصاري لا وجه له.

أقول: و هو كلام حسن و لا خدشة فيه إلا ما ذكروه لاختصاص الخيار بالمالك و الوكيل الذي يكون مفوضا، و هو أمور.

ص: 84

..........

______________________________

منها: التبادر، و الانصراف.

و فيه: ان البيّع مطلق من كان بيّعا بالحمل الشائع، و من يصدق ذلك عليه عرفا، و لا ريب في صحة الصدق على الوكيل في إجراء العقد أيضا، و الانصراف- لو فرض صحته- فهو بدوي.

و منها: إن الخيار في مقابل وجوب الوفاء بالعقد، و هو مختص بالمالك فلا بد من اختصاص الخيار به أيضا.

و فيه: إن الخيار ثابت لمن يكون اختيار إيجاد العقد بيده، و هذا يشمل الوكيل أيضا، و للعقد آثار يمكن التفكيك بينها حسب ما يقتضيه الدليل.

و منها: استظهار الاختصاص بالمالك من بعض الأخبار، كقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا التاجران صدقا بورك لهما، فإذا كذبا و خانا لم يبارك لهما، و هما بالخيار ما لم يفترقا» (1) و ما ورد في خيار الحيوان المقرون بهذا الخيار، و خيار الحيوان مختص بالمالك فلا بد و أن يكون خيار المجلس أيضا كذلك لوحدة السياق.

و فيه: صدق التاجر على الوكيل أيضا، لأنه بمعنى من يبيع و يشتري.

نعم، لا بأس بدعوى الانصراف إلى المالك للغلبة و هو غير معتبر، كما ثبت في محله. و يصح إطلاق الصدق و الكذب بالنسبة إليه أيضا. مع إن الخبر مثبت، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «البيعان- الحديث-» مثبت أيضا، و لا تنافي بين المثبتين، كما هو معلوم. و أما وحدة السياق فليس هو دليل معتبر بعد ثبوت القرينة على اختصاص خيار الحيوان بالمالك.

و منها: إن حكمة جعل الخيار التروي و الإرفاق للمالك فلا تشمل الوكيل.

و فيه: ما هو المعلوم من إن الحكمة لا اطراد فيها، و ما يعتبر الاطراد فيه إنما هو العلة التامة المنحصرة فقط.

و منها: إن أدلة سائر الخيارات لا يشمل غير المالك فليكن المقام أيضا كذلك.

ص: 85


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 6.

للوكيل المفوض، أو لمطلق الوكيل- لو قلنا به- مطلقا، أو لا يثبت مطلقا، أو يفصل بين حضورهما في محل العقد فيثبت و عدم الحضور فلا يثبت؟

أقوال ذهب إلى كل فريق، و يمكن تأييد الأخير (8). و لو قلنا بعدم الخيار

______________________________

و فيه: إن عدم شمولها إنما هو لأجل الجهات الخارجية فالتفكيك بينهما من هذه الجهة.

و منها: ما أشرنا إليه من أن الخيار يثبت لمن يكون مسلطا على الرد و الاسترداد، و الوكيل في مجرد العقد بمعزل عن ذلك، و هذا أدق أدلتهم.

و فيه: أن الخيار فسخ العقد و حلّه فقط، و الرد و الاسترداد من اللوازم القهرية المنطبقة على من له أهلية ذلك شرعا، كان الفاسخ أهلا لهما أولا، علم بذلك أو لم يعلم.

و منها: إن ثبوت الخيار للوكيل يضاد سلطنة المالك، لأن بالفسخ يخرج المال عن ملكه بلا اختيار منه.

و فيه. أولا: إنه منقوض بفسخ المشتري بالنسبة إلى البائع و بالعكس.

و ثانيا: إنه بعد صحة الاستظهار من الدليل شمول الخيار للوكيل فلا بأس به لحكومته حينئذ على أصالة اللزوم. هذا و لكن الأذهان العرفية لا تساعد على ثبوت الخيار لغير الوكيل المفوّض، كما قلناه.

(8) لأنهما الأصيل و الوكيل فرع لهما، و يصح نسبة البيع إليهما حقيقة بحسب العرف و الشرع، بل اللغة أيضا. و على هذا فاحتمال دخالة خصوص إنشاء العقد في ثبوت هذا الخيار ساقط فلا تصل النوبة إلى أصالة عدم الخيار بالنسبة إلى الموكلين، لصدق دليل ثبوت الخيار عليهما أيضا لكن بشرط اجتماعهما حال العقد و في محله سواء كان الاجتماع في حال الجلوس أو المشي أو القيام أو أية حالة كانت و على هذا فيمكن ثبوت هذا الخيار لأشخاص متعددة و مقتضى المتفاهم العرفي حينئذ انه لو تفرق أحد الموكلين عن الآخر

ص: 86

للوكيل و ثبوته للموكل فهل يجوز نقله إلى الوكيل و تفويضه إليه؟

وجهان (9).

مسألة 2: لا يثبت هذا الخيار للفضولي

(مسألة 2): لا يثبت هذا الخيار للفضولي (10).

مسألة 3: لو كان العاقد واحد لنفسه أو عن اثنين ولاية أو وكالة فلا خيار له

(مسألة 3): لو كان العاقد واحد لنفسه أو عن اثنين ولاية أو وكالة فلا خيار له (11).

______________________________

يسقط خيارهما و بقي خيار الوكيلين و كذا العكس هذا بناء على انحلال حق الخيار بحسب الأشخاص. و أما لو قلنا انه حق واحد للمجموع من حيث المجموع أو انه من ثبوت طبيعي الخيار لطبيعي الأشخاص المغيّى بتحقق طبيعي الافتراق فيسقط الخيار مطلقا بافتراق واحد منهم و المتيقن هو الأخير و غيره يحتاج إلى دليل و هو مفقود و حيث أن هذه الفروع نادرة الابتلاء جدا فالتفصيل بأكثر من ذلك من تضييع الوقت.

(9) مبنيان على انه قابل للنقل و الانتقال أولا أو يتعين الأول لو قلنا بأن كل حق قابل للنقل و الإسقاط إلا ما خرج بالدليل كما هو المرتكز في الأذهان العرفية.

(10) الانصراف الدليل عنه و إن كان مقتضى الجمود على صدق البيع عليه عرفا هو الثبوت خصوصا بعد القول بثبوته للوكيل في مجرد إجراء الصيغة و القول بالكشف الحقيقي و يثبت للمالكين مع اجتماعهما حال صدور العقد من الفضولي. و احتمال ان الإجازة التزام بالعقد فلا وجه بعدها للخيار ساقط: لأنها ليست إلا كالإذن السابق.

نعم، لو كانت محفوفة بما يدل عليه عرفا لا وجه للخيار حينئذ.

(11) لتقومه في ظاهر الدليل بالإثنينية، و إمكان الافتراق.

و الأول و ان أمكن فرضه اعتبارا.

و لكن الأخير لا يمكن ذلك فيه و حمله على الغالب غير ممكن في المقام، لفرض انه ذكر بعنوان القيدية و الحمل عليه يخرجه عن استفادة التعبدية

ص: 87

و يمكن فرض الخيار في من ينعتق على أحد المتبايعين (12).

______________________________

كما لا يخفى.

و لكنه مخدوش: بأنه قيد في ظرف الإمكان لا مع عدمه و حينئذ فيسقط هذا بسائر المسقطات.

(12) بدعوى ان متعلق الخيار إنما هو العقد بما هو طريق إلى استرجاع مالية العوضين لا إلى استرجاعهما من حيث العينية الشخصية فقط حتى لا يتصور مع وجود مانع عقلي أو شرعي عن رد العين.

و ما يقال من أنه لا وجه للخيار في المقام لأنه انما يكون فيما إذا كان البيع مقدمة للملكية لا لسلبها و البيع في المقام سبب لسلب الملكية فلا وجه للخيار.

مدفوع: بما مر من أن متعلق العقد انما هو طريق لاسترجاع المالية لا العينية الشخصية فما هو المسلوب غير ما هو الباقي فلا محذور لثبوت الخيار.

و أما ما يقال: من ان الفسخ يتوقف على رجوع العين إلى المالك الأصلي و لو تقديرا لتكون مضمونة له بالقيمة على من انتقل إليه فلا وجه للخيار من هذه الجهة.

فاسد: لأن الخيار انما هو باعتبار عود المالية و لا محذور فيه، مع أن عود الملكية التقديرية أيضا بلا محذور، فكما تكون الملكية التقديرية مصححا لأصل البيع فلتكن مصححا للخيار أيضا مع الانتقال إلى القيمة بعد ذلك و الضمان بها كما في صورة التلف.

و بما قلناه يمكن تصحيح الخيار في العبد المسلم المشترى من الكافر أيضا، مع ان المنساق من نفى السبيل للكافر على المسلم انما هو السبيل الثابت المستقر الذي يجبر على بيعه ثانيا و على هذا فيصح استرجاع العين حقيقة أيضا مع إجباره على فك الملك، و كذا فيما إذا كان المبيع مما لم يكن له بقاء فإنه يصح أيضا باعتبار رد المالية مع فرض عدم إمكان رد العين.

ص: 88

مسألة 4: لا يثبت خيار المجلس في شي ء من العقود سوى البيع

(مسألة 4): لا يثبت خيار المجلس في شي ء من العقود سوى البيع (13)، بجميع أقسامه حتى بيع الصرف و السلم أيضا (14).

مسألة 5: مبدأ هذا الخيار من حين العقد

(مسألة 5): مبدأ هذا الخيار من حين العقد (15).

مسألة 6: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد

(مسألة 6): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد (16).

______________________________

(13) للإجماع، و الأصل، و ظواهر الأدلة.

(14) لعموم الدليل و إطلاقه من غير ما يصلح التقييد و التخصيص، إلا دعوى انه مع كون القبض شرطا للزوم يكون العقد جائزا قبله فلا وجه للخيار حينئذ.

و لكنه مدفوع بأنه مهما كان يفرض الخيار أثر شرعي ثبوتا يشمله الدليل إثباتا و يصح فرض الأثر في المقام كالإسقاط و الصلح و نحو ذلك. و على فرض كونه شرطا للصحة، فيصح الخيار أيضا، لأن هذه الصحة صحة اقتضائية يصح جعل الخيار في موردها، و مع عدم القبض ينتفي أصل موضوع الخيار.

(15) لأنه المنساق من الأدلة عرفا.

(16) للإجماع، و أدلة الوفاء بالشرط، و صحيح مالك بن عطية عن سليمان ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن رجل كان له أب مملوك و كانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد: هل لك أن أعينك في مكاتبتك حتى تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون ذلك الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك؟ قالت: نعم، فأعطاها في مكاتبتها على أن لا يكون الخيار عليه بعد ذلك. قال عليه السّلام: لا يكون لها الخيار، المسلمون عند شروطهم» (1). و إطلاقه شامل لجميع الخيارات و إن كان مورده خيارا خاصا.

و أشكل عليه. أولا: بأن لزوم الشرط متوقف على لزوم العقد، فلو توقف لزوم العقد عليه فهو دور باطل.

ص: 89


1- الوسائل باب: 11 من أبواب المكاتبة- كتاب العتق- حديث: 1 ج: 16.

و يسقط أيضا بإسقاطه بعد العقد (17).

______________________________

و ثانيا: بأن هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد فهو فاسد.

و ثالثا: بأنه من إسقاط ما لم يجب، لأن الخيار لا يتحقق إلا بعد تمامية العقد فلا خيار قبلها حتى يسقط بالشرط.

و الكل باطل. أما الأول: فلتعدد جهة التوقف، لأن لزوم العقد متوقف على الشرط و لزومه متوقف على أدلة وجوب الوفاء بالشرط، أو أن لزوم البيع فعلا متوقف على لزوم الشرط، و لزوم الشرط متوقف على اللزوم الاقتضائي للبيع فبأي وجه أمكن التفكيك بين الجهتين يرتفع الدور من البين.

و أما الثاني: فلأنه مخالف لإطلاقه فلا بأس به لا لمقتضى ذاته حتى يكون باطلا.

نعم، لو شرط عدم خيار المجلس في ذات البيع من حيث هو و كان ذلك بعنوان التشريع كان مخالفا له و المفروض عدمه و يأتي في الشروط بعض الكلام.

و أما الأخير ففيه. أولا: أنه يكفي اقتضاء الوجوب في صحة الإسقاط.

و ثانيا: انه ان كان المراد إسقاطه في أثناء العقد قبل تمامه فالإشكال وارد و أما ان كان المراد إسقاطه بعد تمام العقد و ثبوت الخيار فلا معنى لكونه مما لم يجب لفرض ثبوت الخيار حينئذ.

ثمَّ انه لا فرق بين أن يكون هذا الشرط بنحو شرط النتيجة أو شرط الفعل بأن لا يفسخ العقد أو بأن يسقط.

و الكل صحيح لا بأس به و في الأول يسقط حق الخيار رأسا، و أما في الأخيرين لو فسخ فلا ريب في الإثم و مقتضى المتعارف عدم تأثير الفسخ، لأنهم يرون مقتضى هذا الشرط سقوط أصل الحق أيضا.

(17) للإجماع، و لأن لكل ذي حق إسقاط حقه، و لفحوى التعليل الوارد

ص: 90

مسألة 7: لو قال أحدهما لصاحبه اختر فإن ملّك حق خياره إليه يسقط خياره

(مسألة 7): لو قال أحدهما لصاحبه اختر فإن ملّك حق خياره إليه يسقط خياره و ان فوّض إعمال خياره إليه لا يسقط إلا بأعمال المفوض إليه و إن أراد استكشاف رأيه و نظره فالخيار باق ما لم يسقط بمسقط (18).

مسألة 8: لو أسقط أحدهما خياره لا يسقط خيار الآخر

(مسألة 8): لو أسقط أحدهما خياره لا يسقط خيار الآخر (19)، و لو أجاز أحدهما و فسخ الآخر ينفسخ العقد (20).

مسألة 9: لو شرط سقوط الخيار في بعض المدة دون بعضه- أولا أو آخرا أو وسطا- يصح الشرط

(مسألة 9): لو شرط سقوط الخيار في بعض المدة دون بعضه- أولا أو آخرا أو وسطا- يصح الشرط (21) فيثبت في غير مورد السقوط

______________________________

في الخيار بالتصرف و ذلك: «رضى منه»(1) و لا ريب في كشف الاسقاط عن الرضا.

(18) أما الأول: فلفرض أنه نقل حقه الخياري إلى صاحبه فيسقط خياره لا محالة.

و أما الثاني: فلأنه فوّض حق إعمال خياره إلى صاحبه فما لم يعمل لا يسقط، للأصل.

و أما الأخير: فلأنه من مجرد استظهار نظر صاحبه و رأيه فلا يسقط الخيار إلا بتحقق إحدى المسقطات من افتراق أو نحوه.

ثمَّ ان أصل هذا الفرع وقع منهم تبعا للنبوي: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر» (2) و حيث انه قاصر سندا و مجمل دلالة فلا بد من تطبيق الحكم على القاعدة و مقتضاها ما ذكر.

(19) للأصل بعد عدم التلازم بين سقوطه و سقوط الآخر بوجه من الوجوه.

(20) لبقاء جواز العقد بعد فيصح لمن له حق الفسخ أعمال حقه.

(21) لإطلاقات أدلة الشروط.

ص: 91


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الخيار حديث: 1.
2- سنن أبي داود باب: 51 من أبواب البيوع حديث: 3455.

مطلقا (22).

مسألة 10: لو اختلفا في تحقق الافتراق و عدمه يقدم قول منكره

(مسألة 10): لو اختلفا في تحقق الافتراق و عدمه يقدم قول منكره (23)، و لو افترقا و اختلفا في الفسخ قبله يقدم قول منكره أيضا (24)، و لو اتفقا على الفسخ و اختلفا في أنه قبل الافتراق أو بعده يبقى ملكية كل منهما على ما انتقل إليه (25).

مسألة 11: لو أكرها على عدم التفرق، فالخيار باق ما بقيا

(مسألة 11): لو أكرها على عدم التفرق، فالخيار باق ما بقيا (26).

مسألة 12: لو أكرها على التفرق و منعا عن التخاير يسقط الخيار

(مسألة 12): لو أكرها على التفرق و منعا عن التخاير يسقط الخيار فضلا عما إذا لم يمنعا عنه (27).

______________________________

(22) لعموم دليل الخيار المنحل إلى جميع ما يمكن أن ينطبق عليه.

(23) للأصل ما لم تكن امارة على خلافه.

(24) لأصالة عدم تحقق الفسخ.

(25) لأصالة بقاء الملكية بعد سقوط أصالة عدم الفسخ قبل الافتراق مع أصالة عدمه بعده بالمعارضة.

(26) لفرض بقاء الموضوع، و يسقط بناء على المشهور لحكمهم بشمول أدلة الإكراه للمقام نفيا و إثباتا، و يأتي ما فيه.

(27) لإطلاق قوله عليه السّلام: «حتى يفترقا» (1) الشامل لهذا النحو من الافتراق أيضا. و نسب إلى المعروف بين الأصحاب عدم السقوط، و استدل عليه.

تارة: بأن المنساق من قوله عليه السّلام: «حتى يفترقا» انما هو الاختيار فلا يشمل الإكراه و الإجبار.

و أخرى: بظهور الأدلة فيما إذا كان الافتراق كاشفا عن الرضا بالعقد و لا كشف كذلك في الافتراق الإكراهي و الإجباري.

ص: 92


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 1.

..........

______________________________

و ثالثة: بحديث الرفع.

و رابعة: بالإجماع المنقول.

و خامسة: بصحيح فضيل: «فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» (1).

و الكل مخدوش. أما الأول: فلأنه لا يعتبر في نسبة الفعل إلى الفاعل إلا قيامه به أو صدوره منه و لا يعتبر فيه كونه على وجه القصد و الشعور فضلا عن كونه على وجه الاختيار في مقابل الإكراه فالأفعال.

منها: ما يعتبر فيه القصد، كالصلاة، و الصوم، و الحج، و نحوها.

و منها: ما يتقوم بعدم القصد كالسهو و النسيان و الغفلة.

و منها: ما يتقوم بالاضطرار كالسقوط و العثرة و نحوهما فالاختلاف إنما هو من ناحية المادة، و لا دليل من عقل أو نقل على اعتبار الاختيار فيها لا من ناحية المادة. بنحو الكلية و لا من ناحية الهيئة كذلك.

و أما الثاني: فليس إلا مجرد الادعاء فأي منشأ لهذا الظهور هل الوضع أو الانصراف أو شي ء آخر؟ و الكل مفقود كما هو معلوم.

و أما الثالث: ففيه. أولا: انه من التوليديات التي لا معنى لجريان حديث الرفع فيه فهو مثل حدوث الحدث بالنسبة إلى بطلان الطهارة الحدثية و عروض الخبث بالنسبة إلى الطهارة الخبثية.

و ثانيا: ان حديث الرفع بالنسبة إلى الإكراه و النسيان و الاضطرار على حد سواء و لا يقولون ببقاء الخيار في الأخيرين مع جريان الحديث فيهما أيضا و عدم فارق عرفي في البين و إن أمكن تصويره بالدقة العقلية التي ليست مناط الأحكام.

و ثالثا: ان الافتراق غاية الخيار و لا فرق في حصول الغاية بين الإكراه و الاختيار، كما إذا ورد مثلا تجب نفقة الزوجة حتى تموت فماتت بالإكراه أو الاضطرار أو نحوهما فالمناط في بقاء الخيار بقاء الهيئة الاجتماعية فمع زوالها

ص: 93


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 3.
مسألة 13: يحصل الافتراق بحركة كل منهما إلى طرف، و بحركة أحدهما و بقاء الآخر في محله

(مسألة 13): يحصل الافتراق بحركة كل منهما إلى طرف، و بحركة أحدهما و بقاء الآخر في محله (28).

______________________________

لا خيار تكوينا.

و ما عن بعض مشايخنا من أن كل ما كان وضعه تحت سلطة الشارع يكون رفعه أيضا كذلك صحيح لو لم يكن المورد نظير التوليديات و التكوينيات و إلا فلا معنى لشمول الحديث له و قد استدركه بقوله رحمه اللّه: «ان مقام السبب و الغاية غير مقتض للاختيارية المقابلة للاضطرار كما في التكاليف حتى يرفع بالاضطرار بقوله عليه السّلام: «ما اضطروا إليه» و لا مقتض لاعتبار الطيب و الرضا كالمعاملات حتى يرفع آثارها بعروض الإكراه».

و أما الرابع: فعهدة إثباته على مدعيه كما لا يخفى على من راجع المطولات مع قوة احتمال كونه مدركيا.

و أما الخامس: ففيه. أولا: احتمال أن يكون المراد به الرضا بأصل البيع الذي صدر أولا.

و ثانيا: انه معارض بإطلاق قوله عليه السّلام: «فمشيت خطا ليجب البيع» (1)، فإن إطلاقه يشمل صورة الإكراه أيضا بعد ما مر من عدم دليل على اعتبار الاختيار في الأفعال إلا ما دلت مادتها عليه بالقرائن المعتبرة.

(28) لأن الافتراق من المتضايفين المتقوم بالطرفين و هو عبارة عن زوال هيئة الاجتماع و يحصل الزوال وجدانا بحركة كل منهما أو أحدهما مع بقاء الآخر هذا إذا لوحظ الافتراق بنحو اسم المصدر أي حصول الفرقة كما هو المطلوب في المقام.

و أما إذا لوحظ بنحو المصدر أي: حدوث فعل عرفي فالتفرق حاصل قهرا و لكن فعل التفرقة حصل من المتحرك و ان جعلنا متعلق الحدوث أعم من

ص: 94


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الخيار حديث: 3.
مسألة 14: لو أكره أحدهما على التفرق و منع عن التخاير و بقي الآخر في المجلس و منع من المصاحبة و التخاير يسقط الخيار

(مسألة 14): لو أكره أحدهما على التفرق و منع عن التخاير و بقي الآخر في المجلس و منع من المصاحبة و التخاير يسقط الخيار (29)، و كذا إن لم يمنع من المصاحبة (30)، و مثله ما إذا أكره أحدهما على البقاء

______________________________

الفعل العرفي و الدقي العقلي أي إرادة السكون و عدم الحركة، فهو حاصل من الساكن أيضا فقد صدر من كل منهما الفعل و لكن العرف لا يساعد على صدور الفعل بالنسبة إلى الساكن و عليه تنزل الأحكام الشرعية، و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات فراجع المطولات.

(29) لتحقق الافتراق الموجب للسقوط، و قد مر ان الافتراق يوجب السقوط بأي وجه تحقق و لكن بناء على المعروف من أنه لا أثر للافتراق عن إكراه يكون حكم هذه الصورة كما مر في المسألة السابقة في عدم السقوط عندهم و تقدم ما فيه فراجع.

(30) لصدق تحقق الافتراق عرفا، و قد ذكرنا مرارا إنه يوجب السقوط بأي وجه تحقق.

و لكن في المسألة أقوال أربعة.

الأول: سقوط خيارهما كما نسب إلى جمع منهم المحقق و الشهيد قدس سرّه و الحق معهم، لأن المنساق من الأدلة أن صرف الوجود من الافتراق يسقط الخيار على الإطلاق.

الثاني: ثبوت الخيار لهما، لأن الافتراق عن اكراه لا أثر له في الإسقاط و المفروض عدم مسقط آخر في البين فلا بد من الثبوت.

و فيه: ما مرّ مرارا من عدم الفرق بين الإكراهي منه و غيره بعد تعلق الحكم على صرف وجوده بأي نحو تحقق.

الثالث: سقوط الخيار بالنسبة إلى المختار خاصة، لصدق أن التفرق حصل منه باختياره و يبقى بالنسبة إلى المكره، لما مر من الأدلة الدالة على انه لا أثر للتفرق عن إكراه.

ص: 95

ممنوعا عن التخاير و فارق الآخر اختيارا (31).

مسألة 15: لو افترقا عن اكراه ثمَّ زال الإكراه فالخيار باق

(مسألة 15): لو افترقا عن اكراه ثمَّ زال الإكراه فالخيار باق ما لم

______________________________

و فيه. أولا: إنه مبني على انحلال حق الخيار بالنسبة إلى الطرفين حتى في جهة التفرق أيضا.

و ثانيا: يبتني على انه لا أثر للتفرق عن اكراه، و تقدم بطلانه و إذا بطل المبنى و لو من جهة واحدة سقط البناء.

الرابع: التفصيل بين بقاء المختار في المجلس فالثبوت لهما.

بدعوى: أن مجموع التفرّقين من حيث المجموع القائم بتفرق المجموع غاية لكل من الخيارين فاللازم بعد التخصيص بالاختياري عدم سقوط واحد من الخيارين.

و فيه. أولا: أن كون مجموع التفرقين غاية لكل من الخيارين من مجرد الاحتمال و الدعوى لأن المحتملات في التفرق أربعة:

منها: كونه ملحوظا بنحو العام الانحلالي فلكل واحد منهما خيار مستقل لا ربط له بالآخر ثبوتا و سقوطا.

و منها: كونه بنحو العام المجموعي.

و منها: كونه بنحو صرف الوجود.

و منها: كونه بنحو المردد من حيث الترديد، و الأخير باطل، لعدم وجود المردّد من حيث الترديد لا ذهنا و لا خارجا و كونه بنحو صرف الوجود معلوم قطعا و إثبات غيره يحتاج إلى دليل و هو مفقود و تطويل المقال بأكثر من ذلك مما لا يسعه المجال و من أراد التفصيل فليراجع حاشية شيخنا الأستاذ المحقق الغروي قدس سرّه فإنه أدى المطلب حقه جزاه اللّه تعالى عن الفقه و الفقهاء خيرا.

(31) لجريان جميع ما تقدم فيه أيضا حرفا بحرف فلا وجه للتكرار و الإعادة.

ص: 96

يسقط بإحدى المسقطات (32).

مسألة 16: يسقط هذا الخيار بالتصرف الكاشف عن الالتزام بالبيع

(مسألة 16): يسقط هذا الخيار بالتصرف الكاشف عن الالتزام بالبيع (33).

مسألة 17: لو شرط بقاء خيار المجلس بعد الافتراق أيضا يمكن القول بالصحة

(مسألة 17): لو شرط بقاء خيار المجلس بعد الافتراق أيضا يمكن القول بالصحة (34).

______________________________

(32) للأصل و الإطلاق بعد عدم الحكم للافتراق الحاصل عن الإكراه على المعروف، و أما بناء على ما قلناه من السقوط بمطلق الافتراق و لو كان عن اكراه فلا موضوع لهذه المسألة.

(33) لأنه من المسقط الفعلي عرفا فلا وجه بعد ذلك لبقاء الخيار. إذ المسقط على قسمين قولي و فعلي هذا إذا أحرز كشفه عن الالتزام بالبيع. و أما مع عدم الكشف فالأصل بقاء الخيار فضلا عن الكشف عن العدم، فيمكن أن يجعل النزاع في السقوط بالتصرف و عدمه صغرويا فمن قال بالسقوط به أي فيما إذا كشف عن الالتزام بالبيع و من قال بعدمه أي في غير هذه الصورة.

(34) بدعوى ان هذا الشرط مخالف لإطلاق دليل خيار المجلس فلا يكون من الشرط المخالف للسنة حتى يكون باطلا كما مر في اشتراط أصل سقوطه، و مع الشك فالمرجع أصالة عدم المخالفة كما يأتي في محله ان شاء اللّه تعالى.

و مع المخالفة أيضا يمكن أن يقال ببقاء الخيار، لأن الشرط ينحل إلى أمرين شرط الخيار و كونه خيار المجلس و بطلان الثاني لا يستلزم بطلان الأصل.

نعم، لو كان بنحو التقييد الدقي الحقيقي يبطل مع إحراز المخالفة و هو أول الكلام.

ثمَّ انه قد يقال بعدم ثبوت خيار المجلس فيما إذا اشترى الشخص من

ص: 97

..........

______________________________

ينعتق عليه، و فيما إذا اشترى العبد المسلم من الكافر، و فيما إذا اشترى العبد المأذون نفسه من مولاه، و فيما إذا لم يكن المبيع قابلا للبقاء كما إذا كان المبيع جمدا في الصيف في شدة الحر.

أما الأول: فلعدم صحة رجوع الحر عبدا و صيرورته مملوكا لمولاه الأول بعد الحرية و ثبوت الخيار يستلزم ذلك. أي: يصير العبد الذي صار حرا رقا ثانيا و إلا فصيرورة الحر الأصلي رقا لا محذور فيه كما في استرقاق الحر مثلا.

و فيه: ان الخيار انما هو بالنسبة إلى رجوع العين مع الإمكان و رجوع المالية و القيمة مع عدم الإمكان فالخيار ثابت في المقام باعتبار أصل المالية و هي متحققة في القيمة.

و أما الثاني: فهو مبني على كون رجوع العبد المسلم إلى ملك الكافر مع حجره عن الاستيلاء عليه و جبره على البيع مع إسقاط الخيار مثلا سبيلا للكافر على المسلم و هو أول الدعوى و أصل المدعي و حينئذ فعموم دليل خيار المجلس محكم.

و أما الثالث: فوجه عدم الخيار انصراف دليله إلى ما إذا كان البائع و المشتري متعددا وجودا فقالوا انه لا يجري في المقام لهذه الجهة.

و فيه: ان الانصراف انما هو من باب الغالب فلا اعتبار به و يكفي التعدد الاعتباري العنواني كما في سائر الموارد و في المقام يكون الخيار بالنسبة إلى القيمة لو اشترى نفسه و صار حرا.

و أما الأخير: فلا دليل عليه إلا دعوى الانصراف.

و هو مخدوش كما تقدم.

و فيه: انه مع البقاء يكون الخيار في رد العين و مع التلف في رد القيمة فثبوت الخيار في جميع تلك الموارد الأربعة مطابق للعموم و الإطلاق مع عدم محذور في البين، و حيث ان هذه المسائل نادرة الابتلاء فلا وجه للتفصيل بأكثر من ذلك.

ص: 98

الثاني: خيار الحيوان

اشارة

الثاني: خيار الحيوان (35) فمن اشترى حيوانا- إنسانا أو غيره- يثبت له الخيار إلى ثلاثة أيام (36).

مسألة 1: يثبت هذا الخيار في كل حيوان يطلب حياته حتى مثل الزنبور، و السمك، و العلق، و دود القز

(مسألة 1): يثبت هذا الخيار في كل حيوان يطلب حياته حتى مثل الزنبور، و السمك، و العلق، و دود القز (37) و أما ما لا يطلب منه الحياة كالسمك المخرج من الماء، و الجراد المحرز في الإناء، و الصيد المشرف على الموت و الفناء فليس فيها خيار الحيوان (38).

______________________________

(35) إجماعا في الجملة، و نصوصا تأتي الإشارة إليها.

(36) على المشهور المدعي عليه الإجماع. و لنصوص مستفيضة منها قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري» (1)، و صحيح فضيل عن الصادق عليه السّلام: «قلت له ما الشرط في الحيوان؟ قال عليه السّلام: ثلاثة أيام للمشتري» (2)، و صحيح ابن رئاب (3)، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى جارية لمن الخيار، للمشتري أو للبائع أولهما كلاهما؟ فقال: الخيار لمن اشترى ثلاثة أيام نظرة، فإذا مضت ثلاثة أيام فقد وجب الشراء»، و صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري و هو بالخيار فيها إن شرط أو لم يشترط» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار التي ذكر فيها لفظ «المشتري».

(37) لإطلاق النص و الفتوى الشامل الجميع.

(38) لانصراف أدلة خيار الحيوان عن مثلها بل و مع الشك في المشمول لا

ص: 99


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 5.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 5 و 9.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 5 و 9.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 1.
مسألة 2: يختص هذا الخيار ببيع الحيوان الشخصي فلا يجري في الكلي

(مسألة 2): يختص هذا الخيار ببيع الحيوان الشخصي فلا يجري في الكلي (39).

مسألة 3: يثبت هذا الخيار للبائع

(مسألة 3): يثبت هذا الخيار للبائع إذا كان الثمن هو

______________________________

يصح التمسك بها، لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه فيكون المرجع أصالة اللزوم، و استصحاب خيار المجلس لا يثبت مطلق الخيار كما هو واضح، لأنه يثبت الخيار من جهة خاصة مغيى بالافتراق لا من كل جهة.

(39) لأن المتعارف في بيع الحيوان في جميع الأزمنة و الأمكنة هو الشخصي منه و لم نعهد و لا سمعناه و لا رأينا في مورد بيع الكلي منه و الأدلة منزلة على المتعارف و هذه قرينة على تقييد الإطلاقات و تخصيص العمومات فتجري أصالة اللزوم في مورد الشك.

و أما ما يقال: في وجه الاختصاص بالشخصي من أن الحكمة فيه انما هو النظر و التأمل في خصوصيات الحيوان و هو مختص بالشخصي و لا يشمل الكلي.

أو يقال: في وجه التعميم من أن ذكره في سياق خيار المجلس (1)، يدل عليه لعدم اختصاص خيار المجلس بالعين الشخصي بل يجري في الكلي أيضا فلا بد و ان يكون خيار الحيوان أيضا كذلك.

مخدوش: لأن الحكمة لا اطراد فيها كما هو المعلوم و وحدة السياق شاهد لو لم تكن على الخلاف، و المتعارف المعتاد من القرينة عليه.

ص: 100


1- راجع الوسائل باب: 3، 1 من أبواب الخيار حديث: 1، 3، 6، 3.

الحيوان (40).

______________________________

(40) الأقوال في هذه المسألة ثلاثة.

أحدها: ما نسب إلى المشهور من اختصاص خيار الحيوان بالمشتري سواء كان الثمن أيضا حيوانا أو لا، لما تقدم من الأخبار الظاهرة في ذلك.

ثانيها: ثبوته لكل من البائع و المشتري نسب ذلك إلى السيد المرتضى رحمه اللّه، لصحيح ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان، و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا» (1).

ثالثها: اختصاص الخيار بمن انتقل اليه الحيوان ثمنا كان أو مثمنا لقول أبي جعفر عليه السّلام: «صاحب الحيوان ثلاث» (2)، بناء على أن المراد الصاحب الفعلي دون الأصلي، إذ لا يمكن أن يكون الخيار للمنتقل عنه دون المنقل إليه إجماعا.

و البحث في المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فالمرجع عند الشك في الخيار مطلقا هو أصالة اللزوم التي أثبتناها بالأصل اللفظي و العملي بل جعلناها من الأصول النظامية العقلائية و لا وجه لاستصحاب بقاء خيار المجلس لاختلاف أنواع الخيار عرفا و شرعا فباستصحاب أحدها لا يثبت الآخر فيكون مثل ما إذا استصحب بقاء الإنسان في

ص: 101


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 3.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 6.

..........

______________________________

الدار لإثبات بقاء الفرس فيها و هو باطل بلا اشكال.

و كذا ليس لنا التمسك بعدم الخيار بعد التفرق بقوله عليه السّلام، «فاذا افترقا وجب البيع» (1)، لأن هذا الوجوب من جهة واحدة لا من جميع الجهات كما هو معلوم.

نعم، لو أريد إثبات ذات الخيار بلا عنوان أبدا لصح التمسك بالاستصحاب حينئذ و قد فصل ذلك في الأصول.

أما الثانية: فمجموع الأخبار أقسام أربعة.

منها: خمسة أخبار مشتملة على لفظ «للمشتري» كصحيحي الحلبي و صحيح فضيل و صحيحي ابن أسباط (2) و ابن رئاب (3)، و عن ابن رئاب في صحيح آخر عبر بلفظ: «الخيار لمن اشترى» (4)، فيصير المجموع ستة أخبار ظاهرة في الاختصاص بالمشتري، لما ثبت في محله من ظهور كلمة «اللام» في الاختصاص و يظهر ذلك من موارد استعمالاتها في القرآن الكريم و سائر الكلمات الفصيحة فيكون لفظ «للمشتري» ظاهرا ظهورا عرفيا محاوريا في الاختصاص بالمشتري و لا يصرف عنه إلا بدليل أقوى على الخلاف غير قابل للحمل على وجه صحيح.

و منها: صحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان، و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا» (5).

و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سمعته يقول: قال

ص: 102


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 4.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 1، 4، 5، 8.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الخيار حديث: 1، 3.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 9.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 3، 6، 2.

..........

______________________________

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعان بالخيار و صاحب الحيوان ثلاث» (1)، و مثله صحيح ابن مسلم (2).

و منها: قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر ابن فضال: «صاحب الحيوان المشتري بالخيار ثلاثة أيام» (3)، بناء على قراءة المشترى بالبناء على المفعول و كون المراد الصاحب السابق على البيع.

و أما بناء على قراءته بالبناء على الفاعل فيكون من القسم الأول.

و أشكل على ذلك.

تارة: بأنه من مفهوم اللقب أو الوصف غير المعتمد على الموصوف و لا مفهوم لهما كما ثبت في محله.

و أخرى: بأن مجموع الأخبار ليس من التعارض في شي ء حتى يقدم بعضها على بعض.

و ثالثة: بأن قوله عليه السّلام: «للمشتري» بمنزلة الغاية يعني أن لأجل المشتري جعل الخيار لكل منهما.

و رابعة: بإجماع الانتصار على التعميم فلا وجه للاختصاص بالمشتري.

و خامسة: بأن ذكر المشتري من الغالب و لا أثر للقيد الغالبي.

و الكل باطل.

أما الأول: فلا نتمسك بالمفهوم أبدا لا لقبه و لا وصفه، بل نتمسك بظهور اللفظ على ما قلنا.

و أما الثاني: فإنا نقول ان الأخبار المتقدمة مع الأخبار المشتملة على قوله عليه السّلام: «للمشتري» من قبيل النص و الظاهر، أو الأظهر و الظاهر و لا ريب في تقديم النص على الظاهر و الأظهر عليه فقوله عليه السّلام: «للمشتري» اما نص أو أظهر فلا بد من رفع اليد عن ظاهر سائر الأخبار و حملها على ما يصح الحمل

ص: 103


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 2.
مسألة 4: مبدأ هذا الخيار من حين العقد

(مسألة 4): مبدأ هذا الخيار من حين العقد (41) إلى انقضاء ثلاثة

______________________________

عليه.

و أما الثالث: فهو ثبوتا احتمال حسن و لكنه خلاف الظاهر و يحتاج إلى دليل يدل عليه.

و أما الرابع: فلا ريب في سقوطه لفتوى أعاظم المتقدمين و المتأخرين على خلافه.

و أما الخامس: فهو من مجرد الادعاء بل لا دليل يدل عليه فما هو المشهور هو المتعين.

و أما الثالثة: أي البحث في المسألة من حيث الكلمات فالحق عدم إجماع معتبر في البين لا على الاختصاص بالمشتري و لا على التعميم.

نعم، نسب إلى الشهرة القدمائية الاختصاص، و عن السيد و جمع من المتأخرين منهم الشهيد الثاني التعميم و من تتبع الكلمات في المطولات يجد ان المسألة اجتهادية لا أن تكون قد ظفر قد ماؤنا على ما لم نظفر عليه.

(41) لأنه المتفاهم من الأدلة عرفا، و نسب إلى ابن زهرة انه من حين التفرق، و إلى الشيخ و الحلي في خيار الشرط المتحد مع هذا الخيار بحسب أدلتهم.

و استدل على ذلك.

تارة: بأن الخيار إنما يثبت فيما إذا لزم العقد و لا لزوم قبل التفرق.

و أخرى: بأصالة عدم ارتفاعه بانقضاء الثلاثة من حين العقد، و أصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس.

و ثالثة: بلزوم اجتماع السببين على سبب واحد ان قلنا بأنه من حين العقد.

و رابعة: بأن تلف الحيوان في الثلاثة من البائع لما يأتي من ان التلف في

ص: 104

أيام و الليلتان المتوسطتان داخلتان (42).

______________________________

زمن الخيار ممن لا خيار له، مع ان التلف في الخيار المشترك من المشتري و خيار المجلس مشترك بينهما فيلزم أن يكون تلف الحيوان فيه من المشتري و هو خلاف إطلاق قولهم: «ان تلف الحيوان في الثلاثة من البائع» فيجب أن يقيد الثلاثة ببعد التفرق هذه أدلتهم قدس سرّه.

و الكل مخدوش.

أما الأول: فيكفي في اللزوم المعتبر في صحة الخيار اللزوم الاقتضائي و الجهتي لا اللزوم من كل حيثية و جهة مطلقا، مع إنا قد أسلفنا صحة الخيار في العقود الجائزة.

و أما الثاني: فلا ريب في ان الأصلين لا مورد لهما مع إطلاق الدليل- حكومة أو ورودا.

و أما الثالث: فلا بأس به إن كان الاجتماع من جهتين في التكوينيات فضلا عن الاعتباريات.

و أما الأخير: فبأنه محمول على الغالب من كون التلف بعد التفرق عن المجلس، مع أن كون التلف في الخيار المشترك من المشتري قابل التخصيص بما دل على أن التلف في الثلاثة من البائع لانفساخ البيع و رجوع المبيع إلى البائع و التلف في ملكه لقوة أدلة ما دل على أن تلف الحيوان في الثلاثة من البائع.

(42) لأن اليوم و إن كان عبارة عن بياض النهار لغة و عرفا و شرعا و الليل خارج عن مفهومه لكنه قد يلحق باليوم ابتداء أو انتهاء أو في الأثناء لجهات خارجية تقتضي الإلحاق و من تلك الجهات في المقام حيثية الاستمرار المستفاد من الأدلة الظاهرة في ان الخيار مستمر من حين صدور العقد إلى انقضاء هذا المقدار من الزمان.

ص: 105

مسألة 5: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد و إسقاطه بعده

(مسألة 5): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد و إسقاطه بعده (43)، و يسقط أيضا بتصرف المشتري في الحيوان تصرفا يكشف عن الالتزام بالبيع (44).

______________________________

و منه يظهر صحة التلفيق أيضا من جهة ظهور استفادة الاستمرار الزماني من مثل هذه التعبيرات كما مر في أيام الحيض و الإقامة و يأتي في العدد.

و يمكن أن يجعل هذا النزاع لفظيا فمن استظهر من الأدلة الاستمرار و لو بالقرائن لا بد له من الحكم بدخول الليل و صحة التلفيق. و من جمد على خصوص بياض اليوم لا بد له من القول بالإلحاق الحكمي و لكنه من الجمود بلا وجه كما لا يخفى على الأذواق السليمة فما أفرط في الجواهر من أن الدخول حكمي لا موضوعي جمودا على بياض اليوم و يا ليته تعدي الى الاستمرار الذي هو من سنخ اللوازم العرفية لمثل هذه التعبيرات.

(43) لعموم ما دل على وجوب الوفاء بالشرط و تقدم التفصيل في خيار المجلس فراجع.

(44) للإجماع، و النصوص، و بناء العقلاء حيث لا يفرقون في إسقاط الخيار بين القولي منه و الفعلي، و الفعل الذي يكشف عن الالتزام بالبيع التزام فعلي و هو معتبر كالقولي منه، و في صحيح ابن رئاب: «فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط، قيل له: و ما الحدث؟ قال عليه السّلام: ان لامس أو قبّل أو نظر منها إلى ما كان يحرم عليه قبل الشراء» (1)، و في صحيح الصفار: «إذا أحدث فيها حدثا فقد و جب الشراء ان شاء اللّه» (2) و لفظ التصرف لم يرد في خبر من الأخبار، و ما ورد فيها إنما: «أحدث فيها» و لا بد من تحليل هذا اللفظ بحسب العرف ثمَّ الحكم على طبقه فنقول إحداث الحدث يحتمل فيه وجوه.

ص: 106


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الخيار حديث: 1، 2.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الخيار حديث: 1، 2.

..........

______________________________

الأول: احداث مطلق الحدث بالدقة العقلية كمطلق وضع اليد و النظر و نحوه.

و بعبارة أخرى: أي فعل ما كان مسبوقا بالعدم بمطلق معنى الفعلية عمدا كان أو سهوا، أو اختيارا، أو كرها، أو اضطرارا. و هذا المعنى مقطوع بفساده و إلا لكان أصل تشريع الخيار لغوا.

الثاني: الأحداث المتعارفة العرفية مع عدم الالتفات إلى مالكيته الجديدة الفعلية أما بناء عليه أو لأجل الغفلة و نحوها، و مقتضى استصحاب بقاء الخيار عدم سقوطه بمثل هذه الأحداث بعد الشك في شمول الدليل له و إباء العرف عن الحكم بكون مثل هذه التصرفات مسقطا مطلقا.

الثالث: الأحداث المتعارفة مع البناء على كونه في ملكه الجديد و تصرفا فيه كما في سائر أملاكه فينظر إلى الجارية كنظره إلى سائر جواريه، و يأخذ حافر الدابة لإصلاح ملكه و ماله، و كذا في نعلها و ركوبها و نحو ذلك مما هو شائع بين أرباب الدواب و العرف يحكم بأن هذا التزام بالبيع و هذا هو المتيقن من الأدلة الشرعية أيضا.

الرابع: أن يشك انه من القسم الثاني أو الثالث و مقتضى الأصل بقاء الخيار.

الخامس: أن يكون مطلق التصرف مسقطا تعبديا سواء كان بعنوان الرضا و الالتزام بالبيع أولا.

و فيه: ان مقتضى الأصل عدمه مع كونه خلاف سياق الأخبار فإن معنى إحداث الحدث إحداث عمل جديد لم يكن له ذلك قبل العقد بل لا بد و ان يكون من تصرف الملاك في أملاكهم و الانتفاع بملكهم كما في قوله عليه السّلام: «أو نظر منها إلى ما كان يحرم عليه قبل الشراء» (1)، و قوله: «ركب ظهرها فراسخ» و كذا النعل و أخذ الحافر أيضا، إذ الناس لا يقدمون عليها إلا بعد الرضا بالبيع

ص: 107


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الخيار حديث: 1.

..........

______________________________

و الالتزام به فيكون ذلك نحوا من تنظيم ملكهم الجديد و تنظيفه و الاهتمام و الاعتناء به.

ثمَّ ان الشك في كون مطلق التصرف مسقطا يكفي في عدم السقوط كما مر و قد تعرض شيخنا الأنصاري رحمه اللّه لبيان ان التصرف هل يعتبر من حيث الكشف الشخصي أو النوعي و على كل منهما هل هو من حيث الالتزام بالبيع أو من حيث الرضا به و فصل القول في ذلك، و عن بعض مشايخنا قدس سرّه تفصيل القول في تعليقته الشريفة و الظاهر سقوط ذلك كله، لأنه بعد كون الموضوع عرفيا لا بد من الرجوع إليه في تشخيصه و إذا راجعنا وجداننا و المتعارف بين الناس نرى انه معتبر من حيث الظهور النوعي عن الالتزام بالبيع فيكون معتبرا كسائر الظواهر القولية و الفعلية فلا موضوعية في التصرف بوجه و إنما هو طريق لحصول ما يعتبر في لزوم البيع عند الناس من صدق الالتزام به عرفا.

ثمَّ ان شيخنا الأنصاري رحمه اللّه أحتمل في قوله عليه السّلام: «فذلك رضا منه» (1)، المذكور في صحيح ابن رئاب وجوها أربعة.

الأول: كونه جوابا لقوله عليه السّلام: «فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام» فيكون حكما شرعيا تعبديا.

الثاني: كونه حكمة للحكم الثابت.

الثالث: كونه علة بحسب النوع.

الرابع: كونه علة شخصية لا نوعية و لا من الحكمة.

و فيه: أولا: أن الوجوه أكثر من ذلك، إذ يمكن أن يكون قوله عليه السّلام: «فذلك رضا منه» توطئة للجواب لا أن يكون نفسه فيصير المعنى فذلك رضا لا خيار له، كما في قولك إذا جاءك زيد فهو عالم أكرمه، و على فرض كونه توطئة يتصور فيه وجوه أيضا الحكمة و العلية النوعية و الشخصية.

و ثانيا: أن هذه الوجوه لا بأس بها بحسب مقام الثبوت و الدقة العقلية.

ص: 108


1- تقدم في صفحة: 106.

..........

______________________________

و أما بحسب الأذهان العرفية و المتفاهمات المحاورية في العقود و المعاملات الدائرة بين الناس انما هو اعتبار التصرف من حيث الكشف عن الرضا، و الالتزام بالعقد و المعاملة و هذا هو مراد الامام عليه السّلام لأنهم من أهل المحاورة و تكلماتهم تكون بها و لها فتكون دلالة التصرف في المقام بالنسبة إلى الكشف عن الرضا كدلالة الألفاظ بالنسبة إلى الكشف عن المعنى، بمعنى أنه لو خلى التصرف و طبعها لكشف عن الالتزام بالعقد و لا فرق بين الإجازة القولية و الفعلية التي يعبر عنها بالتصرف في هذه الجهة، و يستفيد أهل المحاورة من هذا القسم من التصرف الرضا الالتزام الشخصي بالعقد أيضا كما في سائر الموارد، و لذا لو وقع تخاصم في البين يحتاج إثبات دعوى عدم الرضا إلى إقامة الحجة عليه من بينة أو حلف مما يقطع به الخصومة.

و دعوى شيخنا الأنصاري ان المستفاد من تتبع الفتاوى الإجماع على عدم اناطة الحكم بالرضا الفعلي فيه.

أولا: انه لا اعتبار بمثل هذا الإجماع مع معلومية ان مدركه الاجتهاد فيما بأيدينا من النصوص.

و ثانيا: ان الرضا الفعلي على قسمين.

الأول: الفعلي الالتفاتي التفصيلي من كل جهة.

الثاني: الإجمالي، و الثاني لا ينفك عن الرضا النوعي و ما هو مقتضى طبع التصرف و هو يكفي ذلك بين الأنام و به يقام النظام و عليه المدار في جملة من الأمور في شرع الإسلام.

و بذلك يمكن أن يجعل النزاع لفظيا بين الفقهاء العظام فمن يقول بأنه مسقط تعبدا أي لأجل كشفه الطبيعي عن الرضا كما تعبدنا الشارع بالبينة لأجل ذلك و من يقول بأنه لأجل كشفه النوعي عن الرضا فلا ينافي ذلك أيضا فيصير حكم الشرع تقريرا لبناء العقلاء و من يقول بأنه لأجل الرضا الشخصي عنه فالمراد به الإجمالي الارتكازي و لا ريب في إمكان جمعه مع الأولين.

ص: 109

مسألة 6: لو تلف الحيوان في زمن الخيار كان من مال البائع

(مسألة 6): لو تلف الحيوان في زمن الخيار كان من مال البائع (45) فيبطل البيع و يرجع إليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه (46).

مسألة 7: العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري

(مسألة 7): العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري، لا

______________________________

و أما ما في خبر عبد اللّه بن الحسن عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رجل اشترى عبدا بشرط ثلاثة أيام فمات العبد في الشرط قال:

يستحلف باللّه ما رضيه ثمَّ هو برئ من الضمان» (1)، فلا ربط له بالمقام، إذ المنساق منه انهما تنازعا في الرضا بالبيع و عدمه فيجري عليه حينئذ موازين القضاء، و كذا صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى شاة فأمسكها ثلاثة أيام ثمَّ ردها، فقال: ان كان في تلك الثلاثة الأيام يشرب لبنها رد معها ثلاثة أمداد و إن لم يكن لها لبن فليس عليه شي ء» (2)، فإن ظاهره ان الرد كان بعد ثلاثة أيام فلعله كان لأجل الإقالة أو خيار آخر مع انه مخالف لما يأتي من كون نماء المبيع في زمن الخيار للمشتري فلا بد من التصرف فيه على أي حال.

(45) للنص، و الإجماع ففي صحيح ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث، على من ضمان ذلك؟ فقال على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري شرط البائع أو لم يشترطه» (3)، و مثله غيره، و يدل عليه أيضا القاعدة المعروفة: «التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له» على ما يأتي تفصيله.

(46) لأن معنى كون التلف من البائع انفساخ البيع و صيرورة المبيع ملكا له فتلف في ملكه إذ لا وجه لكونه ملكا للمشتري مع ذلك كان التلف من البائع.

ص: 110


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 4.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الخيار حديث: 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 2، 3.

يمنع عن الفسخ و الرد (47)، و إن كان مع التفريط فالضمان عليه (48).

مسألة 8: لا فرق في التصرف المسقط للخيار بين ما كان بمباشرة المشتري أو بتوكيله

(مسألة 8): لا فرق في التصرف المسقط للخيار بين ما كان بمباشرة المشتري أو بتوكيله (49)، و لو اختلفا في التصرف و عدمه فالخيار باق (50).

مسألة 9: يختص خيار الحيوان بخصوص البيع و لا يثبت في غيره من المعاوضات

(مسألة 9): يختص خيار الحيوان بخصوص البيع و لا يثبت في غيره من المعاوضات (51) و يثبت لو كان المبيع بعض الحيوان (52)، و لو كان المبيع حيوانا و غيره يثبت خيار الحيوان بالنسبة إليه دون غيره (53).

الثالث: خيار الشرط

اشارة

الثالث: خيار الشرط أي: الثابت بالاشتراط في ضمن العقد (54)

______________________________

(47) للإجماع، و لما مر من صحيح ابن سنان.

(48) لقاعدة اليد بعد قصور الدليل عن الشمول لصورة التفريط.

(49) لكونه في الصورتين دالا على الرضا بالبيع و الالتزام به.

(50) لأصالة عدم التصرف و بقاء الخيار.

(51) لأصالة اللزوم بعد اختصاص الأدلة بخصوص البيع.

(52) للإطلاق و عدم ما يصلح للتخصيص إلا الانصراف و هو بدوي.

(53) لشمول إطلاق الأدلة لهذه الصورة أيضا.

نعم، للبائع خيار تبعّض الصفقة لو فسخ المشتري في الحيوان.

(54) للحديث المتواتر بين المسلمين: «المؤمنون عند شروطهم» (1)، مضافا إلى إجماع الإمامية بل المسلمين و يستعمل الشرط فيما قلناه و خيار الاشتراط في خيار تخلف الشرط كما يأتي.

و ليس شرط الخيار بالنسبة إلى العقد مخالفا للكتاب و السنة من حيث أصالة اللزوم الثابتة بالكتاب في كل عقد لأن هذا اللزوم لا اقتضائي لا ينافي

ص: 111


1- الوافي ج: 12 صفحة: 80 حديث: 17 باب: 86.

و يجوز جعله لهما، أو لأحدهما، و لا يتقدر بمدة معينة بل هو بحسب ما اشترطاه قلة أو كثرة (55) و لا بد من كونها مضبوطة من حيث المقدار و من حيث الاتصال و الانفصال (56).

نعم، لو ذكرت مدة معينة كشهر مثلا و أطلقت تتصل بالعقد (57).

______________________________

ثبوت الخيار بالشرط.

نعم، لو كان اللزوم اقتضائيا يخالف الشرط حينئذ و لا يقول أحد بالصحة معه.

كما انه لا وجه للإشكال بأنه قد يلزم اجتماع خيارات في البيع كالمجلس و الحيوان و الشرط و غيرها فإنه لا محذور فيه من عقل أو شرع كما تقدم.

(55) كل ذلك لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و يجوز التعاقب بأن يجعل الخيار يوما دون يوم في شهر أو في سنة مثلا لشمول الإطلاق له.

(56) لأنه مع الجهالة يصير العقد غرريا فيبطل من أصله و ينتفي موضوع الشرط، لبطلان العقود الغررية بالإجماع من الفقهاء، بل العقلاء المواظبين على عهودهم و عقودهم و المعتنين بمعاملاتهم.

نعم، لو فرض كون الغرر قابلا للمسامحة عند نوع الناس بحيث لا ينجر إلى النزاع و اللجاج أبدا يمكن أن يقال باغتفاره حينئذ إن كان بحيث لا يصدق الغرر.

ثمَّ ان احتمال أن جهالة هذا الشرط يوجب بطلان البيع لا وجه له لأن الشرط الذي يوجب بطلانه بطلان العقد ما إذا كان من الالتزام في الالتزام لا من القيد في أصل الملتزم و الأول لا يجب بطلان أصل العقد بخلاف الأخير كما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى.

(57) لأنه المنساق من مثل هذا التعبير في المحاورات العرفية فتشمله الإطلاقات لا محالة.

ص: 112

مسألة 1: يجوز جعل الخيار للأجنبي

(مسألة 1): يجوز جعل الخيار للأجنبي (58) و لا بد فيه أيضا من

______________________________

ثمَّ إنه نسب إلى جمع انه قال: «لو بعتك على أن يكون لي الخيار» تحديده بثلاثة أيام، للإجماع، و لوجود أخبار الفرقة فيكون ذلك تحديدا شرعيا كما في سائر الموارد التي وردت فيها تحديدات شرعية كخيار المجلس و الحيوان و نحوهما.

و لكن الإجماع مخدوش جدا، و لم نظفر من أخبارهم على خبر حتى نرى سنده و دلالته فالجهالة باقية و الغرر ثابت فالبطلان متعين و طريق الاحتياط التراضي على ثلاثة أيام في ذكر المدة المجهولة.

و أما ما في كتب العامة: ان حنان بن منقذ كان يخدع في البيع فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إذا أنت بايعت فقل لا خلابة ثمَّ أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال» (1)، و في خبر آخر: «جعل له الخيار ثلاثا» (2)، و الخلابة: الخديعة.

و لكن السند قاصر كالدلالة فلا وجه للاعتماد عليه.

(58) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و أشكل عليه.

تارة: بأن الخيار قائم بمن كانت الملكية له و يكون زمام المال بيده فيترتب عليه كون زمام العقد في اختياره أيضا.

و أخرى: بأنه من شؤون السلطة على الالتزام و من فروعه و الأجنبي بمعزل عن كل منهما.

و فيه: ان ذلك حق لا ريب فيه و لكن ان كان إعطاء الحق للأجنبي ممن يقوم به الخيار واقعا و حقيقة فلا بأس به بعد كون الحق قابلا للنقل و الانتقال فيصح في المقام وجوه ثلاثة: كونه من نقل الحق. و كونه توكيلا في إنفاذه، و كونه برزخا بينهما و لا مانع في كل من هذه الوجوه ثبوتا و لا إثباتا كما هو معلوم.

ص: 113


1- شرح المغني لابن قدامة ج: 4 صفحة: 70 ط: بيروت.
2- شرح المغني لابن قدامة ج: 4 صفحة: 70 ط: بيروت.

تعيين المدة و تعيين الطرف (59)، و لو جعل له الخيار يجوز له الفسخ و الإمضاء و إسقاط الخيار (60).

مسألة 2: ليس للجاعل الفسخ، و الإمضاء، و إسقاط الخيار

(مسألة 2): ليس للجاعل الفسخ، و الإمضاء، و إسقاط الخيار (61) إلا إذا كان الجعل بعنوان التوكيل، أو بمعنى جعل خيار له في عرض خيار

______________________________

ثمَّ ان الجعل إما لواحد، أو للمتعدد من حيث الطبيعة، أو من حيث المجموع، أو من حيث الاستغراق و حكم الأول من حيث الفسخ أو الإمضاء معلوم، و كذا الثاني لتحقق الطبيعة بصرف الوجود، فكل من بادر منهم إلى العمل بالخيار فسخا أو إمضاء يمضي ما فعله و لا وجه لبقاء الخيار بعد ذلك، و حكم الثالث كالأول، إذ المجموع من حيث المجموع كالواحد فمع الاتفاق يمضي فسخا أو إمضاء و مع الاختلاف يبقى الخيار.

و أما الأخير: فمع الاتفاق فسخا أو إمضاء حكمه معلوم و مع الاختلاف فسخا و إمضاء يكون من مسألة تقديم الفاسخ على المجيز و يأتي تفصيله.

و هناك أقسام أخر لا وجه للتعرض لها إذ ليست إلا من الفروض العقلية التي لا خارجية لها و من شاء العثور عليها فليرجع إلى حواشي شيخنا الأستاذ المحقق الغروي رحمه اللّه على المكاسب.

و الظاهر أن المقام من سنخ الإيقاعات التي لا تحتاج إلى القبول.

نعم، يكون الرد مانعا لا أن يكون القبول شرطا و طريق الاحتياط في قبوله أيضا.

(59) لتحقق الغرر مع عدمه فيصير البيع غرريا فيبطل كما مر.

(60) إذ لا معنى لجعل الخيار عرفا له إلا ذلك.

(61) إذ لا حق له بعد فرض انه فوض حقه إلى الغير.

ص: 114

نفسه (62)، و لا يلزم على المجعول له مراعاة المصلحة (63).

مسألة 3: لو بادر الموكل- في صورة التوكيل في الخيار- فسخا أو إنفاذا يصح

(مسألة 3): لو بادر الموكل- في صورة التوكيل في الخيار- فسخا أو إنفاذا يصح و لا يبقى موضوع لخيار الوكيل (64)، و لو بادر الوكيل إلى ذلك ثمَّ خالفه الأصيل يمكن تقديم رأيه (65).

مسألة 4: يجوز أن يشترط لأحدهما أولهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة

(مسألة 4): يجوز أن يشترط لأحدهما أولهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة بأن يشاور مع ثالث في أمر العقد فكل ما رأى من الصلاح إبقاء للعقد أو فسخا يتبعه (66) و لا بد من تعيين المدة فيه أيضا (67) و ليس

______________________________

(62) فله إعمال الخيار حينئذ لفرض عدم سقوط حقه في الصورتين.

(63) للأصل، و إطلاق الجعل إلا إذا كانت في البين قرائن معتبرة دالة على لزوم مراعاتها عرفا.

(64) لفرض كونه الأصيل و الوكيل متفرع عليه.

(65) لأن الحق له بالأصالة.

(66) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(67) لئلا يتدخل الغرر فيبطل أصل البيع كما مر.

ثمَّ انه. تارة: يراد من الاستيمار شرط الخيار للأجنبي مقيدا بأن لا يباشر إعماله بل يأمر العاقد بالإعمال.

و أخرى: يكون الخيار لنفسه مشروطا بأن لا يصدر إلا عن رأي الأجنبي و أمره.

و ثالثة: يراد اشتراط حدوث الخيار لنفسه عند أمر الأجنبي فيكون أصل الخيار معلقا لا إعماله.

و رابعة: يراد من ذلك حدوث حق الفسخ فقط عند أمره به لا شي ء آخر.

ص: 115

للمشروط له الفسخ قبل أمر ذلك الثالث (68)، و لا يجب عليه لو أمره بالفسخ بل يجوز له ذلك فان شاء فسخ و إن شاء ترك (69).

______________________________

ثمَّ ان الاستيمار قد يكون من الحق للعاقد على المستأمر (بالفتح) و قد يكون بالعكس و حيث لا دليل بالخصوص في المقام من نص أو إجماع لا بد من تطبيقها على القواعد العامة مع ندرة الابتلاء بجملة من الصور التي ربما تبلغ العشرين.

(68) لعدم استيلاء له عليه على كل تقدير من التصاوير الأربعة المتقدمة، كما يدل عليه المتفاهم العرفي من الاستيمار أيضا و هو الانبعاث عن أمر الغير و رأيه تكليفا و وضعا فلا أثر لإعمال الخيار قبل ذلك اتفاقا و اعتبارا لأنه اقتضائي لا فعلي.

نعم، لو كان الاستيمار من مجرد إعمال التأدب الظاهري من دون اناطة الوضع و التكليف به أبدا يكون له ذلك و إن خالف الأدب و لكنه خلاف المفروض.

(69) لأصالة عدم الوجوب، و لأن المناط وقوع الاستيمار خارجا و قد تحقق.

نعم، لو استفيد من القرائن إثبات حق تنفيذي له في ذلك قيدا أو شرطا وجب حينئذ، لأنه يصير على هذا كالآلة لانفاذ ما أمره به بخلاف ما إذا كان المقصود ثبوت الخيار تعليقا على رأيه و نظره فإنه لا خيار إلا بعد الاستيمار فلو شرط البائع على المشتري مثلا أن يكون له المهلة إلى ثلاثة أيام حتى يستشير من يريد من أهل الخبرة فان رأى الصلاح في البيع التزم به و إلا فلا يكون مرجعه حينئذ إلى تحقق الخيار ان لم ير ذلك الشخص الصلاح في هذا البيع و بعد تحقق الخيار يكون له الاختيار إن شاء فسخ و إن شاء التزم.

ص: 116

مسألة 5: يجري خيار الشرط في جميع العقود اللازمة

(مسألة 5): يجري خيار الشرط في جميع العقود اللازمة (70). إلا

______________________________

إن قيل: فعلى هذا يلزم بطلان الشرط لأجل التعليق.

يقال: ظاهرهم الإجماع على صحة هذا الشرط و لو مع هذا النحو من التعليق فيكون مستثنى مما دل على البطلان بالتعليق.

(70) لإطلاق دليل الشرط الشامل للجميع، مضافا إلى ظهور الإجماع و الاتفاق.

ثمَّ أن البحث في هذه المسألة من جهات.

الأولى: مقتضى أصالتي الإباحة و الصحة جواز شرط الخيار في كل عقد و إيقاع إلا ما دل دليل بالخصوص على عدم جريانه فيه من عقد أو إيقاع، و كذا مقتضى أصالة الإطلاق فتطابق الأصلان على الصحة و الجواز في جميع العقود و العهود و الإيقاعات إلا ما خرج بالدليل، و يشهد له الاعتبار أيضا و هو كون العقود و الإيقاعات تحت اختيار المنشئ من جميع جهاتهما التي يكون له فيها الصلاح بأي جهة شاء و أراد إلا ما نهى عنه الشرع، لأن العرف يرى أن السلطنة الابقائية عين السلطنة الإيجادية إلا مع تحديد الخلاف من شرع أو عقل أو عرف بل شرط الخيار من شؤون السلطنة المطلقة فمقتضى إطلاق سلطنته صحة إيجاده له بأي نحو شاء و أراد.

الثانية: العقود على أقسام بحسب الشقوق العقلية:

الأول: علة تامة منحصرة للزوم بحيث لا يمكن حله إلا بما جعله الشارع سببا لذلك و ان شئت فعبر عنه بالاقتضائي الحكمي و هو منحصر بالنكاح، و دليلهم عليه منحصر بالإجماع، و يشهد له استهجان شرط الخيار في النكاح عند المتشرعة بل مطلق العرف، و قد ذكر له شواهد أخرى ظاهرة الخدشة و من شاء العثور عليها فليرجع إلى المفصلات كحاشية شيخنا الأستاذ المحقق

ص: 117

..........

______________________________

الغروي على المكاسب.

الثاني: كونه مقتضيا له مع كون جعل الخيار فيه منافيا لمفاده، كالرهن فإن جعل الخيار فيه من طرف الراهن مناف للاستيثاق من ناحيته فيكون من الشرط المنافي لمقتضى العقد.

و فيه: انه كذلك إن كان الاقتضاء من العلة التامة المنحصرة. و أما لو كان من مجرد الاقتضاء فأي مانع عن إسقاطه عن الفعلية برضا الطرفين، فلو تمَّ إجماع على العدم نتعبد به و الا فمقتضى الأصل و الإطلاق جواز اشتراطه فيه و الظاهر عدم تحققه لأنهم يعللونه بمثل هذه التعليلات.

و عن جمع ان مثل الرهن في عدم دخول خيار الشرط فيه بيع الصرف، لكونه منافيا لمقتضاه أيضا، لأن مقتضاه ان يتفرقا و لم يبق بينهما علقة و لو أثبتنا الخيار بقيت العلقة.

و المقدمة فاسدة و الملازمة أفسد، إذ المقصود رفع علقة الملكية و ما يثبت بالخيار مجرد الحق في الجملة و لا ربط لأحدهما بالآخر.

و توهم: انه لا موضوع للخيار في عدم الصحة قبل القبض.

مدفوع: بأن متعلق الخيار انما هو العقد المقتضي للصحة لا الصحيح الفعلي من كل حيثية و جهة فحل العقد بالخيار قبل القبض شي ء و بطلانه بالتفرق قبل القبض شي ء آخر و لا ربط لأحدهما بالآخر.

ثمَّ إنه لو شك في أن شرط الخيار مناف لمقتضى العقد أو للكتاب و السنة فأصالة عدم المنافاة بالعدم الأزلي تجري و يصح الشرط في جميع الموارد المشكوكة، لأنه بجريان هذا الأصل ينقح موضوع العام فلا يكون حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك و يأتي بعض الكلام في الشروط.

و أما الصلح فعن جمع دخول الخيار فيه، بل عن المهذب البارع الإجماع عليه، للإطلاق الشامل له، و عن جمع منهم الشيخ الأنصاري عدمه، للشك في

ص: 118

..........

______________________________

شمول الإطلاق له.

و فيه: انه ليس كل شك موجبا لسقوط الإطلاق و إلا لما ينتفع به أصلا و قد يعلل أيضا بأنه شرع لقطع المنازعة و شرط الخيار إبقاء لها.

و فيه: ما لا يخفى فالحق جريانه فيه و إن كان خلاف الاحتياط خروجا عن مخالفة من خالف.

و أما الوقف، فاستدل على عدم جريانه فيه.

تارة: بالإجماع.

و أخرى: باعتبار القربة فيه.

و ثالثة: بأنه فك ملك.

و رابعة: بقوله عليه السّلام: «من أوقف أرضا ثمَّ قال ان احتجت إليها فأنا أحق بها ثمَّ مات الرجل فإنها ترجع في الميراث» (1).

بدعوى: أن ظهوره في البطلان إنما هو لأجل الشرط المذكور.

و خامسة: بالمستفيضة الدالة على انه لا يرجع فيما كان للّه (2).

و الكل قابل للخدشة. أما الإجماع فغير متحقق فقد نسب إلى المشايخ الثلاثة الجواز. و أما اعتبار القربة فممنوع صغرى و كبرى مع انه يرجع إلى الدليل الخامس. و أما انه من فك الملك و لا يجوز الشرط فيه فهو عين الدعوى و أصل المدعى. و أما الموثق فلا ربط له بالمقام و إنما مفاده العود إلى الواقف مع الحاجة إليه و لا مانع فيه من عقل أو نقل و قال في المسالك: «أن العمل به اتفاق من الأصحاب أو من أكثرهم فليس الوقف باطلا بل يخرج عن الوقفية بزوال العنوان و هو عدم الحاجة فيرجع إلى الواقف» و قال في الجواهر و نعم ما قال:

«ليس هذا من إدخال الواقف نفسه في الوقف بل هو تقييد للوقف بما يقتضي

ص: 119


1- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف و الصدقات.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف و الصدقات.

..........

______________________________

انتهاؤه» و أما الأخير فهو مثل سائر الأحكام الاقتضائية القابلة للتغيير بالشرط.

هذا، و لكن إرسال عدم صحة الخيار في الوقف إرسال المسلمات فتوى و عملا يوجب حصول الظن بعدم الصحة فلا يقصر ذلك عن سائر الظنون الاجتهادية.

و منه يظهر حكم الصدقة التي وردت النصوص فيها (1)، و طريق الاحتياط واضح.

و أما الضمان فمقتضى الإطلاق جواز دخول شرط الخيار فيه أيضا و الاشكال بأنه مناف للضمان تقدم الجواب عنه في الرهن.

الثالث: اللزوم الاقتضائي الحقي القابل للإقالة كأقسام البيع و سائر العقود اللازمة و لا ريب في جواز خيار الشرط فيها، لظهور الإطلاق و الاتفاق إن لم يكن مانع خارجي في البين، كما إذا استلزم البيع الانعتاق مثلا.

الرابع: العقود الجائزة سواء كانت عهدية كالهبة أو اذنية محضة كالوكالة، و المعروف إنه لا وجه للخيار فيها، لكونه لغوا، إذ لا معنى للجواز إلا صحة الرجوع.

و فيه: إنه لا مانع من عقل أو نقل من تعدد منشأ الجواز اقتضاء و تبادلا.

و يمكن أن يجتمع في بيع واحد خيارات متعددة كالمجلس، و الحيوان، و الشرط فتكون العقود الجائزة مثله، و كذا لا وجه للإشكال بأنه من اجتماع المثلين، و من تحصيل الحاصل كما لا يخفى ثمَّ ان المعروف بينهم عدم صحة الخيار و شرطه في الإيقاعات.

و استدل عليه بأمور.

الأول: ان الشرط لا يكون إلا بين اثنين و الإيقاع قائم بالواحد فقط.

الثاني: أن الشرط التزام في ضمن العقد لغة أو عرفا أو انصرافا.

ص: 120


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف و الصدقات.

..........

______________________________

الثالث: أن الخيار ملك الفسخ و الحل بين شيئين و ارتباطين و لا موضوع لذلك في الإيقاع.

الرابع: أن مضامين الإيقاعات نوعا أمور عدمية كزوال الزوجية في الطلاق و الملكية في العتق و سقوط ما في الذمة في الإبراء و الرجوع فيها يكون من اعادة المعدوم و هو باطل.

الخامس: أن تطرق الخيار و شرطه في شي ء يدور مدار صحة التقايل فيه و حيث لا يشرع التقايل في الإيقاعات فلا وجه لشرط الخيار فيها.

السادس: انه من الشرط المخالف للكتاب هذه ما قيل أو يمكن أن يقال في عدم صحة الشروط و الخيار في الإيقاعات.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلان الشرط متقوم بالمشروط له و المشروط عليه و هما من المتضايفين الذين لا يمكن الانفكاك بينهما سواء تحققا في ضمن اثنين خارجيين بأن يكون كل منهما غير الآخر حقيقة، أو اثنين اعتباريين بأن يكون كل منهما غير الآخر اعتبارا و صحة اجتماع عنوانين مختلفين في الواحد من البديهيات.

و أما الثاني و الثالث: فلان الشرط لا بد و ان يكون في إنفاذ شرعي عقلائي و التزام كذلك أعم من أن يكون بين التزامين أو التزام واحد معتبر شرعا هذا بناء على عدم وجوب الوفاء بالشروط الابتدائية و إلا فالأمر أوضح.

و أما الرابع: فلان ما هو المحال على فرض صحته انما هو اعادة شخص المبتدأ من كل حيثية و جهة حتى الزمان و في المقام تكون الإعادة عنوانيا اعتباريا لا حقيقيا واقعيا.

و أما الخامس: فلأنه لا موضوعية لخصوص الإقالة، و مرجع ما قالوا إلى عدم تحديد الشارع لاختيار المنشئ عقدا كان الإنشاء أو إيقاعا و مقتضى الأصل

ص: 121

..........

______________________________

عدم التحديد لذلك في الإيقاعات أيضا و ان مقتضاه بقاء اختياره و سلطته التي كانت له حين الحدوث، و أساس جميع الخيارات يرجع إلى ذلك.

نعم، حددها الشارع بحدود و قيود خاصة كما هو دأبه في جميع الأمور العرفية.

و أما الأخير: فمدفوع بأصالة عدم المخالفة بالعدم الأزلي كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

فظهر من جميع ما مر انه لا دليل لهم على عدم صحة الشرط و الخيار في الإيقاعات إلا ظهور إجماعهم عليه، و كونه من الإجماعات المعتبرة مشكل، مع ما ورد في العتق من الروايات من صحيح أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل قال: غلامي حر و عليه عمالة كذا و كذا سنة قال عليه السّلام: هو حر و عليه العمالة» (1)، و في موثق ابن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أعتق جاريته و شرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثمَّ مات الرجل فوجدها ورثته أ لهم أن يستخدموها؟ قال: لا» (2)، فالظاهر منه صحة الشرط المختص للمولى، و في صحيح عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه: «انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قال لغلامه: أعتقك على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أ عليه مائة دينار و يجوز شرطه؟ قال عليه السّلام: يجوز عليه شرطه» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ثمَّ إنه قد يظهر منهم في المقام قاعدتان.

الأولى: أن كل ما تجري فيه الإقالة يجري فيه الخيار، و كلما لا تجري فيه

ص: 122


1- الوسائل باب: 10 من أبواب العتق حديث: 2.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب العتق.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب العتق حديث: 1.

..........

______________________________

الإقالة لا يجري فيه الخيار.

الثانية: أن الساقط عما في الذمة لا يعود.

أما الأولى: فالظاهر كونها من القضايا التي قياساتها معها، لأن الإقالة عبارة عن كون حل العقد و ازالته باختيار المتعاقدين و رضى منهما بعد العقد و لا فرق عرفا بينه و بين شرط الخيار في ابتداء العقد إذ لا فرق بين ابتداء العقد و ما بعده في هذه الجهة عند متعارف المتعاقدين، لأن حكم الأمثال فيما يجوز و فيما لا يجوز واحد خصوصا في الاعتباريات.

ثمَّ ان قاعدة أن كلما تدخله الإقالة يدخله خيار الشرط بحسب الفعلية الخارجية، و أما بحسب الفرض و الإمكان فبينهما عموم من وجه فيمكن جريان الإقالة مع عدم جريان خيار الشرط، كما إذا كان شرط الخيار منافيا لمقتضى العقد فيصح فيه الإقالة و لا يجري فيه خيار الشرط، كما يمكن أن يجري خيار الشرط من دون الإقالة كما في بعض الإيقاعات التي يمكن جريان خيار الشرط فيه و لا تجري فيه الإقالة لتقومها بالطرفين، و لكن هذا من مجرد الفرض لا الوقوع الخارجي.

و أما القاعدة الثانية: و هي أن الساقط عما في الذمة لا يعود فاستدل عليها.

بأنه من اعادة المعدوم و هي ممتنعة.

و فيه: أن اعادة المعدوم شخصا ممتنع على فرض الصحة و أما عنوانا فلا اشكال فيه من عقل أو نقل، مع انه يمكن أن يكون اشتغالا جديدا للذمة لا اعادة الاشتغال السابق فلا مانع في ذلك، كما لا مانع من تبديل العين الخارجي إلى الذمة بإتلافه و لا من تبديل الكلي إلى العين الخارجي كما في الكلي المعين بإتلاف الجميع إلا المقدار المعين كالصاع في الصبرة إذا تلف جميع الصبرة إلا الصاع.

ص: 123

النكاح (71)، و لا في الإيقاعات كالطلاق و العتق و الإبراء (72)، و يجري خيار الشرط في القرض و الخلع و المبارأة (73).

مسألة 6: يجري هذا الخيار في الصلح المشتمل للإبراء

(مسألة 6): يجري هذا الخيار في الصلح المشتمل للإبراء (74).

مسألة 7: شرط الخيار في البيع تارة من أحد المتبايعين على الآخر

(مسألة 7): شرط الخيار في البيع تارة من أحد المتبايعين على الآخر، و أخرى من كل منهما على الآخر و ثالثة للأجنبي و الكل صحيح (75).

مسألة 8: يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن عينا أو مثلا أو قيمة إلى مدة معينة

(مسألة 8): يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن عينا أو مثلا أو قيمة إلى مدة معينة فإن مضت المدة و لم يأت كاملا لزم البيع (76). و يسمى

______________________________

(71) لما تقدم من الإجماع المتسالم عليه بينهم، و يأتي جريان خيار التدليس و الاشتراط في النكاح أيضا.

(72) لما مر من الإجماع و هو عمدة الدليل عليه، و في اعتبار إطلاقه كلام يأتي التعرض لكل منها في محله نفسه.

(73) لوجود المقتضى و فقد المانع.

(74) لأن المتيقن من إجماعهم على عدم جريانه في الإيقاعات على فرض اعتباره غيره و إن كان الأحوط خلافه.

(75) للإطلاق، و الظاهر عدم الاحتياج إلى القبول في الأخير، إذ لا دليل على اعتبار رضا المشروط له.

نعم، يكون رده مانعا.

(76) للإطلاق، و الاتفاق، و نصوص مستفيضة منها موثق عمار قال:

«سمعت من يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال: أبيعك داري هذه، و تكون لك أحب إلى من أن يكون لغيرك على أن تشرط لي أن إذا جئتك بثمنها إلى سنة أن ترد عليّ قال عليه السّلام: لا بأس بهذا ان جاء بثمنها ردها عليه قلت فإنها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة؟

ص: 124

هذا بيع الخيار (77)، و يصح اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكل برد بعض

______________________________

قال عليه السّلام: الغلة للمشتري ألا ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله» (1)، و خبر أبي الجارود عنه عليه السّلام أيضا: «عن رجل باع دارا له من رجل، و كان بينه و بين الرجل الذي اشترى منه الدار حاصر فشرط انك إن أتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك، فأتاه بماله قال، له شرطه قال أبو الجارود: فإن ذلك الرجل قد أصاب في ذلك المال في ثلاث سنين قال عليه السّلام: هو ماله، أرأيت لو أن الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري» (2)، و صحيح ابن يسار قال:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أنا نخالط أناسا من أهل السواد و غيرهم فنبيعهم و نربح عليهم للعشرة اثني عشرة، و العشرة ثلاثة عشر و نؤخر ذلك فيما بيننا و بين السنة و نحوها، و يكتب لنا الرجل على داره أو على أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شراء قد باع و قبض الثمن منه فنعده إن هو جاء بالمال إلى وقت بيننا و بينه أن نرد عليه الشراء فإن جاء الوقت و لم يأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى في الشراء؟ فقال عليه السّلام: أرى أنه لك ان لم يفعل، و إن جاء بالمال للوقت فرد عليه».

(77) و هو بحسب مقام الثبوت يتصور على وجوه ثمانية.

الأول: تعليق ذات الخيار، فلا خيار إلا بعد انقضاء المدة.

الثاني: تعليقه على رد الثمن.

الثالث: تعليق الفسخ.

الرابع: كون نفس الرد فسخا فعليا.

الخامس: كون الرد شرطا لوجوب الإقالة.

السادس: كونه شرطا لوجوب بيعه من مالكه.

ص: 125


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الخيار حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الخيار حديث: 3.

الثمن أو فسخ البعض برد البعض (78)، و يكفي في رد الثمن فعل البائع ماله دخل في القبض من طرفه و إن أبى المشتري من قبضه (79). فلو احضر الثمن و عرضه عليه و مكّنه من قبضه فأبى من القبول و امتنع تحقق الرد المعتبر في الفسخ فله الفسخ (80).

______________________________

السابع: كونه شرطا لتحقق الانفساخ.

الثامن: كون الخيار في طول المدة، و يشترط عليه أن لا يفسخ إلا بعد رد الثمن.

و الكل صحيح بحسب الواقع و مقام الثبوت، و لو فرض الجهالة في بعضها فلا تضر لاغتفارها في الشروط.

كما أن الاشكال على السابع من استلزامه تحقق الانفساخ بنفسه من دون سبب باطل، لفرض أن سببه تحقق الشرط في العقد.

نعم، هو من شرط النتيجة و يأتي صحته إن شاء اللّه تعالى.

و أما بحسب المتفاهم العرفي و المنساق من الأدلة عرفا و من عبارات الأصحاب فهو المعنى الثالث فيكون الفسخ مقيدا لأصل الخيار، كما لو قيد الفسخ بزمان أو مكان خاص أو بحالة مخصوصة بالشرط في غير هذا الخيار.

(78) لإطلاق دليل الشرط الشامل لجميع ذلك، و ما يستفاد من ظاهر الأدلة الخاصة انما هو من باب المورد و بعض المصاديق لا التقييد.

(79) لأن المرجع في رد الثمن انما هو العرف و هو يحكم بتحققه مع إيجاد المقتضى و فقد المانع من طرف البائع إلا إذا كان في البين شرط خاص أو قيد مخصوص كاما ورد في الوديعة، و كل مورد يعتبر فيه الرد يكفي فيه إزالة المانع عن الاستيلاء على الشي ء و يأتي في كتاب الوديعة إن شاء اللّه تعالى بعض ما يناسب المقام.

(80) لتحقق الرد عرفا فيترتب عليه الحكم قهرا.

ص: 126

مسألة 9: نماء المبيع و منافعه للمشتري

(مسألة 9): نماء المبيع و منافعه للمشتري (81)، كما أن تلفه عليه (82). و الخيار باق مع التلف (83) و ليس للمشتري قبل انقضاء المدة

______________________________

(81) لقاعدة تبعية النماء للملك و المفروض حصول الملكية بمجرد العقد كما يأتي في أحكام الخيار، و لما مر في الصحيح و الموثق (1).

(82) لأنه صار ملكه بمجرد العقد، فيكون تلفه عليه مضافا إلى ما تقدم في النص (2)فما لم يرجع المبيع إلى البائع و لم ينحل البيع يكون تلفه على المشتري.

(83) متعلق الخيار بحسب الشقوق العقلية يمكن أن يكون أحد أمور أربعة.

الأول: ذات العقد من حيث انه إنشاء قائم بالمنشئ فقط.

الثاني: العقد من حيث الطريقية إلى نقل العوضين.

الثالث: العين الخارجي من حيث الخصوصية العينية.

الرابع: العين من حيث المالية العرفية العقلائية.

و مقتضى اهتمام الناس بأموالهم و شدة عنايتهم بالتحفظ عليها مهما أمكنهم ذلك هو الأخير إلا أن تكون قرينة معتبرة في البين تدل على غيره و هي مفقودة، و الاحتمال الأول ساقط في عرف المتعاقدين مطلقا إذ لا أثر للإنشاء من حيث هو و انما هو طريق محض للمنشإ كما في كل لفظ صادر من كل متكلم و كل فعل يقصد به إيجاد عنوان من العناوين التي تترتب عليها آثار خاصة فيتعين الاحتمال الثاني، كما أن الاحتمال الثالث لا وجه له إلا مع وجود قرينة معتبرة عليه فيتعين الاحتمال الأخير، و لا فرق فيه حينئذ بين كون متعلق الخيار نفس مالية العوضين أو العقد الذي يكون طريقا إلى ماليتهما فلا ثمرة بينهما من

ص: 127


1- تقدما في صفحة: 124- 125.
2- تقدما في صفحة: 124- 125.

التصرف الناقل و إتلاف العين (84).

مسألة 10: لا يختص بيع الخيار بما إذا كان المدفوع عينا بل يشمل الكلي الذمي أيضا

(مسألة 10): لا يختص بيع الخيار بما إذا كان المدفوع عينا بل يشمل الكلي الذمي أيضا (85) فإذا كان الثمن كليا في ذمة البائع تبرأ ذمته بمجرد جعله ثمنا للمبيع (86) و يتحقق الرد بأداء ما في ذمته و دفع ما كان عليه (87).

مسألة 11: لو لم يقبض البائع الثمن من المشتري حتى انقضت المدة يجوز له الفسخ أيضا

(مسألة 11): لو لم يقبض البائع الثمن من المشتري حتى انقضت المدة يجوز له الفسخ أيضا سواء كان الثمن عينا موجودا عند المشتري أو

______________________________

(84) لأن ظاهر الاشتراط إبقاء العين ليستردها البائع عند الفسخ و قد التزم المشتري بهذا الشرط فليس له أن يعمل على خلاف التزامه فهو و ان كان ملكه من جهة وقوع البيع الجامع للشرائط الموجب لانتقال الملكية، و لكنه ممنوع عن التصرف فيه تصرفا ناقلا و متلفا لمكان التزامه بالرد هذا إذا كان المشروط ردّ العين من حيث هي و أما إذا كان المشروط ردها من حيث المالية لا الشخصية العينية فيصح التصرف الناقل و يأتي في أحكام الخيار بعض ما يتعلق بالمقام.

(85) لعموم الأدلة و إطلاقها و إن كان مورد بعضها خصوص العين الخارجي لكن المورد لا يخصص الحكم.

(86) لأنه لا معنى لصحة البيع إلا انتقال الثمن إلى ملك البائع و المثمن إلى ملك المشتري، و حيث أن الثمن في ذمة البائع في المقام فتكون النتيجة سقوط الذمة لا محالة، لأن هذا هو معنى مالكية الشخص لما في ذمته لكن هذا نحو من السقوط المادامي لا السقوط الدائمي و من كل جهة.

(87) لأن هذا هو معنى الرد في الكليات الذمية فإذا كان في ذمته ألف دينار لزيد فباع داره منه بما في ذمته و جعل له الخيار مشروطا برد الثمن تصير الدار للمشتري و تفرغ ذمة البائع إلى حين الرد فأما أن تصير الدار ملكا له أو يرد الدار و يسترد الألف دينار.

ص: 128

كليا في ذمته (88)، و لو قبضه فإن كان الثمن كليا لا يتعين عليه رد عين ذلك الثمن المقبوض بل يجزي كل ما انطبق عليه الكلي (89) إلا إذا اشترط كون المردود عين المقبوض (90)، و كذا لو كان المقبوض عينا شخصيا خصوصيا ان كان انتفاعه المتعارف بصرف عينه (91) إلا إذا اشترط رد العين بالخصوص (92).

مسألة 12: كما يتحقق الرد إلى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في ذلك بالخصوص، أو وكيله المطلق

(مسألة 12): كما يتحقق الرد إلى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في ذلك بالخصوص، أو وكيله المطلق (93) أو وليه كالحاكم في ما إذا صار مجنونا أو غائبا (94). بل و عدول المؤمنين في مورد ولايتهم (95)،

______________________________

(88) لأنه لا موضوعية للرد من حيث هو بل هو طريق لاستيلاء المشتري على ماله و المفروض تحققه في الصورتين.

(89) لفرض أن الثمن هو الكلي المنطبق على جميع الأفراد مضافا إلى السيرة.

(90) لاقتضاء الاشتراط ذلك فيجب الوفاء به و لو رد البدل حينئذ فالخيار باق.

(91) لأن المتعارف في البيع الخياري الاهتمام بحفظ مالية الثمن دون عينه خصوصا في مثل النقود، مع أن البيع الخياري غالبا يكون لرفع الحاجة و الاضطرار فيلازمه صرف العين و التحفظ على المالية.

(92) فيجب الوفاء به حينئذ لمكان الاشتراط و يبقى الخيار ما لم يرد العين و إن رد البدل.

(93) لأن الوكالة المخصوصة أو المطلقة تجعله كنفس الموكل في ذلك فيتبع رأيه و فعله لأجل ذلك.

(94) لأن ولايته الشرعية تجعله كنفس المولى عليه نفي ذلك.

(95) لأن هذا أيضا من الولاية الشرعية، لأدلة الحسبة، و قد تقدم ما يدل

ص: 129

هذا إذا أطلق الرد إلى المشتري (96). و أما لو اشترط الرد إلى نفسه بالخصوص فلا يتعدى إلى غيره (97).

مسألة 13: لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة يجزي الإيصال إلى نفس المولى عليه

(مسألة 13): لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة يجزي الإيصال إلى نفس المولى عليه، فيملك البائع الفسخ بذلك (98). و في كفاية رده إلى الولي إشكال (99). و لو اشترى الأب للصبي شيئا يجوز للبائع رد الثمن إلى الجد مع عدم تمكنه من الرد إلى الأب (100)، بل يجوز و لو مع التمكن منه أيضا ما لم تكن خصوصية في البين (101). و كذا الكلام في الحاكم الشرعي، فإذا اشترى

______________________________

على ولايتهم في مثل هذه الأمور، فراجع.

(96) لأن الإطلاق يشمل نفسه، و كل من يكون مأذونا منه بالوكالة أو من طرف الشرع بالولاية.

(97) لمكان الاشتراط الذي يجب الوفاء به، و لكن لو تعذر ذلك، فلا بد من مراجعة الحاكم أيضا.

(98) الانقطاع ولايته بكمال المولى عليه، لأن ولايته ما دامية لا دائمية.

(99) من كمال المولى عليه فلا موضوع للولاية. و من احتمال أن تكون خصوصيات الرد تابعة لحدوث أصل الخيار، و المفروض إنه حدث بولاية الولي فكأنه شي ء واحد نشأ عن ولايته حدوثا و بقاء، و طريق الاحتياط توافقهما عليه. و كذا الكلام في جميع الخيارات إذا اشترى الولي للمولى عليه شيئا فيه الخيار و بلغ المولى عليه قبل انقضائه.

(100) لفرض إنه أيضا ولي شرعي و لا خصوصية للأب من حيث هو و إنما المطلوب منه مقام ولايته فقط و هو موجود في الجد أيضا.

(101) لانطباق عنوان الولاية على كل منهما، و جهة الولاية تعليلية.

نعم، لو كانت ولاية الأب حيثية تقييدية لا يجزي الرد إلى الجد لكنه لا

ص: 130

أحد الحاكمين لمن هو وليه يجوز الرد إلى حاكم شرعي آخر مع عدم التمكن من الرد إلى الأول (102)، و يشكل مع التمكن منه (103).

مسألة 14: إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات إلى ورثته

(مسألة 14): إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات إلى ورثته (104)، فيردون الثمن و يفسخون البيع و يرجع إليهم و يقسم بينهم على حسب قواعد الإرث (105). و كذا الثمن المردود يوزع عليهم على الحصص (106). و إذا مات المشتري يجوز للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته (107).

نعم، لو شرط رد الثمن إلى خصوص المشتري فقط يسقط بموته (108). و كما يجوز للبائع اشتراط الخيار لنفسه برد الثمن يجوز

______________________________

وجه له إلا مع وجود خصوصية خاصة في البين و هو خلاف المفروض.

(102) لصدق الولاية بالنسبة إليه أيضا مع عدم مزاحمة فيه للحاكم الأول لفرض عدم التمكن من الرد إليه.

(103) لأن ولاية الحاكم على مورد ولايتهم عرضية قبل تصدي أحدهم للموضوع. و أما بعد التصدي فيمكن أن تكون الولاية حينئذ طولية لا عرضية فما لم يرفع المتصدي نظره عن مورد تصديه لا ولاية للآخر عليه، و يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى تفصيل المقال.

(104) لإطلاقات أدلة الإرث و عموماتها، مضافا إلى الإجماع، و يأتي في أحكام الخيار بعض ما ينفع المقام.

(105) لأنه لا وجه للتسلط على الخيار إلا استرداد المبيع فيصير المبيع من تركة الميت و ينتقل إلى ورثته على حسب السهام.

(106) لأنه أيضا يصير من تركة الميت و يجري فيه ما مر في سابقة بلا فرق.

(107) لانتقاله إليهم و صيرورتهم كمورثهم من هذه الجهة.

(108) لانتفاء الموضوع حينئذ فلا بد من السقوط، الا أن يقال إن الانتقال

ص: 131

للمشتري اشتراط الخيار لنفسه برد المثمن، بل يجوز لكل منهما ذلك (109).

الرابع: خيار الغبن

اشارة

الرابع: خيار الغبن (110). فإذا باع بدون ثمن المثل، أو اشترى بأكثر منه يتحقق الغبن و يكون للمغبون الخيار (111).

______________________________

حكم شرعي غير منوط باختيار المكلف.

(109) كل ذلك لإطلاق أدلة الشرط، و ظهور الاتفاق، و يجري فيه أيضا ما مر في المسائل السابقة من لزوم رد العين مع التعيين و جواز رد البدل مع عدمه.

ثمَّ إنه يسقط بانقضاء المدة و بما يحصل الرد و الإيجاب من ذي الخيار و التصرف و الاذن فيه، كما في سائر الخيارات على ما مرّ و يأتي، هذا إذا كان المشروط رد العين. و أما إذا كان الأعم منه فلا يسقط بالتصرف في العين، كما هو واضح.

(110) الغبن من المعاني العرفية المعروفة بين الناس، و بهذا المعنى المعروف وقع مورد بحث الفقهاء في المقام لا أن يكون لهم اصطلاح خاص فيه. و المنساق من جميع موارد استعمالاته إنه خلاف الاستقامة و الاستواء عرفا، سواء كان في المعاملة و المقاسمة أو في العقل الا إنه قد اصطلح على الأخير إطلاق الغبن (بفتح الوسط)، و على الأول بسكونه، فمهما خرجت المعاملة أو المقاسمة عن الاستواء يدخل الغبن و النقص فيها و يتحقق موضوع احكام خيار الغبن، فبيع ما لا يساوي بثمن المثل غبني، و العقل الذي لا استقامة فيه غبني (بالفتح)، و ليس كل من الغبن و الخديعة متحدا مفهوما و إن تصادقا موردا أحيانا، لأن الخديعة و التدليس شي ء و البيع بغير ثمن المثل شي ء آخر عرفا.

نعم، الخديعة و التدليس مما يوجب الغبن.

(111) للأدلة الأربعة الدالة على ثبوت الخيار للمغبون. أما الكتاب فقوله تعالى:

ص: 132

..........

______________________________

لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ (1). فأن المنساق منها بحسب مرتكزات المتعاملين إن التراضي الفعلي في الماليات معاملة كانت أو غيرها طريق لعدم تحقق الخسارة المالية لا أن يكون لنفس التراضي من حيث هو موضوعية خاصة بأي وجه تحقق حتى مع الخسارة الواقعية.

نعم، التراضي الظاهري الفعلي يوجب صحة الإنشاء ظاهرا و مع فقد الموانع يلزم، و مع وجود بعضها يمكن حله، و بعد ظهور الخسارة إما أن تلزم مطلقا، أو يتحقق للمغبون الخيار.

و الأول: خلاف الامتنان بل ظلم بالنسبة إلى المغبون.

و الثاني: مخالف للتراضي الفعلي الثابت في البين في الجملة، فيتعين الأخير فثبوت الخيار عند تبين الخسارة من المداليل السياقية المحاورية لمثل هذه الآية. فخيار الغبن و غيره من موارد الخسارات المالية من البناءات العقلائية و لا تعبد شرعي فيه حتى نحتاج إلى إتعاب النفس في الاستدلال عليه.

ثمَّ إنه لا وجه لأن يقال إن الخيار إن كان لأجل الشرط الضمني لتساوي المالية فيكون من خيار الشرط و لا ربط له بالغبن، و إن كان لأجل أن الداعي التساوي فتخلّف الداعي لا يوجب الخيار إجماعا، و إن كان لأجل تقييد الرضا بالتساوي فيلزم البطلان مع التخلف فلا موضوع للخيار على أي حال. و لكن ظهر مما مرّ فساده من أن الخيار لأجل الخسارة المالية التي هي أهم موجبات الخيار، بل يمكن إرجاع جميع الخيارات إلى مراعاة هذه الجهة، فالرضا المعاملي ينحل إلى رضاءين رضا ظاهري تدور صحتها مدار تحققه، و رضا النفس الأمري الواقعي الذي يدور الخيار و عدمه مداره، و قد أطال شيخنا الأنصاري قدس سره الكلام في المقام و تبعه جميع مشايخنا في مباحثهم الشريفة و حواشيهم فراجع و تأمل.

ص: 133


1- سورة النساء: 29. و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 8 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

..........

______________________________

و انى أرى تسلط من وقعت عليه الخسارة بين أخذ حقه و العفو عنه في مورد وقوع الخسارة عليه من الضروريات و يستلزم ذلك الخيار في إمضاء العقد ورده.

و أما السنة ففي الغنية «نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن تلقى الركبان، و قال صلّى اللّه عليه و آله: فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق» (1).

و نوقش فيه. أولا: بعدم الانجبار.

و ثانيا: بأن الخيار أعم من خيار الغبن.

و فيه: إن الاعتناء بنقله في كتب فقهائنا المتقدمين و المتأخرين، بل هو مشهور بين الأصحاب و اعتمد عليه الشيخ في الخلاف و غيره نحو اعتماد كسائر النبويات. و المنساق منه بالقرائن الخارجية خيار الغبن، فلا قصور في سنده حينئذ و لا في دلالته.

و استدل أيضا بقول الصادق عليه السّلام: «غبن المسترسل سحت» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «غبن المؤمن حرام» (3)، و في رواية أخرى: «أيما رجل استرسل إلى مسلم فغبنه كان غبنه ذلك ربا» (4)، و الاسترسال الطمأنينة و الاستيناس، و دلالة هذه الأخبار على الخيار متوقفة على ظهورها في صورة اطلاع المغبون ورده للمعاملة، و هو مشكل لو لم يكن ممنوعا. مع إن سلطة المغبون بين الرد و الإمضاء من البناءات العقلائية، و يذمون الغابن على فعله، و يجعلون للمغبون نحو سلطة على الغابن و ليس الخيار إلا هذا، و في مثل هذا يكفي عدم ثبوت الردع و لا نحتاج إلى التقرير حتى نقع في المناقشة في دلالة الكتاب و سند السنة أو دلالتها.

ص: 134


1- مستدرك الوسائل باب: 28 من أبواب آداب التجارة.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب آداب التجارة.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب آداب التجارة.
4- كنز العمال ج: 4 حديث: 397 ط: الهند.

..........

______________________________

و استدل أيضا بحديث «لا ضرر» (1) المعروف بين الفريقين فإن لزوم المعاملات الغبنية ضرر بلا إشكال فلا بد و أن يرفع بمقتضى الحديث سواء كان بنحو نفي الموضوع أو الحكم، أو كان المنساق منه النهي أو غير ذلك مما قيل في معنى الحديث و يلازم ذلك عرفا قيام بديل اللزوم مقامه و لا بديل للزوم الا سلطة المغبون على الفسخ و الإمضاء، و هذا من العرفيات التي تنزل الأدلة الشرعية عليها ما لم يكن دليل على الخلاف.

إن قلت: إن نفي اللزوم لأجل الضرر أعم من ثبوت الخيار، لأن نفي اللزوم يكون بالخيار إنما هو بأن يجبر الغابن إما بالفسخ أو بالتدارك، كما يكون بتسلطه على أخذ الزيادة فقط فلا وجه لتعيين الخيار بعد هذه الاحتمالات.

قلت: أولا: إن هذه احتمالات دقيقة عقلية التي لا تناط بها الأحكام الظاهرية الشرعية.

و ثانيا: إذا ألقينا قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا ضرر و لا ضرار» على العرف و أبناء المحاورة يحكمون بأن الموجب للضرر في المقام و هو اللزوم مرفوع. و نفي اللزوم الحقي ملازم عند المتعاملين للخيار، و إثبات الاحتمالات الأخر يحتاج إلى عناية خاصة و هي مفقودة.

ان قلت حديث «لا ضرر» نسبته إلى نفي الصحة و نفي اللزوم على حد سواء، فتعيين نفي اللزوم من الترجيح بلا مرجع، مع أن نفي اللزوم بهذا الوجه لا يثبت الخيار المعهود الذي هو من الحقوق و له أحكام خاصة.

قلت: العرف يرى أن الضرر مستند إلى السبب القريب الذي هو اللزوم و هذا هو المرجح بنفسه، مضافا إلى الإجماع على عدم بطلان المعاملة الغبنية فلا وجه بعد ذلك لنفي الصحة و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار شي ء آخر في الجواز الحقي و الخيار المعهود سوى السلطة على الفسخ و الإمضاء.

و ما يقال: من أن تدارك ضرر المغبون بإلزام الغابن بفسخه نحو ضرر

ص: 135


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الخيار حديث: 4.

..........

______________________________

بالنسبة إلى الغابن لتعلق غرض الناس بما يتعلق بأعواض أموالهم و لا ترجيح لأحد الضررين على الآخر فينجبر ضرر المغبون بإلزام الغابن ببذل التفاوت و يرتفع ضرر المغبون من دون ضرر عليه و على الغابن و بعد إمكان إلزامه بذلك يثبت الخيار للمغبون حينئذ فيكون ثبوته مشروطا بعدم بذل التفاوت.

مدفوع: بأن هذا السنخ من الضرر بالنسبة إلى الغابن من الضرر الشخصي الذي لا يعتني به لدى العقلاء و ضرر المغبون من الضرر النوعي و لا ريب في أهمية الأخير بالنسبة إلى الأول، بل لا يعتني ببعض الشخصيات في مقابل الأمور النوعية و يؤخذ بما هو المعهود المتعارف و هو ثبوت الحق الذي يكون في مقابل اللزوم و لا حق في مقابل اللزوم الحقي إلا الخيار.

نعم، لو كان اللزوم في المقام من اللزوم الحكمي لكان ما في مقابله الجواز الحكمي، و لكنه خلف الفرض، و قد أطنب شيخنا الأنصاري قدس سرّه في المقام و تبعه جمع من مشايخنا الأعلام في حواشيهم الشريفة فراجع و تأمل، فيصح التمسك بالنسبة إلى ثبوت خيار الغبن على ما قلناه.

و أما الإجماع فلا ريب في ثبوته.

نعم، نسب إلى المحقق رحمه اللّه إنكار خيار الغبن في حلقة درسه و إلى الإسكافي أيضا.

و الأول: مخالف لتصريحه بثبوته في شرائعه الذي هو أتقن كتبه.

و الثاني: لا بأس بخلافه لكثرة مخالفته في المشهورات.

و أما العقل فلا ريب في أن العقل يرى المغبون ذا حق في المعاملة الغبنية و هذا الحق هو حق حل العقد أو إجبار الغابن بالتدارك و مع عدم الترجيح في البين يتخير بينهما، و الإجماع و ما دل من الأدلة على ثبوت الخيار يعين الأول و هذا الدليل ليس من دليل العقل المستقل كما لا يخفى و يرجع إلى ما أشرنا إليه من بناء العقلاء، و لا فرق في ثبوت هذا الحق بين بذل الغابن ما به التفاوت أو لا لما يأتي.

ص: 136

مسألة 1: يعتبر في ثبوت هذا الخيار أمران

(مسألة 1): يعتبر في ثبوت هذا الخيار أمران.

الأول: جهل المغبون بالقيمة فلو علم بها و مع ذلك أقدم على المعاملة فلا خيار له مع ظهور الغبن (112)، و كذا مع الشك فضلا عن الظن

______________________________

ثمَّ ان المغبون.

تارة: هو المشتري كما إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل.

و أخرى: هو البائع كما إذا باع بأقل منه.

و ثالثة: هما معا و المرجع في ثبوته لهما أهل الحبرة في المعاملات و قد ذكر الفقهاء وجوها لا تخلو عن المناقشة لعل أحسنها ما عن بعض مشايخنا من فرضه فيما إذا كانت قيمة الشي ء مجتمعا أزيد من قيمته منفردا كمصراعي الباب مثلا فإذا فرض قيمة المصراعين مجتمعا ستة دنانير و قيمة كل واحد منهما منفردا دينارين فباع أحد المصراعين بثلاثة دنانير فالمشتري مغبون بدينار واحد و البائع أيضا مغبون بدينار واحد، لأن حيثية الانضمام زالت بهذه المعاملة فنقصت قيمة المصراع الباقي على ملك البائع.

ثمَّ انهم تعرضوا في المقام لإشكال بالنسبة إلى التمسك بقاعدة الضرر حاصله: ان المدار في الضرر المنفي في العبادات و المعاملات هل هو الضرر المالي أو الضرر الحالي فإن كان الأول فلما ذا لم يعتبر في الوضوء فإنهم يقولون بوجوب شراء ماء الوضوء و لو بأضعاف قيمته، و إن كان الثاني فلم لم يعتبر ذلك في المعاملات فما وجه الفرق بينهما؟ و الجواب أن الضرر منفي مطلقا ماليا أو حاليا و انما يذكر المالي بالخصوص في المعاملات لقوامها بالماليات لا لأجل الاختصاص و انما خرج الوضوء فقط بوجوب شراء الماء و لو بأكثر من ثمن المثل لدليل مخصوص (1)، فيكون ذلك تخصيصا لقاعدة الضرر بالنسبة إلى المال فقط في خصوص الوضوء كذلك و بقي الضرر الحالي منفيا مطلقا.

(112) للإجماع، و لأنه هو الذي أقدم على الغبن فلا تشمله أدلة ثبوت

ص: 137


1- راجع ج: 4 صفحة: 341.

بالقيمة (113).

الثاني: أن يكون التفاوت بما لا يتسامح الناس فيه في مثل هذه المعاملة فلو كان مما يتسامح فيه فلا خيار في البين (114).

مسألة 2: لو شك في ان التفاوت مما يتسامح فيه أو لا فلا خيار في البين

(مسألة 2): لو شك في ان التفاوت مما يتسامح فيه أو لا فلا خيار في البين (115)، و لو اعتقد انه مما يتسامح فيه فبان انه مما لا يتسامح فيه يثبت

______________________________

الخيار عرفا، و لا أقل من الشك في الشمول فيكون المرجع أصالة اللزوم حينئذ، و حيث ان بناء المتعاملين نوعا في اقداماتهم المعاملي على إحراز عدم الغبن و الاطمئنان بعدم الخسارة و لا يقدمون عليها مع الشك فيه فضلا عن الظن به يكون مورد ثبوت الخيار خصوص صورة الغفلة المحضة و أما في غيرها فلا خيار، لصدق عدم التثبت في المعاملة عرفا فيصدق الإقدام على الضرر في الجملة، لأن بناء نوع الناس على التأكد في أن لا يخسروا في أموالهم و التحذر من ذلك مهما أمكنهم فيصح التوبيخ في صورة الشك فضلا عن الظن من العقلاء بالنسبة إلى المغبون بقولهم لم أقدمت على المعاملة مع احتمال الخسارة.

(113) لما مر من أن البناء المعاملي عند الناس على التثبت مطلقا، و منه يظهر ما في جملة من التطويلات في المقام.

(114) لظهور الإجماع، و لأن بناء نوع المعاملات عند الناس على عدم المداقة فيما يتسامح فيه بل يوبخون من دقق فيه، و المرجع فيما يتسامح فيه المتعارف من أهل الخبرة لتلك المعاملة الخاصة، و ليس تعيين ذلك من شأن الفقيه حتى يبحث فيه بل الفقيه لا بد و ان يرجع في تعيين ذلك إلى أهل الخبرة و متعارف الناس و مقدار ما يتسامح فيه يختلف باختلاف المعاملة كما هو معلوم.

(115) لاستصحاب بقاء الملكية، و لأصالة عدم تأثير الفسخ في زوالها فلا

ص: 138

الخيار (116).

مسألة 3: لا فرق في ثبوت الخيار للجاهل بالقيمة بين قدرته على السؤال و عدمه

(مسألة 3): لا فرق في ثبوت الخيار للجاهل بالقيمة بين قدرته على السؤال و عدمه (117)، و المدار على جهل المالك دون الوكيل في مجرد اجراء العقد (118).

نعم، لو كان وكيلا مفوضا إليه من كل حيثية و جهة يكون المدار على جهله (119).

مسألة 4: يثبت جهل المغبون باعتراف الغابن و بالقرائن المفيدة للاطمئنان

(مسألة 4): يثبت جهل المغبون باعتراف الغابن و بالقرائن المفيدة للاطمئنان (120) و لو اختلفا في القيمة حال العقد مع تعذر

______________________________

تزول إلا برضا الطرفين.

(116) لأن المدار في ثبوت الخيار على تحقق الغبن واقعا و المفروض تحققه كذلك فتشمله الأدلة.

(117) لإطلاق الدليل الشامل للصورتين.

(118) لأن الخيار سلطة خاصة لمن له السلطة الملكية و المالكية في الجملة، و الوكيل في مجرد إجراء العقد بمعزل عن ذلك.

(119) لأنه مالك المعاملة عقدا و حلا عند العرف و زمامها بيده من كل جهة فالمدار على علمه و جهله و إن لم يكن مالكا للمال.

(120) أما الأول فللإجماع، و لقاعدة ان إقرار العقلاء على أنفسهم جائز التي هي من القواعد العقلائية، و أما الأخير فلاعتبار الاطمئنان النوعي عند الناس من أي منشأ حصل و لم يثبت الردع عنه شرعا، بل عن جمع من الفقهاء أن المراد بالعلم في الكتاب و السنة الاطمينانات العرفية و لا فرق في حصول الاطمئنان بين أن يكون من البينة على فرض إمكان اطلاعها على جهل المغبون أو قرائن معتبرة أخرى يصح الاعتماد عليها بحسب المتعارف.

ص: 139

الاستعلام فلا خيار (121).

مسألة 5: ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة

(مسألة 5): ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة (122) بل له الخيار بين أن يفسخ المبيع من أصله أو يلتزم و يرضى به بالثمن المسمى (123)، كما أنه لا يسقط خياره ببذل الطرف المقابل التفاوت (124).

نعم، يسقط بتراضي الطرفين (125).

______________________________

(121) لاستصحاب بقاء الملكية، و أصالة عدم الفسخ إلا برضا الطرفين.

(122) لأصالة عدم سلطة له عليه بعد حدوث ملكية العوضين بتمامها للطرفين بالبيع، و انما له حق تدارك غبنه و هو يحصل بثبوت الخيار له و هو ثابت كما مر.

و توهم انه كما يحصل التدارك بالخيار يحصل بذلك أيضا بلا مرجح في البين.

مدفوع: بأن ظهور إطلاق الإجماع على ثبوت الخيار للمغبون مرجح بلا اشكال، مع أن تسلط المغبون على فسخ أصل العقد نحو مجازاة لفعل الغابن و دفع لإيجاد المعاملات الغبنية مطلقا.

(123) لما تقدم من الأدلة الدالة عليه.

(124) لأصالة بقائه بعد ثبوته و هو مقتضى إطلاق أدلته أيضا على ما مر من استظهار الخيار منها و تمامية دلالتها عليه.

نعم، من ناقش في دلالتها فلا بد من التكلف في الجواب و قد مر سقوط المناقشات، و قلنا أن نفي اللزوم الحقي ملازم عرفا لثبوت الجواز الحقي و هو عبارة أخرى عن الخيار.

(125) لأن الحق بينهما فلهما التراضي كيف ما شاء و أرادا ما لم يكن محذور شرعي في البين و المفروض عدمه.

ص: 140

مسألة 6: الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين الاطلاع عليه

(مسألة 6): الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين الاطلاع عليه (126). فلو فسخ قبل ذلك و صادف أثر الفسخ أثره (127).

______________________________

(126) لأن مناشئ الخيارات مطلقا لا بد و أن يكون بوجوداتها الواقعية منشأ لها بل الآثار في جميع الأشياء مترتبة على وجوداتها الواقعية إلا ما ثبت خلافه بالدليل القطعي و لا دليل على الخلاف في المقام إلا ما يظهر من الكلمات بل عن بعض دعوى الإجماع عليه، و يمكن حملها على أن إعمال خيار الغبن متوقف على العلم به لا أن يكون أصل وجوده كذلك و إجماعهم معارض بدعوى الإجماع على الخلاف أيضا، مع أن المدار على الأدلة لا على الأقوال، إذ كم من قول لا دليل عليه، و كم من رأى بلا دليل فإن كان مدار هذا الخيار على الضرر أو أصالة المساواة في العوضين أو بناء نوع المعاملات على عدم الغابنية أو الشرط الضمني فكلها متحققة حين إيجاد المعاملة و لا دخل للعلم فيها حتى يكون الخيار حادثا بحدوث العلم.

(127) لوجود المقتضى للفسخ و فقد المانع عنه من جهة ثبوت الحق واقعا و كون العلم طريقا محضا لا أن يكون له موضوعية خاصة لإثبات الخيار واقعا فجميع الآثار مترتبة على وجود الحق الواقعي و العلم طريق محض إليه.

نعم، بعض الآثار معلق على موضوع لا يتحقق مع الجهل بالواقع كما في التصرف المسقط للخيار من جهة اعتبار كونه كاشفا عن الرضا بالمعاملة لا بد و ان يكون بعد العلم من هذه الجهة فقط، فيكون خارجا عن الفرض تخصصا لا تخصيصا كما أن التصرفات الناقلة مترتبة على الوجود الواقعي دون العلمي لكونها تصرفا في متعلق حق الغير واقعا فتكون صحتها متوقفة على اذنه و رضائه كتصرف الغابن في الثمن ان قلنا بأن متعلق الخيار خصوص العين لا مجرد المالية المحضة.

ص: 141

مسألة 7: خيار الغبن فوري لمن أطلع عليه و تمكن من إعمال الخيار

(مسألة 7): خيار الغبن فوري لمن أطلع عليه و تمكن من إعمال الخيار (128). فإذا أطلع عليه و لم يبادر إلى الفسخ لأجل جهله بحكم

______________________________

نعم، ظاهرهم الاتفاق على عدم جريان قاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له في المقام، لظهور إجماعهم على أن التلف من المغبون لا من الغابن و يأتي بقية الكلام في أحكام الخيار إن شاء اللّه تعالى فما عن شيخنا الأنصاري قدس سره في المقام من تثليث الأقسام مطلقا لا وجه له.

(128) لأن المنساق من الأدلة و المغروس في الأذهان أن الجهل بالقيمة معتبر في ثبوت خيار الغبن حدوثا و بقاء فمن أطلع على الغبن و أمكنه اعمال الخيار و مع ذلك لم يعمل خياره يقولون له قد أسقطت حقك باختيارك و أقدمت على الضرر بفعلك و يتوجه اللوم اليه كما يتوجه لوم الغابن و توبيخه عليه أيضا و هذا معلوم لكل أحد يتأمل في بناء المعاملات الغبنية عند الناس و لا ريب في أن العاجز عن رفع غبنه و القادر عليه عنوانان مختلفان لكل منهما حكم مستقل شرعا و عرفا، مع أن الشك في شمول أدلة الخيار لمثل الفرض يكفي في استصحاب الملكية فلا تزول إلا برضا الطرفين.

ثمَّ أن هذه المسألة مما أطيل فيها الكلام و نحن نلخص المقال بما يقتضيه الحال.

فنقول: ان الزمان ظرف لجميع الموجودات. بجواهرها و أعراضها و الاعتباريات مطلقا ما سوى اللّه تعالى فإنه عز و جل محيط على الزمان و الزمانيات لا أن يكون الزمان ظرفا له و محيطا به بل لا ظرف له مطلقا و ليس مراد الفقيه و الأصولي من الظرفية و القيدية هذا المعنى، إذ لا ربط لها بالفقه و الأصول، بل هو من مباحث فني الحكمة و الكلام، و قد استوفى حق هذا المبحث فيهما بجهاتها الشتى بل مراد الفقيه و الأصولي ما أخذ قيدا بحسب الجعل و التشريع في مقام الثبوت و الإثبات و قالوا أن الزمان في العمومات،

ص: 142

..........

______________________________

كعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مثلا إما قيد للحكم- كان يقول أكرم أبدا العلماء- أو متعلقه، كان يقول أكرم العلماء أبدا و كل منهما إما بنحو الاستمرار كما في لفظ ابدا و نحوه و مثلا أو بنحو التفريد كما في لفظ كل يوم و نحوه.

و بعبارة أخرى: تكون انحلالا من جهتين من جهة أفراده العرضية و أفراده الطولية بخلاف الاستمرارية فإن انحلاليته تكون بحسب أفراده العرضية فقط.

و تظهر الثمرة بينهما في أنه مع ورود التخصيص على الاستمراري ينقطع الاستمرار و يسقط العام عن الاعتبار رأسا، لعروض الانفصال وجدانا فلا يبقى موضوع للاستمرار قهرا فيجب الرجوع إلى شي ء آخر من استصحاب أو غيره بخلاف الثاني لاستقرار الظهور و الحجية في جميع الأفراد و خروج بعض الافراد عن العام لا يضر بحجيته في البقية و يجب الرجوع إلى العموم حينئذ و لا يصح الرجوع إلى الاستصحاب لاختلاف الموضوع.

و مع الشك في أن العموم من أيهما يرجع في التعيين إلى القرائن الخارجية و مع عدمها فسياق العموم يدل على الاستمرارية و التفريد عناية زائدة منفية بالأصل، كما أن الإهمال و الاجمال مقطوع بعدمهما، و استفادة صرف الطبيعة من حيث هي مخالف لفرض العموم فيتعين استظهار الاستمرارية هذه خلاصة ما يظهر من كلمات شيخنا الأنصاري قدس سره.

و فيه. أولا: أن العموم الاستمراري يستلزم الأفرادي أيضا غاية الأمر أن التفريد في العموم الأفرادي مدلول مطابقي للعام، و في الاستمراري مدلول التزامي، و لا فرق في اعتبار كل منهما في المحاورات خصوصا في العمومات الواردة لجعل القانون الأبدي الدائمي لا سيما في الوفاء بالعقود و العهود فتسقط الثمرة من هذه الجهة.

و ثانيا: أن ما ذكره من أنه في العموم الاستمراري إذا قطع استمراره لا يجوز التمسك به بعده لتحقق الانفصال مخدوش على إطلاقه.

نعم، إذا أحرز أبدية القطع ينقطع الاستمرار مطلقا و في غيره يصح

ص: 143

الخيار فلا يسقط خياره بذلك (129).

______________________________

التمسك بالعموم، لفرض تحقق الاستمرارية فيه، فيؤخذ بالخارج في مقدار دليل الخاص و في غيره يرجع إلى العام.

نعم، لو كان معنى الاستمرار هو ملاحظة مجموع الزمان من حيث المجموع شيئا واحدا بنحو العام المجموعي لكان قوله رحمه اللّه صحيحا و لكنه خارج عن مفروض البحث.

و ثالثا: ما ذكره في وجه عدم جريان الاستصحاب في مورد الشك فيما إذا كان العام مفرّدا و خصص بمخصص من تعدد الموضوع لا وجه له لأن الموضوع في المقام عنوان المغبون و هو ثابت في الحالين إلا أن يكون المراد عنواني العاجز عن رفع غبنه و القادر عليه فيرجع إلى ما قلناه أولا فلا احتياج إلى هذه التكلفات، فالأصل العملي و اللفظي تدل على الفورية.

و لو كان دليل هذا الخيار منحصرا بالإجماع فالمتيقن منه الفورية أيضا.

و أما لو كان المدرك قاعدة الضرر و الأدلة اللفظية فالتمسك بها للتراخي تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك لشك العرف و المحاورة في الشمول للتراخي، و كذا لا يصح التمسك بالاستصحاب لإثبات التراخي، للشك في ان أصل الموضوع المشروع فوري أو بالتراخي و هما متباينان عرفا فيكون الاستصحاب من أسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.

(129) للإجماع، و لأن الفورية إنما تكون مع عدم العذر المقبول و الجهل عذر مقبول و المراد به الغفلة أو الجهل المركب.

و أما الشاك المتردد في الحكم فيمكن أن يلحق بالجاهل، لعدم تمكنه من الفسخ المنجز الفعلي الذي هو المناط في القدرة على الفسخ و ان تمكن من الفسخ رجاء ثمَّ السؤال عن حكمه لكن ليس المدار في الإنشائيات عقدا أو حلا

ص: 144

و كذا بالنسبة إلى الناسي (130)، و كذا لو كان عالما و كان بانيا على الفسخ غير راض بهذا البيع إلا أنه أخر إنشاء الفسخ لغرض صحيح معتبر (131).

نعم، ليس له التواني فيه بحيث يؤدي إلى ضرر الغابن و تعطيل أمر عليه (132).

مسألة 8: لو علم بالغبن و لم يبن على الفسخ و لم يكن بصدده، فبدا له بعد ذلك أن يفسخ سقط خياره

(مسألة 8): لو علم بالغبن و لم يبن على الفسخ و لم يكن بصدده، فبدا له بعد ذلك أن يفسخ سقط خياره و لا حق له في ذلك (133).

مسألة 9: المدار في الغبن على القيمة حال العقد

(مسألة 9): المدار في الغبن على القيمة حال العقد (134) فلو زادت

______________________________

على هذا النحو من الإنشاء التعليقي.

(130) لأنه أيضا عذر مقبول عرفا و شرعا.

(131) لأنه ليس المراد بالفورية الدقة العقلية بل الفورية المتعارفة عند الناس في أمورهم التي بناؤهم على إتيانها فورا و لا يرون التأخير لأجل الأغراض الصحيحة منافيا لها كما هو واضح.

(132) لأن أصل إيجاب الفورية إنما هو للتحفظ على مراعاة الغابن و عدم ذهاب حقه، فإذا استلزم التواني فيه ذهاب حقه فلا وجه لجوازه.

(133) لتحقق التراضي بلا عذر له فيه فيسقط الخيار لا محالة. ثمَّ انه لو ادعى العذر يقبل قوله مع إحراز صدقه و إلا فيكون من موارد المدعي و المنكر لا بد فيه من العمل بموازين القضاء.

(134) لما تقدم في المسألة السادسة من ان وجود الغبن حين إنشاء المعاملة بنفسه موجب لثبوت الخيار و العلم طريق إليه لا أن يكون له موضوعية في ثبوته، فاللزوم في موقع ثبوت الخيار ضرري لا بد و ان يرتفع بالخيار و زيادة القيمة بعد ذلك لا يؤثر في منعه لتمامية علية الخيار فهو ثابت بتمامية علته حدوثا و ليست زيادة القيمة من مسقطات الخيار حتى يرتفع بها فالخيار ثابت حدوثا و بقاء لتمامية المقتضى و فقد المانع.

ص: 145

بعده و لو قبل اطلاع المغبون لا يسقط الخيار (135)، كما انه لو نقص بعده أو زاد لم يؤثر في ثبوته (136).

مسألة 10: يسقط هذا الخيار بأمور

(مسألة 10): يسقط هذا الخيار بأمور.

أحدهما: اشتراط سقوطه في ضمن العقد (137). و يقتصر في

______________________________

نعم، لو كان منشأ الخيار الغبن المراعى و المعلق على عدم الزيادة لما كان وجه للخيار حينئذ، و لكنه خلاف ظواهر الأدلة، مع أن أصل حدوث المغبونية في المعاملة مطلقا خلاف أغراض العقلاء الذين يهتمون بحفظ شؤونهم و حيثيّاتهم فلا بد و ان تكون للمغبون حينئذ السلطة على الخيار تداركا لهذه الجهة.

(135) لأصالة بقائه و عدم ما يوجب سقوطه إلا إذا ثبت أن أصل ثبوته كان تعليقيا فلا وجه لجريان الأصل حينئذ لكنه خلاف الظاهر.

(136) لأصالة اللزوم بعد انعقاد العقد بلا خيار و وقوع الزيادة و النقيصة في ملك الطرف.

(137) لعموم: «المؤمنون عند شروطهم» (1)، مضافا إلى ظهور الإجماع.

و أشكل عليه.

تارة: بأنه تعليق و لا وجه له في العقود.

و أخرى: بأنه مخالف للجزم المعتبر فيها.

و ثالثة: بأنه من إسقاط ما لم يجب.

و رابعة: بأنه مناف لمقتضى العقد.

و خامسة: بأنه مستلزم للدور لتوقف لزوم الشرط على لزوم العقد و لزوم العقد عليه.

و سادسة: بلزوم الغرر.

ص: 146


1- سبق في صفحة: 46.

السقوط على خصوص ما كانت العبارة ظاهرة فيه (138).

مسألة 11: لو كان المشروط سقوط مرتبة خاصة من الغبن، كالعشر فتبين كونه الخمس لم يسقط الخيار

(مسألة 11): لو كان المشروط سقوط مرتبة خاصة من الغبن، كالعشر فتبين كونه الخمس لم يسقط الخيار (139)، بل لو اشترط سقوطه و لو كان فاحشا أو أفحش لا يسقط إلا ما كان كذلك بالنسبة إلى ما يحتمل في مثل

______________________________

و الكل باطل: لأن التعلق على الواقع لا مانع فيه في العقود لا عقلا و لا شرعا، كما لا بأس بعدم الجزم مع إنشاء أصل المعاملة على المتحمل، و إسقاط ما لم يجب إذا كان بلا اقتضاء للثبوت من كل حيثية و جهة فلا وجه له و أما أن كان مع وجود المقتضى و لو في الجملة فلا بأس به يكون مثل التحذر عن الوقوع في خلاف الواقع عند احتماله و ليس من مقتضى العقد خيار الغبن حتى يكون شرط عدمه منافيا لمقتضاه بل العقد لا اقتضاء بالنسبة إليه. كما لا وجه للدور، لأن لزوم الوفاء بالشرط استفيد مما دل على أن المؤمنين عند شروطهم خرجت الشروط الابتدائية على فرض صحة الخروج و بقي الباقي، كما لا وجه للغرر، لأن الغرر المنفي انما هو فيما إذا كان في أصل المالية أو فيما يرجع إليها من الصفات، و أما إذا كانت المالية محرزة في الإنشاء المعاملي و كان فيما هو خارج عنها فلا وجه لكونه مانعا حينئذ بل هو واقع في المعاملات كثيرا، مع أن نفي الغرر لم يحصل من ناحية ثبوت الخيار حتى يثبت بسقوطه.

و بالجملة: لا يرى العرف البيع مع هذا الشرط غرريا فلا يصح التمسك بدليل نفي الغرر في المقام لا أقل من الشك في صدقه.

(128) لاختلاف مراتب الغبن اختلافا كثيرا، و يمكن أن يكون نظر المغبون في اشتراط سقوطه إلى خصوص بعض المراتب دون جميعها، و مقتضى إطلاق أدلة الخيار الثبوت إلا فيما هو المعلوم من موارد السقوط.

(139) لثبوت الغبن و عدم شمول دليل السقوط له فيكون له الخيار لا محالة.

ص: 147

هذه المعاملة فقط لا أزيد (140) فلو فرض ان ما اشترى بمائة لا يحتمل فيه أن لا يسوى عشرة أو عشرين و ان المحتمل فيه من الفاحش إلى خمسين و من الأفحش إلى ثلاثين و شرط سقوط الغبن فاحشا كان أو أفحش لم يسقط الخيار إذا كان يسوى عشرا أو عشرين (141).

الثاني: إسقاطه بعد العقد و لو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه على فرض ثبوته (142). و هذا أيضا كسابقه يقتصر فيه على مرتبة من الغبن كانت

______________________________

(140) لأن للفاحشية و الأفحشية أيضا مراتب متفاوتة بالنسبة إلى مورد المعاملة و لا بد من أن يكون اللفظ الدال على السقوط ظاهرا عرفا إما في التعميم بالنسبة إلى جميع المراتب مطلقا أو في التخصيص ببعضها و إلا يكون مجملا لا اعتبار به.

(141) لإطلاق أدلة الخيار بعد ثبوت الغبن الواقعي و عدم ما يصلح للسقوط لعدم طيب نفسه بهذه المرتبة من الغبن.

و ما يقال: من أن الخيار أمر واحد مسبب عن مطلق التفاوت الذي لا يتسامح فيه و لا تعدد فيه فيسقط بمجرد الاسقاط و ليس كحق العرض مختلفا بالنوع فإذا أسقط حق عرض بزعم أنه شتم لا يبلغ القذف فبان كونه قذفا فإنه لا يسقط حينئذ لأجل الاختلاف النوعي بينهما.

مدفوع: بأنه لا فرق بين الاختلاف النوعي و الفردي من هذه الجهة. فكما أن الاختلاف النوعي في العرض موجب للتقييد يكون الاختلاف الفردي هنا أيضا كذلك.

نعم، لو كان أصل الإسقاط بعنوان الداعي لا التقييد المحض يسقط في الموردين و لا فرق بينهما على هذا أيضا. و لو شك في انه من الداعي أو التقييد فالمرجع استصحاب بقاء الملكية في المقام و عدم تأثر الفسخ إلا برضا الطرفين.

(142) لأن لكل ذي حق إسقاط حقه إلا ما خرج بالدليل، و ما مر من

ص: 148

مقصودة عند الاسقاط، فلو أسقط مرتبة خاصة منه كالعشر فبان كونه أزيد لم يسقط الخيار بعد العقد (143).

مسألة 12: كما يجوز إسقاط هذا الخيار بعد العقد مجانا يجوز المصالحة عنه بالعوض

(مسألة 12): كما يجوز إسقاط هذا الخيار بعد العقد مجانا يجوز المصالحة عنه بالعوض (144) و لا فرق فيه بين العلم بمرتبة الغبن و الجهل بها إذا صرح بالتعميم، بأن يصالح عن خيار الغبن الموجود في هذه المعاملة بأي مرتبة كان (145)، و لو أطلق و كان للإطلاق منصرف عرفي فبان الخلاف يبطل الصلح (146)، و كذا لو يكن له منصرف (147) و كذا لو عين مرتبة خاصة و صالح عن خياره فبان كونه أزيد (148).

الثالث: تصرف المغبون بعد العلم بالغبن فيما انتقل إليه بما يكشف

______________________________

المناقشات في المسقط الأول يجري هنا أيضا مع جوابها فراجع و تأمل، و يصح الصلح عن هذا الاسقاط بعوض أيضا لوقوع العوض في مقابل دفع معرضية البيع عن ثبوت الخيار و هذا غرض صحيح عقلائي يجوز بذل المال بعوضه و لا يحتاج إلى ضم ضميمة كما عن شيخنا الأنصاري.

(143) لما تقدم في المسقط الأول بلا فرق في ذلك بينهما.

(144) لإطلاق أدلة جواز الصلح الشامل للمقام أيضا، و تقدم انه يصح الصلح على كل ما فيه غرض عقلائي و يأتي تفصيله في محله.

(145) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها لأن التعميم نوع من التعيين.

(146) لأن الانصراف المعتبر العرفي كالتعيين، فكما انه لو أوقع الصلح على مرتبة معينة فبان الخلاف لا وجه لصحة الصلح فكذا المقام.

(147) لأن إسقاط المهمل من كل جهة لا وجه له.

(148) لأن ما وقع الصلح عليه غير واقع و ما هو الواقع لم يرد عليه الصلح فيكون الخيار باقيا في جميع هذه الأقسام.

ص: 149

عن رضاه بالبيع (149). بأن يتصرف البائع المغبون في الثمن و المشتري المغبون في المثمن فيسقط خياره به خصوصا إذا كان تصرفه بالإتلاف أو بما يمنع الرد كالاستيلاد أو بإخراجه عن ملكه كالعتق أو بنقل لازم كالبيع (150). و أما تصرفه قبل العلم بالغبن فلا يسقط به الخيار (151).

______________________________

(149) للأدلة الأربعة فمن الكتاب آية التراضي (1)، الكاشفة عن كون اللزوم يدور مدار إحراز الرضا بالعقد على كل تقدير سواء أحرز ذلك من القول أو الفعل، و من السنة ما ورد في خيار الحيوان بعد العلم بعدم الخصوصية (2)، و أن المناط كله الرضا بالبيع و عدم وجه للتعبدية، و من الإجماع إجماع الفقهاء بل العقلاء على أن العقد المرضي به على كل تقدير، بلا فرق بين كون الكاشف عن الرضا هو القول أو الفعل، و من العقل ان فرض الرضا بالعقد و الالتزام به على كل تقدير مع فرض الخيار للغبن خلف و هو باطل.

(150) لأن هذه التصرفات أظهر في الالتزام بالبيع الغبني عن غيرها عرفا، مع انه نسب إلى المشهور سقوط الخيار بمثل هذه التصرفات قبل العلم بالغبن فيكون سقوطه بها بعد العلم به بالأولى.

(151) للأصل بعد عدم دليل عليه، و لكن نسب إلى المشهور سقوطه بالتصرف المخرج عن الملك على وجه اللزوم كالبيع و العتق للإجماع و لعدم إمكان الرد، و لأن المتيقن من مورد الرد و هو رد العين فقط، و لأن التصرف إقدام على الضرر.

و الكل باطل: إذ الإجماع غير متحقق و الرد بالمثل أو القيمة ممكن.

و دعوى: ان المتيقن هو رد العين أول الدعوى و عين المدعي، و كون

ص: 150


1- سورة النساء: 29 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 8 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
2- تقدم في صفحة: 106.

كتصرف الغابن فيما انتقل إليه مطلقا (152).

مسألة 13: لو اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع فإن كان المبيع موجودا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه

(مسألة 13): لو اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع فإن كان المبيع موجودا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه (153). و ان تلف أو أتلفه رجع إليه بالمثل أو القيمة (154)، و ان حدث فيه عيب عنده سواء

______________________________

التصرف اقداما على الضرر مع الجهل بالظن فساده مما لا يخفى على أحد.

(152) للأصل بعد عدم دليل عليه من عقل أو نقل و يأتي تفصيله في المسائل الآتية.

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 17، ص: 151

(153) لانحلال العقد بالفسخ و رجوع كل من العوضين إلى مالكه الأول، فيصير المبيع حينئذ ملكا للبائع في يد المشتري و يجب عليه رده إلى مالكه.

ثمَّ إن المغبون إما البائع أو المشتري، أو هما و العين المغبون فيه إما باق على حاله أو تصرف فيه، و التصرف إما في المغبون فيه أو في عوضه أو فيهما و أما أن يكون بما يخرج به عن الملك أو بما يمنع عن الرد كالاستيلاد أو يكون التصرف في المنفعة خاصة أو يوجب تغير العين بالزيادة العينية كغرس الأشجار أو حكمية كقصارة الثوب أو المشوبة كالصبغ، أو يكون بالنقصان كعيب و نحوه أو بالامتزاج بالمثل مساويا كان أو أجود أو أردى، أو يكون بالامتزاج بغير المثل على نحو التمييز أو على نحو الاضمحلال.

ثمَّ انه أما أن يمكن ازالة المانع قبل اعمال الخيار أولا و هذه صور كثيرة ربما تزيد على مأتي صورة نتعرض لعمدة صورها إن شاء اللّه تعالى و منها يعلم حكم البقية إذ ليس في جميع هذه المسائل نص خاص و لا دليل مخصوص بل لا بد من إتمامها بحسب القواعد العامة و لا بد و ان يذكر ذلك كله في أحكام الخيار لا في المقام و لكن الفقهاء رحمه اللّه لم يستوفوا تلك المسائل لا في المقام و لا هناك.

(154) لأصالة بقاء الخيار و عدم تقومه ببقاء العين بل يتحقق بإمكان كان

ص: 151

بفعله أو بآفة سماوية استرده مع أرشه (155)، و إذا أخرجه عن ملكه بالعتق أو الوقف أو نقله إلى الغير بعقد لازم كالبيع فهو بحكم التلف (156).

______________________________

استرداد المالية أيضا الثابتة في أخذ المثل أو القيمة مع عدم إمكان رد العين و المناط قيمة يوم الدفع و الأحوط التصالح و التراضي.

(155) أما رد العين فلرجوعه إلى مالكه بعد الفسخ. و أما لزوم الأرش فلان الفائت مضمون بجزء من العوض فإذا رد تمام العوض وجب عليه تدارك الفائت ببدله و هو الأرش.

(156) لوقوع ذلك كله صحيحا مع وجود المقتضى و فقد المانع فمقتضى الأصل صحته و عدم نقضه بإعمال الخيار.

و دعوى: أن الخيار حل للعقد من حين حدوثه فيكشف عن وقوع ذلك كله في غير محله.

فاسد: لأن معنى كون الخيار حلا للعقد أن الالتزام الحاصل بالعقد الذي هو باق بوجوده الاعتباري ينحل بالخيار لا أن صدور العقد يصير كأن لم يكن بالنسبة إلى تمام الآثار إذ لا دليل عليه من عقل أو نقل كيف و المشهور حصول الملكية بمجرد العقد و لو قبل انقضاء زمان الخيار و جواز ترتيب تمام آثار الملكية على الملك الحاصل بالعقد على ما يأتي في أحكام الخيار.

نعم، لو تمَّ ما نسب إلى الشيخ من توقفها على انقضائه لم تقع هذه التصرفات في الملك حتى تصح ملكه.

مخدوش في الخيارات الزمانية فضلا عن مثل الغبن على ما يأتي تفصيله إن شاء اللّه تعالى في أحكام الخيار.

ان قيل حق الخيار أسبق فلا بد و أن يكون أولى بالمراعاة فتبطل تلك التصرفات من هذه الجهة.

يقال. أولا: حق الخيار و الملكية يحصلان بمجرد العقد و لا وجه للسبق

ص: 152

فيرجع إليه بالمثل أو القيمة (157)، و لو رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد فإن كان البائع قد أخذ منه البدل فلا يرجع إليه بالعين (158)، بل و كذا لو كان قبل أخذ البدل (159)، و لو كان النقل بما هو غير لازم كالهبة و البيع بالخيار فليس له إلزام المشتري بالفسخ و الرجوع و تسليم العين ان أمكن (160).

مسألة 14: لو نقل منفعة العين إلى الغير بعقد لازم كالإجارة لم يمنع ذلك عن الفسخ

(مسألة 14): لو نقل منفعة العين إلى الغير بعقد لازم كالإجارة لم يمنع ذلك عن الفسخ (161) كما أنه بعد الفسخ تبقى الإجارة على

______________________________

و اللحوق بينهما.

و ثانيا: العرف يرى هذه التصرفات واقعة عن أهلها و في محلها فتشملها إطلاقات أدلة صحتها.

(157) لما مر من أن ذلك متعين في مورد التلف فكذا في المقام.

(158) لانقطاع العلقة بينه و بين المشتري بعد أخذ البدل فمقتضى الأصل عدم تسلطه على المشتري بدفع العين.

(159) لسقوط حقه عن العين بتحقق النقل اللازم و عوده بعد ذلك يحتاج إلى دليل و هو مفقود إلا إذا ثبت ان السقوط كان ما داميا لا دائميا و هو عين الدعوى و أصل المدعي، و لنا أن نستصحب طبيعي السقوط كما في الكلي المردد بين الطويل و القصير.

(160) لأصالة عدم حق له على هذا الإلزام بعد ان كان المنساق من أدلة رد العين خصوص ما إذا كان العين باقيا على ملك الطرف، و أما بعد خروجه عنه بالنحو الصحيح الشرعي فيستصحب بقاء ملكيته، و أصالة عدم حق الإلزام لأحد و اعمال الخيار و ان كان حق المغبون لكنه أعم من رد العين أو البدل إن كان خروج العين عن ملك الغابن بوجه شرعي و لكن الأحوط التراضي.

(161) لأنه لا مانع من تعدد المالك بالنسبة إلى العين و المنفعة فيرجع العين

ص: 153

حالها (162) و ترجع العين إلى الفاسخ مسلوب المنفعة (163) و له سائر

______________________________

بالفسخ إلى المغبون و تبقى المنفعة على ملك المستأجر في مدة الإجارة.

(162) لأنه إذا ملك شخص العين آنا ما فقد ملك جميع المنافع المتصورة لها مطلقا فيجوز له إجارتها و عقد الإجارة لازم بالأدلة العامة و الخاصة. فما نسب إلى المحقق القمي من انفساخ الإجارة بفسخ البيع، مخالف لما دل على لزومها من الأدلة و إن من ملك العين في زمان ملك المنفعة المطلقة و يجوز له التصرف فيها بما شاء.

(163) لأن مالكها استوفاها و المنافع المستوفاة قبل الفسخ غير مضمونة قطعا و المستوفاة بالإجارة قبل الفسخ كالمستوفاة الحقيقية قبله فلا وجه للضمان فيها.

إن قلت: نعم لا ضمان للمنافع المستوفاة و لكن رجوع العين إلى الفاسخ مسلوبة المنفعة نقص لا بد من تداركه مع اقتضاء قاعدة الضرر ذلك أيضا.

قلت: مقتضى الفسخ رجوع العين إلى الفاسخ على ما هي عليه حين الفسخ لا حين العقد، و لذا تسالموا على أن المنافع المستوفاة و النماءات المنفصلة لا ترجع إلى الفاسخ و حينئذ فإن لوحظت الإجارة بالنسبة إلى العين بما هو عليه حال العقد يكون ذلك نقصا و ان لوحظت بالنسبة إلى حال الفسخ فلا نقص في البين و المفروض ان الإجارة وقعت عن حق واقعي شرعي فلا نقص في البين حتى يلزم تداركه.

و أما قاعدة نفي الضرر فلا وجه لجريانها في المقام لأن الضرر لم يحصل من ناحية تشريع الخيار حتى يرتفع الخيار بالقاعدة و قد حصل استيفاء المنافع في ظرف ملكية المستوفى لها فلا مقتضى للضمان حتى يكون عدم جعل الضمان ضررا من قبل الشارع و يرتفع بالقاعدة.

ان قيل: نعم أن هذا كله مبني على أن ملكية المنافع في ظرف ملكية العين

ص: 154

المنافع غير ما ملكه المستأجر لو كانت (164)، و الأحوط التراضي بينهما بالنسبة إلى بقية المدة بعد الفسخ إما بأجرة المثل أو بتدارك النقص و لا تفاوت بينهما غالبا (165).

مسألة 15: بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري

(مسألة 15): بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري و لكن تغير بتصرفه فاما أن يكون بالنقيصة، أو بالزيادة، أو بالامتزاج، فإن كان بالنقيصة أخذه مع الأرش (166)، و إن كان بالزيادة فاما أن تكون صفة محضة كطحن الحنطة و قصارة الثوب و صياغة الفضة، أو صفة مشوبة بالعين كالصبغ، أو عينا محضا كالغرس و الزرع و البناء.

أما الأول: فإن لم يكن للزيادة دخل في زيادة القيمة يرجع إلى العين

______________________________

ملكية أبدية دائمية و لا نسلم ذلك بل هي ملكية ما دامية أي: ما دامت العين في ملك المالك فتفسخ الإجارة بانفساخ ملكية العين لا محالة.

يقال: ملكية المنفعة في ظرف ملكية العين ما دامية مما لا يدل عليه دليل عقلي و لا نقلي بل يظهر منهم الإجماع على الخلاف، و لذا تسالموا على عدم بطلان إجارة الأعيان بموت الموجر، فما هو المشهور في المقام من رجوع العين إلى الفاسخ مسلوب المنفعة في مدة الإجارة هو المنصور.

(164) لأنها تابعة للعين فلا بد من رجوعها إليه بالفسخ لوجود المقتضى و فقد المانع.

(165) لأن المسألة خلافية و الاحتياط حسن في الاتفاقيات فضلا عن غيرها.

(166) لأن أخذ تمام العوض ملازم لرد تمام المعوض إن كان موجودا بالتمام و لا يتحقق ذلك إلا بتدارك الفائت ببدله و هو الأرش هذا إذا أوجبت النقيصة نقصا ماليا عرفا و إلا أخذ نفس العين بلا أرش لفرض عدم النقيصة المالية حتى يتدارك بالأرش.

ص: 155

و لا شي ء عليه (167) كما أنه لا شي ء على المشتري (168). و أما لو كان لها دخل في زيادة القيمة يرجع إلى العين (169) و تكون زيادة القيمة للمشتري (170) فيأخذ البائع العين و يدفع إليه زيادة القيمة (171) و الأحوط التراضي (172) و قد يكون بعض مراتب السمن و النمو في الشجر و الزرع داخلا في ما نحن فيه (173)، و لو حصلت الزيادة في ملك الغابن ثمَّ زالت ففسخ المغبون بعد زوالها لا شي ء عليه (174). كما أنها لو

______________________________

(167) لفرض أن الزيادة غير موجبة لزيادة القيمة، مع أن ما عمله المشتري إنما عمله في ملكه و ماله و لنفسه و ما كان كذلك غير مضمون على غيره فلا وجه للرجوع على البائع.

(168) لفرض عدم حصول نقص في العين حتى يجب عليه التدارك.

(169) لصيرورته ملكا له بالفسخ فيرجع إلى ملكه.

(170) لأن المالية الزائدة في العين تختص بمن أحدثها فيه.

(171) لأن اشتراكه في العين لا وجه له، لاختصاص العين بمالكها بعد الفسخ و الشركة في المالية تابعة للشركة في العين فإذا كانت الثانية باطلة لا موضوع للأولى أيضا.

نعم، هذه الزيادة نحو صفة توجب زيادة القيمة فلا بد للفاسخ من تداركها إما بدفع زيادة القيمة أو بأن يتراضيا على بيع العين مع كون الغابن شريكا في القيمة بالنسبة مع المغبون.

(172) لأنه حسن في كل حال خصوصا مع اختلاف الوجوه.

(173) لكونه من الوصف الموجب لزيادة القيمة. ثمَّ انه لا فرق في حصول الوصف الموجب لزيادة القيمة بين أن يكون بفعل الغابن أو بفعل اللّه تعالى أو بفعل الأجنبي.

(174) لأصالة البراءة عن وجوب شي ء عليه.

ص: 156

زالت بعد دخولها في ملك الغبن بالفسخ وجب التدارك عليه (175).

و كذا الثاني: و هو ما لو كانت الزيادة صفة مشوبة بالعين كالصبغ فيأخذ البائع العين و يدفع إليه زيادة القيمة (176).

و أما الثالث: و هو ما إذا كانت الزيادة عينا محضا فيرجع البائع إلى المبيع (177) و يكون الغرس و الزرع و البناء للمشتري (178).

______________________________

(175) لاستصحاب بقاء الزيادة في ملكه.

(176) لجريان جميع ما قلناه في الوصف الموجب لزيادة القيمة هنا من غير فرق. بل قيل: ان هنا أولى لشوب العينية.

و لكنه مخدوش: لأن مثل هذه العينية في حكم التلف عرفا فيكون من مجرد الوصف الموجب لزيادة القيمة كما في القسم السابق و الاحتياط السابق يجري في هذا القسم أيضا.

(177) لصيرورته ملكا له بعد الفسخ.

(178) لفرض ان كل ذلك إما عين ماله أو نماء ماله فمقتضى قاعدة السلطنة التي هي من القواعد النظامية العقلائية تسلطه على ماله و المفروض أن إحداث هذه الزيادة وقع من أهله و في محله فلا عدو ان لا في نفس العين و لا في نمائها و ليس له سلطنة الإبقاء، لأنه سلطنة على مال الغير، مع انه يوجب تضرر المغبون و قاعدة الضرر حاكمة على قاعدة السلطنة، كما انه ليس للغابن سلطنة القلع لأنه أيضا سلطنة على مال الغير و يوجب تضرر المغبون فلا بد من الجمع بين السلطنتين بحسب القواعد المعتبرة فكل من المالكين يملك ذات ماله من دون حصول ضرر على الآخر فلكل منهما تخليص ماله عن مال صاحبه مع ملاحظة عدم تضرر الآخر، فإن أراد مالك الغرس ذلك فعليه طم الحفر و إن أراد مالك الأرض ذلك فعليه أرش الغرس أي: تفاوت ما بين كون منصوبا دائما و كونه مقطوعا للجميع بين قاعدة السلطنة و قاعدة الضرر التي هي من أهم القواعد

ص: 157

..........

______________________________

المعتبرة و هذا هو الذي يقتضيه العدل و الإنصاف المبني عليه الشريعة في عباداته و معاملاته.

إن قلت: إذا كانت خصوصية النصب إلى ما تقتضيه العادة مستحقة للغابن فلا وجه لاستحقاق المغبون للقلع أصلا لأنه مناف لاستحقاق الغابن لتلك الخصوصية و يكون القلع حينئذ ضررا فيندفع بقاعدة نفي الضرر.

قلت: لا وجه لهذا الإشكال أصلا لفرض أن مالك الغرس يملك هذه الخصوصية بشرط عدم تضرر الآخر و مع فرض تضرره لا بد له من جبرانه، و كذا مالك الأرض يملك خصوصية تفريغ أرضه بشرط عدم تضرر لا بد له من تداركه و هذا الشرط حصل من نتيجة الجمع بين الحقين.

إن قلت: إن الغرس في الملك المتزلزل بالخيار إسقاط لاحترام المال بالاختيار فلا يكون القطع حينئذ ضرريا حتى يدفع بقاعدة نفي الضرر و الضرار.

قلت: الإقدام على هتك المال إما قصدي أو انطباقي و الأول مفروض العدم و الثاني كذلك أيضا، إذ العرف لا يحكم بهتك المال مع كثرة اهتمام الشارع و العقلاء بعدم الضرر و الإضرار بالغير مع كون أصل التصرف بالحق شرعا و عرفا فالمقام مثل من يأكل شيئا و يمرض ثمَّ يعالج فليس هذا اقداما على الضرر حتى مع العلم بأنه يمرض و يعالج.

إن قلت: ان للغابن استيفاء المنفعة الأبدية عن ملكه في ظرف كونه مالكا للعين و بالغرس استوفى تلك المنفعة فليس للمغبون قلعه كما مر في الإجارة من انه لو استوفى المنفعة بالإجارة تصح الإجارة و لو بعد الفسخ فكذا المقام.

قلت: استيفاء المنفعة الأبدية إما حقيقي أو اعتباري دفعي و الثاني مفروض العدم في المقام لفرض عدم الإجارة و كذا الأول، لأن نمو الغرس تدريجي لا يمكن أن يكون دفعيا فحدوث الغرس كان من أهله و في محله لكن منافعه التدريجية و ما وقع منها بعد الفسخ لا وجه لأن يستحقها المفسوخ عليه لأنها ملك الفاسخ و قد تجددت في ملكه فله حق مطالبة عوضها فلا وجه لقياس

ص: 158

..........

______________________________

أحدهما مع الآخر.

نعم، لو آجر المشتري الأرض مدة معلومة لغيره للغرس فغرس المستأجر يكون من المقام حينئذ.

إن قلت: إذا كان مقتضى القاعدة جواز إبقاء المشتري بالأجرة و جواز قلع البائع مع تدارك الضرر فليكن في التفليس أيضا كذلك فإذا أوجد المفلس عينا من غرس أو بناء فيما اشتراه ثمَّ حجر عليه و رجع مالك العين فيجوز للبائع الفاسخ قلع الغرس مع الأرش مع انه نسب إلى الأكثر عدم الجواز حينئذ.

قلت: ذهاب الأكثر أو المشهور ليس دليلا يعتمد عليه.

نعم، لو تحقق إجماع على خلاف القاعدة يعتمد عليه، مع انه يمكن الفرق بين المفلس و بين المقام بأن الأول طرء الفسخ على العقد اللازم و في المقام يكون العقد خياريا من أول حدوثه.

ثمَّ ان دخول ملك في ملك آخر إما أن يكون بالباطل حدوثا و بقاء كما إذا غرس شخص أو بنى في ملك الغير بغير إذنه و لم يرض صاحب الأرض بالبقاء فلا حرمة لمثل هذا الغرس و يخرب البناء أبدا إذ «لا حرمة لعرق ظالم» و يجوز لصاحب الأرض أن يقلع الغرس و يخرب البناء بلا شي ء عليه. و أما أن يكون بالحق حدوثا و بقاء كما إذا غرس أو بنى الولد في ملك والده مثلا بإذنه فمات الوالد و انتقل الملك إلى الولد و قد وقع الغرس و البناء من أهله و في محله حدوثا و بقاء، و أما أن يكون الحدوث بالباطل و البقاء بالحق كما إذا غرس في ملك الغير بغير إذنه ثمَّ تراضيا بالبقاء بعوض أو بدونه، و أما أن يكون الحدوث بحق و البقاء بالباطل كما في المقام و قد مر حكمه و لا نص و لا إجماع معتبر في جملة هذه الصور و لا بد من إتمامها بالقواعد و يأتي ما يتعلق بها في الأبواب المختلفة و يأتي تفصيل ذلك كله في المواضع المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

ص: 159

و ليس للبائع إلزامه بالقلع أو الهدم و لو بالأرش (179) و لا إلزامه بالإبقاء و لو مجانا (180)، كما إنه ليس للمشتري حق الإبقاء مجانا و بلا اجرة (181) فعلى المشتري إما إبقاؤها بالأجرة و إما قلعها مع طم الحفر و تدارك النقص الوارد على الأرض (182) و للبائع إلزامه بأحد الأمرين (183) لا خصوص أحدهما (184)، و كلما اختاره المشتري من الأمرين ليس للبائع الفاسخ منعه (185).

نعم، لو أمكن غرس المقلوع بدون أن يحدث فيه شي ء إلا تبدل المكان فقط فللبائع إلزامه به (186)،

______________________________

(179) لقاعدة نفي الضرر بعد أن كان أصل الحدوث و الاحداث بالحق، و لأصالة عدم ثبوت هذا الحق له.

(180) لأصالة عدم سلطنته و ولايته له على ذلك بل هو المسلط على ماله إن شاء أخذه مع طم الحفر و إن شاء تركه بالاسترضاء.

(181) لما مر من أن الحدوث و إن وقع بحق و لكنه لا حق له في الإبقاء و البقاء لا حقيقة و لا اعتبارا.

(182) لأنه من الجمع بين الحقين و إعمال العدل و الانصاف في البين.

(183) لأن هذا من فروع الولاية على ماله و المفروض ثبوت أحد الأمرين للمشتري شرعا فهو إلزام بالحق على الحق.

(184) لأنه إلزام بغير حق بعد كون المشتري مخيرا بين الأمرين شرعا و عدم لزوم ضرر على البائع، لأنه يتدارك الضرر الوارد عليه مطلقا.

(185) لفرض تخير المشتري بين الأمرين و انه يتدارك الضرر الوارد على البائع على كل من التقديرين.

(186) لجريان قاعدة السلطنة بالنسبة إلى البائع حينئذ بلا معارضة لقاعدة

ص: 160

و الزرع مثل الغرس فيما مر (187).

و أما الامتزاج فإن كان بالجنس تتحقق الشركة بحسب الكمية (188) و إن كان بالأردى أو الأجود لكن مع أخذ الأرش في الأول و إعطاء زيادة القيمة في الثاني (189) و الأحوط التراضي (190)، و إن كان الامتزاج بغير الجنس فإن حكم أهل الخبرة بأنه مثل التلف فيرجع إلى المثل أو القيمة (191) و إلا فتثبت الشركة في القيمة أو في العين بنسبة القيمة (192).

مسألة 16: لو كان المغبون هو المشتري فيجري فيه جميع ما تقدم

(مسألة 16): لو كان المغبون هو المشتري فيجري فيه جميع ما تقدم

______________________________

الضرر لفرض عدم تضرر المشتري بالقلع و الغرس في مكان آخر.

(187) لاشتراكهما في أن إبقاءه ضرر على مالك الأرض و قلعه ضرر على مالك الزرع فلا بد من الجمع بين الحقين بما يرتفع به الضرر من البين و مجرد كون مدة اشتغال الأرض بالزرع أقل من اشتغالها بالغرس لا يوجب الفرق بينهما من حيث أصل التضرر فإن قليله و كثيره مرفوع.

نعم، عند المعارضة يجب تقديم الأقل ضررا كما ثبت في محله.

(188) لأنهما مالان و من جنس واحد اختلطا فلا محالة تثبت الشركة.

(189) أما أصل الشركة فلفرض كون المالين من جنس واحد و أما أخذ الأرش و إعطاء زيادة القيمة فلقاعدة نفي الضرر.

(190) خروجا عن خلاف من قال بالشركة في القيمة لا في العين و ان كان لا دليل له عليه.

(191) لفرض صدق التلف عليه عند أهل الخبرة.

(192) لعدم صدق التلف و اختلاط المالين فلا بد من الشركة في المالية أو في العين و الأحوط التراضي كما في صورة تردد أهل الخبرة في أنه من التلف أو من الاختلاط فلا بد حينئذ من التصالح.

ص: 161

فيما إذا كان المغبون هو البائع من غير فرق (193).

مسألة 17: إذا كان العوض شيئين- ثمنا أو مثمنا- صفقة واحدة له التبعيض في الفسخ

(مسألة 17): إذا كان العوض شيئين- ثمنا أو مثمنا- صفقة واحدة له التبعيض في الفسخ (194). و للطرف أيضا خيار تبعّض الصفقة (195).

مسألة 18: يجري خيار الغبن في جميع المعاوضات المالية

(مسألة 18): يجري خيار الغبن في جميع المعاوضات المالية إلا ما أحرز أن بناءها على المسامحة (196).

الخامس: خيار التأخير

اشارة

الخامس: خيار التأخير: و هو فيما إذا باع شيئا و لم يقبض المبيع و لا تمام الثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن أتى المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و إلا فللبائع فسخ المعاملة (197). و قبض بعض المبيع أو

______________________________

(193) لأنه لا نص بالخصوص في المقام بل لا بد من تطبيق هذه الفروع على القواعد و مقتضاها عدم الفرق بين كون المغبون هو البائع أو كونه هو المشتري.

(194) لعموم أدلة خيار الغبن و إطلاقها الشامل لهذه الصورة أيضا.

(195) لقاعدة نفي الضرر، و لأنه من الجمع بين الحقين.

(196) لقاعدة نفي الضرر، و الظاهر أن ذكر البيع في معاقد الإجماعات من باب أنه أهم المعاوضات لا من باب الخصوصية. هذا مع ان بناء الناس على عدم التغابن في الأموال عام بالنسبة إلى جميع المعاوضات المالية.

نعم، ما بنى على التسامح لا موضوع لخيار الغبن فيه بالمقدار المتسامح فيه و لعل منه بعض أقسام الصلح.

(197) لنصوص مستفيضة، مضافا إلى ظهور الاتفاق و الإجماع، و قاعدة نفي الضرر في الجملة، مع ان عرف الناس يرون لزوم مثل هذه المعاملة مطلقا مستنكرا و ضررا فأصل الخيار عقلائي و التحديد بكونه بعد ثلاثة أيام شرعي فلا موضوع لجملة من الأبحاث و الإشكالات في المقام مضافا إلى أن فعلية التسليم للعوضين في المعاملات الحالية من قبيل الشروط الضمنية المرتكزة في أذهان

ص: 162

..........

______________________________

الناس، قال علي بن يقطين: «سألت أبا الحسن عليه السّلام: عن الرجل يبيع البيع و لا يقبضه صاحبه و لا يقبض الثمن قال ع: فإن الأجل بينهما ثلاثة أيام فإن قبض بيعه و إلا فلا بيع بينهما» (1)، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قلت له:

الرجل يشتري من الرجل المتاع ثمَّ يدعه عنده فيقول: حتى آتيك بثمنه قال عليه السّلام: إن جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام و إلا فلا بيع له» (2)، و في موثق ابن الحجاج قال: «اشريت محملا فأعطيت بعض ثمنه و تركته عند صاحبه ثمَّ احتبست أياما جئت إلى بائع المحمل لآخذه فقال: قد بعته فضحكت ثمَّ قلت:

لا و اللّه لا أدعك أو أقاضيك فقال لي: ترضى بأبي بكر بن عياش؟ قلت: نعم فأتيته فقصصنا عليه قصتنا فقال أبو بكر بقول من تريد أن أقضي بينكما؟ بقول صاحبك أو غيره؟ قلت: بقول صاحبي قال سمعته من أشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه و بين ثلاثة أيام و إلا فلا بيع له» (3)، و في موثق ابن عمار عن العبد الصالح عليه السّلام: «من اشترى بيعا فمضت ثلاثة أيام و لم تجي ء فلا بيع» (4).

و أما موثق ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل اشترى جارية و قال: أجيئك بالثمن فقال عليه السّلام: «إن جاء فيما بينه و بين شهر و إلا فلا بيع له» (5)، شاذ يردّ علمه إلى أهله.

و المنساق من الأخبار المتقدمة نفي البيع المتعارف المعهود بين الناس و هو البيع اللازم، و أما نفي أصل الصحة كما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه و غيره فهو خلاف السياق و إن كانت كلمة «لا» ظاهرة في نفي الحقيقة و لكنه مسلم فيما إذا لم يكن عرف خاص على الخلاف بل يمكن أن يقال: أن كثرة استعمال كلمة «لا» في نفي الأثر أظهر من استعمالها في نفي الحقيقة فيكون المقام من تقديم الأظهر على الظاهر، مع أن الشيخ الذي هو الأصل لهذا القول رجع إلى قول المشهور.

و أما احتمال انفساخ العقد شرعا كانفساخه بتلف المبيع قبل القبض أو

ص: 163


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 3.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 1.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 2.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 4.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 6.

الثمن كلا قبض (198).

______________________________

بطلان البيع رأسا بعد الثلاثة فلا وجه لهما بعد استظهار عدم اللزوم من هذه الأخبار كما مر.

و يشترط في هذا الخيار أمور.

الأول: عدم قبض المبيع، و يدل عليه مضافا إلى دعوى الإجماع الملازمة الغالبية بين عدم قبض الثمن المنصوص به فيما تقدم من النصوص و عدم قبض المبيع، و قوله عليه السّلام في خبر ابن يقطين «فإن قبض بيعه» فإن استعمال المصدر بمعنى اسم المفعول شائع خصوصا مع وجود قرينة عليه في المقام و هو لفظ «القبض» فلا وجه لما يظهر من صاحب الجواهر من عدم اعتبار عدم قبض المبيع، و يشهد له اشتمال السؤال فيه على عدم قبض المبيع فإنه و إن لم يصح الاستدلال بالسؤال و لكنه لا يخلو عن شهادة لما قلناه.

و احتمال التشديد فيه فيكون بمعنى قبض البائع الثمن خلاف الظاهر يحتاج إلى قرينة و هي مفقودة فإن استعمال البيع بالتشديد مفردا نادر جدا.

الثاني: عدم قبض تمام الثمن، و يدل عليه النصوص التي تقدم التعرض لها.

الثالث: عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين، للإجماع على اعتبار هذا الشرط، مع أنه المنساق عرفا من النصوص في هذا الحكم المخالف للأصل فلا وجه لخيار التأخير في السلف و النسية، مع أنه لا وجه لخيار التأخير فيهما من جهة أخرى و هي قبض الثمن في الأول و قبض المثمن في الثاني.

(198) لأن ظاهر قوله عليه السّلام في موثق ابن يقطين المتقدم: «فإن قبض بيعه و إلا فلا بيع بينهما» هو قبض تمام المبيع، و كذا قوله عليه السّلام: «من اشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه و بين ثلاثة أيام و إلا فلا بيع له» فإنه ظاهر في تمام ما وقع عليه البيع من الثمن، و كذا غيره من سائر الأخبار، و يشهد له خبر ابن الحجاج المصرح فيه

ص: 164

..........

______________________________

بأنه أعطى بعض الثمن فإنه و إن وقع في كلام السائل لكن لا يخلو عن شهادة كما تقدم، على أن المتعارف كان قبض تمام المبيع إلا أن يكون شرط على الخلاف في البين و الخيار إنما تثبت عند تخلف هذا المتعارف.

إن قيل: يمكن دعوى الانصراف إلى صورة عدم قبض شي ء من العوضين.

يقال: لا وجه له، مع ان المعاوضات الواقعة بين الناس إنما تقع مع قبض تمام العوضين حالا إلا مع التراضي على الخلاف.

و دعوى: أن المرجع في صورة الشك أصالة اللزوم، لا ينفع مع ظهور الأخبار في الخلاف. و أما احتمال تبعيض الخيار فلا خيار بالنسبة إلى ما قبض و يثبت بالنسبة إلى ما لم يقبض فهو خلاف الأغراض المعاملية و خلاف المنساق من الأدلة لا يصار إليه إلا مع وجود القرينة عليه و هي مفقودة.

ص: 165

مسألة 1: يثبت هذا الخيار فيما إذا كان المبيع عينا شخصيا، بل و في الكلي الذمي أيضا

(مسألة 1): يثبت هذا الخيار فيما إذا كان المبيع عينا شخصيا (199)، بل و في الكلي الذمي أيضا (200) و الأحوط أن يكون الفسخ برضا

______________________________

(199) نصا و إجماعا بلا خلاف من أحد، و كذا في الصاع من صبرة لأن الكلي في المعين كالعين الخارجي في جملة من الجهات.

(200) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و اخرى: بحسب المرتكزات.

و ثالثة: بحسب الروايات.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأول: فمقتضى الأصل اللزوم عند الشك في ثبوت الخيار كما أثبتنا ذلك في أول الخيارات فراجع.

و أما الثاني: فتسليم العوضين من البيوع الحالة بعد وقوعها من أهم الأغراض العقلائية المعاملية النوعية التي يعتنون به نحو اعتنائهم بأصل مالهم بلا فرق في ذلك بين الشخصيات و الكليات فتكون هذه الجهة كسائر الجهات الموجبة للخيار لديهم و من أخر ذلك فقد ضيق سلطنة المالك على ماله و هو في نفسه نحو ضرر فلا بد من تداركه بالخيار فلا وجه للتمسك بالأصل مع هذا المرتكز.

و أما الثالث: فقد ذكر فيها البيع أي المبيع، و الشي ء و المتاع و شمول كل ذلك للكلي مما لا ينكر.

نعم، رواية ابن الحجاج المتقدمة ظاهرة في العين الشخصي بقرينة قوله:

ص: 166

الطرفين (201)، و لا فرق في الثمن بين أن يكون معينا أو كليا (202).

مسألة 2: لا فرق في ثبوت الخيار بينما إذا كان عدم القبض لعذر أولا

(مسألة 2): لا فرق في ثبوت الخيار بينما إذا كان عدم القبض لعذر أولا (203) و لو قبض أحد العوضين دون الآخر فلا خيار (204)، و كذا لو بذل المشتري الثمن و لم يأخذه البائع أو بالعكس (205).

مسألة 3: يعتبر في القبض المسقط للخيار أن يكون جامعا

(مسألة 3): يعتبر في القبض المسقط للخيار أن يكون جامعا

______________________________

«و تركته عند صاحبه» و لكنه في سؤال السائل فليس مخصصا للحكم.

و أما الأخير: فقد نقل الشيخ في مكاسبه جملة من أقوالهم مستظهرا منها الاختصاص لكن الشهيد لم ينسبه إلا إلى الشيخ مع أن المدار على الدليل لا على كلمات الأصحاب ما لم يصل إلى الإجماع المعتبر و هو ممنوع.

(201) للخروج عن خلاف من ذهب إلى اختصاص خيار التأخير بما إذا كان المبيع شخصيا دون ما إذا كان كليا ذميا.

(202) لما مر في المبيع و ادعى القطع في الجواهر بعدم الفرق بينهما في الثمن.

أقول: و لم أر مخالفا في ذلك و هذا يشهد لعدم الفرق بينهما في المبيع أيضا.

(203) لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما.

(204) لأصالة اللزوم بعد خروجه عن مورد الأدلة.

(205) لأن الخيار نحو إرفاق بالنسبة إلى من عطل حقه و لا وجه للإرفاق في المقام، مضافا إلى أصالة اللزوم بعد خروجه عن منصرف الأدلة أو الشك في شمولها له.

ص: 167

للشرائط، فلو كان فاقدا لبعضها لا يسقط به الخيار (206).

مسألة 4: ليس هذا الخيار على الفور

(مسألة 4): ليس هذا الخيار على الفور (207). فلو أخر الفسخ لم يسقط الخيار إلا بإحدى المسقطات.

مسألة 5: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد

(مسألة 5): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد (208)، و بإسقاطه بعد الثلاثة (209)، بل و كذا يسقط بإسقاطه قبلها أيضا (210)، و يسقط أيضا بأخذ الثمن بعد الثلاثة بعنوان الاستيفاء (211)

______________________________

(206) لأن ذلك هو المنساق من القبض في كل مورد اعتبر فيه و القبض الفاقد لبعض الشرائط كالعدم فيشمله إطلاق الأخبار الدالة على الخيار مع عدم القبض و يأتي التفصيل في أحكام القبض.

(207) لظهور قوله عليه السّلام في صحيح زرارة «فلا بيع له» (1) في الإطلاق مضافا إلى استصحاب بقاء الخيار.

(208) لعموم ما دل على وجوب الوفاء بالشرط، و قد تقدم ما يتعلق به من البحث في الخيارات السابقة فراجع. لأن الدليل و الإشكال و الجواب واحد في الجميع و المتعارف بين الناس انه يكفي في الإسقاط معرضية الثبوت عرفا و لا يحتاج إلى التحقق الخارجي.

(209) لوجود المقتضى و فقد المانع حينئذ من كل جهة فتشمله قاعدة ان لكل ذي حق إسقاط حقه ما لم يدل دليل على الخلاف.

(210) لما مر مكررا من كفاية المعرضية للثبوت في الإسقاط و السقوط عرفا فلا يكون من إسقاط ما لم يجب.

(211) لأنه إمضاء فعلى للمعاملة و إسقاط فعلى للخيار فلا وجه لبقاء الخيار بعد ذلك.

ص: 168


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار حديث: 1.

لا بعنوان آخر كالعارية و غيرها (212)، و لا يسقط بمطالبة الثمن إلا إذا كانت قرينة معتبرة في البين دالة على إنها كاشفة عن الرضا (213). و لا يسقط ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع (214).

مسألة 6: لا يشترط في ثبوت خيار التأخير عدم خيار آخر في البين

(مسألة 6): لا يشترط في ثبوت خيار التأخير عدم خيار آخر في البين سواء كان مشتركا بين المتعاقدين أو مختصا بأحدهما شرطا كان أو غيره و سواء كان قبل الثلاثة أو حينه أو بعده أو استمر من أول العقد إلى بعد الثلاثة (215).

______________________________

(212) لأصالة بقاء الخيار بعد كون هذا النحو من الأخذ أعم من الإمضاء.

(213) لأن مجرد المطالبة أعم من الرضا إذ يمكن أن يكون لأجل اختبار حال المشتري أو غيره من الأغراض الصحيحة.

(214) للأصل بعد عدم دليل على السقوط بذلك.

(215) لأن الخيارات المتعددة حصص خاصة من أقسام الخيار و لا تنافي بين تلك الحصص في حد ذاتها و لا بين الأغراض المعاملية المتعلقة بها، و يمكن أن يتعلق بكل واحد منها غرض خاص حتى مع إمكان تحصيل ذلك لغرض من خيار آخر، لأن تعدد أنحاء السلطنة و مناشئها مرغوب فيه عند العقلاء كما يمكن أن يتعلق بكل واحد منها غرض خاص حتى مع إمكان تحصيل ذلك لغرض من خيار آخر، لأن تعدد أنحاء السلطنة و مناشئها مرغوب فيه عند العقلاء كما يمكن أن يتعلق بكل واحد منها أغراض متعددة و هذا واضح لمن راجع وجدانه فما هو المعروف من أن خيار التأخير ثابت حتى مع وجود خيار آخر مطلقا صحيح لا اشكال فيه.

إن قيل: مع إمكان تدارك البائع ضرره بخيار الشرط مثلا يكون جعل خيار التأخير له لغوا و باطلا.

يقال: لا اختصاص لهذا الإشكال بالمقام بل يجري في كل مورد جمع فيه

ص: 169

مسألة 7: المراد بالثلاثة أيام هو بياض اليوم و لا يشمل الليالي

(مسألة 7): المراد بالثلاثة أيام هو بياض اليوم (216) و لا يشمل الليالي (217)، و لكن الليلتين المتوسطتين داخلتان (218) فلو أوقع البيع في أول النهار يكون آخر الثلاثة غروب النهار (219).

نعم، لو وقع في الليل تدخل الليلة الأولى أو بعضها في المدة (220)، و يكفي التلفيق (221). فلو وقع البيع في أول الزوال يكون مبدأ

______________________________

خياران أو أكثر و الجواب عنه ما أشرنا إليه من أن نفس تعدد منشأ السلطة على حل العقد مرغوب اليه خصوصا في بعض المعاملات و مع بعض الأشخاص هذا مع إطلاق أدلة الخيارات مطلقا و أصالة عدم مانعية بعضها عن بعض، و صحة اجتماع حقوق متعددة و لو من حيثيات مختلفة. هذه خلاصة ما ينبغي أن يقال في المقام، و من أراد التفصيل بأزيد من ذلك فعليه بمراجعة ما كتبه شيخنا الأنصاري في المقام ثمَّ حواشي مشايخنا العظام لعله يظفر بفائدة أخرى من إفادات هؤلاء الأعلام قدس سره.

(216) لأنه المنساق من اليوم عند الإطلاق في المحاورات، مع ظهور الاتفاق شرعا و لغة.

(217) لخروجها عن إطلاق اليوم عرفا، و شرعا، و لغة.

(218) للاستمرار المتفاهم اعتباره من الأدلة و لا يتحقق ذلك إلا بدخولهما كما في ثلاثة الحيض، و خيار الحيوان و نحوهما مما يعتبر فيه الاستمرار.

(219) لخروج الليلة الأولى و الأخيرة عن الأيام الثلاثة و دخول المتوسطين و لا يكون ذلك إلا بما ذكرناه.

(220) لأنه لا معنى للاستمرار المعتبر فيه إلا ذلك.

(221) لأنه لا يتصور وجه معتبر لاعتبار الموضوعية الخاصة في اليوم التام و إنما ذكرت الأيام في نظائر المقام من باب كونها طريقا لكمية خاصة من الزمان و هي متحققة في التلفيق كتحققها في اليوم التام.

ص: 170

الخيار بعد زوال اليوم الرابع و هكذا.

مسألة 8: لا يثبت هذا الخيار في غير البيع

(مسألة 8): لا يثبت هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات (222).

مسألة 9: لو رضي البائع بالتأخير- أو ضمن الثمن

(مسألة 9): لو رضي البائع بالتأخير- أو ضمن الثمن ضامن عن المشتري- فلا خيار (223).

مسألة 10: لو اختلفا في مضي الثلاثة فالقول قول المشتري

(مسألة 10): لو اختلفا في مضي الثلاثة فالقول قول المشتري (224)، و لو اختلفا في كون العقد حالا أو مؤجلا أو تحقق القبض و عدمه فالقول قول البائع (225).

مسألة 11: لو تلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة

(مسألة 11): لو تلف المبيع كان من مال البائع (226) في الثلاثة

______________________________

نعم، لو كانت قرينة خاصة في البين دالة على تعين اليوم التام بالخصوص يتعين و لكنها مفقودة مع اختلاف وقوع العقود في الخارج بحسب الزمان و غلبة عدم وقوعها مقارنا لطلوع الشمس، و قد مر في مباحث الحيض و خيار الحيوان بعض ما يناسب المقام فراجع.

(222) لأصالة اللزوم بعد اختصاص الأخبار بالبيع.

نعم، لو كان في البين غبن يثبت الخيار من تلك الجهة فيها.

(223) لعدم الموضوع له في الصورتين.

(224) لاستصحاب البقاء، سواء كان ذلك من جهة الاختلاف في مبدأ العقد أو من جهة أخرى.

(225) للأصل ما لم تكن قرينة على خلافه.

(226) للنص، و الإجماع، ففي النبوي المعمول به: «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» (1) و رواية ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى

ص: 171


1- مستدرك الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار.

و بعدها (227).

مسألة 12: إذا باع ما يسرع إليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول

(مسألة 12): إذا باع ما يسرع إليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا- كالبقول، و بعض الفواكه و اللحم في بعض الأمكنة و الأوقات و نحوها- و بقي عنده و تأخر المشتري من أن يأتي بالثمن و يأخذ المبيع فللبائع

______________________________

متاعا من رجل و أوجبه غير إنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله» (1).

(227) لإطلاق ما مر من الحديثين، و إطلاق معقد الإجماع، و المشهور عدم الفرق في كونه على البائع بين ما إذا كان التلف في الثلاثة أو بعدها، و عن الخلاف دعوى الإجماع عليه.

و نسب إلى جمع من القدماء أن التلف في الثلاثة من المشتري، و استدلوا عليه.

تارة: بالإجماع.

و اخرى: بقاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له.

و ثالثة: بقاعدة الخراج بالضمان يعني: من يكون المال ملكه و منافعه له يكون التلف عليه أيضا و لا ريب في ان المبيع ملكه و منافعه للمشتري فلا بد و إن يكون تلفه عليه.

و الكل مخدوش: أما الإجماع فموهون.

بدعوى: الإجماع على الخلاف و فتوى المشهور بعدم الفرق بين كون التلف في الثلاثة أو بعدها.

و أما قاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له فلا مجرى لها في

ص: 172


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الخيار.

الخيار قبل أن يطرأ عليه الفساد فيفسخ البيع و يتصرف في المبيع كيف يشاء (228).

______________________________

المقام تخصصا لأن القاعدة فيما إذا تحقق القبض و المفروض في المقام عدمه، مع أن موردها أن تزلزل الملك المنتقل إلى ذي الخيار هو الموجب لكون تلفه من مال غير ذي الخيار كما في الحيوان المشترى، فإن ملك المشتري له متزلزل فتلفه يكون من البائع و أما إذا لم يكن ملك المنتقل إليه متزلزلا فتلفه كما هو مقتضى طبع الملك من مالكه و لا ريب في أن المبيع ليس منتقلا إلى البائع ملكا متزلزلا حتى يكون تلفه من المشتري لمكان خيار البائع بل هو منتقل إلى المشتري انتقالا لازما من طرفه فتلفه بمقتضى طبع الملك عليه و لكن حيث انه قبل القبض يكون من البائع فلا تجري قاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له تخصصا من جهتين كما مر. هذا مضافا إلى ما سيأتي في محله إن شاء اللّه تعالى من اختصاص هذه القاعدة بخيار المجلس و الشرط و الحيوان و لا تجري في جميع أقسام الخيار. و أما قاعدة الخراج بالضمان، و من له الغنم فعليه الغرم فلا ريب في اعتبارها في الجملة لكنها مخصصة بقاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه و لا اشكال فيه فما هو المشهور من عدم الفرق بين التلف في الثلاثة و بعدها متين كما مر.

(228) و قد جعله في الروضة خيارا مستقلا و سماه بخيار ما يفسده ليومه، و الأصل فيه مرسل محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السّلام أو الكاظم عليه السّلام: «في الرجل يشتري الشي ء الذي يفسد من يومه و يتركه حتى يأتيه بالثمن قال: ان جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن و إلا فلا بيع له» (1)، و في صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطيخ و الفواكه يوم إلى الليل» (2)، و المراد به تعهد الالتزام بالبيع، و الظاهر عدم كون هذا الخيار تعبديا

ص: 173


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الخيار.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الخيار.

السادس: خيار الرؤية

اشارة

السادس: خيار الرؤية (229) و هو فيما إذا اشترى أو باع شيئا

______________________________

محضا بل المناط فيه عدم تضرر البائع بالتأخير فمتى حصلت المعرضية لتحقق الضرر يحصل الخيار قبل حدوثه و على هذا يصح التعدي إلى ما يفسد في أقل من اليوم أيضا. بل يتعدى إلى تنزل قيمة السوق أيضا إذا عدّ ذلك ضررا في عرف المتعاملين و المرجع في الضرر متعارف أهل الخبرة من كل معاملة و ليس تشخيص ذلك من شأن الفقيه و في الشك في تحققه يرجع إلى أصالة اللزوم.

(229) للإجماع، و لقاعدة نفي الضرر، و صحيح جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل اشترى ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها، فلما أن نقد المال صار إلى الضيعة فقلبها ثمَّ رجع فاستقال صاحبه فلم يقله فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انه لو قلب منها و نظر إلى تسعة و تسعين قطعة ثمَّ بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية» (1)، و لا بد من حمله على صورة تخلف الوصف، و على ما إذا صح بيع الضيعة إما بوصف القطعة غير المرئية أو بكشف ما رآه منها عن ما لم يره و ظاهر هذا الصحيح و إن كان مختصا بالمشتري إلا أن ظاهرهم الاتفاق على عدم الفرق بينه و بين البائع.

ثمَّ ان دعوى انه لا وجه لأن يعد هذا خيارا مستقلا، لأنه اما يرجع إلى خيار الغبن أو خيار العيب أو خيار الشرط.

مخدوش: إذ ليس المناط في أقسام الخيارات على الدقة العقلية و إلا لأمكن إرجاع جملة منها إلى خيار واحد بل المناط الانظار المعاملية العرفية المتعارفة بين الناس.

كما انه لا وجه لدعوى بطلان أصل البيع لأن المقصود هو المقيد بوصف خاص و البيع وقع على غيره، فما وقع عليه العقد لم يقصد و ما قصد لم يقع عليه العقد. لأن الوصف ليس من المقومات بل هو طريق إلى الذات فلا موضوعية له.

ص: 174


1- الوسائل باب: 15 من أبواب الخيار حديث: 1.

موصوفا غير مشاهد ثمَّ وجد على خلاف ذلك الوصف يثبت الخيار، و كذا إذا وجد على خلاف الرؤية السابقة (230).

______________________________

(230) المدار في هذا الخيار تخلف الوصف الذي وقع عليه العقد سواء كان بالتوصيف اللفظي أو بالتواطي عليه أو بالاعتماد على سبق الرؤية أو باختبار جزء من أحد العوضين و قياس البقية عليه، و ذكر الرؤية في الحديث و كلمات الفقهاء من باب ذكري احدى المصادق و أهمها لا لخصوصية فيها بالخصوص.

ص: 175

مسألة 1: الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا

(مسألة 1): الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا (231) و ليس لذي الخيار حق أخذ الأرش (232).

مسألة 2: لا يسقط هذا الخيار ببذل الأرش و لا بإبدال العين بعين أخرى

(مسألة 2): لا يسقط هذا الخيار ببذل الأرش و لا بإبدال العين بعين أخرى (233).

______________________________

(231) لأنه المنساق من إطلاق الخيار، و أخذ الأرش يحتاج إلى دليل مخصوص و هو مفقود و هذا هو المشهور بين الأصحاب و المتفاهم من صحيح جميل و معقد الإجماع عرفا فلا وجه لاحتمال التخيير بين الرد و الإمساك و الأرش.

بدعوى: ان الضرر يدفع بذلك أيضا، لأن أخذ الأرش خلاف المتعارف في المعاملات إلا بدليل يدل عليه كما في خيار العيب أو بالتراضي و هو خارج عن محل الكلام، كما لا وجه لتعين أخذ الأرش لذلك أيضا.

(232) لأصالة عدم ثبوت هذا الحق له.

نعم، يصح ذلك بالتراضي لأن الحق بينهما فيجوز لهما بكل ما تراضيا عليه.

(233) لأصالة بقاء الخيار و عدم سقوطه بعد ثبوته، مع أن التملك الجديد يحتاج إلى معاوضة جديدة و المفروض عدمها.

نعم، يصح التصالح و التراضي على إسقاطه بكل منهما فيكون عوضا عن إسقاط الحق و لا بأس به.

ص: 176

نعم، لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه أخذ الأرش (234).

مسألة 3: مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المعاملة

(مسألة 3): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المعاملة (235)، و يشترط في صحته إما الرؤية السابقة مع عدم اليقين بزوال تلك الصفات، أو توصيفه بما يرفع به الجهالة الموجبة للغرر بذكر جنسها و نوعها و صفاتها التي تختلف باختلافها الأثمان و يتفاوت لأجلها رغبات الناس (236).

مسألة 4: هذا الخيار فوري

(مسألة 4): هذا الخيار فوري (237)، و لكن الأحوط التراضي مع

______________________________

(234) لدخوله حينئذ في خيار العيب فيجري عليه حكمه و يخرج من خيار الرؤية موضوعا.

(235) لظهور الإجماع على عدم جريانه في الكلي الذمي، مع انه لا يعقل تخلف الوصف فيه حتى يثبت فيه الخيار، لأنه مع تخلف الوصف لا يتحقق الوفاء أصلا فيجب الدفع ثانيا مع الوصف.

نعم، يجري في الكلي الخارجي كالصاع من الصبرة و الحصة المشاعة.

(236) لأنه بدون ذلك يكون أصل البيع باطلا من جهة الجهالة و الغرر فلا يبقى حينئذ موضوع للخيار مع أن هذا الشرط مجمع عليه عندهم كما لا يخفى على من تأمل كلماتهم و ان اختلفت تعبيراتهم لكن مئال الكل إلى واحد بعد التأمل و لا ينبغي إطالة الكلام فيما يكون المرجع فيه أهل الخبرة لأنهم أعرف بمثل هذه الأمور من الفقيه.

(237) لأصالة اللزوم بعد عدم دليل على التراضي، لأن دليل هذا الخيار إما الإجماع، فالمتيقن منه إنما هو الفور مع ذهاب المشهور إلى الفورية بل نسب إلى إجماع المسلمين إلا أحمد و الظاهر أنه غير مخالف أيضا، لإمكان استظهار الفورية العرفية من قوله و المشهور أيضا يقولون بذاك فلا مخالف، و إما إطلاق

ص: 177

التأخير (238).

مسألة 5: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد

(مسألة 5): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد، و بإسقاطه بعد الرؤية (239)، و بالتصرف في العين بعد الرؤية تصرفا كاشفا

______________________________

صحيح جميل المتقدم فلا وجه للتمسك به، لاحتمال أن يكون المراد بقوله «خيار الرؤية» أي: الخيار عند الرؤية بحيث تكون الرؤية ظرفا لحدوثه و إعماله لا منشأ لحدوثه فقط، مع أن الإجماع مقيد له على فرض ثبوت الإطلاق و لا يجوز التمسك باستصحاب بقاء الخيار أيضا، لوجود الإجماع على الخلاف، مع أن الموضوع غير محرز، لما مر من احتمال كون الرؤية ظرفا لإعمال الخيار لا لحدوثه فقط.

(238) لاحتمال أن يكون الإجماع مدركيا مع إمكان المناقشة في المدرك إلا إذا ثبت أنه تعبدي محض.

(239) أما الأول: فلعموم دليل الوفاء بالشرط و قد تقدم التعرض للإشكال الوارد على هذا الشرط في اشتراط سقوط سائر الخيارات في ضمن العقد و أجبنا عنه و لا وجه للتكرار فراجع، إذ الإشكال عين الإشكال و الجواب عين الجواب.

و أما الثاني: فلقاعدة ان لكل ذي حق إسقاط حقه إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود و قد مر ما يتعلق بهذا في الخيارات السابقة أيضا.

نعم، في المقام إشكال آخر و هو أن إسقاط الخيار هنا يوجب بطلان أصل البيع، لصيرورته غرريا حينئذ فلا يبقى موضوع لأصل الخيار حتى يحكم بسقوطه.

و فيه: ان الغرر إما عرفي، أو شرعي.

أما الأول: فالعرف لا يرى هذه المعاملة مع شرط سقوط الخيار حين العقد أو إسقاطه بعده غرريا.

ص: 178

عن الرضاء بالبيع (240)، و المبادرة على الفسخ بعد الرؤية (241).

مسألة 6: يجري خيار الرؤية في غير البيع أيضا

(مسألة 6): يجري خيار الرؤية في غير البيع أيضا، كالإجارة و الصلح (242).

______________________________

و أما الثاني: فلا بد من وجود دليل يدل على أن مثل هذه المعاملة غررية و هو مفقود.

ثمَّ انه لا فرق في ذلك كله بين كون الرؤية سبا لحدوث الخيار حين الرؤية، أو كاشفا عن ثبوته حين العقد.

و الإشكال بأنه على الأول يلزم من اشتراط سقوطه حين العقد أن يكون من إسقاط ما لم يجب. و قد مر دفعه مكررا بأنه يكفي مجرد المعرضية العرفية للإسقاط و لا يعتبر الثبوت الفعلي فيه.

(240) لأنه حينئذ إسقاط فعلي و لا فرق في الإسقاط بين القولي منه و الفعلي، و كذا التصرف قبل الرد إن كان كاشفا عن الرضا بالبيع على كل تقدير.

(241) لما مر من أن الخيار فوري و لكن الأحوط التراضي لو فسخ مع عدم المبادرة إليه.

(242) لظهور الإجماع و تسالمهم على ثبوت الخيار عند تخلف الوصف، و تقتضيه المرتكزات العرفية أيضا، فإنهم لا يلتزمون بالالتزام بالعقد عند التخلف بل يرون إيجاب الوفاء به و لم يردعهم الشارع.

ان قيل: أصالة اللزوم رادعة عنهم.

يقال: مع الاستهجان العرفي للزوم و بناء الشرع و العقلاء في المعاوضات على عدم التضرر إلا مع الاقدام عليه عن علم و عمد كيف تجزي أصالة اللزوم، و هل تكون قاعدة نفي الضرر حاكمة على أصالة اللزوم؟!! أو يكون بالعكس، مع إمكان حمل الاشتراء في صحيح جميل (1)، على المثال و الغالب لا الخصوصية،

ص: 179


1- تقدم في صفحة: 174.
مسألة 7: لو شرط في متن العقد الابدال مع تخلف الوصف أو بذل التفاوت صح الشرط

(مسألة 7): لو شرط في متن العقد الابدال مع تخلف الوصف أو بذل التفاوت صح الشرط (243).

______________________________

لاتفاقهم على التعدي عن المشتري إلى البائع.

مع أن النص مختص بالأول.

و بالجملة: أصالة اللزوم سواء كان لفظيا أو عمليا مأخوذة من بناء العقلاء على اللزوم في عقودهم فتجري في غير مورد بنائهم على عدم اللزوم.

(243) لعدم كونه مخالفا للكتاب و السنة حتى يبطل فلا بد من الصحة.

ان قلت: يبطل الشرط من حيث التعليق، بل البيع أيضا باطل من جهة الغرر سواء كان الشرط الفاسد مفسدا أو لا.

قلنا: التعليق في الشرط لا دليل على بطلانه، لأن عمدة الدليل على بطلان التعليق إنما هو الإجماع و مورده العقد دون الشرط و مطلق الإيقاعات و لا وجه لسراية التعليق من الشرط إلى العقد، لأنهما عنوانان مختلفان عرفا و شرعا.

و أما كون البيع غرريا فلا وجه له من عقل أو شرع إذ العرف يقدم عليه و لا يراه غرريا و لم يرد دليل من الشرع على كونه غرريا بالخصوص، و شمول نهى النبي عن الغرر (1)، له ممنوع بعد اقدام العرف عليه من غير استنكار. لأن الغرر في قوله صلّى اللّه عليه و آله لا بد و ان ينزل على ما لا يقدم عليه المتعارف لا أن يكون تعبديا محضا و لا فرق في ذلك بين كون الشرط بنحو شرط الفعل أو شرط النتيجة بعد اتفاق المحققين على صحة شرط النتيجة، و لا دليل على من يدعى البطلان إلا أن النتائج و المسببات لها أسباب خاصة في الشريعة و ليس الشرط منها. و هو مردود بأن مقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط وجوبه لكل شرط بالخصوص إلا ما خرج بالدليل و ما خرج به إنما هو ما خالف الكتاب و السنة و لو كان ذلك باطلا لأشير إليه في الشريعة مع عموم الابتلاء به.

ص: 180


1- راجع صفحة: 8.

و وجب الوفاء به (244) و مع التخلف يثبت خيار الشرط (245)، و يسقط خيار الرؤية (246).

مسألة 8: لو اختلفا فقال البائع: لم يقع البيع على التوصيف و قال المشتري بل وقع عليه و ليس كما وصف

(مسألة 8): لو اختلفا فقال البائع: لم يقع البيع على التوصيف و قال المشتري بل وقع عليه و ليس كما وصف يقدم قول البائع (247).

______________________________

نعم، لو حكم العرف بعدم الحصول بالشرط أو شك فيه لا يشمله العموم.

(244) لعموم أدلة وجوب الوفاء بالشرط.

(245) لوجود المقتضى له و فقد المانع فيشمله الدليل بلا مدافع.

(246) لعدم الموضوع له بعد هذا الشرط و عدم تضرر في البين.

(247) لأصالة عدم الخيار، لأن الخيار معلق على عنوان وجودي و هو العقد على الموصوف بوصف مفقود فمقتضى الأصل عدم وقوع العقد عليه، و كذا يجري الأصل الموضوعي و هو أصالة عدم التقييد بقيد يوجب الخيار بالعدم الأزلي فينتفي به موضوع أصل الخيار رأسا و لا يعارض ذلك بأصالة عدم وقوع العقد على هذا الموجود، إذ لا أثر له إلا نفي الصحة و هي معلومة مقطوع بها فلا وجه لجريان هذا الأصل بلا اشكال. هذا مع استصحاب بقاء أثر العقد عند الشك في تأثير الفسخ.

و أما ما يقال: في تقدم قول المشتري.

تارة: بأن يده على الثمن أمارة الملكية فليس للبائع انتزاعه منه كما عن الشهيد رحمة اللّه.

و اخرى: بأن الأصل عدم الرضا بهذا الموجود كما عن العلامة في التذكرة.

و ثلاثة: بأن الأصل عدم وصول حقه اليه كما عن المحقق و رابعة: بأن الأصل براءة ذمته عن الثمن كما عن العلامة رحمه اللّه بعد تصحيحه

ص: 181

مسألة 9: لو اختلفا في تعيين الوصف بعد اتفاقهما على ذكر وصف

(مسألة 9): لو اختلفا في تعيين الوصف بعد اتفاقهما على ذكر وصف فقال أحدهما: أن المذكور هو الوصف المفقود و قال الآخر: بل هو الموجود يقدم قول البائع (248) و كذا لو اتفقا على ذكره و اتفقا في زواله

______________________________

بمعنى عدم وجوب تسليمه عليه.

و خامسة: بأن اللزوم معلق على ورود العقد على هذا الموجود و الأصل عدمه و هذا الأصل مقدم على أصالة اللزوم لأن الأول موضوعي و الثاني حكمي مع أن الخيار معلق على عدم وصول حق المشتري إليه و هو مطابق للأصل كما عن شيخنا الأنصاري بعد تلخيص كلامه.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلان المشتري بعد اعترافه بصحة العقد يكون يده على الثمن يد أمانة لا يد ملكية، مع انه لا كلية في هذا الوجه كما لا يخفى.

و أما الثاني: فلأن أصل الرضا معلوم و إلا لكان العقد باطلا فلا يبقى موضوع للخيار.

و أما الثالث: فلان المشتري يعترف بوصول أصل المبيع إليه و لكنه يدعي شيئا آخر لا بد له من إثباته.

و أما الرابع: فلان أصالة عدم اشتراط التوصيف أصل موضوعي و هو مقدم على هذا الأصل، لأنه حكمي مع انه معارض بأصالة بقاء ملك المالك على الثمن.

و أما الأخير: فلأن حق الخيار شي ء حادث و كل حادث يحتاج إلى سبب و مع الشك في تحقق سببه فمقتضى الأصل عدمه إلا أن يثبت تحققه بدليل معتبر يدل عليه و كل ما لم يثبت منشأ الخيار فيه بوجه معتبر يكون موضوع اللزوم بلا إشكال.

(248) لأصالة بقاء ملكية كل منهما لما انتقل إليه، و أصالة اللزوم و عدم فسخ

ص: 182

أيضا و لكن قال أحدهما بزواله قبل العقد و قال الآخر بزواله بعده (249).

السابع: خيار العيب

اشارة

السابع: خيار العيب (250). و هو فيما إذا وجد المشتري في المبيع

______________________________

العقد إلا برضائهما.

(249) لجريان أصالة بقاء ملكية كل واحد منهما على ما انتقل إليه فلا أثر للفسخ إلا برضا الطرفين.

(250) لا بد من بيان أمور.

الأول: هل يكون خيار العيب خيارا مستقلا أو يرجع إلى خيار تخلف الشرط أو تبعض الصفقة- بناء على تنزيل فقد وصف الصحة منزلة فقد الجزء- الظاهر هو الأول و ان أمكن تطبيقه ثبوتا على أحد الأخيرين أيضا كما يأتي في الجواب عن الإشكال الوارد في تصوير أصل هذا الخيار.

الثاني: خيار العيب كما هو ظاهر الأخبار إنما هو بيع العين الشخصية مع الجهل بالعيب مركبا كان أو بسيطا، و قد مر أن العلم بخصوصيات العوضين الدخيلة في المالية معتبر في صحة البيع و من أهم تلك الخصوصيات وصف الصحة و مع الجهل بها يفسد أصل البيع و لا تصل النوبة إلى الخيار حتى يبحث عنه. و أجيب عن هذا الإشكال بوجوه.

منها: الاعتماد إلى أصالة السلامة التي هي من الأصول البنائية المعاملية عند الناس و هذا الاعتماد يوجب صحة البيع و مع التخلف يتحقق موضوع الخيار لا محالة، و هذا الأصل من سنخ أصالة الصحة في الأفعال عند الفقهاء، و أصالة الاستدارة في الأجسام عند الحكماء، و أصالة الصحة في بدن الإنسان عند الأطباء.

و منها: أن وصف الصحة من قبيل الداعي و الأغراض المعاملية.

و بعبارة أخرى: من باب تعدد المطلوب.

و فيه: انه خلاف المرتكز في الأذهان.

ص: 183

..........

______________________________

و منها: انه من الشرط البنائي المركوزي و إن لم يكن من الشرط الذكري بمعنى أن القصد العقلي و البناء المعاملي تعلق بالصحيح، و له وجه لا بأس به، و لذا لو ذكر هذا الشرط في متن العقد يكون تأكيدا عند نوع المتعاملين لا أن يكون شيئا مستقلا في مقام بنائهم المعاملي و إلا فيكون هذا الشرط من تحصيل الحاصل بعد تحقق القصد المعاملي و بنائهم على الصحيح.

نعم، لو كان قصد الصحيح و البناء المعاملي عليه مخالفا للشرط الفعلي الإنشائي لا يكون تأكيدا حينئذ و لا بأس بثبوت الخيارين حينئذ خيار العيب و خيار الشرط. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات و المرجع في ذلك عرف المحاورة، و أما خبر يونس: «في رجل اشترى جارية على انها عذراء فلم يجدها عذراء قال عليه السّلام: يرد عليه فضل القيمة إذا علم أنه صادق» (1)، فلا وجه للاستدلال به على أن الخيار خيار العيب فقط، إذ ليس في مقام بيان ذلك.

و منها: أن مقتضى إطلاق العقد عند نوع المتعاملين في بنائهم المعاملي هو الصحة. و هذا الوجه حسن أيضا و يمكن إرجاع بعض هذه الوجوه إلى البعض بل يمكن إرجاع الجميع إلى واحد.

الثالث: لا تعبد في أصل خيار العيب في الجملة لأن العقلاء يلومون من التزم بالعيب مع وصول المعيب إليه و يستنكرون على البائع إذا لم يقبل المبيع المعيب الذي سلمه إلى المشتري إذا رده إليه لأجل العيب و اللازم انما هو بيان الردع لا اقامة الدليل على الإثبات مع انه قد وردت أخبار مستفيضة دالة عليه كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

الرابع: لو كان المبيع كليا و سلّم البائع فردا معيوبا منه فلا ريب في أن للمشتري حق رد المعيوب، لعدم تحقق الوفاء بالعقد لفرض انه وقع على الصحيح، فهل يكون هذا ردا لأصل المعاوضة الواقعة على الكلي كما أن رد المبيع الشخصي رد لأصل المعاوضة الواقعة عليه.

ص: 184


1- الوسائل باب: 6 من أبواب أحكام العيوب.

..........

______________________________

و بعبارة أخرى: هل يجري خيار العيب في المبيع الكلي أو لا؟ قولان نسب إلى جمع الأول و استدل.

تارة: بإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «أيما رجل اشترى شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ اليه و لم يبين له- إلى أن قال- و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب» (1)، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا» (2).

بدعوى: شموله للكلي أيضا كشموله للشخصي.

و اخرى: بأنه إذا تعين الكلي في الفرد فقد استقر البيع عليه أيضا فيدخل قهرا في موضوع خيار العيب.

و بعبارة أخرى: المبيع الشخصي المعيوب: داخل في موضوع خيار العيب أولا و بالذات و الكلي داخل فيه ثانيا و بالعرض.

و ثالثة: بأن المتعارف لا يفرق بينهما و الأدلة منزلة عليه.

و نوقش في جميع ذلك.

أما الأخبار فبدعوى: ان فيها قرائن ظاهرة في العين الشخصية كقوله عليه السّلام في صحيح زرارة: «و به عيب و عوار»، و قوله «يجد فيه» أو «وجد فيه».

و يرد ذلك بأن المراد من مرجع الضمير (المبيع) و هو يصدق على الكلي و الشخصي عرفا و لغة و شرعا.

و أما الثاني: فلأن تعيين الكلي الذمي في الفرد يوجب خارجية الكلي الذمي و براءة الذمة و أما انقلاب المعاوضة إلى الفرد الخارجي فهو محال لأنه من تحقق المعلول بلا علة ورد الوفاء لا ربط له برد البيع.

و فيه: أن الخارجية معلقة على تحقق الغرض المعاملي الأهم و هو الصحة و مع العيب كيف تتحقق الخارجية من كل جهة. و أما كون انقلاب المعاوضة إلى الفرد الخارجي من تحقق المعلول بلا علة ففيه:

ص: 185


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار حديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار حديث: 2 و 3.

..........

______________________________

أولا: أنا لا نحتاج إلى الانقلاب بل نقول أن المبيع الكلي مورد الخيار و لو مع عدم الانقلاب.

و ثانيا: بعد كون الفرد عين الكلي فلا وجه للانقلاب كما هو واضح فيجري خيار العيب في الكلي أيضا و لكنه مع ذلك مشكل في مقابل أصالة اللزوم هذا إذا كان البائع بانيا على التبديل و أما مع بنائه على العدم فالظاهر جريان الخيار هذا في الكلي الذمي.

و أما الكلي في المعين فلا إشكال في جريان خيار العيب فيه إذا كان جميع أطراف الكلي معيبا و أما ان كان بعض أطرافه كذلك و بقية الأطراف صحيحا فيكون مثل الكلي الذمي.

الخامس: جواز الرد في مورد خيار العيب ثابت بالأخبار المستفيضة التي تأتي الإشارة إلى بعضها و بالإجماع و بناء العقلاء على ما قلناه، و أما التخيير بينه و بين أخذ الأرش فلم يشر إليه في خبر من الأخبار إلا في الفقه الرضوي: «فإن خرج في السلعة عيب و علم المشتري فالخيار إليه إن شاء رده و إن شاء أخذه أو رد عليه بالقيمة أرش العيب» (1) و هو مع قصور سنده ظاهر في التخيير بين أمور ثلاثة: الرد، و الأخذ بتمام الثمن، و أخذ الأرش. إلا أن يقال: بزيادة الهمزة في قوله «أورد»، و يمكن استفادة الأرش و التخيير بينه و بين الرد من قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «أيما رجل اشترى شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ إليه و لم يبين له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثمَّ علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به» (2).

بدعوى: ظهوره في التخيير بين الرد و الأرش و حيث انه يسقط الرد بعد التصرف يتعين الفرد الآخر و لا ينافيه ظهوره في اعتبار كون الأرش من الثمن

ص: 186


1- مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب الخيار حديث: 3.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار.

..........

______________________________

فإنه من باب المثال قطعا، و كذا يمكن استفادة التخيير بين الرد و أخذ الأرش من خبر جميل عن أحدهما عليه السّلام: «في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا. فقال: ان كان الشي ء قائما بعينه رده على صاحبه و أخذ الثمن، و إن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب»، بالتقريب الذي قلناه، مع أن مجموع النصوص بعد رد بعضها إلى بعض و التأمل في القرائن الخارجية و الداخلية يكفي في إثبات الخيار كما لا يخفى، بل يمكن جعله مطابقا للقاعدة.

بدعوى: أن لوصف الصحة أهمية خاصة عند المتعاملين يرون فقدها قابلة للتدارك بالمال أعم من الثمن و غيره، و حيث أن وصف الصحة خارج عن حقيقة العوضين و انه من أهم مقاصد المعاملة لا بد و ان يتدارك بالمال لو شاء الطرف ذلك و لم يرد البيع، و طريق هذا الدليل بالشكل الأول هكذا: وصف الصحة من الأغراض المعاملية المهمة و الأغراض المعاملية المهمة فوتها يتدارك بالمال ففوت وصف الصحة يتدارك بالمال و حينئذ، فلو تراضيا الطرفان بالأرش فلا اشكال فيه سواء كان أخذ الأرش مطابقا للقاعدة أو مخالفا لها و إن لم يرض البائع بذلك يرد المشتري أصل البيع لئلا يقع الضرر و في مورد سقوط الرد يتعين على البائع تدارك ضرر المشتري بالأرش لقاعدة ضمان اليد لا ضمان المعاوضة.

و بالجملة: بناء المعاملة عند العقلاء على إحراز أصل المالية في العوضين فأخذ مال من الطرف بعنوان المعاوضة يقتضي دفع هذا المقدار من المال إليه، لقاعدة اليد المرتكزة في نفوس المتعاملين و المتعاوضين.

و ثمرة كون الأرش موافقا للقاعدة انه يجري في جميع المعاوضات مع فقد وصف الصحة كما يظهر من المحقق في عوض الخلع، و عن العلامة في الهبة المعوضة و مال الكتابة، و عن المسالك في المهر و لعل سكوت النصوص عن التعرض له انما هو لأجل كونه مرتكزا في النفوس لا لأجل أنه تعبد خاص في مورد مخصوص لكونه بعيدا جدا، فهو مطابق لهذا البناء فيكون عيبا

ص: 187

تخير بين الفسخ و الإمضاء بالأرش (251).

______________________________

مطابقا للقاعدة.

ان قلت: فعلى هذا فلا بد من الأرش عند فقد كل وصف مع انهم لا يقولون به.

يقال: ان لوصف الصحة و فقدها أهمية خاصة ليست لغيره من سائر الأوصاف، مع أن وصف الصحة أعم ابتلاء من سائر الأوصاف فلا بد و ان يوسع في الخيار لأجلها بما لا يوسع في غيرها، مضافا إلى الإجماع على الاختصاص بخصوص فقد وصف الصحة و لأجل ذلك لا يتعدى إلى فقد سائر الأوصاف.

نعم، فقد وصف الصحة في سائر المعاوضات يوجب الأرش لما أثبتناه من كونه مطابقا للقاعدة، و لذا قال به الأصحاب في الإجارة و الصداق و نحوهما.

السادس: يجري خيار العيب في جميع أقسام البيع ما لم يكن محذور في البين، و أما سائر المعاوضات فمقتضى ظواهر أدلته اختصاصه بالبيع و عدم الجريان فيها إلا أن يدعى ان ذكر البيع فيها من باب المثال لكل معاوضة أو يدعي القطع بعدم الفرق أو القطع بالمناط. و الكل مخدوش.

نعم، أرش العيب ثابت في جميع المعاوضات لكونه مطابقا للقاعدة.

(251) للإجماع على التخيير بينهما، و الأخبار المستفيضة بالنسبة إلى الرد منها خبر جميل المتقدم، و لما تقدم في الأمر الخامس بالنسبة إلى الأرش، و لحديث نفي الضرر.

ص: 188

مسألة 1: كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد في المبيع عيبا يثبت للبائع أيضا

(مسألة 1): كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد في المبيع عيبا يثبت للبائع أيضا إذا وجد في الثمن عيبا (252).

مسألة 2: المراد بالعيب كل ما كان خلاف المتعارف و خلاف أغلب أفراد ذلك النوع

(مسألة 2): المراد بالعيب كل ما كان خلاف المتعارف و خلاف أغلب أفراد ذلك النوع (253).

______________________________

(252) لأنه بعد كون الخيار مطابقا لتخلف الشرط الضمني المعاملي و قاعدة نفي الضرر يكون مطابقا للقاعدة فلا فرق حينئذ بين كون العيب في المبيع أو في الثمن أو في كلاهما و إن كان ظواهر الأخبار و الكلمات في خصوص المبيع و يمكن حمله على المثال و الغالب لا الخصوصية.

(253) للنص، و الإجماع، و العرف، و الاعتبار، و عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب» (1)، و هذه الكلمة المباركة تأسيس قاعدة كلية في العيب، و يدل عليه العرف أيضا، و النقص عن الخلقة معلوم لكل أحد و المراد بالزيادة: الزيادة في غير جهة الكمالات، فزيادة إصبع واحدة مثلا في العبد أو الأمة نقص بخلاف زيادة حسنها و جمالها بلغت ما بلغت، و المرجع في النقيصة و الزيادة العينية هو ثقات أهل الخبرة من كل متاع و مع الشك فالمرجع أصالة اللزوم.

و المراد بالنقص و الزيادة ما كان موجبا لنقص المالية و الأغراض النوعية المعاملية، إذ رب شي ء يكون عيبا في نفسه و لا يوجب النقص في المالية و الغرض المعاملي و رب شي ء يوجب النقص في المالية و الغرض المعاملي و لا

ص: 189


1- الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام العيوب.
مسألة 3: يثبت الخيار بوجود العيب واقعا حين العقد و إن لم يظهر بعد

(مسألة 3): يثبت الخيار بوجود العيب واقعا حين العقد و إن لم يظهر بعد (254). و ظهوره كاشف عن ثبوته من أول الأمر لا أنه سبب حدوثه (255).

مسألة 4: يسقط الرد بأمور
اشارة

(مسألة 4): يسقط الرد بأمور.

الأول: إسقاط الرد بخصوصه بعد العقد

الأول: إسقاط الرد بخصوصه بعد العقد (256) و لا فرق بين أن يكون

______________________________

يكون عيبا في نفسه، كما انه يمكن أن يكون شي ء عيبا بالنسبة إلى بعض الأشخاص دون بعض أو بعض البلدان دون بعض فيختلف المعيب و الصحيح اختلافا كثيرا بحسب الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص و في كل مورد يرجع إلى أهل خبرته، و الحبل عيب في الإماء سواء كان من البائع أو من غيره للعرف، و النص (1)، و الإجماع و أما في سائر الحيوانات فلا دليل على كونه عيبا فيكون المرجع أصالة اللزوم و عدم تأثير الرد.

(254) لأن المنساق من كون شي ء موجبا لشي ء آخر بنحو العلية أو بنحو الاقتضاء أن يكون كذلك بوجوده الواقعي فقط إلا مع قرينة على الخلاف و هي مفقودة في المقام.

(255) لأن كل علم كاشف عن المعلوم إذا دل دليل معتبر على انه محدث للموضوع أو الحكم و لا دليل كذلك في البين، بل ظاهر الأدلة خلافه كما في جميع الأحكام العقلية و الشرعية و العرفية و الاعتبارية حيث أن العلم طريق فيها إلى الواقع إلا في موارد نادرة حيث أن للعلم فيها موضوعية خاصة لأدلة مخصوصة.

(256) لما مر من ثبوته بالعقد، فيؤثر إسقاطه في سقوطه لا محالة، و كذا لو

ص: 190


1- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العيوب.

ذلك قبل ظهور العيب أو بعده (257).

الثاني: اشتراط سقوطه كذلك في ضمن العقد

الثاني: اشتراط سقوطه كذلك في ضمن العقد (258)، و يجوز له إسقاط الأرش أيضا في الصورتين، كما يجوز له إسقاط الأرش فقط (259).

الثالث: التصرف في المعيب تصرفا مغيرا للعين

الثالث: التصرف في المعيب تصرفا مغيرا للعين (260) و كذا

______________________________

التزم بالعقد فإنه يسقط الرد و لا يسقط الأرش في الصورتين أما في الصورة الأولى فواضح، و أما الثانية فلأن الالتزام بالعقد أعم من الالتزام بالضرر.

نعم، إن كانت في البين قرينة مخصوصة على إسقاط الأرش أيضا تتبع.

(257) لما مر من أن العيب بوجوده الواقعي منشأ للخيار لا بظهوره.

(258) لعموم أدلة الوفاء بالشرط الشامل لذلك أيضا بعد وجود المقتضى و فقد المانع.

(259) لأن الحق مطلقا بطرفيه له، و لصاحب الحق إعماله بما شاء و إسقاطه كيف ما شاء.

(259) لأن الحق مطلقا بطرفيه له، و لصاحب الحق إعماله بما شاء و إسقاطه كيف ما شاء.

(260) للنص، و الإجماع ففي الصحيح عن أبي جعفر عليه السّلام: «أيما رجل اشترى شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ اليه و لم يبين له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثمَّ علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به» (1)، و المنساق من إحداث الحدث ما كان مغيرا للعين بقرينة خبر جميل عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد به عيبا قال عليه السّلام: إن كان الشي ء قائما بعينه رده على صاحبه و أخذ الثمن و إن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ رجع بنقصان العيب» (2)، و هو المتيقن من الإجماع أيضا.

ص: 191


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار.

التصرف الكاشف عن الالتزام بالبيع عرفا (261).

الرابع: تغير المبيع عما كان عليه و لو بحدوث عيب فيه عند المشتري

الرابع: تغير المبيع عما كان عليه و لو بحدوث عيب فيه عند المشتري (262)، و كذا لو تصرف فيه بنقل لازم أو جائز من بيع، أو إجارة، أو هبة، أو رهن (263). و لا فرق في كون التصرف المغير للعين و الدال على الرضا بالبيع مسقطا بين وقوعه قبل العلم بالعيب أو بعده (264).

الخامس: التبري من العيوب

الخامس: التبري من العيوب بأن يقول مثلا: بعته بكل عيب (265).

______________________________

(261) لأنه لا فرق في الالتزام بالبيع بين اللفظ الظاهر فيه أو الفعل الكاشف عنه عرفا، لأن كلا منهما حجة معتبرة في المحاورات و الاحتجاجات.

(262) لأن المنساق من أدلة هذا الخيار أن موضوعه إنما هو رد العين كما كان عليه حين العقد و مع عدم إمكانه عقلا أو شرعا فلا موضوع للخيار و إذا تغير العين بأي تغير كان فلا موضوع له كما هو واضح.

و خلاصة المقال: ان المسقط إما قولي أو فعلي، أو يكون من شرط السقوط في ضمن العقد، و إما حدوث حدث في المبيع بتلف أو نحوه سواء كان بالتصرف أو بغيره بحيث يصدق عدم كون الشي ء قائما بعينه و يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى ان وطي الجارية من المسقطات و جميع هذه المسقطات انما هو نحو إرفاق بالبائع فلو رضى بالرد مع ذلك فلا بأس به.

(263) لإطلاق قوله عليه السّلام فيما مر من الصحيح: «فأحدث فيه بعد ما قبضه» الشامل لجميع ذلك.

(264) لإطلاق الصحيح و خبر جميل الشامل لكل منهما، مع أن الرضا بالبيع التزام به مطلقا فيكون كإسقاط الرد في عرف الناس و لا يبعد اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشخاص فيدور حينئذ مدار القرائن الخارجية.

(265) للنص، و الإجماع، و بناء المعاملات بين الناس عليه فكون هذا الشرط ارتكازيا أقرب من كونه شرعيا و قد مر في صحيح زرارة: «أيما رجل

ص: 192

و يسقط به مطالبة الأرش أيضا (266)، و كذا يسقطان معا فيما إذا علم بالعيب و مع ذلك أقدم على الشراء (267).

مسألة 5: يسقط الأرش فقط فيما إذا اشترط سقوطه كذلك

(مسألة 5): يسقط الأرش فقط فيما إذا اشترط سقوطه كذلك كما مر، و كذا فيما إذا لم يكن العيب موجبا للأرش (268).

______________________________

اشترى شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ إليه و لم يبين له- الحديث-» (1).

(266) لعدم موضوع له بعد التبري من العيب، و المرجع في التبري انما هو عرف المتعاملين فكل ما صدق عليه ذلك يترتب عليه سقوط الخيار سواء كان قوليا أو فعليا أو كتبيا أو لبناء المتعاملين عليه.

إن قيل: مع التبري يبطل أصل البيع من جهة الغرر فلا يبقى موضوع للخيار حتى يسقط به.

يقال: المرجع في الغرر الموجب للبطلان إما العرف أو الشرع و كل منهما لا يحكمون ببطلان هذا النحو من البيع.

أما الأول: فلشيوع إقدامهم على هذا النحو من المعاملات.

و أما الثاني: فلظهور ما مر من الصحيح و غيره في صحة البيع.

(267) للإجماع، و لأنه هو الذي أقدم على تضرره فلا وجه لجعل الخيار له بعد ذلك، مع ان المنساق من الأخبار إنما هو صورة الجهل بالعيب و العرف و بناء الناس في معاملاتهم يشهد بذلك، فلو أقدم المشتري العالم بالعيب على اشتراء المعيوب من البائع مع علمه به ثمَّ رده و الزم البائع بالقبول لا يرى العرف له حق الرد و يستنكرون منه إلزامه البائع بالقبول هذا مع ثبوت علمه به و أما مع اختلافهما فيه فيأتي حكمه.

(268) أما الأول: فلما دل على الوفاء بالشرط بعد وجود المقتضى و فقد المانع.

ص: 193


1- تقدم في صفحة: 191.
مسألة 6: لو كان المبيع ربويا و ظهر فيه عيب يثبت فيه خيار العيب

(مسألة 6): لو كان المبيع ربويا و ظهر فيه عيب يثبت فيه خيار العيب، و يجوز للمشتري أخذ الأرش أيضا (269).

______________________________

و أما الثاني: فلعدم موضوع له حينئذ فكيف يثبت ما لا موضوع له، و قد مر أن موضوع الأرش العيب بحسب الأغراض المعاملية، فما كان عيبا بحسب الأغراض المعاملية النوعية ففيه الأرش و إن لم يكن عيبا في نفسه، و ما كان عيبا في نفسه و لم يعد عند نوع المتعاملين فلا أرش فيه و يختلف ذلك بحسب اختلاف الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص و بذلك يمكن أن يرتفع النزاع بين الفقهاء.

(269) لا ريب في أن الصحيح و المعيب جنس واحد في البيع الربوي كما يأتي، و لا ريب أيضا في تحقق الربا بالزيادة العينية بل الحكمية في الجملة فبيع الربوي بجنسه إذا كان أحدهما صحيحا و الآخر معيبا صحيح بلا تفاضل إجماعا و باطل معه كذلك انما الكلام في أن أخذ الأرش من الزيادة الموجبة للبطلان أولا، و ما قيل للأول وجوه:

الأول: عدم الفرق في الربا الحرام بين كون العقد سببا له حدوثا أو بقاء.

الثاني: عدم الفرق بين كون الزيادة بجعل المتعاقدين أو بحكم الشارع.

الثالث: عدم الفرق بين كون الزيادة من نفس أحد العوضين أو بما يساوية من سائر الأموال.

و الكل باطل: لأنه ليس إلا من مجرد الدعوى و لا بد و إن ينقح أولا ان الربا المحرم قصدي أو انطباقي قهري، و على الأول هل يتقوم بقصد كل منهما أو يكفي قصد أحدهما فقط، و على فرض كونه قصديا هل يعتبر أن يكون ذلك بجعل منهما حين إنشاء العقد أو يكفي ذلك و لو في الأثناء، و كذا بناء على كونه تعبديا صرفا، إذ يحتمل فيه جميع هذه الاحتمالات و المتيقن كونه جعليا التفاتيا حين إنشاء العقد بإقدام من الطرفين و إثبات غيره يحتاج إلى دليل و هو مفقود،

ص: 194

و كذا في بيع الصرف (270)، و لكن الأحوط في اختيار الأرش أن يكون بعنوان مصالحة جديدة لا بعنوان الأرشية (271).

مسألة 7: لو كان المبيع صحيحا حين العقد و حدث فيه عيب قبل القبض

(مسألة 7): لو كان المبيع صحيحا حين العقد و حدث فيه عيب قبل القبض كان ذلك كالعيب الحادث قبل العقد فيكون المشتري مخيرا أيضا بين الرد و أخذ الأرش، و كذا العيب الحادث في زمان أحد الخيارات الثلاثة من المجلس و الشرط و الحيوان، و لو حدث بعد القبض قبل انقضاء زمان الخيار (272).

______________________________

بل مقتضى الأصل و إطلاقات الأدلة عدم تحقق الربا مطلقا إلا في المتيقن من مورد الدليل، مع أن كون الأرش من الربا المعهود خلاف مرتكزات المتعاملين من الناس و يكفينا الأصل بعد عدم الدليل عليه.

و بالجملة: الأرش و الربا مخالفان مفهوما و مصداقا و عرفا و شرعا و يأتي في بيع الصرف ما ينفع المقام.

(270) لأن الأرش إن كان جزء من الثمن يلزم قبض بعض الثمن بعد انقضاء المجلس و هو يوجب بطلان بيع الصرف بالنسبة إلى ما لم يقبض في المجلس فلا يبقى موضوع للأرش حينئذ و إن لم يكن جزء منه فلا فرق فيه بين أن يقبض في المجلس أولا و قد مر أنه ليس بجزء منه بل غرامة خارجية لا ربط له بالعوضين.

(271) خروجا عن خلاف من جعل الأرش من العوضين و أجرى عليه أحكامهما و إن لم يكن له دليل في البين.

(272) للإجماع، و لأن المستفاد من مجموع الأخبار ان حدث التلف أو النقص قبل القبض و قبل انقضاء زمان الخيار كحدوثهما قبل العقد حكما و إن اختلفا موضوعا و حينئذ فإن كان مورد الخيار الرد فقط يلحقه حكمه و إن كان مورده الرد أو أخذ الأرش يلحقه حكمه أيضا و هذا تنزيل شرعي يستفاد من

ص: 195

مسألة 8: كل عيب حدث في المبيع و كان في عهدة البائع كالحادث قبل القبض أو في زمان الخيارات الثلاث لا يسقط به الرد

(مسألة 8): كل عيب حدث في المبيع و كان في عهدة البائع كالحادث قبل القبض أو في زمان الخيارات الثلاث لا يسقط به الرد (273)، و أما العيب الحادث بعد القبض و بعد انقضاء زمان الخيار فيسقط به الرد (274).

مسألة 9: لو كان التغير أو التعيب بفعل البائع بلا اذن من المشتري

(مسألة 9): لو كان التغير أو التعيب بفعل البائع بلا اذن من المشتري

______________________________

الأخبار كقوله عليه السّلام: «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» (1)، يعني أن ضمانه المعاوضي عليه و ذكر التلف من باب المثال لكل ما يصلح أن يكون دركه على البائع فيشمل المقام، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «و ان كان بينهما شرط أياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع» (2). إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في أنه ما لم تتم المعاملة بالقبض و مضي زمان الخيار يكون ضمان البائع للتعهد المعاملي باقيا و يأتي في أحكام الخيار بعض الكلام فالعيب الحادث في ظرف كون المبيع في زمان البائع كالعيب الموجود حين العقد سواء كان المبيع صحيحا حين وقوع العقد عليه أو معيبا و في الثاني يثبت الخيار من جهتين و لا محذور فيه، بل يمكن أن يثبت الخيار من جهات شتى كما لا يخفى.

(273) لفرض أن حدوثه بنفسه سبب مستقل لحدوث الخيار للمشتري فكيف يسقط به الخيار الذي كان ثابتا للمشتري، كما إذا وقع البيع على المعيب و حدث فيه عيب آخر أيضا في ظرف بقاء ضمان البائع هذا مع ظهور إجماعهم على عدم السقوط.

(274) لما مر في خبر جميل (3)، من أنه يعتبر في الرد كون المبيع قائما

ص: 196


1- مستدرك الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الخيار.
3- تقدم في صفحة: 191.

لا يمنع عن الرد (275).

مسألة 10: إذا رضي البائع برده مع التغير أو العيب مجانا أو مع الأرش يبقى التخيير

(مسألة 10): إذا رضي البائع برده مع التغير أو العيب مجانا أو مع الأرش يبقى التخيير (276)، و لو زال التغير أو العيب الحادث قبل الرد يجوز الرد حينئذ (277).

مسألة 11: لو رد بالعيب السابق قبل ظهور العيب الجديد عنده ثمَّ بان الخلاف يصير رده باطلا

(مسألة 11): لو رد بالعيب السابق قبل ظهور العيب الجديد عنده ثمَّ بان الخلاف يصير رده باطلا (278)، فلو أسقط المشتري الأرش بانيا على اختيار الرد فحدث ما يمنع عنه من عيب أو نحوه فهل يصح الرد حينئذ أو يسقط الخيار بالمرة؟ وجهان (279) و الأحوط التصالح و التراضي.

مسألة 12: هذا الخيار موضوعه رد العين

(مسألة 12): هذا الخيار موضوعه رد العين فلو تلف العين و رضي البائع برد البدل أيضا فهل يصح أن يكون ذلك بعنوان خيار العيب أو لا؟

وجهان (280).

______________________________

بعينه، مع أن مفهوم الرد متقوم برد العين كما كان عليه حين البيع فيصح أن يقال انه مع التعيب عند المشتري و التغير لا موضوع للرد حينئذ تخصصا.

(275) لانصراف الأدلة عنه.

(276) لأن سقوط الرد مع التغير إنما هو لمراعاة حقه و مع إسقاطه لحقه فلا وجه لسقوط التخيير.

(277) لصدق قيام الشي ء بعينه فالمقتضي للرد موجود و المانع عنه مفقود.

(278) لصدق عدم كون المبيع حين الفسخ قائما بعينه.

نعم، لو رضى البائع بذلك فلا شي ء عليه.

(279) من جهة بنائه على الرد فكأن الذي حدث لا أثر له في إسقاط الرد، لعدم الموضوع له حينئذ، و من حيث أن مجرد البناء على الرد من حيث هو بناء قلبي لا أثر له ما لم يكن مبرز لفظي في البين فيؤثر مسقط الرد أثره.

(280) الظاهر عدم كونه من خيار العيب المعهود و لا بأس به ان كان بعنوان

ص: 197

مسألة 13: لو كان سبب العيب سابقا على العقد و لكن حدوثه كان بعد القبض و بعد انقضاء زمان الخيار

(مسألة 13): لو كان سبب العيب سابقا على العقد و لكن حدوثه كان بعد القبض و بعد انقضاء زمان الخيار فهل يثبت به الخيار أ و لا (281).

مسألة 14: لو كان معيوبا حين العقد و زال العيب قبل ظهوره يسقط الخيار بطرفيه من الرد و الأرش

(مسألة 14): لو كان معيوبا حين العقد و زال العيب قبل ظهوره يسقط الخيار بطرفيه من الرد و الأرش (282) و إن كان الأحوط التصالح بالنسبة إلى الأرش (283).

مسألة 15: لا يحرم عدم ذكر العيب جليا كان أو خفيا

(مسألة 15): لا يحرم عدم ذكر العيب جليا كان أو خفيا (284) إلا إذا انطبق عليه عنوان الغش فيحرم حينئذ (285).

______________________________

التراضي.

(281) يختلف ذلك بحسب الموارد فان عد نفس السبب عيبا عرفا فالخيار ثابت و إلا فلا.

(282) لأن المنساق من الأدلة الدالة على الرد و الأرش انما هو العيب المستقر الذي يوجب تضرر الطرف لا الحادث الزائل فإنه كأن لم يكن عند متعارف الناس و يستنكرون من رد المعاملة أو طلب الأرش لذلك و لا وجه للرجوع إلى الاستصحاب مع انسباق الاستقرار من أخبار الباب، مضافا إلى تبدل الموضوع فلا مجرى للاستصحاب الموضوعي و لا الحكمي.

نعم، لو كان ذلك منافيا لبعض الأغراض النوعية المعاملية يثبت الخيار حينئذ لشمول الأدلة له.

(283) خروجا عن خلاف من أثبته في المقام مع حكمه بسقوط الرد.

(284) للأصل بعد عدم دليل على الحرمة.

نعم، يستحب ذكر العيب مطلقا كما تقدم في آداب البيع و الشراء.

(285) للأدلة الأربعة كما تقدم في المكاسب المحرمة فراجع (1).

ص: 198


1- تقدم في مجلد السادس عشر صفحة: 105- 108.
مسألة 16: كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثمَّ يقوّم معيبا

(مسألة 16): كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثمَّ يقوّم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما ثمَّ ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة (286). فإذا قوّم صحيحا بتسعة و معيبا بستة و كان الثمن عشرة ينقص

______________________________

(286) البحث في الأرش من جهات.

الأولى: ليس الأرش من الأمور التعبدية حتى نحتاج في بيانها إلى بيان الشارع، و لا من الموضوعات المستنبطة حتى يحتاج الفقيه إلى إعمال الفكر و الاجتهاد في الأدلة بل هو من الأمور العرفية الدائرة بين التجار و المتعاملين و أهل السوق، فاللازم الرجوع إلى أهل الخبرة منهم و إذا رجعنا إلى سواد الناس و أهل السوق يقولون: ان الأرش تتميم المعيب بمال ليصير مقابلا للثمن في المالية، و هو غرامة خارجة عن ذات العوضين بحسب شخصيتهما و يمكن إرجاع ما في اللغة و كلمات الفقهاء إلى ما قلناه أيضا.

الثانية: إذا تأملنا في المعاملات الدائرة بين الناس نرى أن لوصف الصحة أهمية خاصة ليست في سائر الأوصاف فيرونه من مقومات مالية المال و إن لم يقع الثمن في المعاملة بإزائه في ظاهر المعاملة لكنه هو الغرض الوحيد الملحوظ في مالية العوضين فالإنشاء العقدي و إن وقع في الظاهر على شخص العوضين بما هما متشخصان في الخارج و لكن لب المعاملة و واقعها يدور مدار التحفظ على المالية بأي وجه أمكن فتنحل المعاملة في الواقع هكذا: «أشترى منك هذا الشي ء بكذا و ان نقص من ماليته شي ء لا بد من تداركه» فالتباني المعاملي يقع على هذا النحو من التعهد من الطرفين فيكون أرش العيب و تداركه من الضمان المعاملي في مرتكزات الناس و مراداتهم الواقعية. فهو برزخ بين المعاوضية المحضة و الغرامة الصرفة.

فما عن جمع منهم الشيخ الأنصاري، و بعض مشايخنا من أن الأرش ليس من ضمان اليد لوقوع العقد على التالف لا أنه من تلف مال المشتري في يد

ص: 199

..........

______________________________

البائع حتى يكون من ضمان اليد و لا ضمان المعاوضة لأن المدار فيه ورود التلف على المعقود عليه قبل القبض أو زمان احدى الخيارات الثلاثة و المفروض عدمه فهو ضمان ثالث خارج عنهما.

مخدوش: فإن الضمان المعاملي عبارة عن التعهد بشي ء في المعاملة و لو بحسب اللب و الواقع و عدم الخروج عن عهدته يتحقق الضمان المعاملي حينئذ و يجب التدارك فالبائع التزم بالوصف للمشتري و أخذ لأجله زائدا عما يستحقه على العين فإذا تبين عدم الوصف وجب عليه أن يخرج عن عهدته بدفع عوضه فيكون مطابقا للقاعدة بحسب البناء المعاملي و مرتكزات الناس.

الثالثة: الأرش الذي يضمنه البائع مع كون المبيع معيبا انما هو ما به يتفاوت الصحيح و المعيب بالنسبة إلى الثمن المدفوع كما هو المشهور لا بحسب القيمة الواقعية، لأن القيمة الواقعية انما تلحظ مع عدم الإقدام المعاملي الصحيح في البين و المفروض تحققه عرفا و شرعا لأن ثبوت الخيار يكشف عن صحة البيع و إلا فلا وجه للخيار.

و ما عن بعض مشايخنا من أن المعاوضة لم تتسبب إلى وصف الصحة أصلا بل تستحيل أن تتسبب إليه حيث ان الوصف لا مال و لا مملوك فلا حكم له شرعا فلا معنى للمعاوضة و لا يمكن أن يؤثر في التغريم و لا في الانفساخ.

ففيه. أولا: ان التسبب إلى وصف الصحة انما هو بالإنشاء إلى نفس المعاملة فيكون التسبب إلى نفس المعاملة تسببا عرفا و شرعا إلى كل ما يتعلق كذلك.

و ثانيا: مالية الوصف و ملكيته تتبع لمالية الموصوف و ملكيته عرفا و يصح اعتبار المالية و الملكية التبعية فيه عند العقلاء و هذا المقدار يكفي في ترتب الأثر و مقتضى الأصل عدم اعتبار الأزيد من ذلك.

الرابعة: ليس في أخبار الباب منافاة لما نسب إلى الأصحاب من أن الأرش نسبة تفاوت القيمتين إلى الثمن لا القيمة الواقعية، فإن تعبيراتها هكذا:

ص: 200

..........

______________________________

«ورد البائع عليه قيمة العيب» كما في خبر عبد الرحمن (1)، و قوله عليه السّلام: «لكن يرجع بقيمة العيب» كما في خبر ابن ميسر (2)، و قوله عليه السّلام: «و لكن يرد عليه بقيمته أو بقدر ما نقصها العيب» كما في خبر ابن حازم (3)، و قوله عليه السّلام: «ثمَّ يرد البائع على المبتاع فصل ما بين الصحة و الداء» كما في خبر طلحة بن زيد (4)، و قوله عليه السّلام: «و لكن تقوّم ما بين الصحة و العيب فيرد على المبتاع» كما في خبر ابن مسلم (5)، و قوله عليه السّلام: «و له أرش العيب»: كما في خبر حماد بن عيسى (6)، و قوله عليه السّلام: «و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها» (7)، و قريب منه صحيح زرارة (8)، و لا بد و ان يحمل على رد ما به التفاوت بعد رد بعضها إلى بعض كقوله عليه السّلام: «ثمَّ يرد البائع على المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء»، و هذه الأخبار إما في مقام بيان أصل الضمان ساكتة عن بيان كيفيته فلا بد من الرجوع إلى القاعدة أو قابلة الانطباق على المشهور، مع انه لا وجه للتعبد في كيفية أخذ الأرش، و كذا في تعين أسعار الأشياء لأن أهل الخبرة من الناس يعرفون ذلك.

نعم، لو كان إجحاف في البين فللحاكم الشرعي إن يتدخل حينئذ ان رأى المصلحة في ذلك.

الخامسة: ظهر ما مر أن الأرش تدارك المالية الفائتة بما يوازي المسمى لوقوع الإقدام عليه لا بحسب القيمة الواقعية، لسقوطها بعد الاقدام المعاملي على قدر خاص من المسمى فالضمان المعاملي بالنسبة إلى تدارك أصل المالية متحقق قطعا و وجدانا و الثمن انما وقع بإزاء شخص المبيع و بقية المالية الفائتة غير متداركة فلا بد للمالك من تداركها على المشتري.

السادسة: يمكن تصوير الأرش المستغرق للقيمة و هو فيما إذا لم يكن العيب موجبا لخروج الشي ء عن المالية رأسا و لكن يحتاج إلى صرف مقدار قيمته أو أكثر لإزالة عيبه فالبيع صحيح و الخيار ثابت و الأرش متحقق لشمول

ص: 201


1- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 6 و 8 و 3.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 6 و 8 و 3.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 6 و 8 و 3.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 4 و 7 و 1 و 5.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 4 و 7 و 1 و 5.
6- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 4 و 7 و 1 و 5.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 4 و 7 و 1 و 5.
8- الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 4 و 7 و 1 و 5.

..........

______________________________

الأدلة لهذه الصورة أيضا. و أما إذا كان العيب موجبا لسلب المالية رأسا فلا موضوع للخيار حينئذ لبطلان البيع و أمثلة القسمين كثيرة كما لا يخفى.

السابعة: يجوز لهما التراضي عن الأرش بكل ما يتراضيان عليه كما يجوز إسقاط أصله و ذلك كله لأن الحق بينهما حدوثا و بقاء.

بقي الكلام في أمرين.

أحدهما: انه هل يتعين أن يكون الأرش من عين الثمن أو يجزي من غيره؟

ثانيهما: انه على فرض الإجزاء من الغير هل يعتبر أن يكون من النقدين أو يكفي من غيرهما أيضا؟

أما الأول: فلا ريب في ان الأرش ليس من التكليف المحض بل هو نحو حق قابل للإسقاط و الانتقال و هذا الحق في مرتبة ثبوته مردد بين كونه من المالية المحضة أو مقيدة بخصوص الثمينة فقط، و الأول معلوم قطعا و الثاني مشكوك ثبوتا فيجري فيه الأصل إثباتا فلا دليل على تعين كونه من الثمن بعد الشك في أصل اشتغال الذمة بهذه الخصوصية.

و أما الأخبار فما اشتمل منها على لفظ «قيمة العيب» أو لفظ «الأرش» فلا ريب في كونهما أعم من خصوص الثمن و ما اشتمل منها على لفظ «الثمن» كصحيحي زرارة و ابن سنان فإن استفيد منه أن ذكره من باب الخصوصية لإخراج الأرش منه تعينه في ذلك وجب ذلك، و أما ان احتمل فيه أن ذكره من حيث كونه طرفا لنسبة الأرش إليه من حيث لحاظ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب و طرف تعيين مقدار مالية الأرش فلا تدل على تعين كونه منه. و هذا الاحتمال يكفي في سقوط الاستدلال كما هو واضح.

و أما الثاني: و هو انه هل يتعين أن يكون الأرش من النقدين، أو يكفي كونه من غيرهما من كل ماله مالية في الجملة أي شي ء كان فمقتضى الأصل عدم اعتبار خصوصية النقدية أيضا، لأن اعتبار أصل المالية معلوم و خصوصية

ص: 202

من الستة اثنان و هكذا (287)، و لا بد فيه من مراجعة أهل الخبرة (288)، و يكفي قول واحد منهم مع حصول الوثوق و الاطمئنان (289)، و لا يعتبر

______________________________

النقدية مشكوكة ثبوتا، فإن كان عرف معتبر على الخلاف يتبع لا محالة و إلا فيبقى الأصل بحاله.

و عن جمع منهم الشيخ الأنصاري رحمه اللّه أن الأصل في ضمان المضمونات النقد و هو صحيح في الجملة في هذه الأعصار و في غالب الأمكنة و أما ما قلّت النقود فيها و كانت المعاوضات فيها على تبادل الأجناس بعضها مع بعض كما أدركنا بعض تلك الأزمنة فأي دليل على تعيين النقدين فيها، و يشهد لذلك ما جعله الشارع في دية النفس من النقدين و غيرهما فراجع و طريق الاحتياط التراضي عند دفع غير النقدين خصوصا مع جريان العادة على النقد و لو في الجملة.

(287) لأن النسبة بين التسعة التي تكون قيمة الصحيح و الستة التي تكون قيمة المعيب بالثلث فينقص من الثمن الثلث و هكذا.

(288) لأنهم أعرف بهذه الأمور من الفقيه، بل لا بد للفقيه أن يرجع إليهم أيضا في تشخيص هذه الأمور و طريق الاحتياط التراضي مع ذلك.

(289) لحجية الوثوق و الاطمئنان عند العقلاء مطلقا سواء كان ذلك في الأحكام أو في الموضوعات و لم يرد دليل على الردع إلا ما يقال من الآيات و الروايات الناهية عن العمل بغير العلم.

و هو مخدوش: لأن المراد بغير العلم ما لا يعتمد عليه العقلاء و المفروض اعتمادهم على ما يوثق به و يحصل الاطمئنان به و المراد بالعلم أعم من العلم الوجداني و كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان و لولاه لاختل النظام، و جميع ما ورد في الاعتماد على ما يوثق به تقرير لبناء العقلاء و مرتكزاتهم.

ص: 203

التعدد و العدالة (290) و الأحوط اعتبارهما (291).

مسألة 17: لو اختلف أهل الخبرة في تقويم الصحيح أو المعيب أو هما معا

(مسألة 17): لو اختلف أهل الخبرة في تقويم الصحيح أو المعيب أو هما معا، فقوّم الصحيح بعضهم بقدر معين و المعيب بقدر آخر منهم فان اتفقت النسبة- كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فالتفاوت على كل منهما بالنصف

______________________________

(290) للأصل بعد حصول الوثوق و الاطمئنان و عدم ما يصح الاعتماد عليه، لاعتبار التعدد و العدالة إلا ذيل خبر ابن صدقة في الشبهات الموضوعية:

«و الأشياء كلها على ذلك حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة» (1)، و قوله عليه السّلام: «حتى يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه الميتة» (2)، و قوله عليه السّلام في الهلال: «لا أجيز إلا شهادة رجلين عدلين» (3).

بدعوى: استفادة القاعدة الكلية منها لجميع الشبهات الموضوعية.

و فيه. أولا: أن استفادة القاعدة الكلية مما ورد في هذه الموارد القليلة ممنوعة في مقابل بناء العقلاء على الاعتماد بمطلق الوثوق في الموضوعات و يقوم بذلك نظام معاشهم و معادهم.

و ثانيا: أن مورد الأخبار المتقدمة إنما هو الشهادة في الحسيات دون الاخبار من الحدسيات و المقام من الثاني دون الأول، و لو فرض الشك في أنه من أيهما لا يصح التمسك بهذه الأخبار فيه أيضا، لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

(291) خروجا عن خلاف من قال بذلك و إن لم يكن له دليل معتبر. ثمَّ انه لا ريب في ان القضية إما خبرية أو إنشائية و الأولى تتصف بالشهادة تارة و بالخبر

ص: 204


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به.
2- الوسائل باب: 61 من أبواب الأطعمة المباحة.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب أحكام شهر رمضان.

فيكون الأرش نصف الثمن (292)، و ان اختلفت النسبة كما إذا قوّم بعضهم.

الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة، و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة، فتكون النسبة على الأول بالنصف و على الأخير بالربع فيبنى على الأقل (293) و الأحوط التصالح (294).

______________________________

المحض أخرى و مقسمهما الجملة الخبرية و لا ريب في اختلاف الخبر و الشهادة مفهوما و الاختلاف بينهما في الجملة.

و قد فرقوا بين الشهادة و الخبر بوجوه.

منها: الفرق من جهة اعتبار التعدد و عدمه فالأول شهادة و الثاني خبر.

و منها: الفرق من جهة الغرض فإن كان مجرد الاعلام فخبر و إلا فشهادة.

و منها: أن ما يحكي عن الحكم أو الموضوع الكلي فخبر و ما كان في مقام بيان التطبيق فشهادة إلى غير ذلك مما قيل.

و الكل فيه نحو إشارة إلى المغروس في الأذهان و إن كان قابلا للخدشة أيضا لكنه من الخدشة في شرح الاسم فلا وجه لأن يضيع فيها الوقت الثمين و قد ذكرنا بعض الكلام في كتاب الشهادة.

(292) لأنه لا تعارض بالنسبة إلى طبيعي النصف المستفاد من كلامهما فهما متفقان عليه من هذه الجهة فلا تعارض حينئذ في البين فيعمل بمقتضى البينتين لوجود المقتضى و فقد المانع.

(293) لأن الثبوت الواقعي للحق بأكثر منه مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة بعد عدم تمامية الحجية على ثبوت الأكثر.

(294) لأن في المسألة وجوها فينبغي فيها مراعاة الاحتياط و هي:

الأول: الأخذ بقول الأكثر لأنه مثبت.

الثاني: القرعة لأنها لكل أمر مشتبه.

ص: 205

..........

______________________________

الثالث: الأخذ بأرجح القولين.

الرابع: الرجوع إلى القرعة في تعيين أحد القولين.

الخامس: تخيير الحاكم بعد عدم إمكان الجمع و فقد المرجح.

و الكل مخدوش. إذ الأول: مخالف للأصل مع إمكان أن يكون الأقل أيضا مثبتا.

و الثاني: بأنه لا تصل النوبة إلى القرعة إلا بعد فقد كل أصل موضوعي و حكمي، و قد مر أن مقتضى الأصل هو الأقل، مع أن القرعة لا يعمل بها إلا بعد تعاضدها بإجماع الأصحاب أو نص معتبر يدل عليه بالخصوص و هما مفقودان في المقام، و الثالث مفروض العدم و إلا فمع وجود الترجيح المعتبر في البين لا بد من العمل به، مع أن تخيير الحاكم في حقوق الناس لا وجه له، لأنه يرجع إلى التخيير بين أداء الحق إلى مستحقه و تركه.

ثمَّ انهم استدلوا على الجمع بين القولين و أخذ النسبة بينهما بوجهين.

أحدهما: قاعدة ان الجمع بين المتعارضين أولى من الطرح مهما أمكن.

ثانيهما: انه من الجمع بين الحقين أي البائع و المشتري و ملاحظة الطرفين.

و فيه: أن قاعدة أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ليست من القواعد المعتبرة مطلقا و موردها على فرض اعتبارها إنما هو قول الشخص الواحد أو من كان بمنزلته كالأخبار الصادرة عن الأئمة عليه السّلام حيث انهم بأجمعهم لسان واحد، و أما في الحدسيات و الاجتهادات المختلفة فلا دليل عليه من عقل أو نقل، و ليس المقام من الجمع بين الحقين، لعدم الموضوع له بل من دوران الأمر بين الاستحقاق و عدمه لاستحقاق المشتري و استحقاق البائع فلا وجه للجمع بين الحقين من هذه الجهة و قد اضطربت الكلمات في المقام كما لا يخفى على من راجع المطولات فلا بد من التصالح.

ص: 206

مسألة 18: لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما

(مسألة 18): لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما فإن للمشتري أخذ الأرش أو رد الجميع (295)، و يجوز له التبعيض برد المعيب

______________________________

ثمَّ إن المشهور ملاحظة قيمتي الصحيح و قيمتي المعيب و تنصيف كل من القيمتين فتصير على هذا قيمة الصحيح نصف مجموع قيمتي الصحيح و قيمة المعيب نصف مجموع قيمتي المعيب و هذا هو المراد بالقيمة المنتزعة في كلما تهم ثمَّ ملاحظة نسبة القيمة المنتزعة للصحيح إلى القيمة المنتزعة للمعيب فإن كان التفاوت بينهما بالربع مثلا أخذ من ثمن المسمى ربعه و إن كان بالثمن فثمنه و هكذا.

و أسهل منه ملاحظة مجموع قيمة الصحيح و مجموع قيمتي المعيب و ملاحظة نسبة المجموع إلى المجموع و الأخذ من الثمن بتلك النسبة، فإن النسبة بين المجموعين هي عين النسبة بين نصفيها.

و نسب إلى الشهيد رحمه اللّه طريق آخر لأخذ النسبة و هو ملاحظة قيمة المعيب إلى صحيحه في كل من التقويمين و أخذ الكسر الحاصل من نسبة كل معيب إلى صحيحة ثمَّ تنصيف الكسرين مثلا فالمشهور على ملاحظة النسبة بين القيمتين المنتزعتين و الشهيد على ملاحظتها بين الكسرين، و الطريقان قد يتحدان و قد يختلفان و الظاهر ان مراد المشهور أيضا ما نسب إلى الشهيد، لأنه ليس لتقويم الصحيح و المعيب من حيث هما موضوعية خاصة بل هو طريقي و مقدمي لملاحظة النسبة و الكسر المتحقق في البين فالمشهور نظروا إلى المقدمة و الطريق من حيث هو طريق و أوكلوا مورد التفاوت إلى المتعاملين بأن يتراضيا بينهما بما شاء، لأنه قد جرت السيرة بين الناس في هذه الأمور بالتسامح و التراضي. و منه يظهر أن تطويل الكلام في المقام مما لا ينبغي لندرة الابتلاء و بناء الناس على المسامحة غالبا لا على الدقة، و الشهيد نظر إلى نفس النتيجة أولا و بالذات.

(295) لوجود المقتضى لخيار العيب و فقد المانع عنه فتشمله الأدلة لا محالة.

ص: 207

وحده، و كذا لو اشترك اثنان في شراء شي ء فوجداه معيبا يجوز لأحدهما رد حصته خاصة و إن لم يوافقه شريكه في ذلك، و هكذا لو اشترك اثنان في بيع شي ء فوجد الثمن معيبا يجوز لأحدهما رد حصته خاصة و إن لم يوافقه شريكه (296). و لكن الأحوط عدم الخيار مطلقا إلا برضا الطرفين

______________________________

(296) التعدد الموجب للتبعيض إما في الثمن أو في المثمن أو في البائع أو في المشترى و البحث في ذلك.

تارة: بحسب القاعدة.

و اخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فلا محذور من عقل أو شرع أو عرف في تعدد حق الخيار بالنسبة إلى أبعاض العوضين و أفراد المتعاملين فالانحلال العرفي انما يتحقق بحسب الأغراض المعاملية و ليست هذه الانحلالات بيد الشارع حتى نتعبد بها بل هي من الاعتباريات العرفية و سوادهم فما دام رأوا إنها غير ممتنعة و لم يردع عنها الشرع يصح الأخذ بها، لأن أساس المعاملات و ما يتعلق بها للعرف و منهم إلا مع تحديد شرعي فيها بنص صحيح أو إجماع صريح، و إذا راجعنا العرف لا يرون في انحلال حق الخيار في المقام بأسا، فلزوم العقد في المعيب ضرر على المشتري، كما ان لزوم العقد بالنسبة إلى الصحيح في فرض خيار المشتري في المعيب ضرر على البائع و نتيجة ارتفاع كلا اللزومين خيار العيب للمشتري و خيار تبعض البيع للبائع، و كذا الكلام فيما إذا تعدّد البائع و اتحد المشتري أو بالعكس فالمقتضي للخيار موجود و المانع عنه مفقود لأن ما يتوهم فيه المانعية أمور.

الأول: متعلق الخيار مجموع ما وقع عليه العقد.

الثاني: التبعيض مستلزم للضرر على البائع.

الثالث: مع التبعيض لا يصدق قيام الشي ء بعينه فلا وجه للخيار كما في

ص: 208

خصوصا في القسم الأول (297).

مسألة 19: لو اختلفا في العيب و عدمه، أو اختلفا في كون الموجود عيبا مع عدم إمكان تبين الحال

(مسألة 19): لو اختلفا في العيب و عدمه، أو اختلفا في كون الموجود عيبا مع عدم إمكان تبين الحال، أو اختلفا في أن حدوث العيب كان في عهدة البائع- كما إذا كان قبل القبض أو في زمان الخيار- أو انه بعد ذلك فالقول قول منكر الخيار في جميع ذلك مع يمينه (298).

______________________________

مرسل جميل (1).

الرابع: انصراف الأدلة إلى صورة وحدة العقد و وحدة الخيار.

و الكل مخدوش. أما الأول: فهو خلاف ظاهر الأدلة، و خلاف وجدان المتعاملين في أغراضهم النوعية المعاملية و بعد صحة انحلال حق الخيار لا وجه لهذا الاحتمال.

و أما الثاني: فلا وجه للضرر بالنسبة إليه بعد ثبوت خيار التبعيض له.

و أما الثالث: فلان متعلق الخيار إذا كان البعض المعيب فلا ريب في صدق كونه قائما بعينه.

و أما الأخير: فهو ممنوع و على فرضه يكون بدويا فمقتضى القاعدة جواز التبعيض مطلقا.

و أما بحسب الأدلة الخاصة فليس في البين إلا دعوى عدم الخلاف بالنسبة إلى القسم الأول فقط و في كونه من الإجماع المعتبر اشكال إن لم يكن فيه منع.

(297) خروجا عن خلاف من خالف خصوصا في الصورة الأولى التي ادعي عدم الخلاف في عدم الخيار فيها.

(298) لأصالة اللزوم في جميع تلك الأقسام بعد عدم أصل موضوعي في البين و لا قرينة معتبرة على الخلاف و أما اليمين فلقطع الخصومة و اللجاج.

ص: 209


1- تقدم في صفحة: 191.
مسألة 20: لو رد المشتري على البائع متاعا

(مسألة 20): لو رد المشتري على البائع متاعا و قال أن هذا متاعك و هو معيب و أنكر البائع ذلك يقدم قول البائع (299)، و إذا اتفقا على الخيار و اختلفا في المتاع فقال المشتري هو لك و أنكره البائع فللمشتري إعمال الخيار (300) و يقدم قول البائع في إنكاره للمبيع المردود (301).

مسألة 21: لو اتفقا على أصل ثبوت الخيار و اختلفا في سقوطه و عدمه

(مسألة 21): لو اتفقا على أصل ثبوت الخيار و اختلفا في سقوطه و عدمه قدم قول من يدعى عدم السقوط (302).

مسألة 22: العيب الموجب للخيار ما كان قبل العقد، أو بعده و قبل القبض

(مسألة 22): العيب الموجب للخيار ما كان قبل العقد، أو بعده و قبل القبض، أو بعدهما و قبل انقضاء الخيارات الثلاثة (303) و إن كان بعد ذلك فلا يوجب الخيار مطلقا (304) إلا في موارد أربعة: الجنون، و البرص، و الجذام، و القرن فإنها لو حدثت إلى سنة من يوم العقد يثبت لأجلها الخيار (305) و لأجل ذلك سميت بأحداث السنة.

______________________________

(299) لأصالة اللزوم و عدم موجب للخيار، و أصالة عدم وقوع بيع البائع على ما رده المشتري إليه، و نتيجة هذا النزاع ترجع إلى ثبوت موجب الخيار و عدمه و مقتضي الأصل اللزوم إلا أن يثبت المشتري الخيار.

(300) لاتفاقهما عليه بلا نزاع لهما فيه.

(301) لأصالة عدم وقوع بيعه على هذا المتاع بالخصوص إلا إذا أثبت المشتري وقوع البيع عليه بالخصوص. و ما نسب إلى الإيضاح من تقديم قول المشتري لأصالة عدم خيانته.

باطل: لأنه تغيير لصورة النزاع بلا وجه، لأن المناط في الدعاوي مفادها الظاهري في المحاورات العرفية لا كلما أمكن للحاكم الشرعي إرجاع الدعوى إليه و تطبيقه مع أي أصل من الأصول مهما أمكن.

(302) لاستصحاب بقائه بلا فرق فيه بين أنحاء المسقطات.

(303) لما مر في المسائل السابقة.

(304) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(305) لقول مولانا الرضا عليه السّلام في خبر علي بن أسباط: «الخيار في الحيوان

ص: 210

مسألة 23: خيار العيب على الفور

(مسألة 23): خيار العيب على الفور (306).

______________________________

ثلاثة أيام للمشتري و في غير الحيوان أن يفترقا. و أحداث السنة ترد بعد السنة قلت: و ما أحداث السنة؟ قال عليه السّلام: الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم أن يرد على صاحبه إلى تمام السنة من يوم اشتراه» (1)، و قريب منه غيره و لا بد من حمل ما اشتمل على ذكر بعضها (2)، دون تمامها على أنه من باب الاكتفاء بذكر البعض عن الكل، و على أي تقدير لا بد و ان تحمل الروايات المخالفة للمشهور (3)، أو ردها إلى أهلها، لعدم مقاومتها لما هو المشهور.

ثمَّ أن القرن شي ء يحدث في الفرج يمنع من الوطي فما في ذيل حديث ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «تردّ الجارية من أربع خصال: من الجنون و الجذام، و البرص، و القرن. القرن: الحدبة إلا أنها تكون في الصدر تدخل الظهر و تخرج الصدر» (4)، لا وجه له سواء كان التفسير من الامام عليه السّلام أو من صاحب الكافي قدس سره.

و حيث أن المسألة غير ابتلائية في هذه الأعصار و ما قاربها فلا وجه للتفصيل مع وجود الأهم في البين، و في الرجوع إلى المفصلات غنى و كفاية فإنهم رحمهم اللّه بذلوا الجهد فيما يتعلق بهذه المسائل.

(306) لما عن الغنية من دعوى الإجماع عليه و لولاه أمكن أن يقال: أن مقتضى إطلاق الأدلة و استصحاب بقاء الخيار هو التراخي بناء على ما هو الحق من عدم الفرق في جريان الاستصحاب بين الشك في المقتضي و الشك في الرافع إلا إذا رجع إلى الشك في أصل موضوع المستصحب هذا و قد ناقش شيخنا الأنصاري في الإجماع فراجع.

و أما الإشكال في الإجماع و مخالفة بعض فلا يضر بعد أن كان منشأ

ص: 211


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العيوب حديث: 4.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العيوب حديث: 2 و 3.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العيوب حديث: 1.
مسألة 24: لو اختلفا في علم المشتري بالعيب قبل العقد و عدمه

(مسألة 24): لو اختلفا في علم المشتري بالعيب قبل العقد و عدمه قدم قول منكر العلم به فيثبت الخيار (307)، و لو تسالما على العيب و اتفقا على حدوث عيب فيه أيضا و اتفقا على زوال عيب في الجملة أيضا و اختلفا في أن الزائل كان ما وقع عليه العقد و زال قبل القبض فلا خيار في البين أو ان الزائل العيب الحادث، فالخيار باق (308).

مسألة 25: لو اختلفا في جهل المشتري بأصل الخيار، أو فوريته

(مسألة 25): لو اختلفا في جهل المشتري بأصل الخيار، أو فوريته بناء عليها- يقدم قول المنكر (309)، و لو اختلفا في البراءة من العيوب أو اتفقا عليها و اختلفا في السماع و عدمه يقدم قول المنكر (310).

______________________________

المخالفة لأجل الاستظهارات الاجتهادية.

كما أن اقتضاء الفورية على كون مدرك خيار العيب قاعدة الضرر لأن من له الخيار لو التفت و لم يعمل الخيار فيتحمل الضرر باختياره فلا وجه للخيار.

مردود: لأن تحمل الضرر شي ء و المساهلة في إعمال الخيار شي ء غيره لا ربط لأحدهما بالآخر كما هو واضح.

(307) لأصالة عدم العلم بالعيب فيقدم قول المشتري.

(308) لأصالة عدم سقوط الخيار.

(309) للأصل مع عدم قرينة على الخلاف.

(310) للأصل، و ظهور الإجماع. و أما خبر جعفر بن عيسى قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي، فإذا نادى عليه برئ من كل عيب فيه، فإذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق إلا نقد الثمن فربما زهد، فإذا زهد فيه ادعى فيه عيوبا و إنه لم يعلم بها فيقول المنادي:

قد برئت منها فيقول المشتري: لم أسمع البراءة منها أ يصدق فلا يجب عليه الثمن أم لا يصدق فيجب عليه الثمن؟ فكتب عليه السّلام: عليه الثمن» (1) فلا بد من رد

ص: 212


1- الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام العيوب.
مسألة 26: المرجع في موضوع العيب في كل شي ء أهل الخبرة بذلك الشي ء

(مسألة 26): المرجع في موضوع العيب في كل شي ء أهل الخبرة بذلك الشي ء بلا فرق بين العيب الظاهر و الخفي (311)، و مع الاختلاف فمع سبق السلامة يرجع إليها و كذا في العيب (312)، و مع الجهل بالحالة السابقة فلا خيار (313).

مسألة 27: الثفل الخارج عن المتعارف في الأدهان و نحوها عيب يثبت به الخيار

(مسألة 27): الثفل الخارج عن المتعارف في الأدهان و نحوها عيب يثبت به الخيار (314).

فائدة: ذكر الشهيد قدس سره في المقام خيار التدلس، و خيار تعذر التسليم،

______________________________

علمه إلى أهله لوهنه باعراض المشهور.

(311) بعد صدق العيب على الخفي أيضا، و قد مر قول أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب» (1)، و التشخيص في جميع ذلك موكول إلى ثقات أهل الخبرة.

(312) للاستصحاب في كل منهما.

(313) لأصالة اللزوم التي تقدم مكررا اعتبارها.

(314) نصا، و إجماعا ففي خبر ابن عبد العزيز عن الصادق عليه السّلام: «قلت له:

رجل اشترى زق زيت فوجد فيه درديا قال عليه السّلام: «إن كان يعلم أن ذلك يكون في الزيت لم يرده و إن لم يكن يعلم أن ذلك يكون في الزيت رده على صاحبه» (2).

و لكن الصور أربعة: أن يكون الدردي موجبا لنقص المالية في المبيع عرفا فلا ريب في كونه موجبا لخيار العيب.

الثانية: ما إذا لم يوجب ذلك و باع الظرف و المظروف المعين بكذا فبان دردي يوجب نقص كمية المظروف عما زعمه المشتري و البيع صحيح لمعلومية المبيع عرفا و هذا المقدار يكفي في الصحة، و نقص كمية المظروف يكون من قبيل تخلف الداعي الذي لا يضر بالصحة.

ص: 213


1- تقدم في صفحة: 189.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب أحكام العيوب حديث: 1.

و خيار الاشتراط أي: عدم تسليم الشرط لمن اشترط له (315)، و خيار الشركة (316) و خيار التفليس (317) و يمكن إدخال جميع ذلك فيما تقدم من أقسام الخيارات.

______________________________

الثالثة: ما إذا باع ما في المظروف على انه مقدار خاص معين فبان كونه ناقصا عما عينه، الظاهر أن البيع صحيح و له حق مطالبة المقدار الناقص و عليه يحمل خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليه السّلام: «أن عليا عليه السّلام قضى في رجل اشترى من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربّا فخاصمه إلى علي عليه السّلام فقال له علي عليه السّلام لك بكيل الرب سمنا، فقال له الرجل: إنما بعته منك حكرة فقال له علي عليه السّلام إنما اشترى منك سمنا و لم يشتر منك ربّا» (1).

الرابعة: لو باع سمنا مثلا مشاهدا مع امتزاجه بما لا يتمول كما إذا باعه سمنا مشاهدا فيه صخرة مجهولة المقدار، الظاهر بطلان البيع للجهل بمقداره.

(315) و يصح أن يستدل لها بقاعدة الضرر، و يمكن جعلها من صغريات خيار تخلف الشرط بتعميم الشرط بالشرط البنائي المعاملي العقلائي كما هو كذلك في الواقع.

(316) كما لو ظهر بعض المبيع أو الثمن الشخصي مستحقا للغير و يسمى خيار تبعض الصفقة أيضا، و يمكن إدخالهما في العيب بتعميم العيب بكل ما فيه نقص في الغرض المعاملي و إن لم يكن نقصا في أحد العوضين.

(317) و هو فيما إذا وجد غريم المفلس متاعه فإنه يتخير بين أخذه مقدما على الغرماء و بين الصرف بالثمن معهم و هو ثابت بدليل خاص كما يأتي في محله.

و بالجملة: يمكن إدخال بعض أقسام الخيارات في بعضها الآخر و ليس ذلك من النزاع المعنوي في شي ء و قد تقدم في الثامن من الأمور التي ذكرناها في أول مباحث الخيار ما يتعلق بالمقام و اللّه تعالى هو العالم.

ص: 214


1- الوسائل باب: 7 من أبواب أحكام العيوب حديث: 3.

فصل في الشروط و ما يتعلق بها

اشارة

فصل في الشروط و ما يتعلق بها

______________________________

البحث في الشروط من جهات.

الأولى: المعنى الجامع للشرط في جميع استعمالاته الشد و الربط و يستعمل بهذا المعنى في التكوينيات كشرطية المحاذاة للإحراق و طلوع الشمس للنهار، و في المجعولات الاعتبارية- شرعية كانت أو عرفية- كشرطية الطهارة للصلاة، و القدرة على التسليم في البيع مثلا. و يعبر عن القسم الثاني بالتعهد أيضا، لأن التعهد بشي ء نحو شد و ربط له بالعهدة، فالجامع القريب بين جميع موارد استعمالاته انما هو الشد سواء استعمل في الفقه أو في الأصول أو العلوم الأدبية و غيرها، و لو قيل أن مادة الكلمة كانت بحسب الأصل (الشد) فبدلت إحدى الدالين (راء) و الأخرى (طاء) توسعة في الاستعمالات، لم يكن به بأس.

و كيف كان فهل يعتبر أن يكون هذا الشد و الربط في ضمن التزام آخر أولا؟ مقتضى الأصل و الإطلاق، و استقلالية المفاهيم الاسمية في مرتبة ذاتها عدم اعتبار ذلك، فيصح استعماله مستقلا في المحاورات الصحيحة العرفية من دون أن يكون في ضمن التزام آخر، فيقال: شددت حبل مودتك بعنقي، و ربطت رأيي برأيك، و تعهدت لك بكذا، و شرطت لك على نفسي بكذا. و الكل صحيح في المحاورات و لا يعد ذلك غلطا محاوريا، و في حديث بريرة: «إن قضاء اللّه أحق و شرطه أوثق، و الولاء لمن أعتق» (1)، و عن علي عليه السّلام: «إن شرط اللّه قبل شرطكم» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «ما الشرط في الحيوان؟ قال عليه السّلام: ثلاثة أيام.

ص: 215


1- التاج الجامع للأصول ج: 2 صفحة: 272 طبعة بيروت.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه حديث: 3.

..........

______________________________

قلت: و في غيره. قال عليه السّلام: هما بالخيار حتى يفترقا» (1)، و أطلق على النذر أيضا، كما في رواية منصور عن العبد الصالح: «في من نذر أن يطلق زوجته. قال عليه السّلام:

فليف للمرأة بشرطها، فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: المؤمنون عند شروطهم» (2). و قد أتعب بعض مشايخنا قدس سره نفسه الشريفة في إرجاع ذلك كله إلى الالتزام، و لكنه خلاف المنساق منها عرفا.

نعم، الغالب في الشروط وقوعها في ضمن التزام آخر، و لكن الغلبة الوجودية لا تكون مقومة لمفهوم اللفظ، كما هو واضح ثمَّ إنه بعد صدق الشرط على الشروط الابتدائية يوجب الوفاء بها أيضا إلا مع وجود دليل على الخلاف و لا دليل عليه الا دعوى الإجماع عليه.

و فيه. أولا: إنه اجتهادي.

و ثانيا: ان المتيقن منه على فرض اعتباره خصوص الوعد، و ربما يأتي ما يناسب المقام.

الثانية: الشرط بمعنى الربط و اللزوم في أي مورد استعمل يكون مشتقا و لا وجه لجموده مطلقا، فما عن الشيخ الأنصاري قدس سره من إنه إذا استعمل في ما يلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة أن يلزم من وجوده الوجود يكون جامدا و لا مصدر له، فليس فعلا لأحد، و اشتقاق المشروط و الشارط منه ليس على الأصل، و لذا ليس بمتضايفين، بل الشارط هو الجاعل و المشروط من جعل له الشرط كالمسبب (بالكسر و الفتح) المشتقين من السبب.

فاسد. أما أولا: فلأنه أيضا بمعنى الربط و اللزوم إلا أن الحاكم به.

تارة: هو العقل.

و أخرى: الشارع.

و ثالثة: العرف كما يدل عليه الوجدان.

و الشرط في جميع موارد استعمالاته مطلقا مشتق و يتعد باللام، و على، و في، يقال: اشترط زيد لنفسه على عمرو، و يشترط الوضوء في الصلاة،

ص: 216


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخيار حديث: 5.
2- تقدم في صفحة: 121.

..........

______________________________

و الاشتقاق المعنوي سهل المؤنة و نسبة المعنى المشتق منه إلى الفروع المتفرعة عنه نسبة المادة المبهمة من كل حيثية و جهة إلى الصور العارضة عليه و نسبة اللامتحصل المحض إلى المتحصل و هذا أوضح شي ء لكل من راجع وجدانه.

و أما ثانيا: فلأنه لا يكون عدم التضايف دليلا على كونه جامدا إذ لم يذكر أحد عدم ذلك علامة للجمود و وجوده علامة للاشتقاق و إنما هو أمر يصح اعتباره في المشتقات و يصح ذلك في المقام أيضا، لأن المشروط بعنوان المجعولية و المفعولية مضائف للشارط وجدانا.

نعم، بمعنى المشروط فيه لا تضايف بينهما دقة، و لكنه موجود عرفا و عناية، و كذا في الطهارة و الصلاة فإنها مجعول فيها الشرط من الجاعل و لا يلزم أن يكون التضايف بصيغة الفاعل و المفعول بل يكفي بنحو الاعتبار بأي نحو أمكن.

الثالثة: ما هو المتعارف بين الناس في شروطهم المجعولة في معاملاتهم و منشئاتهم انما هو الإلزام و الالتزام و هو المنساق من الشروط المذكورة في السنة، و ظاهر كلمات الفقهاء أيضا.

نعم، لو كانت قرينة في البين على أنه من التقييد و الشرط الأصولي لا بد من حمله عليه من جهة القرينة حينئذ، و تظهر في موردين.

الأول: انه على الأول لا تبطل المعاملة و الإنشاء مع عدمه، بل يثبت حق الإجبار و الخيار، و على الثاني تبطل مع العدم، و مع الشك في أنه من أيهما فالأصل بقاء أثر المعاملة إلى أن يتبين الحال. هذا إذا صدق عنوان المعاملة عرفا بدون القيد، و أما مع عدم الصدق أو الشك فيه فمقتضى الأصل عدم ترتيب الأثر. ثمَّ انه بعد فرض الصدق يكون الشرط من الالتزام فيثبت حق الإجبار ثمَّ الخيار ظاهرا.

الثاني: انه عند الإطلاق يحمل على المعنى الأول، لأنه المنساق المتعارف عند الناس، دون الثاني لأنه اصطلاح خاص يحتاج إلى القرينة.

ص: 217

مسألة 1: يصح جعل الشرط في البيع

(مسألة 1): يصح جعل الشرط في البيع (1)، و كل عقد- لازما كان أو لا- (2).

مسألة 2: يجب الوفاء بالشرط كما يجب الوفاء بأصل العقد المشروط فيه إن كان لازما

اشارة

(مسألة 2): يجب الوفاء بالشرط كما يجب الوفاء بأصل العقد المشروط فيه إن كان لازما (3). و إن كان جائزا فلوجوب الوفاء بالشرط

______________________________

(1) للإطلاق، و الاتفاق، بل الضرورة من الفقه، و نصوص خاصة تأتي الإشارة إلى بعضها.

(2) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(3) للنص و الإجماع و بناء العقلاء، فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شروطهم» (1)، و عن علي عليه السّلام: «من شرط لامرأته فليف لها به، فان المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا، أو حلل حراما» (2). و يدل عليه نفس أدلة وجوب الوفاء العقد بعد كون الشرط من متممات أحد العوضين. و أما احتمال إن قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شرطهم» إخبار عن مقامات المؤمنين و معاملاتهم النفسانية فلا يدل على الوجوب فساقط لأن هذا الخبر و أمثاله إمضاء و تقرير للقضية الفطرية التي جبلت النفوس عليها من لزوم الوفاء بالالتزامات مطلقا و الذم و الاستنكار بالنسبة إلى من ينقضها و مدح من يفي بها، و قد ثبت في محله أن الجملة الخبرية الواردة في مقام الإنشاء تدل على الوجوب خصوصا في مثل المقام لوجود قرائن عليه، منها ما مر من كونه ارتكازيا، و منها قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إلا ما حلل حراما أو حرم حلالا» فإنه ظاهر عرفا في أن غيره يجب الوفاء به. و منها قوله عليه السّلام: «إلا من عصى اللّه» (3)، كما في بعض الكتب بناء على كونه استثناء عن المشروطية عليه، كما هو الظاهر، و يظهر من الشهيد قدس سره في اللمعة أنه لا يجب

ص: 218


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 5.
3- راجع مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار 3 و لكن في الروضة للشهيد ذكر النص.

ما دام العقد باقيا وجه (4). و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور.

______________________________

على المشروط عليه فعل الشرط و انما فائدة الشرط جعل العقد عرضة للزوال بتسلط المشروط له على الخيار مع عدم وفاء المشروط عليه بالشرط. و خلاصة مراده و من تبعه أن تخلف الشرط يوجب الخيار أولا و ليس للشارط إلزام المشروط عليه بالوفاء، للأصل و بناء على المشهور التخلف يوجب تسلط المشروط له على إلزام المشروط عليه بالوفاء و مع عدم الإمكان فله الخيار بعد ذلك. و يمكن إرجاع كلام الشهيد إلى المشهور أيضا ان كان الشرط عنده بمعنى الإلزام و الالتزام. و أما ان كان بمعنى التقييد فلا إشكال في الانقلاب أولا، و بذلك يمكن أن يجعل النزاع صغرويا فكل من يقول أن الشرط بمعنى التقييد الأصولي يقول بالخيار مع عدمه، و من يقول بالالتزام يقول بالإجبار.

(4) لعموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شروطهم». و لا ينافي ذلك جواز أصل العقد، لأن جواز أصل العقد شي ء و وجوب الوفاء بالشرط المذكور فيه ما دام العقد باقيا شي ء آخر لا ربط لأحدهما بالآخر، فيكون كوجوب الإنفاق على الزوجة مع جواز طلاقها في كل وقت، و كحرمة جملة من الأمور على المعتكف مع جواز رفع اليد عن أصل الاعتكاف في اليومين الأولين إلى غير ذلك من الأمثال و النظائر، و لا دليل على امتناع ذلك من عقل أو نقل، و ليس دليل وجوب الوفاء بالشرط منحصرا بدليل وجوب الوفاء بالعقد حتى يقال: إنه إذا لم يجب الوفاء بالعقد كيف يجب الوفاء بالشرط، كما يظهر ذلك من صاحب الجواهر، لأن قوله عليه السّلام: «المؤمنون عند شروطهم» أدل دليل على وجوب الوفاء بالشرط فهو يكفي في وجوب الوفاء به و إن لم يجب الوفاء بالعقد.

نعم، لو كان في البين إجماع معتبر على عدم وجوب الوفاء به نقول بذلك من جهة التعبّد بالإجماع، و لكنه مشكل بل ممنوع، كما لا يخفى على من راجع كلماتهم، مع إن ظاهرهم وجوب الوفاء بالشروط المذكورة في العقود الخيارية،

ص: 219

الأول: كونه مقدورا للمشروط عليه

الأول: كونه مقدورا للمشروط عليه، فيلغو ما لا قدرة له بالنسبة إليه (5)، و يكفي الاطمئنان العرفي بقدرته و إن احتمل تخلل مانع في البين (6)، و منه اشتراط ما هو محرم شرعا (7).

______________________________

فأي فرق بينها و بين الجائزة بالذات.

(5) لاتفاق الفقهاء بل العقلاء عليه، بلا فرق بين كون الشرط فعلا لأحد المتعاقدين أو الثالث، أو وصفا- حاليا أو استقباليا- أو من شرط النتيجة بعد كفاية نفس الشرط في تحققه، فإن جميع ذلك يصح مع القدرة، و هي أعم من المباشرة أو التسبيب ممن لم يقدر على شي ء مباشرة. و يتمكن منها بواسطة غيره فهو قادر عليه. و يلغو مع عدمها، و في الرجوع إلى الوجدان في كل ذلك غنى عن البرهان. و أما لو كان شرط النتيجة مما يحتاج إلى سبب خاص و لا يحصل بمطلق السبب فإن استفيد من الشرط التعميم بالنسبة إلى إحداث ذلك السبب يصح الشرط أيضا و الا فلا.

(6) لأن المرجع في القدرة و عدمها إلى العرف و هم يكتفون بالاطمينان بها حتى مع احتمال تخلل المانع في اعتبار القدرة في سائر الموارد من العبادات و المعاملات فإنهم مع إحراز القدرة يقدمون على العمل به و إن احتملوا عروض مانع في البين. ثمَّ انه لا ريب في اختلاف القدرة و عدمها باختلاف الأشخاص و الخصوصيات و المناط في القدرة على القدرة في ظرف العمل و هو قد يكون حاليا و قد يكون استقباليا.

(7) لأن الممنوع شرعا كالممنوع عقلا، فيكون من غير المقدور، مضافا إلى الإجماع، و إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إلا شرطا حرّم حلالا أو حلل حراما» (1) فيمكن إدخال هذا الشرط في اشتراط أن لا يكون الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

ص: 220


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 3.
الثاني: أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد

الثاني: أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد (8).

______________________________

(8) لبناء العقلاء و إجماع الفقهاء، و لأنه يرجع إلى قصد المتنافيين في شي ء واحد من جهة واحدة و هو محال، فالشرط المنافي لمقتضى العقد خلاف بناء العقلاء في انشاءاتهم و محاوراتهم، و من المستنكرات بل المستحيلات العادية في الجملة لديهم.

ثمَّ إن الشرط المنافي فمقتضى العقد على أقسام.

الأول: أن يكون منافيا لنفس العقد من حيث هو كشرط عدم العوض، أو عدم الملكية في البيع مثلا.

الثاني: أن يكون منافيا لما هو كالمقوم له عرفا بلا واسطة، كعدم السلطنة على العوض في البيع، و عدم الزوجية في النكاح مثلا.

الثالث: أن يكون منافيا لما هو المقوم له مع الواسطة، كشرط عدم ترتب آثار السلطنة على العوض في البيع، و عدم ترتيب آثار الزوجية في النكاح. و لا ريب في بطلان أصل العقد في هذه الثلاثة لأنه يرجع إلى قصد المتنافيين و هو محال من العاقل الملتفت إن كان القصد من القصد الجدي، فلا وجه لصحة أصل العقد عند العقلاء، مضافا إلى الإجماع على البطلان. و إن أحرز أن قصد الشرط من القصد الهزلي لا الجدي فالشرط باطل، لعدم القصد الجدي فيه و العقد صحيح لوجود المقتضى و فقد المانع و إن شك في أن قصد الشرط من القصد الجدي أو الهزلي يمكن التمسك بأصالة الصحة في أصل البيع.

الرابع: الشرط المخالف لاقتضاء إطلاق العقد لا لذاته، سواء كان الاقتضاء اقتضاء عرفيا أو شرعيا، و كل منهما اما بلا واسطة أو معها، و هذه الأقسام الأربعة يصح الشرط فيها، لأن المفروض إن الاقتضاء إطلاقي لا ذاتي، و لا ريب في زوال الاقتضاء الإطلاقي بالشرط فينعدم موضوع المنافاة حينئذ.

ص: 221

الثالث: أن يكون فيه غرض صحيح عقلائي

الثالث: أن يكون فيه غرض صحيح عقلائي نوعيا أو شخصيا- (9).

الرابع: أن لا يكون مخالفا للأحكام الشرعية المستفادة من الكتاب و السنة

الرابع: أن لا يكون مخالفا للأحكام الشرعية المستفادة من الكتاب و السنة (10).

______________________________

الخامس: الشرط المخالف لما هو خارج و لازم للعقد عرفا و قد قرره الشارع، أو ما هو خارج عنه و لازم للعقد شرعا.

و بعبارة أخرى: الأحكام العرفية للعقد المقررة شرعا و الأحكام الشرعية اللازمة له بدوا، و كل منهما إما بلا واسطة أو معها. و الحكم في جميع هذه الصور الأربعة البطلان، لظهور الإجماع، مضافا إلى كون الشرط مخالفا للكتاب. هذه خلاصة ما ينبغي أن يقال في المقام، و من أراد التفصيل فليراجع المكاسب مع ما علق عليه مشايخنا قدس سره.

ثمَّ إنه. تارة: يعلم من الأدلة عدم مخالفة الشرط لمقتضى العقد.

و اخرى: يعلم بالمخالفة.

و ثالثة: يشك فيها.

و حكم الأولين معلوم، و في الأخير يرجع إلى أصالة عدم المخالفة لمقتضى العقد بالعدم الأزلي، و أصالة الإباحة، و الحلية الوضعية و التكليفية بالنسبة إلى الشرط، و يصح التمسك بالأصول اللفظية أيضا بعد صدق الشرط عليه عرفا، فإنه حينئذ ليس من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية.

(9) لأن العهود و الالتزامات العقلائية تدور مدار الأغراض الصحيحة، و بدونها يكون لغوا صرفا، مع قصور الأدلة عن شمول ما ليس فيه غرض صحيح، مضافا إلى الإجماع على عدم الاعتبار بما ليس فيه غرض صحيح، و الأغراض تختلف حسب اختلاف الأشخاص و الأمصار و الأعصار.

(10) لأن بناء العقلاء في عهودهم و مواثيقهم و التزاماتهم على أن لا يكون ذلك كله مخالفا للقوانين المعتبرة لديهم و لو خولف ذلك يلامون على

ص: 222

..........

______________________________

المخالفة، بل يعاقبون عليها و قد قرر الشرع المبين هذا البناء بأخبار متواترة، كقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «و كل شرط ليس في كتاب اللّه عز و جل فهو باطل» (1)، و قول علي عليه السّلام في الصحيح: «إن المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرّم حلالا أو أحلّ حراما» (2)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له، و لا يجوز على الذي اشترط عليه» (3). إلى غير ذلك مما هو كثير، بل يكفي عدم ثبوت الردع عن بناء العقلاء في هذا الأمر العام البلوى، و لا نحتاج إلى التقرير. و المراد بالكتاب ليس خصوص الكتاب العزيز بل مطلق القوانين الشرعية و لو استفيدت من السنة، و انما ذكر الكتاب في بعض أخبار الباب تجليلا و احتراما، لأن الأصل الأصيل في القانون الشرعي، مع انه قد ذكر لفظ (تحليل الحرام و تحريم الحلال) في بعض الأخبار كما تقدم و هو قرينة على أن المراد بكتاب اللّه ليس خصوص ما بين الدفتين بل كلما كتبه اللّه عز و جل على الأنام و شرّعه من الأحكام على لسان نبيه و خلفائه العظام عليه السّلام. ثمَّ انه لا بد من الإشارة إلى أمور.

الأول: أخبار الباب مشتملة على عناوين ثلاثة:

تحليل الحرام و تحريم الحلال.

الثاني: مخالفة الكتاب.

الثالث: ما يظهر منه اعتبار موافقة الكتاب في اعتبار الشرط، كقوله عليه السّلام:

«المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل». و إذا عرضنا هذه العناوين الثلاثة على متعارف الناس و أهل المحاورة يقول بأن المناط كله تحليل الحرام و تحريم الحلال، و اعتبار عدم المخالفة و الموافقة إنما ذكر على نحو الطريقية لتحليل الحرام و تحريم الحلال لا أن تكون لها موضوعية خاصة، و إن الموافقة عبارة أخرى عن عدم المخالفة كما لا ينفك عدم الموافقة عن المخالفة

ص: 223


1- سنن النسائي باب: 22 من أبواب الطلاق.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 5 و 1.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الخيار حديث: 5 و 1.

..........

______________________________

عرفا. فيكون كل من الموافقة و عدم المخالفة عبارة أخرى عن الآخر فلا واسطة في البين بحسب المتفاهمات العرفية في مثل هذه التعبيرات، فيكون عدم المخالفة عبارة عن الموافقة، و المخالفة عبارة عن عدم الموافقة، كما يقول السيد لعبده أطعني و لا تخالفني.

الثاني: الشرط و المشروط من الأمور المتضايفة فتسرى صفات كل منهما إلى الآخر في الجملة، فإذا كان المشروط مخالفا يكون الشرط أيضا كذلك عرفا كاشتراط أن يشرب الخمر- مثلا- و ان كان الشرط مخالفا يكون المشروط كذلك من هذه الجهة و إن لم يكن مخالفا من جهة أخرى، كاشتراط أن يترك المباح رأسا، فلا وجه للتفكيك بينهما من حيثية المخالفة، فلا وجه لتطويل القول في ذلك، إذ المخالفة جهتية و اضافية لا مطلقة و من كل حيثية و جهة.

الثالث: المراد بالمخالفة صرف وجودها بأي نحو تحققت، لأن لمخالفة القانون مطلقا أهمية عظيمة خصوصا القوانين الإلهية، و المرجع في تشخيص المخالفة الأدلة المعتبرة فليسمّ هذه المخالفة بالمخالفة القياسية، أي بالنظر إلى الأدلة مطلقا، فكل شرط استظهر من الأدلة أنه مخالف لقانون الشرعي يكون ساقطا، سواء كانت الأدلة من الأدلة الأولية أو الثانوية، فالأقسام ثلاثة لا رابع لها.

فتارة: يدل الدليل على ان الشرط مخالف للقانون.

و اخرى: يدل على عدمه.

و ثالثة: يشك في ذلك. و حكم الأولين معلوم، و الأخير في حكم الأول أيضا، لأصالة عدم المخالفة و أصالة الإباحة الوضعية و التكليفية بل يصح التمسك بالعمومات أيضا، لأن الشرط من الموضوعات العرفية مهما صدق الشرط صح التمسك بالعمومات و لا يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فيجب الوفاء به مطلقا إلا إذا أحرز أنه خلاف القانون، و يأتي بيان جميع الموارد المشكوكة و ما اختلف الفقهاء فيها في محالها مع بيان ما

ص: 224

الخامس: أن يكون العقد مبنيا عليه إما مطابقة أو تضمنا أو التزاما

الخامس: أن يكون العقد مبنيا عليه إما مطابقة أو تضمنا أو التزاما بأي نحو من الالتزامات العرفية المحاورية الملتفت إليها حين إنشاء العقد (11).

______________________________

يتعلق بها.

(11) لصدق الشرط على ذلك كله في المحاورات العرفية فتشمله الأدلة لا محالة، فإن البناءات المعاملية العقلائية ليست منحصرة بخصوص ما يذكر في متن العقد، بل المقاولات التي يقاول قبله، و البناءات التي يبنى عليها العقد كالمذكور في متنه عندهم في الالتزام و الاحتجاج، و استنكار عدم الوفاء بها، بل لو لا شبهة الإجماع لقلنا بوجوب الوفاء بالشروط الابتدائية للإطلاقات و العمومات، و لأن عدم الوفاء به مستنكر عرفا خصوصا بالنسبة إلى ذوي المروات.

و استدل على اعتبار ذكره في متن العقد.

تارة: بالإجماع.

و اخرى: بأن الشرط من أركان العقد و كالجزء منه فلا بد و أن يذكر فيه.

و ثالثة: بأنه الالتزام، و الالتزام من الإنشائيات و لا يكفي فيها مجرد البناء.

و رابعة: بما ورد في نكاح المتعة من أن شرط المدة لا بد و أن يذكر في العقد و إلا يصير من عقد الدوام لا الانقطاع مع البناء على المدة قبل العقد.

و الكل مخدوش: أما الإجماع فلم يحك الا عن الرياض مع إن المتيقن منه إنما هو التقييد الخاص الأصولي لا ما نحن فيه من مطلق الشرط.

و أما الثاني: ففيه إن الشرط غير الجزء و الركن عرفا و شرعا و على فرض كونه منهما فبعد كون العقد مبنيا عليه يكون مع العقد معيّة وجودية اعتبارية في مرتبة اعتبار الإنشاء و الالتزام مع ان العقد ينصرف إليه بعد وجود قرينة حالية أو مقالية، كما هو المفروض.

و أما الثالث: فلأن إنشاء العقد إنشاء لجميع شؤونه الاعتبارية العرفية

ص: 225

السادس: التنجز، و عدم الجهالة المؤدية إلى الغرر

السادس: التنجز، و عدم الجهالة المؤدية إلى الغرر، و أن لا يكون مستلزما لمحال (12).

مسألة 3: إذا امتنع المشروط عليه عن الوفاء بالشرط كان للمشروط له إجباره عليه

(مسألة 3): إذا امتنع المشروط عليه عن الوفاء بالشرط كان للمشروط له إجباره عليه (13).

______________________________

و منها ما وقع العقد مبنيا عليه، فالإنشاء إيجاد لجميع ما يتعلق بالعقد من الالتزامات المعاملية و البناءات التي بنى العقد عليها فالإنشاء إنشاء انحلالي بالنسبة إلى جميع ذلك كله، و لو لا أن الدواعي كانت خارجة بالمرة عن حدود الإنشاءات عند متعارف الناس لقلنا بأن إنشاء العقد إنشاء لها بالتبع أيضا، و لكنه خلاف المتعارف عند الناس في انشاءاتهم حيث يرون الدواعي أجنبية عن الإنشاءات و المنشئات و ان كانت دخيلة في تحريك العزم و الإرادة نحوهما.

و أما الأخير: فيمكن حمله على سبق المقاولة فقط دون بناء العقد عليه عند الزوجين و حين إنشاء العقد منها، أو كان البناء عند الزوج فقط دون الزوجة.

و بالجملة: الذي يجزي انما هو بناء العقد على الشرط عند الطرفين عن علم و التفات و توجه فلو نسيا أو أحدهما أو كان البناء من أحدهما دون الآخر فلا أثر له حينئذ.

(12) لا دليل على اعتبار التنجز في أصل العقد فضلا عن الشرط المذكور فيه الا الإجماع و في شموله للشرط اشكال بل منع. و أما الجهالة فإن رجعت إلى الجهالة في أصل العقد فيدل على فساده ما دل على أن الجهالة في العقد توجب البطلان، و الا فإن تمَّ دعوى أن بناء العقلاء في شروطهم و مطلق التزاماتهم على عدم الغرر و الجهالة، فيكون هذا هو الدليل على الاعتبار و الا فلا دليل له.

و أما الأخير: فهو يرجع إلى الشرط الأول فلا وجه لذكره مستقلا.

(13) لأن المنساق من الأدلة و المرتكز في أذهان الناس إن هذا نحو حق حاصل للمشروط له كالحق الحاصل له في عوض ماله، فكما يجوز له المطالبة

ص: 226

و إذا تعذر الإجبار كان للمشروط له الخيار (14).

مسألة 4: إذا لم يتمكن المشروط عليه من الشرط

(مسألة 4): إذا لم يتمكن المشروط عليه من الشرط لقصور فيه أو

______________________________

و الإجبار فيه يجوز في الشرط أيضا، لأن مثل هذه الشروط من فروع العوضين و من متمماتهما يلحقها حكمها إلا ما دل الدليل على الخلاف مع إن الإجبار على أداء الحق من صغريات الأمر بالمعروف الشامل للمقام و غيره.

(14) يسمى هذا في اصطلاحهم بخيار الشرط أي: عدم الوفاء بالشرط و يصح تسميته بخيار تخلف الشرط أيضا.

و البحث في هذا الخيار من جهات.

الأولى: في دليل ثبوته و الدليل عليه قاعدة أن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه ما لم يدل دليل على الخلاف التي هي من القواعد المعتبرة في جميع العلوم، و ليس في المقام دليل على الخلاف، و المشروط هنا يتردد بين كونه أصل الصحة فيصير العقد باطلا مع عدم الوفاء بالشرط و بين كونه هو اللزوم فقط فيصير للمشروط له الخيار، و المتعين هو الأخير، لأن بناء العرف و العقلاء في عهودهم و التزاماتهم ملاحظة الشروط و الخصوصيات الخارجة عن مقومات العقد و أركانه في مرتبة الالتزام المعاملي لا في مرتبة ذات الصحة من حيث هي بل يمكن أن يكون هذه الحيثية مغفولة عنها و انما يكون اهتمامهم بالتزاماتهم شرطا و قيدا.

نعم، لو أحرز بوجه معتبر أن الشرط قيد للصحة بعنوان وحدة المطلوب يتعين البطلان حينئذ و لكنه لا طريق لهذا الإحراز من عقل أو عرف و يكفي الشك فيه في جريان أصالة الصحة بعد صدق البيع العرفي عليه فيكون الخيار في المقام على طبق القاعدة لتحقق الخلل في نفس الالتزام و الخلل الحاصل في الالتزام عبارة أخرى عنه.

و بتعبير آخر: عرف المتعاملين يرون لزوم المعاملة التي لم يف المشروط عليه فيها بالشرط مستنكرا و لم يردعهم الشارع عن ذلك و ليس الخيارات من الأمر التعبدي المحض حتى نحتاج إلى التعبد فيه من الشارع بل هو كأصل

ص: 227

لتلف الموضوع يكون للمشروط الخيار فقط و ليس له المطالبة بعوض الشرط ان لم يكن المشروط في حد نفسه بما يقابل بالمال عرفا (15).

______________________________

العقود و المعاملات من العرفيات المحضة قررهم الشارع عليها بمثل قاعدة الضرر و بعين هذا المقال نقول بثبوت الخيار في تعذر التسليم و تخلف الوصف و تبعض الصفقة، لكون هذا الخيار مطابقا للقاعدة فيجري في جميع الموارد إلا مع الدليل على الخلاف من إجماع أو غيره.

ان قلت: ان أصالة اللزوم في كل عقد من الدليل على الخلاف فلا وجه لثبوت هذا الخيار.

يقال: مع فرض كون اللزوم في هذه الموارد مستنكرا عند المتشرعة بل نوع المتعاملين كيف تجري أصالة اللزوم؟! و بما أن هذا الأصل من الأصول العقلائية فلا بد و ان يجري فيما لا يرى العرف محذورا في جريانه. فالمقتضي لثبوت الخيار موجود و المانع عنه مفقود.

الثانية: هل يثبت حق للشارط عند تخلف الشرط بنحو يصلح له مطالبة حقه و لو بالإجبار أو لا حق له في البين و انما يكون له الخيار فقط؟ الظاهر هو الأول، لفرض أن الشرط التزام و هو من مراتب الحق كسائر الالتزامات. و هل يكون ثبوت حق الخيار للمشروط في عرض ثبوت حق الإجبار أو مترتب على عدم التمكن منه؟! الظاهر هو الثاني، لأن عمدة الوجه في ثبوت هذا الخيار بناء العقلاء و سيرتهم و المتيقن منه و من قاعدة ان المشروط ينتفي بانتفاء شرطه التي استدللنا بها لثبوت الخيار في المقام انما هو صورة عدم التمكن من استيفاء حقه و هذا هو مقتضى أصالة اللزوم إلا في المعلوم من مورد ثبوت الخيار و لا دليل على الخلاف من إطلاق لفظي أو دليل لبي.

الثالثة: بعد ثبوت كون الخيار مطابقا للقاعدة يجري في كل عقد مطلقا إلا ما خرج بالدليل و قد خرج النكاح على ما يأتي التفصيل في محله.

(15) أما ثبوت الخيار فلسقوط الالتزام البنائي المعاملي فلا محالة يصير

ص: 228

مسألة 5: لو تعذر الشرط و لم يمكن الرجوع إلى العين لتلف أو نحوه

(مسألة 5): لو تعذر الشرط و لم يمكن الرجوع إلى العين لتلف أو نحوه لا يمنع ذلك عن ثبوت الخيار (16) فلو فسخ يرجع إلى القيمة.

______________________________

العقد جائزا، إذ لا وجه لزوال أصل الصحة مع ان مقتضى الأصل بقاؤها. و أما عدم حق له في مطالبة العوض فللأصل بعد عدم دليل عليه.

إن قيل: أن الشروط و إن لم تكن مقابلة بالمال في ظاهر العقد لوقوع المال بإزاء ذات المبيع دون ما هو خارج عنه لكنها ليست مجانا محض بل لوحظت في عالم اللب و الواقع مقابلا للمال فيكون أخذ العوض حينئذ مطابقا للقاعدة كما مر في خيار العيب.

يقال: فرق بين العيب و تخلف الشرط لأن العيب مما يتعلق بالعوضين أولا و بالذات و الشرط خارج عنهما مع وجود الدليل في العيب دون الشرط.

نعم، لو كان المشروط في حد نفسه مما قد جرت عادة المتعاملين على اعتبار المالية له فالظاهر صحة مطالبة العوض حينئذ فالأقسام ثلاثة.

فتارة: لم تجر العادة على مطالبة العوض به.

و اخرى: جرت العادة عليها.

و ثالثة: يشك في ذلك، و الثالث في حكم الأول، و في الثاني يصح المطالبة و ذلك كله لتنزل الأدلة على العرفيات فيكون الشرط الذي يقال بالمال من متممات العوض الذي اشترط الشرط فيه و إن لم يكن من اجزائه عرفا. إن قيل:

أن الشرط من مجرد الالتزام و ليس من التمليك حتى يتحقق فيه الضمان.

يقال: إن كان فيما يقابل بالمال يكون تمليك المشروط فيه تمليكا له بالملازمة العرفية.

(16) لأن الخيار حق يتعلق بمالية المال لا بشخصه الخارجي و لو قيل بتعلقه بالعقد أو بشخصية العوضين فإنما هو من أجل الطريقية إلى التحفظ على المالية لا الخصوصية الخاصة.

ص: 229

مسألة 6: يجوز للمشروط له إسقاط شرطه بعوض أو بغيره

(مسألة 6): يجوز للمشروط له إسقاط شرطه (17) بعوض أو بغيره (18).

مسألة 7: كل شرط كان بناء نوع المتعاملين على تقسيط الثمن بالنسبة إليه يقسط الثمن عليه

(مسألة 7): كل شرط كان بناء نوع المتعاملين على تقسيط الثمن بالنسبة إليه يقسط الثمن عليه (19).

مسألة 8: ليس للمشروط له بعد ثبوت الخيار تأخير إعمال خياره ۀ

(مسألة 8): ليس للمشروط له بعد ثبوت الخيار تأخير إعمال خياره

______________________________

(17) لأنه نحو حق للشارط على المشروط عليه، و لكل ذي حق إسقاط حقه إلا ما دل دليل على الخلاف و لا دليل على الخلاف في المقام.

نعم، لو كان الشرط من شرط النتيجة فلا موضوع للإسقاط، لأنه بمجرد تمامية العقد تحصل الملكية و بعد حصولها لا وجه للإسقاط و ان كان تصح الإقالة و الفسخ بالخيار.

(18) لتسلط الناس على حقوقهم كتسلطهم على أموالهم فلهم أن يفعلوا فيها ما يشاؤون إلا مع ورود النهي عنه و لا نهي عن التعويض في المقام.

(19) كما في شرط الكمية الخاصة فإن بناء الناس على أن للكمية خصوصية مقتضية للتقسيط سواء كانت بنحو التقوم أو بنحو الاشتراط و الأدلة منزلة على المتعارف فمقتضى الإطلاقات و العمومات حينئذ التقسيط، و نسب ذلك إلى المشهور أيضا في متساوي الأجزاء، و في خبر ابن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل باع أرضا على انها عشرة أجربة فاشترى المشتري منه بحدوده و نقد الثمن و وقع صفقة البيع و افترقا، فلما مسح الأرض إذا هي خمسة أجربة قال عليه السّلام: إن شاء استرجع فضل ماله و أخذ الأرض و إن شاء رد المبيع و أخذ ماله كله إلا أن يكون له إلى جنب تلك الأرض أيضا أرضون فليؤخذ و يكون البيع لازما له، و عليه الوفاء بتمام البيع فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع فإن شاء المشتري أخذ الأرض و استرجع فضل ماله و إن شاء رد

ص: 230

..........

______________________________

الأرض و أخذ المال كله» (1).

ثمَّ ان المبيع إما متساوي الأجزاء أو مختلفها و كل منهما إما أن يتبين النقص فيه أو الزيادة فالأقسام أربعة.

أولها: ما إذا تبين النقص فيه في متساوي الاجزاء و قد مر حكمه.

ثانيهما: ما تبين النقص فيه في مختلف الأجزاء و مقتضى البناء المعاملي التقسيط فيه أيضا فالمقتضي موجود و المانع مفقود فتشمله الأدلة قهرا و لا مانع في البين إلا ما نسب إلى الإيضاح من أنه يستحيل من جهة تقومه فيستحيل تقسيط الثمن عليه ففواته كفوات صفة كمال و هو كم، و الكم عوض فيكون كالتدليس.

أقول: مراده قدس سره: أن الفائت من ذاته حيث انه مختلف الاجزاء لا تعين له و ما لا تعين له يستحيل تقويمه و ما يستحيل تقويمه لا وجه لتقسيط الثمن عليه، و من حيث أنه كم خارجي يكون عرضا محضا، و العرض المحض لا يقابل بالمال كسائر الأوصاف التي يوجب تخلفها الخيار فقط.

و فيه: أن عدم التعين بحسب الدقة العقلية لا ينافي ثبوت التعين الاعتباري الذي عليه المدار في المعاوضات و المعاملات عند متعارف الناس و يصح عندهم تحديد مالية بحسب أنظارهم.

ثالثهما: تبين الزيادة في متساوي الأجزاء و مقتضى مرتكزات الناس في معاملاتهم ان الزيادة للبائع و ان أمكن جعلها للمشتري بجعل المبيع المقدار المبهم من كل جهة و لكنه فرض عقلي لا وجه لتدخله في العرفيات و يثبت الخيار لكل من البائع و المشتري.

أما الأول: فلتخلف الشرط.

و أما الثاني: فلعيب الشركة و الأحوط لهما التراضي.

رابعها: تبين الزيادة في مختلف الأجزاء و حكمه حكم الثالث من غير فرق.

ص: 231


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الخيار.

بما يوجب الضرر على الطرف (20)، و لو اختلفا في الشرط و عدمه، أو اختلفا في العمل به و عدمه فالقول قول المنكر (21).

مسألة 9: كل شرط فاسد اختل به شي ء من شرائط صحة العقد فسد العقد به أيضا

(مسألة 9): كل شرط فاسد اختل به شي ء من شرائط صحة العقد فسد العقد به أيضا (22)، و كل شرط فاسد لا يسري فساده إلى أصل العقد فالعقد باق على صحته و إن فسد الشرط (23). و لكن الأحوط

______________________________

(20) لقاعدة نفي الضرر، و ان قيل بأن هذا الخيار على التراخي.

(21) للأصل في الموردين إلا أن يثبت خلافه بدليل معتبر.

(22) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه و هذا الفساد لا يكون ساريا اليه من الشرط بل يكون بالنسبة إليه من قبيل الواسطة في الثبوت لا العروض فيصف العقد بالفساد أولا و بالذات كوساطة حركة السفينة لحركة جالسها كالجهالة السارية إلى العوضين و اشتراط خلاف المقتضى الحقيقي للعقد و اشتراط غير المقدور بحيث يصير العوض أيضا كذلك عرفا.

(23) لعمومات الأدلة، و إطلاقاتها، و أصالة الصحة من غير دليل على الخلاف إلا أمور استدل بها على ان الشرط الفاسد يوجب فساد العقد.

الأول: أن للشرط قسط من الثمن فإذا سقط لفساده يصير العوض مجهولا فيبطل العقد من هذه الجهة.

الثاني: أن التراضي العقدي و البناء المعاملي وقع مقيدا به و مع سقوطه فلا تراضي في البين أصلا فيبطل العقد من هذه الجهة.

الثالث: خبر عبد الملك عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «عن الرجل ابتاع منه طعاما أو ابتاع منه متاعا على أن ليس عليّ منه وضيعة هل يستقيم هذا؟ و كيف يستقيم وجه ذلك؟ قال عليه السّلام: لا ينبغي» (1) و المراد بالوضيعة كون الخسارة في المعاملة على البائع لا على المشترى إذا باعه بأقل مما اشتراه، و خبر ابن جعفر

ص: 232


1- الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام العقود.

..........

______________________________

عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم ثمَّ اشتراه بخمسة دراهم أ يحل؟ قال عليه السّلام: إذا لم يشترط و رضيا فلا بأس» (1)، و خبر ابن المنذر قال:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يجيئني الرجل فيطلب العينة فاشترى له المتاع مرابحة ثمَّ أبيعه إياه ثمَّ أشتريه منه مكاني قال عليه السّلام: إذا كان بالخيار إن شاء باع و إن شاء لم يبع، و كنت أنت بالخيار ان شئت اشتريت، و إن شئت لم تشتر فلا بأس، فقلت:

ان أهل المسجد يزعمون أن هذا فاسد، و يقولون: إن جاء بعد أشهر صلح قال:

انما هذا تقديم و تأخير فلا بأس» (2)، و المراد من العينة هي: ان يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثمَّ يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به، و محصل مفهوم الخبر انه إذا باعه بشرط أن يبيعه منه أو يشتريه لم يصح البيع الأول و كذا الثاني هذا ما استدل به على أن الشرط الفاسد مفسد.

و الكل باطل. أما الأول: فلانه لا مقابلة بين الشرط و بعض أحد العوضين و إلا لكان جزء و هو خلف بل هو التزام خارجي في الالتزام البيعي، مع انه لا جهالة في البين عرفا لمعلومية ما هو مبيع و ما هو ثمن حين البيع فأين الجهالة الموجبة للبطلان.

و أما الثاني: فلان هذه الشروط عند عرف المتعاملين من قبيل تعدد المطلوب لا وحدته فلا يضر بطلانها و فسادها بصحة أصل البيع.

نعم، لو كانت من الشرط الدقي العقلي و التقييد الحقيقي لتعين البطلان و من هنا يمكن جعل هذا النزاع لفظيا كما لا يخفى.

و بعبارة أخرى: الشرط و العقد في المقام من ضم أحد الالتزامين إلى الآخر بنحو التركب الاعتباري كضم الثوب و الكتاب ثمَّ يبيعهما بثمن واحد لا بنحو التركيب الحقيقي المزجي كبيع السكنجبين بثمن مثلا بحيث إذا فسد أحد الجزءين فسد البيع.

و أما الثالث: فلفظ «لا ينبغي» في الرواية الأولى ليس ظاهرا في عدم

ص: 233


1- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود 6 و 4.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود 6 و 4.

..........

______________________________

الجواز لكونه من الألفاظ اللااقتضائية و لا مانع من حمله على الكراهة و القول بأن هذا النحو من البيع مكروه كما ذهب إليه جمع و على فرض الحرمة فلا وجه لفساد البيع، لأن المنساق من الخبر أن الشرط المذكور حرام لا أن البيع فاسد و لا ربط للحرمة المولوية بفساد البيع كما ثبت في محله و أما الروايتان الأخيرتان فلا ربط لهما بالمقام لأن الفساد في موردهما لدليل خاص و هو الإجماع كما عن بعض دعواه أو لأجل أن هذا الشرط مستلزم للدور كما عن العلامة و ان أمكن الجواب عنه باختلاف الحيثيات و الجهات، أو لأجل عدم تحقق قصد إنشاء البيع فيه حقيقة كما عن الشهيد و ان أمكن الجواب عنه بأنه لا كلية فيه كما لا يخفى فلا ربط لفساد البيع فيه بفساد الشرط بل يكون بالعكس فيفسد البيع أولا و بالذات و ينتفي موضوع الشرط حينئذ.

مع أن فيها احتمالات.

الأول: ان المراد اشتراط البيع الثاني في البيع الأول.

الثاني: أن يكون المراد الالتزام في خارج البيع الأول.

الثالث: أن يكون المراد بالخيار الاختيار في العقد الأول بحيث لا يكون مجبورا فيه.

الرابع: الاختصاص بخصوص المقام و مع هذه الاحتمالات كيف يستظهر الأخير! هذا مع أنه يمكن أن يستدل على صحة العقد و فساد الشرط بصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، «انه ذكر أن بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة، فاشترتها عائشة فأعتقتها فخيرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إن شاءت أن تقر عند زوجها و إن شاءت فارقته و كان مواليها الذين باعوها اشترطوا ولاءها على عائشة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الولاء لمن أعتق» (1) و حمله على أن الشرط لم يكن في العقد خلاف الظاهر.

ص: 234


1- الوسائل باب: 37 من أبواب العتق حديث: 2.

التراضي (24)، و مع صحة البيع و فساد الشرط كما قلناه للمشروط له الخيار مع جهله بالحال (25).

مسألة 10: لا فرق في الشرط الفاسد بين ذكره في العقد

(مسألة 10): لا فرق في الشرط الفاسد بين ذكره في العقد أو بناء العقد عليه (26).

مسألة 11: المقبوض بالشرط الفاسد كالمقبوض بالعقد الفاسد في الضمان

(مسألة 11): المقبوض بالشرط الفساد كالمقبوض بالعقد الفاسد في الضمان، و ما مر من الأحكام (27).

مسألة 12: لو اختلفا في صحة الشرط و فساده

(مسألة 12): لو اختلفا في صحة الشرط و فساده فالقول قول منكر الفساد (28).

مسألة 13: لا تجري الأحكام الخاصة للبيع بالنسبة إلى الشروط

(مسألة 13): لا تجري الأحكام الخاصة للبيع بالنسبة إلى الشروط فلو باع ثوبا بدرهم و شرط ملكية حيوان للمشتري، أو باع سلفا و اشترط فيه شيئا على المشتري أو باع كتابا بدينار و اشترط أن يكون درهما من أحدهما للآخر بدرهم لا يجري خيار الحيوان في الأول و لا القبض في المجلس في الأخيرين (29).

______________________________

(24) خروجا عن خلاف من ذهب إلى أن فساد الشرط يوجب فساد البيع مطلقا كما نسب إلى الشيخ و الإسكافي و ابني براج و سعيد.

(25) لأن تخلف الأغراض المعاملية يوجب الخيار سواء كان التخلف لعذر عقلي أو شرعي إذ العذر الشرعي كالعقلي في ذلك.

(26) فيصح العقد بناء على ما قلنا و يبطل عند من يقول بأن الشرط الفاسد مفسد للعقد، لما مر ان الشروط البنائية كالشروط الذكرية.

(27) لقاعدة اليد الجارية في المقبوض بالشروط الفاسدة أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(28) لأصالة الصحة في فعل المسلم ان قلنا بجريانها في مورد التنازع أيضا كما هو ظاهر الكلمات في جملة من الموارد.

(29) للأصل بعد ظهور أدلة خيار الحيوان فيما إذا كان نفس المبيع حيوانا،

ص: 235

مسألة 14: الأحوط استحبابا الوفاء بالشروط الابتدائية أيضا

(مسألة 14): الأحوط استحبابا الوفاء بالشروط الابتدائية أيضا (30).

______________________________

و ظهور أدلة اعتبار القبض في المجلس فيهما إذا كان نفس العوضين من النقدين و نفس العوض سلفا و طريق الاحتياط واضح.

(30) لشمول الإطلاقات له أيضا و إمكان الخدشة في الإجماع الذي ادعى على عدم وجوب الوفاء بالشروط الابتدائية، و يمكن كون الوعد منه أيضا فيصح أن يكون إنشاء فيتصف حينئذ بالخلف و الوفاء، كما يصح أن يكون خبرا فيتصف بالصدق و الكذب حينئذ، و قد استعمل في المحاورات الصحيحة في كل منهما. و يمكن أن يقال: أن حقيقة الوعد إنشاء و يتصف بصفات الخبر بالعناية، أو يقال: أن المقول إما خبر محض أو إنشاء محض أو ما هو برزخ بينهما و الوعد من الأخير.

ص: 236

فصل في أحكام الخيار

اشارة

فصل في أحكام الخيار و هي:

إما عامة تعم جميع الخيارات

اشارة

إما عامة تعم جميع الخيارات (1) أو يختص ببعضها دون بعض (2) و الأول أمور.

الأول: ان الخيار يسقط بالإسقاط قولا أو فعلا

الأول: ان الخيار يسقط بالإسقاط قولا أو فعلا (3).

______________________________

فصل في أحكام الخيار

(1) كالسقوط بالإسقاط، وارث الخيار ان مات من له الخيار و نحوهما مما يأتي التعرض له.

(2) كتحديد زمان خيار المجلس بالتفرق، و خيار الحيوان بثلاثة أيام و نحو ذلك.

(3) لأنه لا ريب في ان الخيار مطلقا نحو حق لصاحبه في فسخ العقد و إقراره، و يدل على كونه حقا مرتكزات المتعاملين، و ظهور الإجماع، و سقوطه بالإسقاط، و قوله عليه السّلام: «فذلك رضا منه» (1)، فيما ورد في مسقطية التصرف، و وجه الدلالة فيه أن الحكم لا يناط بالرضا و لا يسقط بالإسقاط بلا فرق بين الخيار المجعول من المتعاملين و الخيار المجعول شرعا، و ما يكون مدركه

ص: 237


1- تقدم في صفحة: 106.
الثاني: لو مات من له الخيار انتقل خياره إلى وارثه
اشارة

الثاني: لو مات من له الخيار انتقل خياره إلى وارثه (4) بلا فرق بين

______________________________

قاعدة نفي الضرر.

و دعوى: ان قاعدة نفي الضرر إنما تنفي اللزوم فقط و هو عبارة أخرى عن الجواز الحكمي.

باطل: لأن نفي اللزوم في المقام عبارة عن سلطة إبقاء العقد و إزالته، كما أن اللزوم عبارة عن سلطة المدافعة عمن يريد نقض العهد و حله فكل منهما نحو حق للمتعاقدين.

نعم، لا ننكر الجواز الحكمي أيضا و لا مانع من اجتماعهما في مورد من جهتين كما هو واضح، فإذا ثبت انه حق فكل حق قابل للإسقاط إلا ما ثبت خلافه و قد تقدم ما يدل على الإسقاط القولي و الفعلي فراجع.

(4) لتحقق أمور ثلاثة فيه، و كل ما تحققت فيه تلك الأمور يكون موروثا.

الأول: انه حق كما مر آنفا و ليس بحكم تعبدي محض حتى لا يورث بإجماع الفقهاء بل العقلاء.

الثاني: انه قابل للانتقال، بإجماع العلماء و وجدان المتعاملين حيث يرون بوجدانهم صحة انتقال هذا الحق إلى ورّاثهم ما لم يكن تعبد شرعي على الخلاف و هو مفقود.

الثالث: انه غير معنون بعنوان يختص ذلك العنوان بخصوص صاحب الحق كعنوان التولية و النظارة و سائر العناوين المختصة بذي الحق التي تمنع عن الانتقال بل لا وجه لاحتماله حينئذ، و مع تحقق هذه الأمور تشمله أدلة الإرث الواردة في الكتاب و السنة و الإجماع كقوله صلّى اللّه عليه و آله: «من ترك حقا أو مالا فهو لورثته» (1)، و غير ذلك من الأخبار.

ص: 238


1- المغني لابن قدامة ج: 6 صفحة: 154 ط: بيروت.

أنواع الخيار (5)، و ما هو المانع عن إرث الأموال- كالرقية. و القتل، و الكفر- مانع عن هذا الإرث أيضا، كما أن ما يحجب عنه- حجب حرمان و هو وجود الأقرب إلى الميت- يحجب هنا أيضا (6).

مسألة 1: لو مات عن دين مستغرق للتركة يورث الخيار و إن لم يورث المال

(مسألة 1): لو مات عن دين مستغرق للتركة يورث الخيار و إن لم يورث المال (7).

______________________________

إن قيل: أن الحقية و الملكية قائمة بشخص ذي الحق و المالك فتكون من العناوين المختصة المتقومة بحياة ذي الحق و لا وجه للإرث حينئذ لتوقف الإرث على صدق ما تركه الميت و هما ليسا مما ترك بل زالا و انتفيا بموت المالك و ذي الحق و بزوال حياته فالمقام خارج عن مورد أدلة الإرث تخصصا.

يقال: الملكية و الحقية من الصفات ذات الإضافة بلا شبهة، و لا يعقل تحققهما إلا بالمالك و الملك و الحق و ذي الحق انما الكلام في أن هذه الإضافة إضافة مقومية أو موردية و الأخيرة معلومة و الأولى مشكوكة و الأصل و الإطلاق ينفياه فمقتضى العمومات و الإطلاقات كون نفس الحق القابل لانتقال مورد الإرث بذاته و نفسه مطلقا كحق القصاص فإنه موروث إجماعا و لكن لا يرثه الزوج و الزوجة كما يأتي في محله إنشاء اللّه تعالى و كذا حق الشفعة فإنه موروث حتى للزوج و الزوجة على ما يأتي، فكل حق قابل للانتقال موروث لوجود المقتضى و فقد المانع (1).

(5) لعموم الأدلة و إطلاقها الشامل لجميع أقسامها.

(6) لعموم أدلة ما يمنع عن الإرث و ما يحجب عنه الشامل للمقام أيضا فيكون الموجب لحرمانه من المال موجبا لحرمانه من هذا الحق أيضا.

(7) لتقدم الدين على الإرث كتابا و سنة و إجماعا فارث المال مفوت للدين بخلاف ارث الخيار فتشمله أدلة الإرث من الكتاب و السنة.

ص: 239


1- و راجع المسالك ج: 2، كتاب الشفقة- ط: الحجرية.
مسألة 2: لو كان مورد الخيار ما يحرم عنه بعض الورثة

(مسألة 2): لو كان مورد الخيار ما يحرم عنه بعض الورثة، كالعقار بالنسبة إلى الزوجة و الحبوة بالنسبة إلى غير الولد الأكبر ترث الزوجة و غير الولد الأكبر حق الخيار (8).

______________________________

نعم، لو كان إعمال الخيار موجبا لتفويت حق الديان يرجع الديان إلى الحاكم الشرعي للتحفظ على حقهم، كما انه لو ضمنوا الورثة الدين أو أدوا من مالهم أو تبرع به متبرع لا مانع من ارث المال، لوجود المقتضى و فقد المانع حينئذ، و كذا الكلام في إرث حق الرهانة إذا مات المرتهن و كان عليه دين.

(8) لعموم أدلة الإرث و إطلاقها من غير ما يصلح للتخصيص و التقييد بعد عدم كون ارث حق الخيار تابعا لإرث المال إذ لا دليل على التبعة و الملازمة من عقل أو نقل أو عرف بل مقتضى الأصل و الإطلاق عدمها لأن الخيار عبارة عن حل العقد و من لوازمه رد كل عوض إلى مالكه سواء كان المالك من له الخيار كما هو الغالب أو غيره كما في المقام فهما حيثيتان مختلفتان ذاتا قد تجتمعان موردا و قد تفترقان و الاختلاف و التفريق بين الحيثيتين صحيح عقلا و عرفا و شرعا.

و الظاهر أن النزاع بين الفقهاء في المقام صغروي فمن اختار عدم الإرث زعم ان الخيار فرع صحة التسلط و التصرف في مورد الخيار و مع عدم صحته فلا موضوع لإرث الخيار أصلا و من اختار صحة ارث الخيار و لو مع عدم صحة التصرف في مورده لاحظ جهة إمكان التفكيك بينهما عقلا و عرفا و الأصل و الإطلاق و صحة جعل الخيار للأجنبي يدل على صحة هذا القول لأن معنى الخيار حق حل العقد و لازمه رد العوضين إلى مالكهما الفعلي سواء كان من له الخيار أو غيره ورد العين إلى ذي الخيار ليس داخلا في حقيقة الخيار و لا من لوازمه العقلية أو العرفية أو الشرعية، و في المسألة أقوال.

أحدها: ما ذكرناه.

ص: 240

مسألة 3: إذا كان الوارث واحدا يرث حق الخيار فله الفسخ و الإمضاء

(مسألة 3): إذا كان الوارث واحدا يرث حق الخيار فله الفسخ و الإمضاء بلا مزاحم و معارض في البين (9)، و أما إذا كان متعددا فيثبت حق الخيار لمجموع الورثة من حيث المجموع في تمام المال كذلك فلا أثر لفسخ بعضهم بدون ضم الباقين لا في تمام المال و لا في حصته (10).

______________________________

الثاني: عدم الإرث.

الثالث: التفصيل بين ما إذا كان ما يحرم عنه الوارث منتقلا إلى الميت فيرثه و ما إذا كان منتقلا عنه و كان له الخيار فلا يرثه، و قد ظهر مما ذكرناه بطلان القولين و من أراد التفصيل فليرجع إلى المطولات خصوصا حواشي بعض مشايخنا كالمحقق الغروي رحمه اللّه على المكاسب.

(9) لوجود المقتضى لتسلطه على ذلك و فقد المانع عنه من كل جهة.

(10) الوجوه المتصورة ثبوتا في الحق الموروث عند تعدد الوارث أربعة:

الأول: أن يكون لكل واحد منهم حقا مستقلا من كل جهة في عرض الآخر فيصح لكل واحد إعمال حقه من دون مراجعة الباقين، لفرض استقلال الحق فمن بادر إلى الفسخ ينفسخ العقد و لا يبقى حق للأخيرين، لانتفاء موضوع حق الباقين و من بادر و امضى العقد يكون للآخر الفسخ، لفرض بقاء موضوع حقه و استقلاله.

الثاني: أن يكون لكل واحد حق مستقل في سهمه لأن الحق و إن كان بسيطا في نفسه و لكنه قابل للانحلال و التحصص بحسب متعلقه.

الثالث: أن يكون هذا الحق لمجموع الورثة من حيث المجموع و يكون المجموع كوارث واحد فلا يصح الفسخ إلا مع اتحاد الجميع فيه و لا إمضاء إلا كذلك و مع الاختلاف يبقى الخيار على حاله ما لم يسقط بأحد المسقطات.

الرابع: أن يكون الخيار لطبيعي الوارث الصادق على الفرد و على الكل فمن بادر و فسخ لا يبقى الحق بالنسبة إلى البقية و من بادر و امضى فكذلك

ص: 241

..........

______________________________

لفرض صدق الطبيعي عليه، و إذا اتفق الكل فسخا أو إمضاء فهكذا أيضا، لصدق الطبيعي عليه أيضا، و كل هذه الوجوه لا بأس بها ثبوتا ما لم يكن في مقام الإثبات قرينة معتبرة عرفية على تعيين أحديها و حيث أن مثل هذه الأمور لها معرضية عرفية للمنازعة و التشاجر و الضرر و الإضرار فلا بد من مراعاة هذه الجهة و مراعاتها انما تكون بجعل الجميع كالواحد و هي تصلح للتعيين إثباتا بعد عدم محذور في مقام الثبوت، مع ان تجزئة الخيار بحسب متعلقه مخالف للأصل من غير دليل ظاهر عليه، كما أن تعدد الحق الواحد حسب تعدد الوارثة كذلك أيضا، كما أن كون المراد الطبيعة المنطبقة على القليل و الكثير لا دليل عليه في مقام الإثبات.

ثمَّ إن انتقال الحق سواء كان حق الخيار أو غيره.

تارة: يكون من واحد إلى واحد كما إذا كان كل واحد من المورث و الوارث واحدا.

و اخرى: من متعدد إلى واحد كما إذا اشترك الوالدان في بيع شي ء بخيار و ماتا دفعة عن وارث واحد.

و ثالثة: يكون من واحد إلى متعدد كما إذا باع الوالد شيئا بخيار و مات عن ورثة متعددين.

و رابعة: يكون من متعدد إلى متعدد كما إذا اشترك الوالدان في بيع شي ء بخيار و مات دفعة عن ورثة متعددين.

ثمَّ انه قد تقدم أن كل واحد من الوجوه الأربعة في إرث الحق صحيح ثبوتا، لكن المتعارف من عادة الشرع بل العقلاء في هذه الحقوق التي تكون معرضا للتخاصم و التشاجر و النزاع انما هو مراعاة رأي الكل و نظرهم فسخا أو إمضاء لئلا يقعوا في الضرر و التشاجر.

هذه خلاصة ما ينبغي أن يقال في المقام و ما قلناه جار في جميع الحقوق الموروثة مع تعدد الوارث إلا ما دل دليل بالخصوص على الخلاف و يأتي حكم

ص: 242

مسألة 4: إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورّثهم

(مسألة 4): إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورّثهم فإن كان عين الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري (11) و إن لم يكن موجودا اخرج من مال الميت (12) فإن لم يكن له مال فتشتغل ذمته به فيجب تفريغها بالمبيع المردود إليه فإن بقي منه شي ء بعد ذلك يكون للورثة (13) و إن لم يف بتفريغ ما عليه يبقى الباقي في ذمته (14).

______________________________

ارث حق القذف و حق القصاص و حق الشفعة كل في محله إن شاء اللّه تعالى.

(11) لكون الثمن حينئذ ملكا للمشتري بلا فرق بين أن يقال بأن المثمن يرجع إلى الميت ثمَّ ينتقل إلى الورثة أو أنه يرجع إلى الورثة أولا و بالذات.

(12) لأن للورثة حق حل العقد فقط و أما من جهة النيابة عن الميت أو من جهة أنفسهم فالدليل ساكت عنه فلا بد فيه من الرجوع إلى القواعد الخارجية و مقتضاها رجوع كل من العوضين إلى من كان له حين العقد و من خرج من ملكه و هو الميت فيدخل المبيع في ملكه فلا بد من إخراج العوض من ماله أيضا.

و توهم: أن الميت كالجماد و لا يتصور بالنسبة إليه ملكية.

فاسد: لأنها أمر اعتباري يصح اعتبارها بالنسبة إلى الميت أيضا، إذ الاعتباريات خفيفة المؤنة جدا مع أن ما للوارث حقا كان أو ملكا انما هو متفرع على ما كان للميت فمع إمكان الدخول في ملك الميت و صحة اعتبار ذلك لا وجه لاعتبار ما هو متفرع عليه فلا بد من إخراج العوض من مال الميت، لأنه هو الذي دخل المعوض في ملكه.

(13) لأن هذا من لوازم دخول المعوض في ملك الميت و كون العوض عليه فيجري عليه حكم سائر ديون الميت في وجوب تفريغ ذمته عن تركته فإن بقي بعد ذلك شي ء يكون للورثة.

(14) لأن ذلك حكم الديون المتعلقة بذمة الميت. و عن بعض انه على

ص: 243

مسألة 5: لو كان الخيار للأجنبي فمات

(مسألة 5): لو كان الخيار للأجنبي فمات يسقط أصل الخيار (15).

مسألة 6: إذا مات من عليه الخيار لم يسقط خيار صاحبه

(مسألة 6): إذا مات من عليه الخيار لم يسقط خيار صاحبه (16) فيفسخ هو أو وارثه و يسترد العين أو بدلها من التركة و مع تلفها و عدم التركة تبقى ذمة الميت مشغولة (17).

الثالث من أحكام الخيار: انه يسقط بالتصرف الكاشف عن الرضا
اشارة

الثالث من أحكام الخيار: انه يسقط بالتصرف الكاشف عن الرضا، كما يسقط بالقول كذلك (18)، و التصرف كذلك ان وقع فيما انتقل عنه كان

______________________________

الورثة كل بنسبة حصته لأن الخيار لهم و هو حصتهم فيكون مورد الخيار لهم أيضا.

و فيه: انه لا ريب في صحة التفكيك بين نفس حق الخيار من حيث هو و بين مورده فنفس الحق من حيث هو موروث ثمَّ يعمل في مورده بحسب القواعد العامة فينتقل المورد إلى ملك الميت فيصرف في دينه و مع عدم وفائه فمقتضى الأصل براءة ذمة الورثة عن الأداء كما إذا لم يكن خيار في البين فكونه عليهم بنسبة حصصهم خلاف الأصل من غير دليل يدل عليه.

(15) لأنه لا وجه لانتقاله إلى ورثة الأجنبي، لاحتمال دخالة نظره بالخصوص في إعمال الخيار بل هو الظاهر فلا يصح التمسك بأدلة الإرث، لأنه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، و كذا لا وجه لانتقاله إلى ورثة المالك أيضا للشك في أن هذا الحق مما تركه لاحتمال أن يكون الجعل للأجنبي إسقاط الحق بالنسبة إلى نفسه. و منه يظهر الإشكال في الانتقال إلى نفس المالك لو كان حيا فلا بد من السقوط حينئذ.

(16) للأصل و الإطلاق.

(17) للأدلة الدالة على ذلك كله كإطلاق دليل الخيار، و ما دل على رد العين مع وجوده و بدله مع تلفه و قد تقدم ذلك كله فراجع.

(18) لأن الظهور الفعلي حجة معتبرة عند العقلاء كظهور الأقوال، و المناط

ص: 244

فسخا و ان وقع فيما انتقل إليه كان إجازة (19)، و في مورد الشك في ذلك يبقى الخيار (20).

______________________________

كله هو تحقق الرضا بالعقد سواء كان الكاشف عنه فعلا أو قولا أو كتابة.

(19) لأن الأول يكشف عن عدم الرضا بالعقد و الثاني يكشف عن الرضا به فلا بد من ترتب الأثر عليه حينئذ، و المناط كله على ظهور الفعل في الكراهة فيدل على الفسخ أو الرضا فيدل على الإمضاء.

(20) للأصل، هذا إذا كان الفعل أو القول مجملا و أما مع الظهور العرفي في الرضا أو الكراهة فالمتبع هو الظهور لكونه حجة عقلائية.

ص: 245

مسألة 1: لا أثر لمجرد الرضا القلبي

(مسألة 1): لا أثر لمجرد الرضا القلبي، و الكراهة القلبية في الإمضاء و الفسخ ما لم يكن مبرز خارجي في البين من فعل أو قول (21).

مسألة 2: لو ادعى ذو الخيار انه فسخ

(مسألة 2): لو ادعى ذو الخيار انه فسخ فإن كان ذلك بعد انقضاء زمان الخيار لا يسمع منه بلا حجة شرعية و إن كان قبله يسمع (22).

مسألة 3: إنكار البيع ليس بفسخ

(مسألة 3): إنكار البيع ليس بفسخ (23).

______________________________

(21) لأن العقود و الإيقاعات بل مطلق التفاهمات العرفية مطلقا عند العقلاء تدور مدار الابرازات الخارجية فما لم يكن مبرز خارجي في البين لا يرتّبون عليه الأثر خصوصا عند الاحتجاج و التخاصم و اللجاج فيدور نظام المعاش فيما بينهم على ذلك.

نعم، جواز التصرف في مال الغير شرعا مع إحراز رضائه و لو لم يصدر منه قول أو فعل شي ء آخر لا ربط له بالعقود و الإيقاعات الدائرة بينهم المجعولة لسد باب الخصومة و النزاع و مقتضى الأصل عدم ترتب الأثر بعد الشك في شمول أدلة تلك العناوين لمجرد قصدها و إرادتها من دون مبرز خارجي من فعل أو قول أو نحوهما، فالفعل المنبعث عن الكراهة القلبية فسخ و الفعل المنبعث عن الرضا القلبي إمضاء و يكفي في ذلك الارتكاز الإجمالي و لا يحتاج إلى الالتفات التفصيلي، للأصل بعد تحقق أصل الانبعاث في الجملة و يأتي في الرجوع في الطلاق الرجعي بعض ما يرتبط بالمقام.

(22) لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به.

(23) لعدم دليل عليه، و ما قالوه في ان إنكار الطلاق رجعة انما هو لدليل

ص: 246

مسألة 4: لو صدر منه فسخ و إمضاء للبيع و شك في المتقدم و المتأخر فالبيع باق

(مسألة 4): لو صدر منه فسخ و إمضاء للبيع و شك في المتقدم و المتأخر فالبيع باق و لكن لا وجه لاحتمال الخيار (24).

مسألة 5: إذا وكل غيره في إعمال الخيار فأمضى الوكيل و فسخ الموكل أو بالعكس يقدم ما صدر عن الموكل

(مسألة 5): إذا وكل غيره في إعمال الخيار فأمضى الوكيل و فسخ الموكل أو بالعكس يقدم ما صدر عن الموكل (25) هذا مع التقارب، و أما مع السبق و اللحقوق فيقدم السابق مطلقا (26).

مسألة 6: لو اشترى عبدا بجارية مع الخيار و قال أعتقهما

(مسألة 6): لو اشترى عبدا بجارية مع الخيار و قال أعتقهما لا وجه لتقديم الفسخ على الإجازة هنا (27).

الرابع من أحكام الخيار: انه يجوز للطرف الآخر التصرف في مورد الخيار

الرابع من أحكام الخيار: انه يجوز للطرف الآخر التصرف في مورد الخيار (28).

______________________________

خاص له لما سيأتي و التعدي عنه قياس.

(24) أما الأول لأصالة بقاء البيع، و احتمال الخيار منفي للعلم بعدمه إما بالفسخ أو بالإمضاء.

(25) لكون الوكيل متفرعا عليه، و لانعزال الوكيل بعمل الموكل.

(26) إن قلنا بالانعزال من حين فعل الموكل و يقدم قول الموكل مطلقا ان قلنا بالانعزال من حين عقد الوكالة و المسألة سيالة في موارد كثيرة.

(27) لعدم دليل عليه، و كذا لا وجه لعتق خصوص العبد فقط.

نعم، يمكن أن يقال: ببقاء أثر العقد مع الشك في الفسخ في مثل هذا التعبير و التفصيل يطلب من المطولات.

(28) لحصول الملكية بمجرد البيع فالمقتضي للجواز و هو سلطنة الناس على أموالهم موجود و المانع عنه مفقود لأن ما يتوهم من المانع انما هو تعلق حق ذي الخيار به و لكنه مدفوع لأن المانعية إنما تثبت إذا تعلق الحق بشخصية

ص: 247

و كما يجوز ذلك تكليفا ينفذ وضعا أيضا (29)، و لكن لو أمكنه رد نفس العين بفسخ و إقالة أو شراء ثانيا من المشتري وجب عليه ذلك (30) بل يجبر عليه (31)، و كذا الكلام في التصرف في المنافع إتلافا أو نقلا (32)،

______________________________

العين من حيث البقاء و الإبقاء فلا وجه لتصرف الطرف حينئذ أبدا كما في حق الرهانة، و أما إذا كان الحق متعلقا بالمالية لا بالشخصية من حيث الإبقاء فلا مانع في البين أصلا و التعلق بالنحو الثاني معلوم و بالنحو الأول مشكوك و هو عين الدعوى فلا وجه للاعتماد عليه إلا إذا ثبت ذلك بدليل خاص و هو مفقود و لا فرق فيه بين جميع أنحاء الخيارات إلا خيار أستفيد من دليله الالتزام بإبقاء شخص العين من حيث هي، فلا يجوز التصرف حينئذ لمكان هذا الالتزام.

(29) لعين ما تقدم في سابقة من غير فرق بينهما.

(30) لوجوب رد نفس العين مع إمكانه عرفا و لا تصل النوبة إلى بذل العوض حينئذ.

(31) لأن هذا من احدى موارد الحسبة التي تكون للحاكم الشرعي التسلط عليه.

(32) لما تقدم في التصرف في العين بلا فرق في ذلك بينهما من وجود المقتضى- و هو الملكية ملكية مستعدة للدوام فيملك المنفعة مطلقا فله أن يتصرف فيها بما شاء- و فقد المانع لأن النماء تابع لأصل الملكية للعين و المفروض حصولها فيملك المفسوخ عليه المنفعة ملكية حينئذ مطلقة و مقتضى قاعدة نفوذ تصرفه فيه بأي نحو شاء و أراد صحة استيفاء منفعة ملكه كيف ما شاء و قد تقدم جملة من الفروع المناسبة للمقام في أحكام المقبوض بالعقد الفاسد و في خيار الغبن و غيرها.

ثمَّ انه لا فرق فيما تقدم بين ما إذا لم يكن للمفسوخ عليه خيار من جهة أخرى أو كان له ذلك.

ص: 248

و لو وقع تصرف من قبل من عليه الخيار يوجب ذلك سقوط أصل الخيار (33). و لو علم من القرائن المعتبرة ان المقصود من الخيار رد شخص العين من حيث هو لا يجوز تصرف من عليه الخيار تكليفا (34) و لو خالف و تصرف فبالنسبة إلى نفوذه يكون من صغريات الفضولي فيتوقف على إمضاء من له الخيار.

الخامس من أحكام الخيار: ان أثره تزلزل العقد فقط

الخامس من أحكام الخيار: ان أثره تزلزل العقد فقط لا أن تكون الملكية تحدث بعد انقضائه بل هي تحدث بمجرد العقد فيصير الخيار حق لصاحبه في ملك الآخر (35).

______________________________

(33) لكشفه عن الرضا بالعقد إلا إذا كانت في البين قرينة على الخلاف.

(34) لأن مرجعه إلى التزام إبقاء العين حتى يرى ذو الخيار رأيه.

(35) للوجدان، و العرف، و الاعتبار، و ظاهر الأخبار، و العموم و الإطلاق.

أما الأول: فنرى بالوجدان أنا إذا اشترينا شيئا مع وجود خيار في البين أن المبيع دخل في ملكنا و الثمن خرج عن ملكنا و دخل في ملك البائع ملكية متزلزلة.

و أما الثاني: فلا ريب في أن العرف و العقلاء يتوسلون بأسباب المعاملات إلى التمليك و التملك و يجعلونها أسبابا لذلك فعلا من دون توقف على سبب آخر و يرون إعمال الخيار فسخ الملكية الحاصلة و انقضائه أو إمضاء العقد استحكاما للملكية لا موجبا لأصل حدوثها.

و لنا أن نستدل على حصول الملكية بالعقد من مادة الخيار و الاختيار لأنه لو لا حصول الملكية لا يتصور معنى صحيح للخيار كما لا يخفى.

و أما الثالث: فالملكية أمر اعتباري و البيع مثلا سبب لها و البناء العقلائي يشهد بعدم تخلف المسبب عن السبب في هذه الاعتباريات إلا لعدم المقتضي أو لوجود المانع و هما مفروض الانتفاء.

ص: 249

..........

______________________________

و أما الرابع: فصحيح ابن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال: نعم لا بأس به فقلت له: اشترى متاعي فقال: ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك» (1)، فإن ذيله ظاهر في انتقال الحيوان قبل انقضاء الخيار، مع أنا لا نحتاج إلى الأخبار في الأمور العرفية النظامية لأن ثبوت الردع فيها مانع لا أن نحتاج إلى التعبد.

و أما الأخير: ففي الإطلاقات و العمومات- كتابا و سنة- الظاهر في حصول المسبب عند حصول السبب غنى و كفاية، و قد يستدل بالنبوي المعروف: «الخراج بالضمان» (2)، أيضا.

بدعوى: أن المراد بالضمان الخسارة لا الغرامة و «الباء» لمجرد الإلصاق و المقارنة و السببية و الخسارة ملازم للملكية و خسارة المبيع مع التلف على المشتري و الثمن على البائع فالخراج الذي هو نماء الملك يكون لمالكه قهرا و لكن على فرض تمامية هذا الدعوى لا بد من تخصيصه بغير الخيار المختص بالمشتري إذ الضمان فيه على البائع للأخبار الآتية في المسألة اللاحقة. و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه توقف الملك بعد العقد على انقضاء الخيار و اختلف من بعده الفقهاء في أنه عام لجميع الخيارات أو يختص ببعضها و ان انقضاء زمان الخيار كاشف عن حصول الملكية حين العقد أو ناقل. و الظاهر أن ذلك كله خلاف المحكمات العرفية في المعاوضات النظامية و الأدلة الشرعية منزلة على العرفيات ما لم يكن تعبد خاص في البين و العرف يرى أن الملكية تحصل بالعقد و يجعل العقد من الأسباب الناقلة لها.

و استدل للشيخ رحمه اللّه بظاهر صحيح ابن سنان الوارد في خيار الحيوان قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث على من ضمان ذلك؟ فقال

ص: 250


1- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود حديث: 3.
2- سنن ابن ماجه باب: 43 من أبواب التجارات.

..........

______________________________

على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري شرط البائع أو لم يشترطه» (1)، و في ذيله قال عليه السّلام: «و إن كان بينهما شرط أياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع» (2)، و قريب منه خبر عبد الرحمن (3)، و مرسل ابن رباط (4)، و الأخبار التي ستأتي في المسألة اللاحقة.

بدعوى: أن قوله عليه السّلام: «فهو من مال البائع» يعني أن خسارته عليه و نماءه له و هما ملازمان للملكية فلا يصير المبيع في زمان الخيار ملكا للمشتري.

و فيه. أولا: أن هذه الأخبار مختصة بخصوص الحيوان المبيع و التعدي منه إلى غيره و إلى الثمن يحتاج إلى دليل و هو مفقود في هذا الحكم المخالف للعمومات و الإطلاقات.

و ثانيا: ان إعراض المشهور عن إطلاقها أوهنها.

و ثالثا: ان هذا حكم من الأحكام كما يأتي في المسألة اللاحقة و لا ربط له بما نحن فيه إلا إذا ثبت ان منافع المبيع للبائع، و هناك ملازمة بين أن كل من كان الضمان عليه كانت المنافع له و هذا أمارة الملكية، و كذا ثبت أن قاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له تدل على مورد أن الخيار ملك لمن لا خيار له.

و كل منهما مخدوش.

أما الأولى: فالملازمة لو كانت فهي غالبية لا أن تكون حقيقية واقعية فإن في مورد الغصب و الإتلاف ضمان مع أنه ليست المنافع للضامن، و قاعدة أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له تدل على الملكية المستقرة كما تأتي الإشارة إليه في الفرع اللاحق و هذه الأمور لا تقاوم الإطلاقات و العمومات الظاهرة في حصول الملكية بمجرد تحقق السبب فالمشهور هو المنصور.

و يمكن أن يكون مراد الشيخ رحمه اللّه الملكية المستقرة فيرتفع النزاع حينئذ عن البين

ص: 251


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 2، 3.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الخيار حديث: 2.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 1 و 5.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 1 و 5.
السادس من أحكام الخيار: ما جعل من القواعد

السادس من أحكام الخيار: ما جعل من القواعد و هي: أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له (36).

______________________________

و يصير النزاع لفظيا كما هو الغالب في جملة من النزاعات العلمية.

(36) البحث في هذه القاعدة من جهات.

الأولى: الأقوال فيها ثلاثة.

أحدها: الاختصاص بخيار الحيوان و الشرط لذكرهما في صحيح ابن سنان- كما تقدم- و قد اختاره صاحب الجواهر رحمه اللّه.

الثاني: جريانها فيهما و في خيار المجلس أيضا كما يظهر عن شيخنا الأنصاري.

الثالث: التعميم لكل خيار نسب ذلك إلى المشهور.

الثانية: الأخبار الواردة في المقام و هي أربعة منها صحيح ابن سنان المتقدم، و خبر عبد الرحمن قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى أمة بشرط من رجل يوما أو يومين فماتت عنده و قد قطع الثمن على من يكون الضمان؟ فقال عليه السّلام: ليس على الذي اشترى ضمان حتى يمضي شرطه» (1)، و منها مرسل ابن رباط عن الصادق عليه السّلام قال: «إن حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع» (2)، و منها النبوي: «في رجل اشترى عبدا بشرط ثلاثة أيام فمات العبد في الشرط قال يستحلف باللّه ما رضيه ثمَّ هو برئ من الضمان» (3)، و قد تقدم صحيح ابن سنان المشتمل على الشرط أيضا، و قد يطلق الشرط على خيار المجلس أيضا فيمكن أن يستفاد منه مدرك القولين الأولين.

و أما التعميم بالنسبة إلى جميع الخيارات فهو مطابق للقاعدة بناء على عدم حصول الملكية إلا بعد انقضاء الخيار لبقاء العوضين على ملك مالكها

ص: 252


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 5.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 5.

..........

______________________________

الأول حينئذ فيكون التلف عليهما.

و أما بناء على المشهور من حصول الملكية بالعقد فالصور المتصورة أربعة.

الأولى: كون الخيار للبائع و تلف المبيع في يد المشتري، و تلفه على المشتري مطابق للقاعدة الأولية لكونه ماله و ملكه فتكون خسارته عليه.

الثانية: كون الخيار للمشتري و تلف الثمن في يد البائع و كون خسارته على البائع مطابق للقاعدة الأولية أيضا لكونه ملكه، فتكون تلفه و خسارته عليه.

الثالثة: كون الخيار للمشتري و تلف المبيع في يده و لا ريب في كون تلفه من البائع مخالف للقاعدة الأولية.

الرابعة: كون الخيار للبائع و تلف الثمن في يده و لا ريب في أن كون تلفه من المشتري مخالف للقاعدة الأولية فإن تمت قاعدة: أن التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له بالنسبة إلى هاتين الصورتين الأخيرتين تثبت هذه القاعدة على الإطلاق و بنحو الكلية و إلا فلا.

الثالثة: استدل على شمول القاعدة لجميع الخيارات.

تارة: بأن لفظ الشرط الوارد في مثل صحيح ابن سنان المتقدم شامل لجميع الخيارات فيشملها الحكم قهرا بقرينة صحيح فضيل عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: ما الشرط في غير الحيوان؟ قال عليه السّلام: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» (1)، فيستفاد من مثله ان إطلاق الشرط على الخيار كان شائعا عند الرواة و لم يكن مخصوصا بخصوص خيار الشرط.

و اخرى: بقوله عليه السّلام: «حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري» (2)، فإنه في قوة أن يقال: «حتى يصير البيع لازما» و هذا المناط جار في جميع البيوع الخيارية فالمناط واحد في الجميع فكما في سائر الموارد التي

ص: 253


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخيار حديث: 3.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الخيار حديث: 2.

..........

______________________________

يستظهر المناط و يعمل به فليكن المقام كذلك. و لكن الإنصاف ان الجزم بالمناط مشكل.

و ثالثة: بما في مفتاح الكرامة: «ان قولهم التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له قاعدة لا خلاف فيها و لعل الحكمة في جعل هذه القاعدة ترغيب الطرفين إلى الاهتمام بعدم تلف المال حتى يتبين الحال أما ذو الخيار فلأن المال ماله و أما غيره فلأن التلف لو حصل يكون عليه».

الرابعة: لا تجري هذه القاعدة في الخيار المشترك لعدم الموضوع لها فيخرج عنها تخصصا، مضافا إلى ظهور الإجماع على العدم، و كذا لا يجري فيما إذا كان الخيار للأجنبي، لأنه خلاف المنساق من الأدلة، و كذا لا مجرى لها في غير البيع لأن الحكم خلاف القاعدة لا بد و ان يقتصر فيه على المتيقن من الدليل.

الخامسة: المتيقن من الأدلة و المنصرف العرفي من الأخبار انما هو الخيار المتصل بالعقد في هذا الحكم المخالف للقاعدة فلا تجري قاعدة التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له في الخيار المنفصل عن العقد بالشرط أو في خيار العيب و الغبن ان قلنا بثبوتهما بعد ظهور الغبن و العيب لا من حين وجودهما الواقعي.

السادسة: ظاهر الأخبار التي هي مدرك القاعدة (1)، اختصاصها بتلف المبيع و هو المتيقن من الإجماع على فرض ثبوته، فالتعدي إلى الثمن بأن يكون في تلفه في مدة خيار البائع المختص به من مال المشتري مشكل إلا بعد تمامية أمرين.

أحدهما: تحقق المناط و الملاك الذي تقدم و هو صيرورة البيع لازما و خروجه عن معرضية التزلزل.

ثانيهما: استصحاب ضمان المشتري له الثابت قبل إقباضه للثمن إلى البائع فيفسخ البيع بالتلف و يتلف الثمن من مال المشتري لا محالة.

ص: 254


1- راجع صفحة: 252.

..........

______________________________

و فيه: ان ضمان الإقباض مع ضمان التلف ممن لا خيار له مختلفان عرفا فلا يثبت الأخير باستصحاب الأول فإن ضمان الأول ضمان المعاوضي و تدارك عوض المبيع و ضمان الأخير إنما هو الخسارة و النقص المالي الذي يرد على صاحب المال و اين أحدهما من الآخر حتى يثبت بالاستصحاب إلا أن يتمسك بالمسامحة العرفية.

السابعة: ظاهر الأخبار و المتيقن من الإجماع على فرض الثبوت اختصاص القاعدة بالمبيع الشخصي و التعميم إلى الكلي المنطبق على الفرد يحتاج إلى ثبوت أمرين.

أحدهما: تحقق المناط و الملاك و تقدم عدم تماميته.

ثانيهما: أن بيع الكلي المنطبق على الفرد كبيع الشخصي عرفا فيشمله كلما ثبت له من الأحكام.

و فيه: انه من مجرد الدعوى بلا دليل عليه من عقل أو نقل.

الثامنة: تختص القاعدة بخصوص التلف سواء كان سماويا أو بحكم الشارع بإتلافه فلا تشمل الإتلاف لأن له حكم آخر فإنه إن كان من ذي الخيار فيوجب سقوط خياره و إن كان ممن عليه الخيار فلذي الخيار إمضاء البيع و الرجوع إلى المثل أو القيمة و له الفسخ و الرجوع إلى الثمن و ان كان من الأجنبي فكذلك أيضا إلا أن الفاسخ يرجع إلى المفسوخ عليه و هو يرجع إلى المتلف و يصح رجوع الفاسخ إلى المتلف أيضا و للمفسوخ عليه الرجوع إلى الفاسخ أو المتلف مع التلف و لا اختصاص لهذه المسألة بالمقام بل هي سيالة في جميع الموارد التي يبقى فيها الخيار أو يتحقق فيها الإقالة مع عدم بقاء العوضين أو أحدهما.

التاسعة: حكم تلف البعض حكم تلف الكل، و كذا تلف وصف الصحة في انه ممن لا خيار له، لإطلاق ما تقدم من الصحيح (1)، و ظهور الاتفاق.

ص: 255


1- راجع صفحة: 250.

..........

______________________________

العاشرة: مورد قاعدة: «التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له» انما هو بعد تحقق القبض و أما قبل القبض فتلف المبيع من البائع سواء كان في البين خيار أولا، للإجماع، و لقاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه فمع وجود هذه القاعدة المعمول بها لا مجال للقاعدة الأولى، كما لا وجه لتوهم المعارضة، لإجماعهم على تقديم قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه على قاعدة: (التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له).

الحادية عشرة: ظاهر قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع» (1)، و قول الفقهاء: «التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له» تحقق إضافة حقيقية لهذا المال إلى من لا خيار له و لا تثبت هذه الإضافة إلا بانفساخ العقد قبل التلف انا ما و دخول المال في ملك من لا خيار له ثمَّ التلف في ملكه و لا محذور فيه من عقل أو نقل بل لا بد من الأخذ بهذا الظهور صونا لكلام المتكلم العاقل عن اللغوية أو الحمل على ما يبعد عن الأذهان العرفية، فهذا من سنخ دلالة الاقتضاء المعتبرة عند أبناء المحاورة مطلقا إذ لا وجه لضمان شخص مال غيره، و أما سائر الاحتمالات المذكورة في المفصلات مما لا دليل عليها بل لا قائل بجملة منها كما هو واضح على المتتبعين.

ان قيل: لا وجه لضمان شخص ملك الغير بناء على حصول الملكية بمجرد العقد، مع أن كون منافع المال لمن له الخيار يقتضي أن يكون العين ملكا له.

يقال: لا موضوع أصلا لهذا الإشكال، لأنه مع فرض انفساخ العقد آنا ما تحقيقا أو تقديرا و انتقال المال عن من له الخيار إلى من لا خيار له لا يبقى موضوع لتوهم هذا الإشكال.

الثانية عشرة: هل تختص هذه القاعدة بما إذا كان الخيار متعلقا بنفس العين من حيث هي أو يعم بما إذا تعلق بمالية المال؟ ظاهر الأخبار و الكلمات

ص: 256


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الخيار حديث: 2.
السابع من أحكام الخيار: انه لو شك في سقوطه بعد ثبوته يحكم بعدم السقوط

السابع من أحكام الخيار: انه لو شك في سقوطه بعد ثبوته يحكم بعدم السقوط (37).

الثامن: بعد تحقق الفسخ يجب على الفاسخ إعلام المفسوخ عليه بالحال لو لم يعلم به

الثامن: بعد تحقق الفسخ يجب على الفاسخ إعلام المفسوخ عليه بالحال لو لم يعلم به (38)، و يضمن لو تلف في يده و كذا العوض في يد المفسوخ عليه (39).

______________________________

و إن كان هو الأول و لكن يحتمل الأخير، لأن العين طريق إلى التحفظ على المالية و على هذا يصير إطلاق القاعدة موافقا لأصالة بقاء الخيار فيصير المعنى ان التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له أي: انه لا يوجب سقوط الخيار فإن شاء ذو الخيار فسخ ورد بدل التالف و يأخذ العوض و إن شاء امضى البيع، و على هذا الاحتمال يسقط البحث عن الجهة الحادية عشر فتأمل و راجع المفصلات لعلك تجد ترجيحا لهذا الاحتمال.

(37) لاستصحاب بقائه سواء كان منشأ الشك تلف العين أو شي ء آخر فمقتضى الأصل بقاء الخيار إلا أن يدل دليل بالخصوص على السقوط بالتلف أو نحو ذلك و قد مر تفصيل ذلك في أقسام الخيارات.

(38) لصيرورته ملكا للمفسوخ عليه فيجب عليه استرضاؤه في بقائه تحت يده و لا يجري الاستصحاب لتغير الموضوع.

(39) لقاعدة اليد الشاملة للمقام أيضا. و احتمال اختصاصها باليد العادية فلا تشمل مطلق اليد.

باطل: بعد ظهور الإطلاق.

نعم، خرج منها الأمانات المالكية و الشرعية و بقي الباقي. و اللّه تعالى هو العالم.

ص: 257

فصل فيما يدخل في المبيع

اشارة

فصل فيما يدخل في المبيع

مسألة 1: يدخل في المبيع كل ما يشمله اللفظ بحسب المتعارف عند الناس

(مسألة 1): يدخل في المبيع كل ما يشمله اللفظ بحسب المتعارف عند الناس (1)، فلو باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل و الأبنية التي فيها و سورها و ما يعد من توابعها و مرافقها كالبئر و الناعور و الحظيرة و نحوها (2) و لو باع أرضا لا يدخل فيها النخيل و الأشجار التي فيها، و كذا لا يدخل الزرع فيها (3)

______________________________

فصل فيما يدخل في المبيع

(1) لأن المدار في ألفاظ العقود تعميما و تخصيصا هو المحاورات العرفية ما لم يرد دليل على الخلاف و لا دليل كذلك في المقام.

(2) لشمول لفظ البستان لذلك كله ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف و يمكن أن يكون بعض الأبنية الخاصة خارجة بالقرينة و إلا فظاهر اللفظ هو الشمول للجميع.

نعم، لو شك في الشمول و عدمه، فأصالة عدم النقل جارية. فالأقسام ثلاثة: الشمول عرفا، و عدمه كذلك، و الشك في الشمول و عدمه و المرجع في الأخير أصالة عدم النقل و الانتقال، و الظاهر أن الأشجار اليابسة المنصوبة من القسم الأول فيشملها لفظ البستان.

3) لعدم دخول ذلك كله في مفهوم الأرض لا لغة و لا عرفا و لا شرعا.

ص: 258

إلا مع الشرط (4)، و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و الثمرة في بيع الشجر بلا شرط (5).

مسألة 2: لو باع نخلا فإن كان مؤبرا فالثمرة للبائع

(مسألة 2): لو باع نخلا فإن كان مؤبرا فالثمرة للبائع (6) و يجب على المشتري إبقاؤها على ما جرت به العادة في إبقاء تلك الثمرة (7) و إن لم يكن مؤبرا كان للمشتري (8) و يختص هذا التفصيل بالبيع و أما في غيره فالثمرة للناقل سواء كانت مؤبرة أو لا كما انه مختص بالنخل فلا يجري في

______________________________

(4) لأنه لا ريب في الشمول حينئذ عرفا، و إجماعا، و نصا ففي صحيح الصفار: «انه كتب إلى أبي محمد عليه السّلام في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة و فيها زرع و نخل و غيرهما من الشجر، و لم يذكر النخل و لا الزرع و لا الشجر في كتابه، و ذكر فيه انه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها و الخارجة منها، أ يدخل الزرع و النخل و الأشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع عليه السّلام: إذا ابتاع الأرض بحدودها و ما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء اللّه» (1).

(5) للأصل و العرف و الإجماع.

6) للأصل، و الإجماع، و النص قال علي عليه السّلام: «من باع نخلا قد أبره فثمره للبائع إلا أن يشترط المبتاع ثمَّ قال: قضى به رسول اللّه» (2)، و عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى رسول اللّه أن ثمر النخل الذي أبرّها إلا أن يشترط المبتاع» (3).

(7) لأنه لازم الالتزام على نفسه بكونها للبائع مضافا إلى الإجماع و التسالم عليه.

(8) للإجماع، و مفهوم ما تقدم من الأخبار.

ص: 259


1- الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام العقود.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب أحكام العقود حديث: 3 و 2.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب أحكام العقود حديث: 3 و 2.

غيره فالثمرة فيه للناقل مطلقا إلا مع الشرط (9).

مسألة 3: إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي

(مسألة 3): إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز لصاحبها أن يسقيها (10) و ليس لصاحب الأصول منعه (11)، و كذا العكس (12) و لو تضرر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه يقدم حق المشتري (13) و لكن الأحوط التصالح و التراضي بأي نحو كان و لو ببذل الأرش للمتضرر منهما (14).

مسألة 4: لو باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها

(مسألة 4): لو باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها و المخرج و مد جرائدها في الفضاء و عروقها في الأرض (15) و ليس للمشتري منع

______________________________

(9) كل ذلك للأصل و الإجماع و اختصاص دليل التفصيل بخصوص البيع و خصوص النخل ففي غيرهما يرجع إلى الأصل و أما مع الشرط فيصح أن يكون للمنقول إليه مطلقا، لعموم وجوب الوفاء بالشرط.

(10) لقاعدة السلطنة المقتضية لذلك، مضافا إلى ظهور الإجماع و التسالم عليه.

(11) لأصالة عدم حق له على ذلك.

(12) لأنه يجري فيه جميع ما تقدم في سابقة من قاعدة السلطنة بالنسبة إلى صاحب الأصل، و أصالة عدم حق المنع بالنسبة إلى غيره.

(13) لأن البائع هو الذي أدخل الضرر على نفسه بإقدامه على مثل هذا البيع.

(14) لاختلاف الأقوال في المسألة منها تقديم قول البائع، لأنه أسبق و منها مراعاة أقوى الضررين و لكن لا دليل على كل منهما كما لا يخفى.

(15) لشمول الاستثناء لذلك كله بالتبع أيضا، مضافا إلى الإجماع و النص منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قضى النبي صلّى اللّه عليه و آله في رجل باع نخلا و استثنى غلة نخلات فقضى له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدخل إليها و المخرج منها و مد

ص: 260

شي ء من ذلك (16)، و إذا باع دارا دخل فيها الأرض و الأبنية الأعلى و الأسفل إلا أن يكون الأعلى مستقلا عند المتعارف و بنظر أهل الخبرة و كذا يدخل السراديب و الأبواب و الأخشاب المتداخلة في البناء و الأوتاد المثبتة فيه بل السلم المثبت على شبه الدرج و نحو ذلك من آلات الكهرباء و نحوها (17) و لا يدخل الرحى المنصوبة و الشجر و النخل و المفاتيح إلا مع جريان العادة أو الشرط (18).

مسألة 5: الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المكتومة فيها تدخل في بيعها تبعا

(مسألة 5): الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المكتومة فيها تدخل في بيعها تبعا (19) و أما الأحجار المدفونة فيها فهي خارجة (20).

______________________________

جرائدها» (1).

(16) لأصالة عدم حق له عليه بعد شمول الاستثناء لذلك أيضا بالتبع.

(17) لجريان العرف و العادة على ذلك كله فكل ما كانت أمارة معتبرة في البين تدل على دخوله في البيع يدخل و كل ما لم تكن امارة عليه يخرج سواء كانت إمارة على الخروج أولا، لأصالة عدم الانتقال و لا بد من مراجعة الثقة من أهل الخبرة فإنهم أعرف بهذه الأمور الفقهية فإن حكموا بالدخول يتبع قولهم، و كذا لو حكموا بعدم الدخول، و في مورد الشك فالمرجع هو أصالة عدم النقل.

(18) أما خروجها فللأصل، و أما الدخول مع جريان العادة أو الشرط فهو أوضح من أن يستدل عليه.

(19) لحكم العرف بذلك مضافا إلى عدم الخلاف إلا إذا كانت أهمية عظمى لم يحكم العرف بالتبعية أو تردد فيها فيرجع إلى الأصل حينئذ و بذلك يمكن أن يجمع بين قول المشهور و من نسب إليه القول بعدم الدخول.

(20) للأصل بعد عدم حكم العرف بالتبعية أو شكه فيها.

نعم، لو باعها بكل ما فيها تدخل حينئذ و اللّه تعالى هو العالم.

ص: 261


1- الوسائل باب: 30 من أبواب أحكام العقود حديث: 2.

فصل في النقد و النسيئة

اشارة

فصل في النقد و النسيئة

مسألة 1: من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا

(مسألة 1): من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا (1)

______________________________

و هما: من المعاملات النظامية العامة لا تختص بمذهب و ملة بل جارية في جميع الملل و الأديان و جميع الأمكنة و الأزمان.

و الشقوق العقلية بالنسبة إلى العوضين أربعة: لأن كلا منهما إما نقد و يسمى بالنقد، أو المبيع نقد و الثمن مؤجل و يسمى بالنسية، أو يكون بالعكس و يسمى بالسلف، أو كل منهما مؤجل و يسمى بيع الدين بالدين. و جميع ذلك من المفاهيم المبينة العرفية فلا يحتاج إلى البيان و شرح اللفظ.

و الكل صحيح إلا الأخير فهو باطل بأقسامه الثلاثة.

الأول: بيع الكلي المؤجل بالكلي المؤجل.

الثاني: أن يبيع دينا سابقا على العقد قبل حلوله أو بعده بدين كذلك.

الثالث: أن يبيع دينا سابقا بكلي مؤجل أو بالعكس و جميع هذه الأقسام باطل للإجماع، و إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا يباع الدين بالدين» (1).

ثمَّ أن بيع الدين بالدين أقسام كثيرة ربما تزيد على أربعين قسما تأتي الإشارة إلى بعضها في كتاب الدين في مسألة بيع الدين بالدين إن شاء اللّه تعالى.

(1) للإجماع، و ما هو المتعارف بين الناس، و لموثق عمار بن موسى عن

ص: 262


1- الوسائل باب: 15 من أبواب الدين و القرض.

فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته متى أراد (2) و ليس له الامتناع عن أخذه متى دفعه المشتري إليه (3).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى من رجل جارية بثمن مسمى ثمَّ افترقا فقال عليه السّلام: وجب البيع و الثمن إذا لم يكونا اشترطا فهو نقد» (1)، و إطلاقه كإطلاق الفتاوى يشمل ما إذا قصد التعجيل فيكون ذكر الأجل مانعا عن الحلول لا أن يكون ذكر التعجيل شرطا فيه فيصير الإطلاق ظاهرا في التعجيل كما في النكاح الدائم و المنقطع فإن بذكر المدة فيه يصير منقطعا و إلا فهو دائم كما عن جمع من أنه مطابق للقاعدة لا لأجل النص الخاص الوارد فيه كما عن آخرين.

فيكون بيع المعجل أقسام ثلاثة.

الأول: ما أطلق فيه البيع و لم يذكر الأجل.

الثاني: ما ذكر فيه الحلول.

الثالث: ما أطلق و كانت في البين قرائن دالة على رضا البائع بتأخير أداء الثمن فإنه أيضا حال و يجوز للبائع مطالبة الثمن في أي وقت شاء و أراد، و في القسم الأول و الأخير لو شرط التعجيل يصح و يكون في تخلفه الخيار كما في تخلف كل شرط و معنى اشتراط التعجيل أي الإسراع العرفي للأداء.

(2) لاقتضاء الحلول ذلك عرفا و شرعا، مع ان لكل ذي حق مطالبة حقه بعد ثبوت المقتضى له و فقد المانع عنه كما هو المفروض في المقام بل يجوز له الإجبار بعد مراجعة الحاكم الشرعي.

(3) لأصالة عدم ثبوت حق الامتناع له كما في كل حق حال مع أن في امتناعه عن القبول نحو تسلط على المديون و لا وجه له في ذلك عليه بل قد يكون ضررا و ظلما و هذه قاعدة كلية جارية في جميع الديون الحالة و حينئذ لو تلف عند المشتري لا يكون ضامنا بعد عزله و عرضه على البائع و عدم قبوله له،

ص: 263


1- الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام العقود حديث: 2.

و إذا اشترط تأجيله يكون نسيئة (4) و لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و إن طولب به (5)، كما انه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله (6).

مسألة 2: لا بد في النسيئة أن تكون المدة معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال الزيادة و النقصان

(مسألة 2): لا بد في النسيئة أن تكون المدة معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال الزيادة و النقصان (7) و لا بأس بما يتسامح به عرفا (8).

______________________________

لأصالة البراءة بعد تحقق الأداء عرفا فلا تشمله قاعدة اليد و يصير المال بعد العزل و العرض و الامتناع عن القبول يصير ملكا للدائن لصدق الأداء حينئذ عرفا و لا يجب على المديون حفظه للأصل.

(4) لإجماع الفقهاء بل العقلاء، و نصوص كثيرة منها ما تقدم من الموثق و تأتي الإشارة إلى بعضها.

(5) لأجل التزامهما بالتأخير فصار ذلك حقا للمشتري على البائع مضافا إلى الإجماع.

(6) لأصالة عدم الوجوب بعد رضائه بالتأخير و الاقدام المعاملي على النسبية، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الوجوب. هذا إذا جعل التأخير حقا لهما بمعنى: انه لا يطالب البائع إلا بعد انقضاء المدة و لا يدفع المشتري إلا كذلك، و يجوز أن يجعل حقا للمشتري فقط بمعنى: انه يجوز له التأخير إلى المدة المعينة و في أي وقت شاء دفعه فيجب على البائع القبول حينئذ كما يجوز أن يجعل حقا للبائع فقط بمعنى عدم طلبه إلى المدة و لكن لو دفعه المشتري قبله فيصح بالأنحاء الثلاثة و يختلف الحكم باختلاف كيفية الجعل، و المتعارف هو القسم الأول و الإطلاق منزل عليه إلا مع القرينة على الخلاف. ثمَّ انه يجوز النسية بالنسبة إلى تمام الثمن و بالنسبة إلى بعضه مدة واحدة أو نجوما.

(7) لإجماع الفقهاء، و سيرة العقلاء، و عدم دليل على الخلاف.

(8) لابتناء المعاملات على العرفيات و المفروض ان العرف يتسامح فيه

ص: 264

مسألة 3: لو اشترط التأجيل و لم يعين أجلا، أو عين أجلا مجهولا كان البيع باطلا

(مسألة 3): لو اشترط التأجيل و لم يعين أجلا، أو عين أجلا مجهولا كان البيع باطلا (9) و لا بد في المدة أن تكون معلومة عند المتعاملين فلا يكفي تعيينه الواقعي بعد جهل المتعاملين به (10)، و لا فرق في المدة بين القصيرة- كساعة أو ساعتين- و الطويلة كمأة سنة مع وجود غرض صحيح في البين (11).

______________________________

و لا يراه مانعا عن شي ء فتشمله الإطلاقات و العمومات، فلو جعل المدة آخر الشهر الهلالي مع احتماله للتمام و النقصان لا بأس به و كذا في نظائره.

(9) للغرر، و عدم اقدام المتعارف على مثل هذا القسم من المعاملة، و الشك في شمول الإطلاقات و العمومات لمثله يكفي في البطلان، لأن التمسك بها حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك فيرجع إلى أصالة عدم النقل و الانتقال بعد عدم صحة التمسك بأصالة الصحة كما هو سيرة الفقهاء في نظائر المقام.

(10) لأن بناء المعاملات عند العرف على إحراز المتعاملين خصوصيات العوضين و ما يتعلق بهما بحسب نظرهما و توافقها عليهما كذلك و التعيين الواقعي مع عدم احرازهما له لا أثر له فقراهم انهم يرون لاحرازهم نحو موضوعية في معاملاتهم و عهودهم.

نعم، لو كانت معلومة في الواقع و مجهولة لديهما و لكن كانت في معرض العلم بهما عرفا بحيث يقدم على ذلك نوع الناس لا بأس به حينئذ.

(11) للإطلاق، و الاتفاق، و خبر أحمد بن محمد قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام إني أريد الخروج إلى بعض الجبال فقال: ما للناس بد من أن يضطربوا سنتهم هذه فقلت له: جعلت فداك إنا إذا بعناهم بنسية كان أكثر للربح قال عليه السّلام: فبعهم بتأخير سنة قلت بتأخير سنتين؟ قال: نعم قلت بتأخير ثلاث؟

قال عليه السّلام: لا» (1)، و في خبر البزنطي (2)، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «أن هذا

ص: 265


1- الوسائل باب: 1 من أحكام العقود.
2- الوسائل باب: 1 من أحكام العقود.

مسألة 4: لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه إلى أجل

(مسألة 4): لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه إلى أجل بأن قال بعتك نقدا بعشرة و نسية إلى سنة مثلا بخمسة عشر و قال المشتري قبلت هكذا- فالأحوط التراضي بينهما بأقل الثمن (12). و لو باعه إلى أجل

______________________________

الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق فقال عليه السّلام: إن أردت الخروج فاخرج فإنها سنة مضطربة و ليس للناس بد من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت: انهم قوم ملأى و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة قال بعهم قلت سنتين؟ قال:

بعهم قلت: ثلاث سنين؟ قال عليه السّلام: لا يكون لك شي ء أكثر من ثلاث سنين» محمول على الإرشاد إلى التحفظ على المال و عدم تضييعه مهما أمكن و الاستفادة منه في تمام الأحوال و هو أمر مرغوب لدى العقلاء في جميع الأعصار، لا أن يكون المراد بهما الحرمة التعبدية الشرعية.

و أما احتمال انه لا وجه لتطويل المدة لحلول الديون بالموت، فلا وجه له لأن الحلول بالموت حكم تعبدي شرعي يجري في المدة القصيرة و الطويلة فعلى هذا الاحتمال لا بد و ان يمنع عن المدة القصيرة أيضا.

(12) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب القاعدة.

و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة. أما الأولى فإن كان البيع بالنسبة إلى الثمن المردد من حيث الترديد فهو محال، لعدم إمكان تعلق القصد بالنسبة إلى المردد من حيث هو، إذ لا ثبوت له بوجه من الوجوه. و إن كان على وجه التخيير في اختيار أي الثمنين شاء فالبيع باطل من جهة جهالة العوض. و إن كان البيع بالأقل و الزيادة في مقابل التأجيل فهو ربا و يكون من الشرط الفاسد فأصل البيع صحيح لما مر من أن الشرط الفاسد غير مفسد هذه أصول الأقسام و حكمها.

و أما الأخبار فهي على قسمين.

الأول: قول علي عليه السّلام في خبر محمد بن قيس: «من ساوم بثمنين أحدهما

ص: 266

..........

______________________________

عاجلا و الآخر نظرة فليسم أحدهما قبل الصفقة» (1)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا يحل صفقتان في واحدة» (2)، و في خبر آخر ذلك بأن يقول: «إن كان بالنقد فبكذا و إن كان بالنسبة فبكذا» (3)، و قد عمل بهما جمع مع قصور سندهما.

الثاني: خبر ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام من باع سلعة فقال إن ثمنها كذا و كذا يدا بيد و ثمنها كذا و كذا نظرة فخذها بأي ثمن شئت و جعل صفقتهما واحدة فليس له إلا أقلهما و إن كانت نظرة» (4)، و عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السّلام: «ان عليا عليه السّلام قضى في رجل باع بيعا و اشترط شرطين بالنقد كذا، و بالنسية كذا، فأخذ المتاع على ذلك الشرط فقال هو بأقل الثمنين و أبعد الأجلين فيقول: ليس له إلا أقل النقدين إلى الأجل الذي أجله بنسيئة» (5)، و هما معتبران و مشهوران بين الأصحاب لأنهم بين عامل بهما أو حامل لهما على بعض المحامل فلا محذور في العمل بهما فيكون تحديدا شرعيا في مثل هذا القسم من المعاملة كما هو عادته في جملة من الموارد فيحمل الخبران الأولان على الكراهة كما هو عادة الفقهاء في الجمع بين مثل هذه الأخبار.

و أما ما عن الشيخ رحمه اللّه من أن الخبرين مخالفان لأدلة اعتبار التراضي في البيع، و ما عن بعض مشايخنا من استلزامها لوقوع غير المقصود لعدم القصد إلى البيع بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.

مخدوش: بأنه عرض عليه هذا النحو من البيع و تحقق منهما التراضي بالنسبة إلى هذا القسم من المعاملة عرفا كما تحقق منهما القصد إليها في الجملة لكل واحد من الثمنين فيصير البيع مطابقا للقاعدة لأن كون مقصود المتعاملين المردد من حيث الترديد باطل قطعا لأنه من مجرد الاحتمال العقلي و انما

ص: 267


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العقود حديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العقود حديث: 2 و 1.
3- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العقود حديث: 2 و 1.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العقود حديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام العقود حديث: 1 و 2.

و بأزيد منه إلى أجل أخر بطل (13).

مسألة 5: إذا كان التأجيل حقا للمديون

(مسألة 5): إذا كان التأجيل حقا للمديون مشتريا كان أو غيره- فأسقطه باختياره يجوز لصاحب الدين مطالبة الدين (14).

مسألة 6: لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه

(مسألة 6): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد في ثمنه الذي استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل خاص، و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل سواء وقع ذلك بنحو البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها (15)، و يجوز ذلك بوجهين.

______________________________

نظرهما إلى التخيير و هو يوجب الجهالة لو لم يكن معين في البين و المفروض ان الشارع عينه بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.

(13) للجهالة، و لأنه مستلزم للربا، و يمكن الإشكال في الأول بعدم كون هذا النحو من الجهالة التي تؤل إلى العلم مانعا كما يمكن أن يشكل في الثاني بأنه من الشرط الفاسد و قد مر عدم كونه مفسدا، و لا يجري ما تقدم من الخبرين الدالين على الصحة بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين في المقام، لاختلاف الموضوع فيكون من القياس الباطل، و الحق ان هذه المسائل غير منقحة في كلماتهم مع فقدان النصوص فيها.

(14) لوجود المقتضى لجواز المطالبة و فقد المانع عنه بعد كون الأصل في كل حق أن يكون قابلا للإسقاط إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.

نعم، لو كان التأجيل حكما شرعيا أو حقا للدائن أو مشتركا بينه و بين المديون لا يسقط بإسقاط المديون حينئذ و لكن كل ذلك خلاف الفرض.

(15) لأن كل ذلك من الربا المحرم بالأدلة الثلاثة كما يأتي تفصيله في محله إن شاء اللّه تعالى بل مورد نزول آية الربا (1)، كان هذا القسم من الزيادة كما

ص: 268


1- سورة البقرة: 275 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

الأول: أن يهدي إلى الدائن هدية مثلا و الدائن زاد في المدة تقربا إلى اللّه و إحسانا إليه فقط، و كذا لو كان ذلك بنحو الجعالة أو الصلح بشرط أن لا يجعل متعلقها نفس الزيادة في المدة بل حصلا بالنسبة إلى شي ء آخر و حصلت الزيادة بداع آخر من صلة رحم أو إحسان محض أو نحو ذلك (16).

الثاني: أن يجعل الزيادة المبذولة في عوض معاملة أخرى من ثمن مبيع أو اجرة أو عوض صلح معاوضي مع اشتراط التأخير في الدين الحال إلى أجل خاص من غير أن يجعل ذلك في مقابل بذل الزيادة (17). و يجوز

______________________________

فصل في تفاسير الخاصة و العامة، و يدل عليه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام (1)، كما يأتي أيضا.

(16) لأصالة الإباحة و البراءة، إطلاق أدلة الصلح و الجعالة، و عدم ربط لبذل المال بزيادة المدة بل حصل كل منهما مستقلا في حد نفسه مع عدم اشتراط من أحدهما على الآخر في البين، و الربا إنما يأتي من ناحية الشرط و مجرد كون بذل المال في الواقع منشأ لحصول الزيادة في المدة لا يضر بعد عدم ذكر لفظي لذلك ظاهرا و الدواعي و الأغراض الواقعية لا تصير قيدا في العقود الإنشائية ما لم يكن تقييد لفظي في الظاهر.

(17) للنصوص، و الإجماع منها خبر ابن عمار قال: «قلت للرضا عليه السّلام:

الرجل يكون له المال فيدخل على صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم و يؤخر عنه المال إلى وقت قال: لا بأس به قد أمرني أبي ففعلت ذلك» (2)، و منها خبره الآخر قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام يكون لي على الرجل دراهم فيقول أخّرني بها و أنا أربحك فأبيعه جبة تقوّم علىّ بألف درهم بعشرة آلاف

ص: 269


1- الوسائل باب: 32 من أبواب الدين و القرض.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب أحكام العقود حديث: 6.

عكس ذلك و هو تعجيل المؤجل من الحقوق المالية المؤجلة بنقصان منها بنحو الصلح أو الإبراء أو نحوهما (18).

مسألة 7: لو باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره

(مسألة 7): لو باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره سواء كان مساويا للثمن الأول أو أزيد منه أو أقل، و سواء كان البيع الثاني حالا أو مؤجلا (19)، و ربما يحتال بذلك

______________________________

درهم- أو قال بعشرين ألفا- و أؤخره بالمال قال عليه السّلام: لا بأس» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة في الجواز و الظاهرة في عدم الجواز مع جعل الزيادة في مقابل التأخير و لا يقدح في ذلك كونه نحو حيلة من التخلص من الربا بعد اذن الشارع له في هذه النصوص و عمل الأصحاب بها و هذه كلها من عنايات الشارع و تسهيلاته لأمته و نعمت الحيلة ما يفر بها من الباطل إلى الحق.

(18) للأصل، و الإجماع، و النصوص منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يكون عليه دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول:

انقدني من الذي كذا و كذا واضع لك بقيته أو يقول انقدني بعضا و أمد لك في الأجل فيما بقي فقال: لا أرى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول اللّه عز و جل فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ (2)، و قريب منه غيره.

(19) للأصل، و الإطلاقات كتابا و سنة، و إطلاق جملة من الأخبار الخاصة كصحيح ابن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال عليه السّلام: نعم لا بأس به فقلت له: اشترى متاعي فقال: ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك» (3)، و صحيح ابن حازم قال:

ص: 270


1- الوسائل باب: 9 من أبواب أحكام العقود حديث: 4.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب الدين و القرض.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود: 3.

للتخلص من الربا ببيع من عنده الدراهم شيئا على من يحتاج إليها بثمن إلى أجل ثمَّ يشتري منه ذلك الشي ء حالا بأقل من ذلك الثمن فيعطيه الثمن الأقل و يبقى على ذمته الثمن الأول (20) و انما يجوز ذلك كله إذا لم

______________________________

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب: أبيعك هذا الغنم بدراهمك التي ذلك عندي فرضي قال عليه السّلام: لا بأس بذلك» (1).

و أما خبر ابن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمى فلما حل الأجل أخذته بدراهمي فقال: ليس عندي دراهم و لكن عندي طعام فاشتره مني قال عليه السّلام: لا تشتره منه فإنه لا خير فيه» (2)، و كذا خبر عبد الصمد بن بشير قال: «سأله محمد بن القاسم الحناط فقال أصلحك اللّه أبيع الطعام من الرجل: إلى أجل فأجي ء و قد تغير الطعام من سعره فيقول: ليس عندي دراهم قال: خذ منه بسعر يومه قال: افهم أصلحك اللّه انه طعامي الذي اشتراه مني قال عليه السّلام: تأخذ منه حتى يبيعه و يعطيك قال: أرغم اللّه أنفى رخص لي فرددت عليه فشدد عليّ» (3)، فلا بد من حملهما على الكراهة، فما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه في النهاية من منعه من البيع بعد حلول الأجل بنقصان من الثمن، و نسب إليه رحمه اللّه أيضا من منعه في خصوص الطعام بأنه بعد الحلول لا يجوز للبائع أخذ الطعام بدلا من الثمن إلا بما يساومه بلا زيادة. لا دليل على كل واحد منهما يصح الاعتماد عليه.

(20) و لا ريب في جواز هذه الحيلة، للأصل و إطلاقات أدلة البيع و التجارة، و إطلاق بعض ما تقدم من الأخبار.

ص: 271


1- الوسائل باب: 12 من أبواب السلف: 3 و 5.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب السلف: 3 و 5.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب السلف: 5.

يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري أن يبيعه بعد شرائه أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه منه لم يصح على الأحوط (21).

______________________________

(21) نسب ذلك إلى المشهور، و استدل عليه.

تارة: بأنه مستلزم للدور لتوقف البيع الأول على البيع الثاني توقف المشروط على شرطه و توقف البيع الثاني على البيع الأول، لأنه متوقف على الملك و الملك متوقف على البيع الأول فيكون البيع الثاني متوقفا عليه و هذا هو الدور.

و أخرى: بأنه غير مقدور حين البيع الأول، مع أن هذا النحو من الشرط لغو.

و ثالثة: بخبر ابن منذور قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يجيئني الرجل فيطلب العينة فاشترى له المتاع مرابحة ثمَّ أبيعه إياه ثمَّ أشتريه منه مكاني قال عليه السّلام: إذا كان بالخيار إن شاء باع و إن شاء لم يبع، و كنت أنت بالخيار ان شئت اشتريت و ان شئت لم تشتر فلا بأس، فقلت: إن أهل المسجد يزعمون أن هذا فاسد، و يقولون: ان جاء به بعد أشهر صلح قال عليه السّلام: انما هذا تقديم و تأخير فلا بأس» (1)، و خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم، ثمَّ اشتراه بخمسة دراهم أ يحل؟ قال عليه السّلام: إذا لم يشترط و رضيا فلا بأس» (2)، هذه أدلتهم.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلأن الشرط في المقام ليس ما يلزم من عدمه العدم حتى يثبت التوقف الدوري بل بمعنى الإلزام و الالتزام المعاملي فلا توقف من هذه الجهة في البين.

و أما الثاني: فلفرض تحقق الغرض الصحيح في البين و المعتبر من القدرة حين العمل لا حين إنشاء البيع الأول و هو قادر حينئذ.

ص: 272


1- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود حديث: 4 و 6.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام العقود حديث: 4 و 6.

مسألة 8: يجوز بيع الثمن الذي يكون نسيئة بأقل منه أو أكثر إلى نفس المشتري أو إلى غيره

(مسألة 8): يجوز بيع الثمن الذي يكون نسيئة بأقل منه أو أكثر إلى نفس المشتري أو إلى غيره (22).

______________________________

و أما الأخير: فلا ربط له بالمقام فإن المراد منه عدم إيجاب البيع للمشتري الثاني قبل تحقق البيع و تماميته من البائع الأول فتكون خلاصة مفاده انه إن كان بنحو المقاولة فلا بأس و ان كان بنحو البيع التام الحقيقي فلا موضوع لصحته.

لعدم ملك العين.

نعم، يصح بناء على الفضولي، فمقتضى الإطلاقات و العمومات و إطلاق دليل «المؤمنون عند شروطهم» (1) الصحة في هذه الصورة أيضا، و لكن الأحوط ما هو المشهور من البطلان.

(22) للأصل، و الإطلاقات، و العمومات و لا يلزم الربا المعاملي لفرض عدم كون العوضين من المكيل أو الموزون بل من النقود الورقية المعدودة، و لا الربا القرضي، لفرض أن العنوان هو البيع دون القرض.

ص: 273


1- تقدم في صفحة: 239.

فصل القبض و التسليم

اشارة

القبض و التسليم

مسألة 1: يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد

(مسألة 1): يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد (1) لو

______________________________

القبض و التسليم و هما: من المعاني العرفية المختلفة باختلاف الأشياء غير المحدود بحد خاص، بل له عرض عريض جدا بالنسبة إلى متعلق المعاوضات و سائر الخصوصيات.

فالقبض عبارة عن استيلاء من انتقل إليه المال عليه و تمام تمكنه فيما ملكه بكل ما شاء و أراد.

و هما: من المداليل الالتزامية العقلائية لكل معاوضة وقعت بينهم فإنهم يلتزمون بهما في إنشاءاتهم المعاوضية كأصل التزامهم بها و يجعلون الالتزام المعاملي طريقا خاصا للاستيلاء على القبض و التسليم و هو الغرض الأصلي من المعاوضة و ليس القبض من المعاني المستنبطة حتى نحتاج فيه إلى نظر الفقيه، و تنتهي معانيه إلى ما يقرب من عشرة.

(1) لمكان التزامهما بذلك المدلول عليه بالالتزام العقدي الصادر منهما، فتدل عليه إطلاق الأدلة الثلاثة من الكتاب و السنة و الإجماع على وجوب الوفاء بالعقد بمفاده المطابقي و الالتزامي العقلائي و هذا الوجوب مطلق على كل منهما و ليس بمشروط بقبض الآخر.

ص: 274

لم يشترط التأخير (2) فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضا صاحبه (3).

______________________________

(2) لأن هذا الحق متقوم بهما فيجوز لهما شرط التأخير كيف ما شاءا أو أرادا فيشمله حينئذ عموم: «المؤمنون عند شروطهم» و يكون وجوب التسلم فعلا مع شرط التأخير من الخلف الباطل و مع عدم الشرط، فمقتضى إطلاق الالتزام بالتسليم فعلية القبض كما هو مقتضى كل سبب مطلق مع مسببه.

(3) لحصول الالتزام الفعلي بالتسليم كذلك لكل منهما إلى الآخر فيحرم نقض هذا الالتزام لأدلة وجوب الوفاء بالعقد و كل معاهدة معاوضية وقعت بين العقلاء يلزمها أمور ثلاثة في عرض واحد لزوم الزوجية للأربعة.

الأول: وجوب الوفاء بها عند العقلاء كافة و يلزمه الوجوب الشرعي الدال عليه بالكتاب و السنة و الإجماع.

الثاني: التزام كل منهما بتسليم ما انتقل عنه و هذا التزام منطوقي لنفس معاهدتهم بل لو قيل انه عينها حقيقة و مختلفة معها مفهوما لا بأس به.

الثالث: الإجبار في الجملة عند الامتناع و انحلال البناء المعاملي المعاوضي و المعاهدة المعاوضية إلى هذه الأمور مما تشهد به فطرة كل ذي شعور فلا نحتاج إلى تطويل المقال و تكثير الاحتمال فيما هو عام البلوى لجميع الناس في تمام الأحوال.

ثمَّ إن وجوب التقابض مستقل مطلق غير مشروط بقبض الآخر كما أن أصل وجوب الوفاء بالعقد كذلك بالنسبة إليهما و من لوازم كون وجوب الوفاء و وجوب القبض مطلقا و غير مشروط بوفاء الآخر و قبضه أن امتناع أحدهما عن الوفاء و القبض لا يوجب جواز عدم وفاء الآخر و عدم التسليم عليه لأن عصيان أحدهما لا يوجب جواز عصيان الآخر.

نعم، لو كان ذلك بعنوان التقاص و قلنا بجوازه في مثل ذلك و وقع بإذن

ص: 275

فإن امتنعا أجبرا (4) و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه اجبر الممتنع (5) و لو اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز (6).

مسألة 2: ليس لغير من اشترط التأخير الامتناع عن التسليم

(مسألة 2): ليس لغير من اشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير (7).

مسألة 3: يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار، أو ركوب المركوب

(مسألة 3): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار، أو ركوب المركوب. أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاعات (8).

______________________________

الحاكم الشرعي يجوز حينئذ.

(4) لمكان التزامهما بالتسليم فلا بد لهما من القيام بما التزما به و الإجبار عند الامتناع عن الملزمات العقلائية الشرعية من أهم الأمور الحسبية النظامية التي لا بد لحكام الشرع من القيام بها بل لعامة الناس القادرين على ذلك لأن ذلك خير و إحسان محض و من صغريات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(5) لما مر من أن إجبار الممتنع عن أداء الحق الذي وجب عليه من أهم الأمور الحسبية النظامية التي يجب على حاكم الشرع القيام بها بل على الناس.

(6) لأن الحق لهما و يدور مدار رضائهما فمع الإطلاق فوري و مع الاشتراط يدور مدار الشرط و يشمله عموم أدلة الشرط حينئذ.

(7) لفرض أن وجوب التسليم بالنسبة إلى من لم يشترط التأخير فوري فيشمله ما دل على وجوب التسليم بلا مزاحم و معارض و بالنسبة إلى من اشترط التأخير ليس بفوري بل اشترطا على تأخيره و التزما به فلا حق له للامتناع بعد الالتزام بذلك.

(8) للأصل، و الإجماع، و تسلطه على جميع ما يتعلق بماله فله أن يستثنى كلما شاء و أراد، و لا ينافي ذلك وجوب القبض بالنسبة إلى المبيع، و كذا يجوز ذلك للمشتري بالنسبة إلى الثمن إذا كانت له منافع قابلة للاستثناء مع تسليم العين إلى البائع.

ص: 276

مسألة 4: القبض في العقود مطلقا بيعا كان أو غيره

(مسألة 4): القبض في العقود مطلقا بيعا كان أو غيره، سواء كان واجبا شرعيا أو التزاما بنائيا أو كان شرطا للصحة كالصرف بالنسبة إلى العوضين و السلف بالنسبة إلى الثمن، و الهبة و الرهن- يرجع فيه إلى المتعارف و كلما حكم العرف بأنه قبض يثبت بذلك شرعا و ما لم يحكم لا يثبت (9) فإذا رفع البائع يده عن المبيع فيما لا ينتقل- كالدار و العقار- و أذن للمشتري في الدخول فيها و رفع المنافيات عن ذلك يتحقق القبض به (10)، و كذا في المنقول مع تحقق التخلية العرفية و استيلاء الطرف عليه

______________________________

(9) لأنه لم يرد فيه تحديد شرعي فالمرجع العرف، كما هو كذلك في جميع موضوعات الأحكام التي لم يرد فيها التحديد الشرعي، و كل ما ورد عن الفقهاء في تعريفه ليس تعريفا تعبديا بل كلها من قبيل تعريف الكلي بالفرد و لا ريب في اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشياء و الجامع بين الجميع هو التخلية و استيلاء الطرف عليه و هو المستفاد من خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته» (1)، و هو أيضا ليس أمرا تعبديا بل إرشاد إلى المركوز في الأذهان و الظاهر أن القبض في جميع موارد اعتباره له معنى واحد ما لم يدل دليل خاص على تحديده بحد خاص.

و لا ريب في ان القبض و الإقباض من الأمور المتضايفة قوة و فعلا بحسب جميع المراتب المتصورة فيهما، فالتخلية من حيث المعنى الفاعلي قائمة بالبائع مثلا و من حيث المعنى المفعولي بالمشتري و أصل القبض هو الإمساك و هو من الأمور الإضافية إذا كان بين شخصين أيضا فكلما حكم العرف بتحققه فيه يترتب عليه الحكم شرعا و ما يشك العرف في تحققه به لا يترتب عليه الحكم فضلا عما إذا حكم بالعدم.

(10) لحكم أهل العرف و أهل الخبرة بأنه قبض فيترتب عليه الأحكام

ص: 277


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الخيار.

كاستيلائه على سائر أمواله (11).

______________________________

الشرعية المترتبة عليه قهرا فخلاصة معنى القبض في جميع موارد اعتباره: عبارة عن تحويل السلطة العرفية و نقلها إلى من انتقل إليه المال.

(11) لأن القبض له مراتب كثيرة عرفا و مقتضى الإطلاقات كفاية أول مراتبه مع الصدق العرفي و المتعارف يكتفون بتحقق الاستيلاء عليه و يسمونه قبضا مع رفع البائع يده و سلطته عنه فالمال الذي وقعت عليه المعاوضة أما داخل تحت سلطة المنتقل عنه أو لا سلطة لأحد عليه أو داخل تحت سلطة المنتقل إليه و الأولان مفروضا الانتفاء فيتعين الأخير.

و أما ما اشتهر من أن القبض في المكيل و الموزون كيله و وزنه حتى جعل ذلك قبضا تعبديا فلا أصل له و لا بد من التعرض للأخبار التي استدلوا بها لذلك حتى يتبين الحال روى ابن وهب في صحيحه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال عليه السّلام: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن حازم: «إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه- الحديث-» (2).

و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «الرجل يشتري الطعام أ يصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام: إذا ربح لم يصلح حتى يقبض، و إن كان يوليه فلا بأس، و سألته عن الرجل يشتري الطعام أ يحل له أن يولى منه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام:

إذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فإن ربح فلا يبيع حتى يقبضه» (3)، و عن أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى طعاما ثمَّ باعه قبل أن يكيله،

ص: 278


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 11.
2- الوسائل باب: 16 من أحكام العقود حديث: 1 و 9.
3- الوسائل باب: 16 من أحكام العقود حديث: 1 و 9.

..........

______________________________

قال عليه السّلام: لا يعجبني ان يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه إلا أن يوليه- الحديث-» (1).

و التولية عبارة عن بيع الشي ء مساويا مع ما اشتراه بلا زيادة و لا نقيصة، كما أن المرابحة بيعه مع الزيادة عليه، و المواضعة بيعه مع النقيصة منه هذا كله مع الإخبار برأس المال و أما بيعه مع عدم الإخبار به يسمى مساومة سواء زاد على ما اشتراه أو نقص عنه أو ساواه.

و البحث في هذه الأخبار من جهتين.

الأولى: أن بيع الشي ء قبل قبضه هل يحرم أو يجوز؟ يأتي في بعض المسائل الآتية إن شاء اللّه تعالى الجواز مع الكراهة.

الثانية: هل يستفاد منها أن الكيل و الوزن قبض تعبدي أولا و هذه هي الجهة المربوطة بالبحث في المقام.

و الحق أن يقال: أن الكيل و الوزن في المقام فيهما احتمالان.

الأول: أن يكون لهما موضوعية خاصة في القبض و لو لم يتحقق القبض خارجا و لم يكونا بعنوان التسليم و التسلم.

الثاني: أن يقعا من حيث المقدمية الملازمة عرفا للتسليم و التسلم عرفا كما هو كذلك في المكيل و الموزون و العرف يشهد بإرادة الاحتمال الثاني دون الأول، فيصير الكيل و الوزن حينئذ مثل العد في المعدودات و الذرع في المذروعات من المقدمات العرفية للتسليم و التسلم و القبض فلا منافاة بين هذه الأخبار و ما يشهد به العرف و الاعتبار في معنى القبض.

ان قيل: فعلى هذا لا فرق في ذلك بين أقسام البيوع و يصير استثناء بيع التولية لغوا.

يقال: حيث ان بيع التولية كأنه ليس بيعا جديدا بل كأنه هو عين البيع الأول إلا أن المشتري الأول يولّى المشتري الثاني لقبض ما باعه البائع الثاني

ص: 279


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 16.

مسألة 5: لو تشاحا في البدأة بالتسليم بعد بنائهما على أصله و عدم الامتناع عنه

(مسألة 5): لو تشاحا في البدأة بالتسليم بعد بنائهما على أصله و عدم الامتناع عنه يقدم قول البائع (12).

مسألة 6: لو امتنعا عن القبض- أو أحدهما- و قبض الممتنع بدون رضا صاحبه لم يصح القبض

(مسألة 6): لو امتنعا عن القبض- أو أحدهما- و قبض الممتنع بدون رضا صاحبه لم يصح القبض (13).

مسألة 7: وجوب التسليم وجوب نفسي مطلق يعم كلا من المتعاوضين في عرض واحد

(مسألة 7): وجوب التسليم وجوب نفسي مطلق يعم كلا من المتعاوضين في عرض واحد (14)، و كذا وجوب تفريغ البائع المبيع من أمواله، و المشتري الثمن كذلك أيضا إن كان عينا مشغولا بأمواله (15) فلو قصرا أو أحدهما في التفريغ و كان للبقاء أجرة وجب دفعها (16) بل و كذا

______________________________

و المفروض تحقق الكيل و الوزن مقدمة للقبض في البيع الأول فيولي البائع الثاني المشتري الثاني لمباشرة القبض و لا محذور حينئذ. و أما سائر أقسام البيع فبيع مستقل لا يكفي فيه ذلك.

و بعبارة أخرى: بيع التولية يصير من صغريات إخبار البائع بالكيل و الوزن و اعتماد المشتري عليه و لو حصل هذا المناط يجوز في سائر أقسام البيوع من هذه الجهة و لو لم يكن بيع التولية.

(12) لأن مقتضى المتعارف بدأة البائع بالتسليم إلا مع القرينة على الخلاف.

(13) لأن صحته متقومة بأحد أمرين.

إما إقباض ما في يده لصاحبه فله حينئذ قبض ما في يد صاحبه مقاصة.

و أما اذن صاحبه في القبض سواء أقبض ما عنده أم لا و المفروض انتفاء كل منهما فلا يجوز.

(14) لمكان التزامهما المعاوضي الحاصل بينهما.

(15) لأن هذا التفريغ من فروع أصل التسليم فيدل عليه ما يدل على أصل وجوب التسليم و هو أيضا واجب مطلق نفسي كما في أصل وجوب التسليم.

(16) لتحقق استيفاء المنفعة من مال الغير بغير وجه شرعي.

ص: 280

لو لم يقصرا في وجه مطابق للاحتياط (17).

نعم، لا أجرة في مورد العذر المقبول.

مسألة 8: لو تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري كان من مال البائع

(مسألة 8): لو تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري كان من مال البائع (18).

______________________________

(17) لأصالة احترام مال الغير.

(18) هذه هي القاعدة المعروفة «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» و البحث فيها من جهات.

الأولى: في مدركها و يدل عليها مضافا إلى الإجماع النبوي المعروف:

«كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» (1)، و خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى متاعا من رجل و أوجبه غير انه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه فسرق المتاع من الرجل من مال من يكون؟ قال عليه السّلام: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه» (2)، و يمكن إقامة وجه عرفي له أيضا.

بدعوى: أن أساس المعاوضات يدور مدار التسليط الفعلي للطرفين على العوضين فمع عدمه لا معنى لاعتبار المعاوضة حينئذ.

الثانية: معنى كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع وقوع نقصان في ماله لا لزوم غرامة عليه، لأن المعاوضة بالتلف قبل القبض تنفسخ فيرجع كل عوض إلى مالكه الأصلي فيكون تلفه منه و هذا وجه موافق للعرف و الاعتبار أيضا، لما مر من قوام المعاوضة بالتسلط الفعلي من الطرفين على العوضين و هو الغاية المطلوبة من كل معاوضة و إن لم يكن ذلك شرطا في مطلق البيع لكن هو

ص: 281


1- مستدرك الوسائل باب: 9 من أبواب الخيار.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الخيار.

..........

______________________________

الغرض الأهم من المعاوضة كما لا يخفى، و مع ذهاب موضوع هذا التسلط بالتلف ينعدم موضوع المعاوضة، و يشير إلى ما قلناه التعبير في الحديث بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «فهو من مال بائعه» فإن المنساق منه ان المال مال البائع فلو كان غرامة لعبّر بقول: «فهو على بائعه».

الثالثة: مثل التلف تعذر الوصول إليه عند متعارف الناس لحكم العرف انه كالتلف و قد تقدم في خبر عقبة ذكر «السرقة» و هو من باب المثال لكل ما تعذر الوصول إليه.

الرابعة: هذا الضمان ليس قابلا للإسقاط أما بناء على انه حكم شرعي فلا ريب فيه، لعدم قابلية الحكم للإسقاط و عدم كونه تحت اختيار المكلف و أما بناء على كونه من تبعات البناء المعاوضي فكذلك أيضا لأن الإسقاط يرجع إلى اشتراط عدم الانفساخ بنحو شرط النتيجة و الانفساخ ليس بحق فيما ليس فيه خيار حتى يؤثر عدمه بنحو شرط الفعل أو شرط النتيجة فلا موضوع للإسقاط مطلقا.

ان قيل: ان تعذر التسليم يوجب الخيار فيتحقق موضوع الإسقاط حينئذ فيه دون التلف.

يقال: نعم لو لا ظهور النص و الإجماع على الانفساخ و قد مر في خبر عقبة فراجع.

الخامسة: المراد بالقبض في هذه القاعدة ليس خصوص القبض الشرعي المتوقف على اذن البائع و كونه جامعا للشرائط الشرعية بل المراد القبض الحقيقي العرفي و استيلاء المشتري على ما اشتراه و المفروض تحققه و لو بدون اذن البائع.

و بعبارة أخرى: اذن البائع في القبض واجب شرعي مستقل بالنسبة إلى هذا الأثر لا أن يكون قيدا في حقيقته فمقتضى الأصل عدم انفساخ العقد و بقاؤه على ما كان عليه، كما ان مقتضاه بقاء ملكية المشتري لما اشتراه و هذا هو

ص: 282

..........

______________________________

المتيقن من الإجماع و المنساق من النص كما لا يخفى: فلو أخذ المشتري المبيع بدون رضا البائع و تلف عند المشتري لا تشمله هذه القاعدة.

السادسة: لو تسامح المشتري في القبض مع بذل البائع المبيع يكفي التخلية و العزل في رفع هذا الضمان فيصح البيع و لا يحصل الانفساخ و يكون التلف من مال المشتري لا البائع لتحقق القبض. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

السابعة: لو أتلفه المشتري عن علم و عمد فهو كالقبض فيكون التلف من ماله لا من مال البائع، و أما ان كان مع الجهل فمقتضى الأصل عدم تحقق القبض، و لكن لا يجري عليه حكم التلف قبل القبض، لفرض أنه إتلاف و ليس بتلف فإما أن يكون ذلك بواسطة البائع أو الأجنبي فإن كان من البائع فمقتضى الأصل عدم انفساخ العقد و بقاء المعاوضة على ما كانت عليها و يكون من تعذر التسليم عرفا و يجري عليه حكمه فيثبت للمشتري الخيار، و أما جريان حكم التلف عليه فينفسخ البيع كما في صورة التلف السماوي، أو تخير المشتري بين مطالبة الثمن و الرجوع إلى القيمة فلا دليل عليه خصوصا الأول و يمكن إرجاع الأخير إلى خيار تعذر التسليم.

و إن كان الإتلاف من الأجنبي فقد يستظهر الانفساخ فيه لما مر في خبر عقبة من ذكر سرقة المتاع و لكنه.

مخدوش إذ السارق غير معلوم فيجري عليه حكم التلف مع أن السرقة أخص من الإتلاف كما هو معلوم و يمكن اجراء حكم تعذر التسليم عليه أيضا.

الثامنة: تلف الثمن المعين قبل القبض كتلف المبيع في جميع ما مر، لظهور الإجماع و إمكان شمول النبوي و خبر عقبة له أيضا من باب ذكر أحد العوضين و إرادة كل منهما في هذه القاعدة و القانون و مساعدة الاعتبار له أيضا.

التاسعة: يظهر منهم الإجماع على جريان الحكم في سائر المعاوضات أيضا فإن تمَّ و الا فمقتضى الأصل عدم الانفساخ و عدم اللحوق بالبيع.

ص: 283

فيفسخ البيع و يعود الثمن إلى المشتري (19) و إذا حصل للمبيع نماء كالنتاج و الثمرة كان ذلك للمشتري (20) و إن تلف الأصل قبل قبضه عاد الثمن إليه و له النماء (21)، و لو تلف النماء من غير تفريط عند البائع لم يضمن (22)، و لو تعيب قبل القبض يتخير المشتري بين الفسخ و الإمضاء لكل الثمن (23).

______________________________

العاشر: لو تلف بعض المبيع قبل القبض و كان مما يقسّط عليه الثمن انفسخ البيع بالنسبة إليه، لإطلاق الدليل، و ظهور الإجماع و إن كان مما لا يقسط عليه الثمن فيجري فيه خيار العيب و الأحوط التراضي بالنسبة إلى الأرش.

(19) لما تقدم في الجهة الثانية فراجع.

(20) لأنه تابع للملك و المفروض حصول الملك للمشتري من أول حدوث العقد و تحقق الانفساخ من حين التلف.

(21) جمعا بين قاعدتي تبعية النماء للملك، و ان التلف قبل القبض من مال بائعه.

(22) لأنه امانة في يده و لا معنى لتضمين الأمين.

نعم، يضمن مع التفريط و وجهه واضح هذا كله في النماء المنفصل و أما المتصل فهو للبائع بعد الانفساخ و لكن الظاهر اختلافه باختلاف الموارد، و الاحتياط في التراضي بل في النماء المتصل الموجود حين العقد يضمن البائع و قد ادعى الجواهر القطع بالضمان.

(23) أما أصل ثبوت الخيار فلظهور الإجماع، و قاعدة الضرر فله التخيير بين الرد و الإمساك مجانا لذلك.

و توهم اختصاص الخيار بما إذا كان ضمان البائع ضمان غرامة لا ضمان الانفساخ.

مدفوع: لظهور الإجماع على الخلاف. و أما أخذ الأرش فاختلفوا فيه بعد

ص: 284

و الأحوط التصالح بالنسبة إلى الأرش (24).

مسألة 9: لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف

(مسألة 9): لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن (25) و له فسخ العقد و الرضا بالموجود بحصة من الثمن (26).

مسألة 10: إذا اختلط المبيع بغيره في يد البائع اختلاطا لا يتميز كان المشتري بالخيار

(مسألة 10): إذا اختلط المبيع بغيره في يد البائع اختلاطا لا يتميز كان المشتري بالخيار إن شاء فسخ و إن شاء كان شريكا للبائع (27).

مسألة 11: يجب على البائع مضافا إلى التسليم تفريغه عما كان فيه

(مسألة 11): يجب على البائع مضافا إلى التسليم تفريغه عما كان فيه من أمتعته و غيرها حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته

______________________________

اتفاقهم على أصل خيار العيب و منشأ الخلاف ان الأرش خلاف القاعدة و انما يثبت فيما إذا كان الضمان ضمان معاوضة لا ضمان الانفساخ كما في المقام فلا وجه لثبوته.

و الجواب: انه بعد اختيار الأرش يكون الضمان من ضمان المعاوضة و الغرامة و انما كان ضمان الانفساخ ما دام لم يبنيا على بقاء العقد و التعهد بلوازمه و أما بعد بقائه و التعهد بلوازمه فمقتضى الأصل بقاء الضمان المعاوضي بجميع لوازمه و ملزوماته.

(24) ظهر وجهه فيما مر.

(25) لعموم القاعدة بالنسبة إلى جميع ما ينحل إليه البيع سواء كان من اجزائه أو جزئياته و ما معه و لو لم يكن من الاجزاء و الجزئيات.

(26) لتبعض الصفقة بالنسبة إليه فيثبت له الخيار لا محالة.

(27) لأن خصوصية تفرد المشتري بما اشتراه و عدم الشركة فيه غرض من الأغراض العقلائية التي تقع المعاملات مبنية عليها فهي من الشروط الضمنية التي يكون تخلفها موجبا للخيار، و يشهد لذلك العرف و العقلاء

ص: 285

و لو كانت له عروق تضره بالانتفاع كالقطن و الذرة، أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض و لو كان فيها شي ء لا يخرج إلا بتغير شي ء من الأبنية وجب إخراجه و إصلاح ما انهدم (28)، و لو كان فيه زرع لم يبلغ وقت حصاده فله إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة مع اطلاع المشتري عليه (29) و الأحوط التصالح.

مسألة 12: لو باع شيئا فغصبه غاصب معلوم من يد البائع

(مسألة 12): لو باع شيئا فغصبه غاصب معلوم من يد البائع فإن أمكن استعادته في زمان لا يتضرر به المشتري فليس له الفسخ (30). و إلا كان له ذلك (31) و تلفه في هذه المدة و إن كثرت من مال البيع (32) و أجرة

______________________________

و الاعتبار.

(28) لظهور الإجماع على ذلك كله و عدم حدوث الاستيلاء التام من المشتري على ما انتقل إليه إلا بذلك فالقبض و التسليم شي ء و التفريغ شي ء آخر و كل واحد منهما واجب نفسي مستقل و ليس التفريغ شرطا لصحة القبض فلو رضي المشتري بتسليمه مشغولا تمَّ القبض و يجب على البائع تفريغه بعد ذلك و يجوز للمشتري الامتناع عن القبض قبل التفريغ، و كذا الكلام فيما إذا كان الثمن عينا مشغولا بأمتعة المشتري.

(29) لأنه مع علمه بذلك أقدم عليه باختياره فلا وجه لأخذ الأجرة بعد ذلك.

(30) للأصل بعد عدم دليل عليه.

(31) لفوات الغرض المعاملي المبني عليه العقد و هو عدم سلطته على ماله بل تضرره فيه.

(32) لقاعدة ان كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه و إطلاقها يشمل قصر المدة و طولها.

ص: 286

المدة لو كانت لها أجرة للمشتري (33) و الأحوط التصالح (34) و لو منع البائع من التسليم بغير حق ثمَّ سلمه بعد مدة كان للمشتري مطالبة الأجرة (35).

مسألة 13: لو اشترى شيئا و لم يقبضه

(مسألة 13): لو اشترى شيئا و لم يقبضه فإن كان مما لا يكال و لا يوزن جاز بيعه قبل قبضه (36).

______________________________

(33) لأن الأجرة كالنماء في كونه تابعا للملك.

(34) لاحتمال الفرق بين الأجرة و النماء في هذه الجهة.

(35) لأنه غاصب حينئذ فيؤخذ بعوض المنفعة التي فوتها على المشتري.

(36) للأصل، و إطلاق أدلة الكتاب و السنة، و إجماع الفقهاء بقسميه كما في الجواهر، و نصوص خاصة ففي صحيح ابن حزم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه فإذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه» (1)، و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم اشتروا بزا، فاشتركوا فيه جميعا و لم يقسموه، أ يصلح لأحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام: لا بأس به، و قال ان هذا ليس بمنزلة الطعام ان الطعام يكال» (2)، و في صحيح منصور قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل و لا وزن إله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه و يأخذ ربحه؟

فقال عليه السّلام: لا بأس بذلك ما لم يكن كيل و لا وزن فإن هو قبضه فهو إبراء لنفسه» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار، مع موافقة الجواز للعرف و الاعتبار أيضا، إذ لا يتصور وجه يصلح للمنع.

و عن جمع الكراهة، لإطلاق النبوي: «لا تبعه حتى تقبضه» (4).

ص: 287


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 1 و 10.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 1 و 10.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 18.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 21.

و كذا إذا كان منهما و باع تولية (37). بل و كذا إذا باع بالمرابحة أيضا (38).

______________________________

و فيه. أولا: انه في المكيل و الموزون و لم يثبت حديث مطلقا عن نهي البيع مطلقا عما لا يقبض حتى في غير المكيل و الموزون كما اعترف به في الروضة.

(37) للأصل، و إطلاق أدلة الكتاب و السنة، و الإجماع، و نصوص خاصة منها صحيح ابن وهب (1)، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال عليه السّلام: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه» و منها ما تقدم من صحيح ابن حازم و غيرهما من الأخبار هذا، و لكن يظهر عن بعض إطلاق الكراهة حتى في هذه الصورة كراهة خفيفة.

(38) البحث في هذه المسألة من جهات.

الأولى: عنوان المسألة في جملة من الكلمات كما ذكرناه في صدر المسألة غير مقيد بالمكيل و الموزون و لكن أكثر الروايات مشتملة عليهما و لا ريب في ان العنوان الأعم الوارد في كلمات الفقهاء انما هو لأجل ترتب الفروع الذي تعرضوا بعد ذلك عليه كما يظهر من الشرائع و غيره.

الثانية: النهي الوارد في المعاملات أقسام أربعة: فأما أن يكون للحرمة التكليفية، أو للإرشاد إلى الفساد، أو للكراهة التكليفية، أو للإرشاد إلى الابتلاء بحزازة و متعبة ينبغي للعاقل المجرب لتحرز عنه و لا تستفاد الكراهة منه حينئذ هذا بناء على أن الحرمة التكليفية في المعاملات لا تكون إرشادا إلى الفساد إلا ما خرج بالدليل و أما بناء عليه فتصير الأقسام ثلاثة كما لا يخفى، و لا بأس بالقول بأن الحرمة التكليفية فيها إرشاد إلى الفساد مع عدم القرينة على الخلاف.

و في المقام يمكن أن يقال: ان في بيع المكيل و الموزون قبل القبض معرضية للانفساخ و منشأية للخصومة و اللجاج فنهى عنه من هذه الجهة فمعنى

ص: 288


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 2.

..........

______________________________

النهي على هذا أن هذا العمل خلاف عمل العاقل المجرب في المعاملة و هذا القسم من النهي كثير في الشريعة في قسم الآداب كما لا يخفى على من راجعها.

الثالثة: لو كنا نحن و هذه الأخبار الواردة في المقام لا نستفيد منها الحرمة و البطلان بعد رد بعضها إلى بعض، لأن في جملة منها: «لا يصلح» أو «لم يصلح» (1)، و هذه الكلمة إما ظاهرة في الكراهة أو مجملة و على أي حال يوجب سقوط ظهور البقية في الحرمة و البطلان مع ان في بعضها: «لا بأس بذلك ما لم يكن كيل أو وزن» كما تقدم في صحيح منصور فيدل بالمفهوم على ثبوت البأس فيهما، و البأس أيضا أعم من الحرمة و الكراهة.

الرابعة: قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم في البيع قبل القبض:

«ليس به بأس إنما يشتريه منه بعد ما يملكه» (2)، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن حازم في مفروض المسألة: «لا بأس بذلك انما البيع بعد ما يشتريه» (3)، فجعلا عليه السّلام صحة البيع دائرة مدار حصول الملكية و هما صحيحان معللان و قد ثبت في محله ان المعلل مقدم على كل عام و مطلق.

الخامسة: يشهد للجواز بلا كراهة فضلا عن الحرمة صحيح ابن حازم:

«فإن هو قبضه فهو أبرء لنفسه»(4)، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي:

«عن الرجل يشتري الثمرة ثمَّ يبيعها قبل أن يأخذها قال عليه السّلام: لا بأس به إن وجد بها ربحا فليبع» (5)، فإن إطلاق الثمرة يشمل الموضوعة على الأرض و لا يختص بخصوص ما على الشجرة و يشهد له أيضا خبر المدائني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القوم يدخلون السفينة يشترون الطعام فيتساومون بها ثمَّ يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم ما يريدون من الطعام فيكون صاحب الطعام هو

ص: 289


1- الوسائل باب: 16 من أبواب العقود حديث: 5 و 9 و 13 و 22.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام العقود حديث: 8 و 6.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام العقود حديث: 8 و 6.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 18 و 5.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 18 و 5.

..........

______________________________

الذي يدفعه إليهم و يقبض الثمن قال عليه السّلام: لا بأس ما أراهم إلا شركوه» (1) فمن مجموع هذه الأخبار بعد التأمل في الجميع يستفاد ان الحكم ليس إلزاميا بل و لا تنزيهيا بل إرشاد محض إلى عدم الوقوع فيما لا يتوقع و يشهد له أيضا استثناء بيع التولية في المكيل و الموزون قبل القبض- كما تقدم- لأنه لا يتصور وجه لعدم الصحة و الحرمة في غيرها و الصحة و الجواز فيها.

نعم، حيث انه يعين فيها العوض المسمى فهي ليست مبنية على المداقة فيكون الوقوع فيما لا يتوقع فيها قليلا أو معدوما، و يشهد له أيضا ما ورد في جواز بيع السلم بعد حلوله و قبل قبضه (2)، بناء على اتحاده مع المقام كما اعترف به الشهيد في الروضة و المسالك.

ثمَّ انه ربما يمكن أن يجمع بين نصوص الباب بوجوه أخر.

الأول: القول بالحرمة و البطلان في المكيل و الموزون و الجواز مع الكراهة في غيرهما و به يجمع بين الأخبار.

الثاني: القول بالجواز في التولية مطلقا للتنصيص على الجواز فيها كما تقدم و القول بالمنع في غيرها حملا للأخبار المانعة على غير التولية و المجوزة عليها بقرينة الأخبار المشتملة على استثناء التولية.

الثالث: القول بالجواز مع الكراهة في الجميع حتى في المكيل و الموزون و التولية في غير المكيل و الموزون لكن مع شدة الكراهة في المكيل و الموزون و خفتها في البقية خصوصا التولية.

الرابع: طرح الأخبار الدالة على الجواز، لقصور سندها كما نسب إلى الشهيد.

أقول: هذه الوجوه من الجمع ثبوتا لا اشكال فيها لأنها عرفية و شائعة في الفقه لكن إثباتا لا شاهد لها، لما مر من حمل النهي فيها على الإرشاد إلى عدم

ص: 290


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود حديث: 7.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب السلف.

..........

______________________________

الوقوع فيما لا يتوقع، و أما طرح الأخبار الدالة على الجواز فلا وجه له بعد كثرتها و اعتضادها بالعمومات و الإطلاقات و عمل الأصحاب، لأنهم اعتمدوا عليها و اختلفوا في كيفية حملها.

الخامسة من جهات البحث: أن ما تقدم في الجهة السابقة انما هو مع ملاحظة الأخبار من حيث هي مع قطع النظر عن الكلمات و الأقوال و أما الأقوال فقد أنهاها بعضهم إلى ستة.

الأول: القول بالمنع مطلقا حتى في غير المكيل و الموزون حكاه في التذكرة عن بعض علمائنا، و عن الشيخ في المبسوط اختياره في باب السلم.

الثاني: الكراهة مطلقا.

الثالث: التفصيل بين المكيل و الموزون، فيكره فيهما دون غيرهما.

الرابع: التفصيل بين الطعام فيحرم و غيره فلا يحرم.

الخامس: التفصيل بين الطعام فيكره و بين غيره فلا يكره.

السادس: التفصيل في خصوص الطعام بين التولية فيكره و غيرها فيحرم و يكره في غير الطعام من المكيل و الموزون. هذه أقوالهم التي ذكرها العلامة في التذكرة.

و أما الإجماعات المدعاة في المقام فعن الشيخ رحمه اللّه في المبسوط و الخلاف الإجماع على عدم الجواز في الطعام و هو موهون بمصير جمع ممن تقدمه و معظم من تأخره إلى الخلاف بل هو و بنفسه اختار في نهايته الكراهة فكيف يعتمد عليه، و عن التنقيح الإجماع على عدم جواز بيع السلم على من هو عليه قبل القبض، و عن المبسوط على المنع، و عن التحرير و الدروس الإجماع على الجواز في غير المكيل و الموزون و نسب في التذكرة المنع إلى جماعة منا.

أقول: كيف يعتمد على هذه الإجماعات غير الصحيحة المتهافتة.

إذا تبين ما ذكرناه.

فنقول: أما الجواز و هو المشهور بين المتأخرين فللأصل و إطلاقات الأدلة كتابا و سنة.

ص: 291

لكنه مكروه (39) هذا إذا باعه على غير البائع. و أما إذا باعه عليه فلا اشكال و لا كراهة في البين (40)، كما لا اشكال فيما إذا ملك شيئا بغير الشراء-

______________________________

و أما الكراهة فللأخبار الخاصة الواردة في المقام و هي على أقسام.

الأول: ما هو ظاهر في عدم الجوز مثل ما تقدم من صحيح ابن حازم و غيره.

الثاني: ما هو ظاهر في الجواز كخبر الكرخي عن الصادق عليه السّلام: «اشترى الطعام إلى أجل مسمى فيطلبه التجار بعد ما اشتريته قبل ان أقبضه؟ قال عليه السّلام: لا بأس أن تبيع إلى أجل اشتريت، و ليس لك أن تدفع قبل أن تقبض قلت: فإذا قبضته- جعلت فداك- فلي أن أدفعه بكيله؟ قال عليه السّلام: «لا بأس بذلك إذا رضوا» (1)، و زاد في الفقيه فيما روى عنه: «قلت اشترى الطعام من الرجل ثمَّ أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول أبعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته قال عليه السّلام: لا بأس» (2)، و خبر ابن دراج عنه عليه السّلام: «في الرجل يشتري الطعام ثمَّ يبيعه قبل أن يقبضه قال عليه السّلام لا بأس و يوكل الرجل المشتري منه بقبضه وكيله قال عليه السّلام لا بأس» (3).

الثالث: ما هو ظاهر في الكراهة كخبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «عن رجل اشترى طعاما ثمَّ باعه قبل أن يكيله قال عليه السّلام: لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه إلا أن يوليه كما اشتراه» (4)، و في صحيح الحلبي التعبير ب «لا يصلح» (5)، و هو ظاهر في الكراهة أيضا فيحمل القسم الأول على الكراهة جمعا، مع انه لا يتصور وجه صحيح للحرمة بعد معلومية الكيل أو الوزن للطرفين و مع عدمه فالبيع باطل مطلقا و لا اختصاص له بالمكيل و الموزون.

(39) لما مر من استفادتها من مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.

(40) للاقتصار في الحكم المخالف للأصل على منصرف النصوص.

ص: 292


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.

كالميراث، و الصداق، و الخلع- فيجوز بيعه قبل قبضه بلا ريب فيه حرمة أو كراهة (41) كما انه يختص ذلك بخصوص البيع فلا محذور في جعله صداقا أو أجرة أو غير ذلك، و كذا يختص الحكم بالمبيع فلا يجري في الثمن (42).

مسألة 14: لو كان له على غيره طعام من سلم و عليه مثل ذلك

(مسألة 14): لو كان له على غيره طعام من سلم و عليه مثل ذلك فأمر غريمه أن يكتال لنفسه من الآخر لا بأس بذلك (43).

مسألة 15: مع تعيين الثمن يتعين و مع عدمه فهو النقد الغالب

(مسألة 15): مع تعيين الثمن يتعين و مع عدمه فهو النقد الغالب (44).

______________________________

(41) للأصل و الإطلاق بعد ظهور النصوص الخاصة بخصوص البيع.

(42) للأصل اللفظي و العملي في ذلك كله بلا دليل على الخلاف.

(43) للإطلاقات و العمومات و عدم شمول ما دل على النهي عن بيع ما لم يقبض حرمة أو كراهة للمقام، إذ المنساق منها عرفا إحداث البيع على ما اشتراه قبل قبضه لا الأعم منه و من إقرار البيع السابق على ما لم يقبضه خصوصا بملاحظة التفصيل بين المرابحة و التولية فإن شيئا منهما لا يتصور إلا في أحداث المعاملة على ما لم يقبض، فما عن المحقق في الشرائع من كونه من أفراد بيع ما لم يقبض.

مخدوش، لأنه خلاف الظاهر عند العرف الذي هو المرجع في تشخيص هذه الأمور. هذا مع إطلاق خبر عبد الرحمن قال: «سألته عن رجل عليه كر من طعام فاشترى كرا من رجل و قال للرجل: انطلق فاستوف حقك قال عليه السّلام لا بأس به» (1).

(44) لبناء العرف و العقلاء على ذلك، مضافا إلى إجماع الفقهاء، و انصراف الإطلاق إلى الغالب.

ص: 293


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أحكام العقود.

مسألة 16: لو ادعى البائع زيادة الثمن و المشتري عدمها يقدم قول البائع مع يمينه

(مسألة 16): لو ادعى البائع زيادة الثمن و المشتري عدمها يقدم قول البائع مع يمينه إن كان المبيع باقيا، و قول المشتري مع يمينه إن كان تالفا (45) سواء كان الثمن كليا في الذمة أو شخصيا خارجيا (46).

مسألة 17: لو ادعى أحدهما ان البيع نقد و قال الآخر انه نسيئة

(مسألة 17): لو ادعى أحدهما ان البيع نقد و قال الآخر انه نسيئة يقدم قول من يدعى انه نقد مع يمينه (47).

______________________________

(45) لخبر البزنطي- المشهور عملا و نقلا و ضبطا في كتب الحديث- عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يبيع الشي ء فيقول المشتري: هو بكذا و كذا بأقل مما قال البائع فقال عليه السّلام: القول قول البائع مع يمينه إذا كان الشي ء قائما بعينه» (1)، فهو منطوقا و مفهوما يدل على الحكم المذكور، و يشهد له الاعتبار أيضا لأنه مع بقاء الشي ء يكون بمعرض من أهل الخبرة فيراعى البائع في دعواه مطابقة الواقع مهما أمكنه. و أما مع تلفه فهذه الجهة مفقودة بالنسبة إليه فتجري أصالة عدم الزيادة بالنسبة إلى ما يقوله المشتري فيقدم قوله مع يمينه و لا فرق بين تقرير الدعوى بنحو المدعى و المنكر أو بنحو التداعي لأن إطلاق الخبر شامل لكل منهما.

(46) لإطلاق الحديث الشامل لكل منهما.

(47) لأصالة عدم ذكر الأجل، و الأحوط التصالح و التراضي لاحتمال كون المورد من التداعي و يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى جملة من الفروع المتعلقة بالمقام.

ص: 294


1- الوسائل باب: 11 من أبواب أحكام العقود.

فصل في الربا

اشارة

فصل في الربا و هو حرام (1)، و من الكبائر العظام (2).

______________________________

فصل في الربا

(1) بالكتاب المبين، قال اللّه تعالى أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا (1)، و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً (2).

و بنصوص متواترة تأتي الإشارة إليها، و بإجماع المسلمين بل الضرورة من الدين.

(2) لذكره بالخصوص في ما ورد من النصوص في تعداد الكبائر، ففي صحيح ابن محبوب: «كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السّلام يسأله عن الكبائر كم هي؟ و ما هي؟ فكتب عليه السّلام: الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا- الحديث-» (3)، و نحوه صحيح عبيد بن زرارة (4)، و صحيح محمد بن

ص: 295


1- سورة البقرة: 275 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
2- سورة آل عمران: 130 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 6 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 1 و 4.
4- الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 1 و 4.

مسألة 1: كما يحرم أخذ الربا يحرم دفعه و كتابته، و الشهادة عليه

(مسألة 1): كما يحرم أخذ الربا يحرم دفعه و كتابته، و الشهادة عليه (3). و لا فرق في الحرمة و الفساد بين حالة الاختيار و الاضطرار (4).

نعم، لو وصلت الضرورة إلى حدّ جواز أكل مال الغير صح الأكل مع التضمين (5).

______________________________

مسلم (1)، و خبر مسعدة بن صدقة (2) و غيرها من الأخبار. و قد ورد فيه إنه أشدّ عند اللّه من عشرين زنية (3)، بل ثلاثين (4)، بل سبعين (5)، كلها بذات محرم في بيت اللّه الحرام. و يمكن حمل اختلاف الأخبار على اختلاف الحالات و الأشخاص و الأوقات و الكيفيات.

(3) ففي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: آكل الربا، و موكله و كاتبه و شاهداه فيه سواء (6)، و في خبر الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليه السّلام في مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إنه نهى عن أكل الربا، و شهادة الزور، و كتابة الربا، و قال صلّى اللّه عليه و آله: إن اللّه لعن آكل الربا، و موكله و كاتبه و شاهديه» (7). و عن علي عليه السّلام: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الربا خمسة: آكله، و موكله، و شاهديه، و كاتبه» (8).

(4) للإطلاقات الآبية عن التقييد، و إن مال الغير لا يحل بالضرورة و الاضطرار، و إن الاضطرار لا أثر له في الأحكام الوضعية و قد يجعل ذلك من القواعد المعتبرة.

(5) لشمول قوله عليه السّلام: «ما من شي ء حرّمه اللّه إلا و قد أحله لمن اضطر إليه» (9). و لكن هذا الاضطرار لا يوجب الإباحة بلا عوض، فيباح مع التضمين

ص: 296


1- الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 6 و 13.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 6 و 13.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: 6 و 5 و 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: 6 و 5 و 1.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب الربا- كتاب البيع- حديث: 6 و 5 و 1.
6- الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: 1 و 3 و 4.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: 1 و 3 و 4.
8- الوسائل باب: 4 من أبواب الربا حديث: 1 و 3 و 4.
9- الوسائل باب: 12 من أبواب الأيمان حديث: 18.

مسألة 2: الربا قسمان: إما معاملي، أو قرضي

(مسألة 2): الربا قسمان: إما معاملي، أو قرضي (6). و الأول هو بيع أحد المثلين بالآخر مع الزيادة العينية (7). كبيع كيلو من الحنطة بكيلوين

______________________________

و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

(6) هذا الحصر استقرائي مطابق للأصل و الإجماع، و ظواهر الأدلة التي يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

(7) البحث فيه من جهات.

الجهة الأولى: في أصل الحرمة، و يدل عليها الإجماع، و النصوص المستفيضة بل المتواترة منطوقا و مفهوما منها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الفضة بالفضة مثلا بمثل، و الذهب بالذهب مثلا بمثل ليس فيه زيادة و لا نقصان، الزائد و المستزيد في النار» (1)، و منها صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد» (2)، و مفهوم قوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار التي يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

الجهة الثانية: هل الزيادة تختص بالعينية فقط، أو تشتمل مطلقها- و لو كانت منفعة أو انتفاعا. و كل ما فيه غرض عقلائي- كاشتراط الصلاة في أول الزوال و مراعاة النظافة في البدن و اللباس في تمام الأحوال إلى غير ذلك من اشتراط الأغراض؟ و الكلام فيه.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الأخبار.

ص: 297


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الصرف- كتاب التجارة- حديث: 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الربا حديث: 3.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الربا حديث: 1.

..........

______________________________

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فالمسألة من صغريات الشك في أصل التكليف، فالربا بالنسبة إلى الزيادة العينية و ما فيه المالية مسلم و بالنسبة إلى غيرها مشكوك فيه فيرجع فيها إلى البراءة في الحكم التكليفي و الوضعي و حينئذ يكون المرجع هو إطلاقات أدلة البيع من الكتاب و السنة بعد الشك في أصل شمول أدلة الربا لغير الزيادة العينية و ما فيه مالية، فمقتضى الأصل اللفظي و العملي عدم الحرمة.

و أما الثانية: فقد ادعى أن المنساق من الأخبار إنه يعتبر في صحة المعاملة مع اتحاد الجنس المثلية، و الزيادة مطلقا يخرجها عن المثلية.

و فيه: إنه أصل الدعوى و عين المدعى، بل لنا أن نقول إن المنساق منها الزيادة العينية دون مطلقها، فان المنساق من قولهم عليه السّلام: «الزائد و المستزيد في النار» الزيادة العينية و غيرها يحتاج إلى إعمال العناية، و على فرض الشمول للزيادة الحكمية، فالمتيقن منها ما كانت لها مالية عرفية لا ما ليس لها مالية أبدا بل ليس فيه إلا الغرض العقلائي. و أما خبر ابن الحجاج- الوارد في الربا القرضي التي هي أضيق دائرة من الربا المعاملي- «سألته عن الرجل كانت لي مائة درهم عددا قضانيها مائة وزنا. قال عليه السّلام: لا بأس ما لم يشترط، و قال عليه السّلام: جاء الربا من قبل الشروط إنما يفسده الشروط» (1).

ففيه. أولا: إنه في الربا القرضي دون المعاملي.

و ثانيا: المتبادر من الشرط ما كانت فيه مالية متعارفة كالأعيان و المنافع دون ما لم يكن كذلك و إن كان فيه غرض عقلائي.

و أما الأخير فادعى الاتفاق على أن اشتراط مطلق الزيادة من الربا المعاملي.

و فيه. أولا: إن المتيقن منه على فرض ثبوته الزيادة المالية.

و ثانيا: عدم ثبوته لمخالفة الأردبيلي و ابن إدريس و المحقق الثاني، مع

ص: 298


1- الوسائل باب: 12 من أبواب الصرف حديث: 1.

..........

______________________________

معلومية مدرك مثل هذه الإجماعات، كما لا يخفى على أهله. و لكن الاحتياط طريق النجاة في التحرز عن كل ما فيه غرض صحيح عقلائي.

الجهة الثالثة: الوجوه المحتملة في بطلان المعاملة الربوية ثلاثة.

الأول: البطلان مطلقا حتى بالنسبة إلى ما عدى الزيادة.

الثاني: الصحة بالنسبة إلى ما عدى الزيادة مطلقا، سواء كانت الزيادة بعنوان الجزء أو الشرط.

الثالث: البطلان مطلقا إذا كانت بعنوان الجزئية و الصحة إذا كانت بعنوان الشرط في ما عدى الزيادة، و قال بكل ذلك قائل. و البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الإطلاقات و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فمقتضى إطلاقات الكتاب و السنة و عموماتها الصحة مطلقا إلا في خصوص الزيادة، و لا يصح التمسك للبطلان المطلق بإطلاق أدلة الربا، لما ثبت في محله من أن المخصص إذا كان منفصلا و مرددا بين الأقل و الأكثر لا يسري إجماله إلى العام بل يجوز التمسك به بلا كلام. و كذا مقتضى الأصل العملي البراءة العقلية و النقلية عن الحرمة بالنسبة إلى غير الزيادة.

و أما الأدلة الخاصة فاستدل على بطلان أصل المعاوضة مطلقا بوجوه.

الأول: إن الربا إنما هو البيع المشتمل على الربا فيتوجه النهي إلى نفس البيع مطلقا.

الثاني: الزيادة غير متميزة في المجموع فلا بد من البطلان في الجميع.

الثالث: الزيادة جزءا أو شرطا توجب خروج العوضين عن المماثلة فيبطل أصل البيع لفقد الشرط.

الرابع: النهي و إن كان عن الزيادة إلا أنه يسري إلى أصل المعاملة عرفا.

ص: 299

..........

______________________________

الخامس: إذا كان البائع و الشاهد ملعونين فيبطل أصل البيع بالفحوى.

و كل هذه الوجوه مخدوشة: أما الأول: فليس عليه دليل معتبر من عقل أو نقل أو إجماع، و إنما نسب ذلك إلى المسالك و مجمع البيان و ذلك اجتهاد منهما لا ينفع لغيرهما.

و أما الثاني: ففيه. أولا: انه منقوض بما إذا كانت متميزة.

و ثانيا: إنه يجري على المبيع حينئذ حكم البيع المشترك مع ملك الغير فيصح في المثل و تستخرج الزيادة الباطلة باختيارهما أو بالقرعة.

و أما الثالث: فالبيع منحل بالنسبة إلى المماثل و غيره، كما إذا باع مال نفسه مع مال غيره فيصح بالنسبة إلى مقدار المثل و يبطل بالنسبة إلى الزيادة، كما في جميع البيوع الواقعة على ما يجوز و ما لا يجوز.

و أما الرابع: فهو عين المدعى و أصل الدعوى فقد ذكر بعنوان الدليل.

و أما الأخير: فاللعن عليهما إنما هو باعتبار الزيادة لا أصل البيع من حيث هو، فكل ما يقال في بيع ما يملك و ما لا يملك نقول به في المقام أيضا.

و أما الجهة الرابعة:- و هي البحث بحسب كلمات الفقهاء- فليس في البين إجماع على أحد الأقوال و ان نسب في الجواهر بطلان أصل البيع إلى ظاهر الأصحاب، و هذه النسبة مع ان المسألة ثلاثة الأقوال متهافتة مع عدم كون المسألة معنونة بالتفصيل في كتب القدماء قدس سره مع انه يمكن أن يستفاد من قوله تعالى وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ (1)، توسعة الأمر في المعاملات الربوية في الجملة، فالجزم ببطلان أصل المعاملة مشكل جدا و إن كان موافقا للاحتياط.

الجهة الرابعة: هل تختص حرمة الربا المعاملي بخصوص البيع فقط، أو تعمّ جميع المعاوضات مطلقا؟ نسب إلى المشهور الأخير و لكن مقتضى

ص: 300


1- سورة البقرة: 279 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

..........

______________________________

أصالتي البراءة و الصحة، و إطلاقات أدلة تلك المعاوضات هو الأول. و استدل للأخير بأمور.

منها: القطع بوجود المناط في سائر المعاوضات أيضا.

و منها: جريان حكمة الربا المنصوصة في النصوص (1)، و هي تعطيل المعاش و زوال اصطناع المعروف.

و منها: إطلاقات أدلة الحرمة من الكتاب و السنة، كقوله تعالى وَ حَرَّمَ الرِّبا (2)، و قول الصادق عليه السّلام: «الحنطة و الشعير رأسا برأس لا يزاد واحد منهما على الآخر»(3)، و قوله عليه السّلام: «الفضة بالفضة مثلا بمثل ليس فيها زيادة و لا نقصان الزائد و المستزيد في النار» (4)، و عنه عليه السّلام: «كان علي عليه السّلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر، و لم يكن علي عليه السّلام يكره الحلال» (5) إلى غير ذلك من الأخبار.

و الكل مردود. أما الأول: فعهدة إثباته على مدعيه و لا يقدر على إثباته إلا من أحاط بالوحي و لو ببعض مراتبه.

و أما الثاني: فلا ريب في عدم جريانها لندرة غير البيع من سائر المعاوضات بين الناس و يدور معاشهم على البيع و القرض فحرّم الشارع الربا فيهما لتلك الحكمة، مضافا إلى ما ثبت من أن الحكمة لا كلية فيها لأنها حكمة أصل الجعل لا أن تكون علة المجعول.

و أما الثالث: فانصرافها بل ظهورها في البيع للقرائن الداخلية و الخارجية مما لا ينكر لاشتمال جملة من النصوص على البيع، مع إن إطلاقات المثل

ص: 301


1- راجع الوسائل باب: من أبواب الربا حديث: 2 و 9 و 11.
2- سورة البقرة: 275 و راجع ما يتعلق بالآية الكريمة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 3.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب الصرف حديث: 1.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب الربا حديث: 1.

..........

______________________________

و المثلين و الزيادة و المستزيد إنما هي لبيان شرط الربا لا لبيان موضوعه و الشك في ذلك يكفي في عدم صحة التمسك بمثل تلك الإطلاقات.

و أما الرابع: فمحكومة بالإطلاقات الدالة على تلك المعاوضات إطلاقا لفظيا و حاليا.

و أما الأخير: فلما ثبت في محله من أن المرجع في الشك في الشرطية و المانعية إنما هو البراءة العقلية و النقلية في العبادات و المعاملات مطلقا، فما نسب إلى جمع منهم الفاضل و الحلي و جمع من مشايخنا اختصاص حرمة الربا بخصوص البيع هو المتجة و طريق الاحتياط معلوم.

الجهة الخامسة: لا ربا في الإبراء بشرط الإبراء و لا في زمان الدين مع عدم الشرط، و لا في الغرامات، و لا في القسمة. أما بناء على اختصاصه بالبيع فلعدم كون ذلك كله بيعا. و أما بناء على تعميمه لمطلق المعاوضة فلعدم كونها معاوضة عرفا، بل هي عناوين خاصة في مقابل المعاوضات المخصوصة، و المناط هو ما كانت من إحدى المعاوضات المعهودة المتعارفة لا ما أمكن إرجاعه إلى المعاوضة و لو بالعناية.

و أما صحيح الحلبي: «عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد صاحبها إلا شعيرا، أ يصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال عليه السّلام: إنما أصلهما واحد» (1)، و صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، «سئل عن الرجل يبيع الرجل الطعام الأكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل قال عليه السّلام: لا يصلح» (2).

فالمنساق منهما إنما هو المبادلة لا الوفاء المحض. و من ذلك يظهر وجه عدم جريانه في الهبة و العطية و الهدية و نحوهما و لو كانت الهبة بداعي هبة الزائد في الطرف، لعدم صدق المعاوضة عليها.

ص: 302


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 4.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 1.

..........

______________________________

نعم، لو كان الموهوب في مقابل المال لصدقت المعاوضة حينئذ، هذا و لكن الأحوط الاجتناب عن شرط الزيادة في ذلك كله مطلقا.

الجهة السادسة: الزيادة في أحد المتجانسين.

تارة: تكون معلومة و مشترطة.

و أخرى: تكون غير معلومة و غير مشترطة في العقد أصلا و إنما وقع العقد على المثلين فقط.

و ثالثة: تقع المعاوضة على المثل بالمثل من دون شرط الزيادة أصلا، و لكن كانت الزيادة متحققة في الواقع.

و رابعة: تقع الزيادة في مقابل شي ء خارج عن حقيقة المعاوضة، كما إذا باعه منّا من الحنطة بمنين منها مع جعل المنّ الزائد في مقابل قراءة القرآن مثلا.

و خامسة: بجعل الزيادة في مقابل صفة أحد العوضين، كما إذا باعه منا من الحنطة الجيدة بمنّ من الرديئة مع جعل المنّ الزائد في مقابل الجودة.

و سادسة: تقع الزيادة هبة مستقلة غير معوضة في ضمن المعاوضة، كما إذا باعه منا من الحنطة بمنّ بشرط أن يهبه منا آخر من الحنطة هبة مستأنفة مشتقلة. و لا إشكال في كون القسم الأول، و الخامس، و الأخير من الربا. للإجماع و ظواهر الأدلة. و أما بقية الأقسام فاستدل على تحقق الربا فيها بالإجماع، و إطلاق أدلة حرمة الربا. و إطلاق ما دل اعتبار المثلية، و أن «الزائد و المستزيد في النار».

و الكل مخدوش. أما الإجماع فلمخالفة جمع منهم المحقق الأردبيلي، و أما بقية الأدلة فلظهورها في الزيادة العينية أو انصرافها إليها، فيكون التمسك بها في غيرها من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه فيرجع فيها إلى أصالة الحلية، فالجزم بكونها من الربا مشكل بل ممنوع و ان كان الاحتياط حسن على كل حال.

الجهة السابعة: إذا كان جاهلا بالربا حكما أو موضوعا فارتكبها مدة

ص: 303

..........

______________________________

طويلة أو قصيرة ثمَّ علم بذلك لا شي ء عليه، لإطلاق الكتاب و السنة المستفيضة. قال تعالى فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ (1)، و قد فسره أبو جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم «دخل رجل على أبي جعفر عليه السّلام من أهل خراسان قد عمل الربا حتى كثر ماله، ثمَّ انه سأل الفقهاء فقالوا: ليس يقبل منك شي ء الا أن ترده إلى أصحابه، فجاء إلى أبي جعفر عليه السّلام فقص عليه قصته، فقال له أبو جعفر عليه السّلام مخرجك من كتاب اللّه فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللّهِ و الموعظة التوبة» (2)، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل ربا أكله الناس بجهالة ثمَّ تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة- الحديث-» (3)، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا قال عليه السّلام: «فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد وضع ما مضى من الربا و حرّم ما بقي، فمن جهل وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرّم عليه و وجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في الصحة في حال الجهل، و إن المالك الحقيقي قد أمضى هذه المعاملة، كما صحح العبادة الواقعة في المغصوب مع الجهل، و اختصاص بعض الأحكام بالعالمين به لا محذور فيه من عقل أو شرع و هو واقع كثيرا في الشريعة فليكن المقام منه.

و نوقش في هذه الأخبار.

تارة: بأن المراد منها نفي العقاب.

و أخرى: بأنها مخالفة لما ورد من التشديد في الربا.

و ثالثة: توجب تجرّي الناس على الربا.

ص: 304


1- سورة البقرة: 275 و راجع ما يتعلق بالآية الكريمة في ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الربا حديث: 7 و 2.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الربا حديث: 7 و 2.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب الربا حديث: 3.

منها، أو كيلو منها بكيلو مع زيادة درهم (8). أو حكمية كبيع كيلو من الحنطة

______________________________

و رابعة: بأنها مضطربة المتن.

و خامسة: بمعارضتها بما ورد في صحيح الحلبي الآنف الذكر، و خبر أبي الربيع الشامي (1)، من ردّ ما عدى رأس المال إن كان معزولا إلى غير ذلك مما ذكره في الجواهر.

و جميع ذلك مردود: أما الأولى: فلأنه خلاف ظاهرها عرفا.

و أما الثانية: فلأن التشديد في ما إذا لم يكن ترخيص في البين و هو ينفي موضوع التشديد كما بين الوالد و الولد.

و أما الثالثة: فلأن تقييد الحلية بما إذا وقع في ظرف الجهل لا يوجب التجري.

و أما الرابعة: فلأنه لا اضطراب فيها كما لا يخفى على من نظر فيها بعين التأمل.

و أما الأخير: فلأنهما محمولان على الندب و هو جمع شائع في الفقه. فلا وجه للقول بأنه مع وجود العين يجب الرد و مع التلف لا بأس به، كما لا وجه للقول بأنه لا فرق في الحرمة بين العالم و الجاهل مطلقا، لأن ذلك كله طرح للأخبار المعتبرة و تضييق على الأمة في ما وسّعه اللّه تعالى عليهم. و لا وجه لحمل الآية و الأخبار على أول الإسلام أو على صورة عدم العلم بوجود الربا، لأن كل ذلك مخالف لظاهرها و إطلاقها، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أقسام الجاهل، و لا بين وجود المال و عدمه، و لا بين كون الطرف الآخر عالما أولا، و لا بين الاختلاط و عدمه، و لكن الأحوط الاجتناب مطلقا و الرد إلى المالك مع الإمكان و مع العدم يجري عليه حكم مجهول المالك.

(8) لإطلاق الأدلة، و اتفاق الأجلة.

ص: 305


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الربا حديث: 4.

نقدا بكيلو منها نسيئة (9). و لو باع كيلو و نصف من الحنطة مثلا بكيلو منها نسيئة فهل يرتفع الربا بوقوع نصف كيلو في مقابل الأجل و يصير حينئذ مثلا بمثل؟ وجهان (10).

مسألة 3: لا يجري الربا في سائر المعاوضات

(مسألة 3): لا يجري الربا في سائر المعاوضات و ان كان الأحوط الاجتناب فيها أيضا (11).

مسألة 4: يشترط في الربا، المعاملي أمران

(مسألة 4): يشترط في الربا، المعاملي أمران.

الأول: اتحاد العوضين في الجنس (12)، و ضابطه الاتحاد في

______________________________

(9) قد تقدم ما يتعلق به في الجهة الثانية، فراجع.

(10) يقوي الصحة مع انحلال العقد إلى عقدين عرفا، و مع الشك فالمرجع الأصل و إطلاق أدلة البيع. و مع ذلك الأحوط الاجتناب مطلقا.

(11) تقدم ما يتعلق به في الجهة الرابعة، فراجع.

(12) للإجماع، و النصوص منها صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قلت: ما الربا؟ قال عليه السّلام: دراهم بدراهم مثلين بمثل، و حنطة بحنطة مثلين بمثل» (1)، و منها صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد،- الحديث-» (2)، و في موثق سماعة عنه عليه السّلام: «المختلف مثلان بمثل يدا بيد لا بأس» (3)، و قريب منه صحيح محمد بن مسلم (4)، و قوله عليه السّلام: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم» (5)، إلى غير ذلك من النصوص التي تأتي الإشارة إليها.

ص: 306


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الربا حديث: 2.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الربا حديث: 3.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الربا حديث: 9.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب الربا حديث: 1.
5- مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب الربا حديث: 4.

الحقيقة النوعية الكاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاص (13)، فكلما صدق عليه الحنطة، أو الأرز، أو التمر، أو العنب جنس واحد فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل، و إن تخالفا في الصفات و الخواص فلا يتفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء و الجيدة البيضاء، و مثل ذلك في التمر و نحوه (14). فإذا اختلف الاسم يصح البيع متفاضلا، فيصح بيع الأرز مع العدس، أو الحنطة و نحو ذلك من مختلفي الاسم متفاضلا (15).

______________________________

(13) لأن المنساق من الأدلة أنه ليس المراد بالجنس في المقام الجنس المنطقي الذي يكون تحته أنواع، بل المراد بالجنس اللغوي العرفي أي النوع المنطقي الذي يكون تحته أصناف، و ذلك لأن الأدلة منزلة على العرفيات فكلما له اسم خاص و لم يكن تحته قدر مشترك يسمى باسم خاص كالحنطة و التمر و الزبيب، و الذهب و الفضة و نحوها مما يكون المقادير المشتركة التي تحتها أصنافا ليس لها اسم خاص، بل تذكر مع الوصف كالحنطة الحمراء أو الصفراء مثلا، أو الجيدة أو الرديئة و نحو ذلك و ليس المراد مثل الطعام و الحبّ و نحوهما مما يكون تحته أنواع كثيرة كالحنطة و الشعير و العدس و الماش و نحوها فلا تكون الحنطة و الماش جنسا واحدا من حيث دخولهما تحت مفهوم الحب لعدم مساعدة العرف على ذلك.

نعم، الحب جنس منطقي بالنسبة إلى جميع ما يدل تحته من الحبوب مطلقا، و لكن المفروض عدم ارادة الجنس المنطقي من الأدلة.

(14) كل ذلك لصدق الجنس الواحد على أصناف الحنطة، و كذا أصناف الأرز و التمر و نحوها، فالمناط كله على وحدة الاسم لغة و عرفا و ان اختلفت الأصناف و الصفات.

(15) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها، لفرض اختلاف الاسم فيصح لا محالة.

ص: 307

مسألة 5: لو شك في مورد في اتحاد الجنس و عدمه يصح البيع متفاضلا

(مسألة 5): لو شك في مورد في اتحاد الجنس و عدمه يصح البيع متفاضلا (16).

______________________________

(16) لأصالتي الحلية و الإباحة الوضعية و التكليفية، و هي مقدمة على أصالة عدم النقل و الانتقال، لأن الشك في النقل و الانتقال مسبب عن الشك في الحرمة، فمع جريان الأصل فيها يزول الشك في الحرمة، فلا موضوع لجريان أصالة عدم النقل و الانتقال، بل يصح التمسك بالأصول اللفظية أيضا، كأصالة الإطلاق و العموم في البيع و التجارة من الآيات و الروايات. و توهم إنه من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية.

فاسد: لما ثبت في محله من أن المخصص إذا كان منفصلا و تردد بين الأقل و الأكثر يصح التمسك كالعام في مورد الشك و هو الأكثر، لثبوت حجيته و ظهوره، و في المقام دليل المخصص مردد بين- الأقل و هو ما علم فيه اتحاد الجنس- و الأكثر و هو دخول مشكوك اتحاد الجنس تحت دليل المخصص أيضا فيرجع إلى ظهور العام و حجيته حينئذ.

كما أن توهم: إن الحلية في المكيل و الموزون معلقة على إحراز الاختلاف، لقوله عليه السّلام: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم» فلا بدّ في الحلية من إحراز الاختلاف و الا فلا يحلّ.

مردود. أولا: بأنه خلاف السيرة و بناء الفقهاء.

و ثانيا: بأنه لا موضوعية لإحراز الاختلاف من حيث هو، و إنما ذكر ذلك طريقا لعدم إحراز المماثلة بوجه شرعي فكل مورد لم يحرز فيه المماثلة بطريق معتبر يتحقق فيه الاختلاف و في المقام بأصالة الحلية و الإباحة الوضعية و التكليفية لا يبقى مورد للمثلية، فيكفي ذلك في الجواز و لا نحتاج إلى إثبات الاختلاف خارجا، بل لنا أن نتمسك بالأصل الموضوعي بالنسبة إلى العدم الأزلي، و هي أصالة عدم المماثلة بالعدم الأزلي فيثبت الجواز لا محالة و لا

ص: 308

الأمر الثاني: كون العوضين من المكيل و الموزون، فلا ربا في ما يباع بالعد و الذرع و المشاهدة (17).

مسألة 6: الحنطة و الشعير جنس واحد في الربا فقط

(مسألة 6): الحنطة و الشعير جنس واحد في الربا فقط فلا يصح

______________________________

تعارض بالأصل في عدم الاختلاف لعدم الاحتياج إلى إجراء هذا الأصل بعد ترتب الأثر على عدم المماثلة و لو بالعدم الأزلي، كما في أصالة عدم القرينة، و قد فصلنا البحث في الأصول فليرجع إليه.

(17) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و نصوص مستفيضة، منها صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يكون الرّبا إلا في ما يكال أو يوزن» (1)، و نحوه صحيح عبيد بن زرارة (2)، و في صحيح منصور: «سألته عن الشاة بالشاتين، و البيضة بالبيضتين، قال عليه السّلام: لا بأس ما لم يكن كيلا أو وزنا» (3)، و في صحيحه الآخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل شي ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد، فإذا كان لا يكال و لا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد» (4) إلى غير ذلك مما هو كثير، و مقتضى إطلاقها، كإطلاقات الأدلة الأولية عدم الفرق في الجواز بين النقد و النسيئة. فما نسب إلى جمع من القدماء من الاختصاص بالنقد جمودا على ما في بعض الأخبار من التعبير بقوله عليه السّلام: «يدا بيد» (5). خلاف التصريح بالتعميم في بعضها الأخر.

ثمَّ إن بيع المتجانسين من المكيل و الموزون أقسام.

الأول: نقدا مثلا بمثل، و هذا يجوز بلا إشكال.

الثاني: نقدا متفاضلا لا يجوز بلا إشكال أيضا.

الثالث: نسيئة مثلا بمثل و هذا لا يجوز، لما تسالموا عليه من أن للأجل قسط من الثمن بتحقق التفاضل فيحرم و يبطل من هذه الجهة.

ص: 309


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الربا- حديث: 1 و 3 و 5.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الربا- حديث: 1 و 3 و 5.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الربا- حديث: 1 و 3 و 5.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب الربا حديث: 3.
5- الوسائل باب: 17 من أبواب الربا حديث: 1 و غيره.

التفاضل بينهما (18). و إن لم يكونا كذلك في الزكاة، فلا يكمل نصاب

______________________________

الرابع: نسيئة متفاضلا لا يجوز على ما يظهر من المشهور لعمومات المنع، و لكن يمكن جعل الزيادة في مقابل المدة فيتحقق التماثل.

و لبيع المختلفين صور أيضا.

الأولى: نقدا متماثلا.

الثانية: نقدا متفاضلا، و لا إشكال في جوازهما نصا و فتوى.

الثالثة: نسيئة متفاضلا يجوز في غير ما إذا كان العوضان من الأثمان، و أما فيها فلا يجوز لاشتراط التقابض في المجلس فيها.

الرابعة: كون أحد العوضين عروضا و الآخر من الأثمان، و هذا يجوز بلا إشكال، لأنه إما سلف أو نسيئة.

الخامسة: كونها من العروض مع كونهما من المكيل أو الموزون يجوز لإطلاق الأدلة مع الكراهة، لما يظهر من بعض الأخبار إن حمل على الكراهة.

و أما إذا حمل على التقية فلا موضوع للكراهة أصلا.

(18) للإجماع مضافا إلى النصوص المتواترة، ففي صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل يبيع الرجل الطعام الأكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل. قال عليه السّلام: لا يصلح، لأن أصل الشعير من الحنطة، و لكن يردّ عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل»(1). و في صحيح عبد الرحمن: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أ يجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير فقال عليه السّلام: لا يجوز إلا مثلا بمثل، ثمَّ قال عليه السّلام: إن الشعير من الحنطة» (2)، و في صحيح أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «الحنطة و الشعير رأسا برأس، لا يزاد واحد منهما على الآخر» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار. و مع هذه الأخبار لا ينظر إلى

ص: 310


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الربا حديث: 3.

أحدهما بالآخر (19).

مسألة 7: يجوز بيع العلس بالسلت، و الأول بالحنطة، و الثاني بالشعير

(مسألة 7): يجوز بيع العلس بالسلت، و الأول بالحنطة، و الثاني بالشعير (20)،

______________________________

اختلافهما الاسمي، لأنه من الاجتهاد في مقابل النص. ثمَّ إن في بيع المكيل و الموزون صور.

الأولى: بيع المكيل من جنس واحد بالمكيل منه، و لا إشكال في تحقق الربا فيه مع التفاضل، للإطلاقات و العمومات، و الإجماع الثانية: بيع الموزون من جنس واحد بالوزن منه متفاضلا، و يتحقق فيه الربا أيضا مع التفاضل، لما مرّ في سابقة.

الثالثة: بيع المكيل من جنس واحد بالوزن منه و بالعكس مع التفاضل، و هو أيضا من الربا، لشمول الإطلاقات و العمومات لهذه الصورة أيضا، خصوصا بعد قوله عليه السّلام: «ما عدّ عددا و لم يكل و لم يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يدا بيد و يكره نسيئة» (1)، فجعل عليه السّلام صورة الجواز ما خرج عنها فيكون صرف وجود الكيل و الوزن داخلا في مورد الربا. مع إن أصل الكيل هو الوزن على ما قيل.

الرابعة: بيع المكيل بغير الموزون.

الخامسة: بيع الموزون بغير المكيل و يجوز التفاضل في هاتين الصورتين نصا و فتوى بل بالضرورة. و هنا بحث آخر في أنه هل يجوز بيع المكيل وزنا و بالعكس أو لا يجوز، و حكمه الجواز مع عدم الجهالة بالمقدار و عدمه مع الجهل به فيكون الاختلاف في هذه المسألة من النزاع اللفظي.

(19) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و اختصاص دليل الواحدة بالربا فقط.

(20) للأصل، و الإطلاق، و اختلاف الاسم الكاشف عن اختلاف الجنس عرفا، و لكن ذكر بعض أهل اللغة إن الأول نوع من الحنطة و الثاني نوع من

ص: 311


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الربا حديث: 2.

و إن كان الأحوط الترك مطلقا (21).

مسألة 8: لكل نوع من الأنواع أصناف كثيرة ربما تبلغ المئات بل أكثر

(مسألة 8): لكل نوع من الأنواع أصناف كثيرة ربما تبلغ المئات بل أكثر، و جميع تلك الأصناف من كل نوع تحت جنس واحد، جيدة كانت أو رديئة أو بالاختلاف (22).

مسألة 9: كل شي ء مع أصله و ما يتفرع عنه جنس واحد و إن اختلفا في الاسم

(مسألة 9): كل شي ء مع أصله و ما يتفرع عنه جنس واحد و إن اختلفا في الاسم (23). كالسمسم، و الشيرج و اللبن مع الجبن، و المخيض و اللبأ

______________________________

الشعير، و قد ثبت في محله إنه لا اعتبار بقول اللغوي ما لم يوجب الوثوق، و لو أوجب الشك فقد تقدم الجواز في صورة الشك.

(21) خروجا عن خلاف من جعل الأول نوعا من الحنطة. و الثاني نوعا من الشعير، و قد تقدم في زكاة الغلات بعض ما ينفع المقام، فراجع.

(22) لفرض اتحاد الاسم في جميع ذلك، و المناط كله صدق الاسم عرفا و الاتحاد فيه، و قد قيل إن للأرز في خصوص الهند ألف و مائة صنف، و للتفاح ثمانمائة قسم، و هكذا في جميع الحبوب و الفواكه و غيرهما، و لكن اتحاد كل تلك الأصناف من تلك الأنواع يجعلها من الجنس الواحد في الربا.

(23) لنصوص خاصة في موارد مخصوصة. و قد جعل ذلك من القواعد.

ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «الدقيق بالحنطة، و السويق بالدقيق مثل بمثل لا بأس به»(1)، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «الحنطة بالدقيق مثلا بمثل» (2)، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في العنب بالزبيب، قال عليه السّلام:

لا يصلح إلا مثلا بثمل، و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل» (3)، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في العنب بالزبيب، قال عليه السّلام: لا يصلح إلا مثلا

ص: 312


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الربا حديث: 2 و 4.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الربا حديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 3.

..........

______________________________

بمثل، و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل» (1)، و في خبر ابن أبي الربيع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ما ترى في التمر و البسر الأحمر مثلا، قال عليه السّلام: لا بأس. قلت:

فالبختج و العنب مثلا بمثل، قال: لا بأس» (2)، و في المرسل: «و ما كيل أو وزن مما أصله واحد فليس لبعضه فضل على بعض» (3)، و يدل عليه المستفيضة الواردة في اتحاد الحنطة و الشعير (4)، المعللة بأن الشعير من الحنطة و قد تعدّوا من الموارد المنصوصة إلى غيرها بعدم القول بالفصل. و مقتضى إطلاق كلماتهم عدم الفرق بين تغيير الصورة كالحنطة و الدقيق، و تغيير الحقيقة بالاستحالة- طبيعية كانت أو صناعية، كصيرورة شي ء ملحا، أو كجعل الخشب بالإحراق رمادا- و جعل بعض الأشياء بالصناعة أدوية أو أشياء أخرى كالسكر الذي يتحصل من قصبة أو من (الشوندر) على ما هو الشائع فيهما، و كذا كل مستحال إليه مع المستحال منه.

و إثبات هذه الكلية مشكل عقلا و نقلا أما الأول فلاختلاف الاسم و الأثر الكاشف عن اختلاف الحقيقة قطعا، فرب شي ء يضرّ أصله و ينفع فرعه و رب شي ء بالعكس. و أما النقل فهو مختص باختلاف الصورة فقط، كالحنطة و الدقيق، و لا بأس بالتعدي إلى النظائر العرفية.

و أما ما ورد في الحنطة و الشعير من أن جبرائيل أتى بقبضة من حنطة فأخذ منها آدم عليه السّلام و زرع فخرج حنطة و قبضت حواء و زرعت فخرج شعيرا (5).

ففيه انه قضية في واقعة لم يعرف حقيقتها فهل كان التغيير بعد الوصول إلى الأرض أو قبله، و كيف كان فنتعبد فيه بأصله و إن لم نفهم خصوصية التعليل.

و أما الإجماع فالمتيقن منه- على فرض اعتباره تغيير الصورة فقط. و لو

ص: 313


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 5.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 5.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الربا حديث: 12.
4- تقدمت في صفحة: 310.
5- سفينة البحار ح: 1 صفحة: 346

و غيرها، و التمر و العنب مع خلهما و دبسهما. و كذا الفرعان من أصل واحد، كالجبن و الأقط و الزبد و غيرهما (24).

مسألة 10: اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان المتخذ ذلك منه

(مسألة 10): اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان المتخذ ذلك منه، فيجوز التفاضل بين لحم الغنم و لحم البقر، و كذا بين لبنهما أو دهنهما، و كذا بين ما يتفرع من لبنهما (25). و كذا في الطيور

______________________________

وصلت النوبة إلى الشك فمقتضى الأصل الجواز، كما تقدم.

و بالجملة الأقسام ثلاثة.

فتارة: يحكم العرف بالاتحاد و إن اختلف في الاسم في الجملة.

و أخرى: يحكم بالاختلاف.

و ثالثة: يشك فيهما و حكم الأخيرين الجواز مع الاحتياط في الثالثة.

(24) بناء على كلية هذه القاعدة، و لكن الالتزام بها مشكل جدا في الحليب و الدهن، و كذا بعض أقسام الجبن الذي زالت الأجزاء المائية عنه. و كذا الأقط و ذلك لغلبة جهة المائية في الحليب خصوصا في فصل الربيع، و كذا الكلام في الحليب الطبيعي و اللبن الجاف المصنوع في هذه الأعصار- بناء على أنه حليب طبيعي أخذت الأجزاء المائية منه.

و بالجملة: ان كان بناؤهم في هذه الكلية على العرف فهو يشهد بالخلاف في جملة من الموارد، و ان كان لدليل آخر فهو مفقود، و ان كان المناط وحدة الاسم و الآثار و الخصوصيات فهو أيضا مفقود و ان كان لاستظهار مما ورد في الحنطة و الدقيق فهو مسلم في الجملة و لكن لا تفيد الكلية إلا في مورد تغير الصورة فقط، لوحدة الشكر و القند مثلا.

و أما وحدة الشعير و الحنطة فهو قضية في واقعة خرجت بالدليل، و إلا فلا بدّ و أن يقال بالربا في العلف و الحليب لأن أصل الحليب من العلف، و كذا في نظائره من الاستحالات التكوينية.

(25) للإجماع، و لأن الجنس العرفي فيها يكون هكذا، و مطلق اللحم

ص: 314

فيجوز التفاضل بين لحم بعض الطيور مع البعض الآخر إذا اختلفا في الاسم (26). و الأدهان المتخذة من النباتات تابع لما اتخذ منه فيجوز التفاضل بين دهن السمسم و دهن اللوز (27) و الضمان و المعز جنس واحد، و كذا البقر و الجاموس (28) و الخلّ تابع لما يعمل منه، فيجوز التفاضل بين خلّ العنب و خلّ التمر (29). و لكن خلّ العنب و الزبيب شي ء واحد، و كذا خلّ الرطب و التمر (30).

مسألة 11: الصوف غير الشعر و هما غير الوبر 31 و صوف كل حيوان تابع له

(مسألة 11): الصوف غير الشعر و هما غير الوبر (31) و صوف كل حيوان تابع له فيجوز التفاضل بين صوف الغنم و صوف البعير (32). الشحم و الألية و القلب و الكبد غير اللحم فيصح التفاضل بينها و بين اللحم، و كذا بين بعضها مع بعض (33).

مسألة 12: ما عمل من جنسين

(مسألة 12): ما عمل من جنسين فإن عدّ من أحدهما عرفا لا يجوز

______________________________

و الدهن و اللبن جنس منطقي لا أن يكون عرفيا، و قد تقدم أن المناط على العرف.

(26) لما تقدم في سابقة من غير فرق.

(27) لتحقق الاختلاف النوعي العرفي فيختلف الحكم أيضا.

(28) لدخول الأول تحت اسم واحد و هو الغنم، و الثاني كذلك و هو البقر عند المتعارف.

(29) لاختلاف الاسم الموجب لاختلاف الحكم.

(30) لوحدة الجنس العرفي في كل واحد منهما.

(31) لأن كلا منها نوع خاص عرفا، و يختص باسم مخصوص كذلك.

(32) للاختلاف العرفي الموجب لصحة التفاضل.

(33) لشهادة العرف بذلك، مع ان القلب و الكبد يباع عددا لا وزنا فينتفي الربا بينهما و بين غيرهما من هذه الجهة أيضا.

ص: 315

بيعه معه متفاضلا و إن لم يعدّ أو شك فيه يجوز (34).

مسألة 13: المناط في كون شي ء مكيلا أو موزونا متعارف البلدان

(مسألة 13): المناط في كون شي ء مكيلا أو موزونا متعارف البلدان و عند متعارف الناس (35)، و مع الاختلاف فحكم كل بلد على ما هو المعتاد فيه (36).

______________________________

(34) أما الأول: فلفرض صدق اتحاد الجنس.

و أما الثاني: فلصدق التعدد.

و أما الأخير: فلما مرّ من الجواز في صورة الشك في الوحدة و التعدد.

(35) لأنه المنساق من الأدلة، و لخبر القمي: «و لا ينظر في ما يكال أو يوزن الا إلى العامة و لا يؤخذ فيه بالخاصة، فإن كان قوم يكيلون اللحم و يكيلون الجوز فلا يعتبر بهم، لأن أصل اللحم أن يوزن و أصل الجوز أن يعد» (1).

(36) لأنه لم يرد لتحديد المكيل و الموزون شي ء من الشارع في هذا الأمر العام البلوى مع الحاجة إليه في جميع الأعصار و الأمصار و ما كان كذلك فلا بدّ من الرجوع إلى المتعارف، و مع اختلافه فإن كان شي ء مكيلا في محل دون آخر فيصدق المكيلية العرفية في ذلك المحل فلا بدّ من شمول الدليل و انطباقه عليه قهرا، أو لفرض أن الموضوع عرفي لا أن يكون لغويا أو تعبديا.

و احتمال كون المناط كون شي ء مكيلا عند جميع الناس مطلقا، أو كون المناط على عصر الشارع فما كان مكيلا في عصره فهو مكيل إلى يوم القيامة و لو صار معدودا بعد ذلك و ما كان بالعكس فبالعكس.

فهو سقاط في هذا الموضوع الذي بني على الاختلاف بحسب الأمكنة و الخصوصيات و النبي صلّى اللّه عليه و آله ورد على ما كان مكيلا أو موزونا في عصره لا أن يجعل للناس الكيل و الوزن و لم يردع عما كان متعارفا في عصره، و عدم الردع عما كان في عصره لا يكون تقريرا بغير عصره، كما هو واضح، بل الشريعة

ص: 316


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الربا حديث: 6.

مسألة 14: لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية

(مسألة 14): لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية (37). فما كان أصله مما يكال أو يوزن فخرج منه شي ء لا يكال و لا يوزن لا بأس بالتفاضل بين أصله و ما خرج منه، و كذا بين ما خرج منه

______________________________

أجنبية عن الموضوعات العرفية مطلقا، و إنما له تشريع الحكم فقط.

نعم، إذا ورد دليل معتبر منه على التحديد فيها، كما في الكر و المسافة و نحوهما يتبع لا محالة، و لا وجه في المقام للاستصحاب بأن يقال ان ما كان في عصره فهو مكيل بالاستصحاب لفرض ان الموضوع تحت اختيار العرف يغير و يبدل بحسب نظر الحكومات مثلا في جميع الأمكنة و البلاد، و ما كان كذلك لا وجه للاستصحاب عند التغيير بل يؤخذ بما هو المتحقق فعلا، و الظاهر ان الموضوع لا يحتاج إلى البحث بأكثر من ذلك فلا وجه للتطويل. و في مثل ذلك لا وجه لدعوى الإجماع.

ان قلت: نعم و لكن المختلف في بلدين مثلا لا يدخل تحت إطلاق أحد الخطابين لأنه من الترجيح بلا مرجح، مضافا إلى ما في خبر القمي المتقدم «و لا يؤخذ فيه بالخاصة» فإنه يشمل ذلك فلا يجري فيه حكم الربا فيرجع حينئذ إلى أصالة الحلية و الإباحة.

قلت: بل يدخل المختلفين تحت إطلاق كل من الدليلين بالاعتبارين و لا محذور فيه، لأن انطباق الدليل على الموضوع قهري و أما انه لا يؤخذ فيه بالخاصة فيمكن أن يراد به الشاذ الذي يكون خارجا عن المتعارف و يكون خلاف الشائع منه.

(37) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق بعد عدم دليل على التبعية من عقل أو نقل، و كون كل منهما له تحديد خاص في إحراز كميته عرفا، و يشهد لذلك نصوص خاصة في موارد متفرقة، منها خبر عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة و الغزل أكثر وزنا من الثياب، قال عليه السّلام: لا

ص: 317

بعضه مع بعض (38) و ذلك كالقطن و الكتان، فأن أصلهما و غزلهما يوزن و منسوجهما لا يوزن فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما و بين منسوجهما، و كذا بين أفراد منسوجهما، بأن يباع ثوبان بثوب واحد، و كذا دهن الجوز فإنه موزون و أصله- و هو الجوز- معدود فيجوز التفاضل بينهما.

مسألة 15: إن كان شي ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، كالثمرة غير موزونة حال كونها على الشجرة

(مسألة 15): إن كان شي ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، كالثمرة غير موزونة حال كونها على الشجرة و إذا جنيت صارت من الموزون، و كذا الحيوان قبل أن يذبح و يصير لحما ليس من الموزون، و لكن يصير منه بعد الذبح و سلخ جلده فيجوز التفاضل بينهما، و كذا يجوز شاة بشاتين بلا إشكال (39).

______________________________

بأس» (1).

(38) لإطلاق أدلة البيع كتابا و سنة، فالمقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود فيصح لا محالة.

(39) لأن الحيوان يباع مشاهدة بحسب المتعارف فلا موضوع للربا فيه، مضافا إلى نصوص خاصة، منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «البعير بالبعيرين، و الدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس» (2)، و منها صحيح داود بن الحصين «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الشاة بالشاتين و البيضة بالبيضتين فقال عليه السّلام: لا بأس ما لم يكن مكيلا أو موزونا» (3)، و منها صحيح عبد الرحمن: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العبد بالعبدين، و العبد بالعبد و الدراهم قال عليه السّلام: لا بأس بالحيوان كله يدا بيد» (4)، إلى غير ذلك من النصوص.

ص: 318


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الربا حديث: 1.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الربا حديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الربا حديث: 2 و 6 ج: 12.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب الربا حديث: 2 و 6 ج: 12.

مسألة 16: يكره بيع اللحم بالحيوان الحي

(مسألة 16): يكره بيع اللحم بالحيوان الحي (40)، سواء كان من

______________________________

(40) نسب إلى المشهور حرمته، و استدل عليها.

تارة: بإطلاق النبوي صلّى اللّه عليه و آله: «نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع اللحم بالحيوان» (1).

و أخرى: بقول الصادق عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كره بيع اللحم بالحيوان» (2)، و قد ورد في بعض الأخبار «و لم يكن علي عليه السّلام يكره الحلال» (3).

و ثالثة: بالإجماع.

و الكل مخدوش. أما الأول: فهو نبوي عامي، و مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله تستعمل في الكراهة كثيرا.

و أما الثاني:- على فرض اعتبار سنده- فلا بد من حمله على بعض المحامل، مثل أن يراد بالحرام مطلق المرجوح الشامل للمكروه الاصطلاحي و للحرام أيضا، إذ لا ريب في أنه عليه السّلام يكره المكروه.

و أما الإجماع فلا اعتبار به لذهاب جمع إلى الجواز، مع إن من ذهب إلى المنع ظاهره إنه من جهة الربا و لا مورد للربا في المقام كما مرّ.

مع إنه يحتمل في أصل المسألة أن تكون نهيا عما كان متعارفا في الأعصار القديمة من دفع غنم إلى القصاب و أخذ اللحم منه تدريجا، بناء على تحقق الجهالة بالنسبة إلى الحيوان حينئذ لتبدل حالاته من السمن و الهزال و نحوهما، فيصير البيع غرريا فيبطل من هذه الجهة، و لكنه لا كلية في هذا التعليل، كما لا يخفى.

و يمكن حمل ما ذهب إليه المشهور من البطلان على هذه الصورة، و إن كان خلاف ظاهر إطلاق كلامهم، بل تصريح بعضهم، و حيث لم يتم دليل على

ص: 319


1- المعني لابن قدامة ج: 4 ص: 146 ط بيروت.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الربا حديث: 1.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب الربا حديث: 1.

جنسه، كبيع لحم الغنم بالشاة، أو بيعه بغير جنسه (41).

مسألة 17: إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف

(مسألة 17): إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف، كالتمر يكون رطبا ثمَّ يصير تمرا، و العنب يصير زبيبا، و كذا الخبز و اللحم و نحوها، يجوز بيع جافه بجافه و رطبه برطبه مثلا بمثل. و لا يجوز بالتفاضل (42) و لا يجوز بيع جافه برطبه بالتفاضل (43) و يكره مثلا بمثل (44) بل الأحوط

______________________________

الحرمة فلا وجه للقول بها.

نعم، حيث إن الكراهة خفيفة المؤنة فلا بأس بالذهاب إليها.

(41) للإطلاق الشامل لكل منهما.

(42) أما الجواز مثلا بمثل فلاطلاقات الأدلة كتابا و سنة، و عدم لزوم الربا في البين حتى يحرم. و أما عدم الجواز مع التفاضل فللزوم الربا فيشمله ما تقدم من الأدلة المانعة.

(43) لإطلاق أدلة الربا الشامل لهذه الحالة أيضا.

(44) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب القاعدة المستفادة من الإطلاقات و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأخبار الخاصة.

و رابعة: بحسب الأقوال.

أما الأولى: فمقتضى أصالة الحلية و الإباحة التكليفية و الوضعية الجواز.

و أما الثانية: فمقتضى ما يستفاد من الأدلة الواردة في الربا من جواز بيع المتجانسين مثلا بمثل الجواز أيضا.

و أما الأخبار الخاصة.

منها: النبوي: «سئل صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الرطب بالتمر، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أ ينقص إذا

ص: 320

..........

______________________________

جف؟ قيل: نعم. قال صلّى اللّه عليه و آله لا اذن (1)».

و منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس و الرطب رطب، فإذا يبس نقص» (2).

و منها: صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله إلى أجل، ان التمر ييبس فينقص من كيله» (3).

و منها: صحيح داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يصلح التمر بالرطب إن الرطب رطب و التمر يابس، فإذا يبس الرطب نقص» (4).

و منها: موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن العنب بالزبيب، قال عليه السّلام: «لا يصلح إلا مثلا بمثل. قال: و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل» (5).

و الأخيران نص في الجواز مثلا بمثل، و ظاهر في حرمة التفاضل. و أما الأخبار الأولى فلو كنا نحن و نفسها لنقول فيها بالكراهة لقرائن داخلية مع قصور بعضها سندا عن إثبات الحرمة، و لو فرض ظهورها في الحرمة لا بد و ان تحمل على الكراهة بقرينة الخبرين الأخيرين.

و أما الجهة الأخيرة فالأقوال بين إفراط و تفريط.

الأول: عدم الجواز مطلقا لا متساويا و لا متفاضلا، بلا فرق بين الرطوبة الذاتية و العرضية، و بلا فرق بين أقسام الرطب و اليابس من الأثمار و غيرها.

الثاني: الجواز مع الكراهة في مقابل القول الأول.

الثالث: اختصاص الحرمة بخصوص الرطب و التمر، و الجواز في غيرهما مطلقا.

الرابع: التفصيل في ما عدى الرطب و التمر بين الرطوبة الذاتية فيجوز

ص: 321


1- مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الربا حديث: 2.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 1 و 2 و 6 و 3.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 1 و 2 و 6 و 3.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 1 و 2 و 6 و 3.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب الربا حديث: 1 و 2 و 6 و 3.

الترك (45).

مسألة 18: التفاوت بالجودة و الرداءة في أفراد الجنس الواحد لا يوجب جواز التفاضل بينهما

(مسألة 18): التفاوت بالجودة و الرداءة في أفراد الجنس الواحد لا يوجب جواز التفاضل بينهما، فلا يصح بيع كيلو من الحنطة الجيدة بكيلوين من الرديئة منها (46)، و لا بيع مثقالين من الذهب الجيد بمثقالين من الردي ء منه (47).

مسألة 19: يتخلص من الربا بوجوه

اشارة

(مسألة 19): يتخلص من الربا بوجوه.

الأول: ضم غير الجنس إلى الطرفين

الأول: ضم غير الجنس إلى الطرفين، كأن يبيع منا من الحنطة مع درهم بمنين من الحنطة و درهمين (48). أو ضم غير الجنس إلى الطرف

______________________________

و العرضية فلا يجوز. و لا مدرك في البين إلا ما تعرضنا له من الأخبار، فراجع و تأملها بعين الاعتبار.

(45) خروجا عن خلاف ما نسب إلى جمع بل المشهور من المنع مطلقا.

(46) لإطلاق أدلة حرمة التفاضل بين أفراد الجنس الواحد الشامل للجيد و الردي ء أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع، و النص، ففي خبر سيف التمار: «قلت لأبي بصير: أحب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها تمر مشقق، قال: فسأله أبو بصير عن ذلك فقال: هذا مكروه، فقال أبو بصير: و لم يكره؟، فقال عليه السّلام: إن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر، لأن تمر المدينة أدونهما، و لم يكن عليّ عليه السّلام يكره الحلال» (1).

(47) لما تقدم آنفا، و يأتي في بيع الصرف ما ينفع المقام.

(48) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب القاعدة.

ص: 322


1- الوسائل باب: 15 من أبواب الربا حديث: 1.

..........

______________________________

و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فحيث إن أحد العوضين وقع بإزاء المجموع الآخر لا يلحظ من هذه الجهة نفس الجنس الواحد في العوضين حتى يأتي فيه التفاضل، فلا يصدق حينئذ معاملة الجنس الواحد مع التفاضل. فلا وجه لأن يقال: إن في ضمن المجموع يقع التفاضل في الجنس الواحد، لأن حيثية التفاضل في الجنس الواحد ملغاة في البناء المعاملي في هذا النحو من المعاملة، ثمَّ إنه ان قصد وقوع الزيادة في مقابل غير الجنس فلا ريب في الصحة بحسب القاعدة، و كذا إن لم يقصد ذلك. لأن المدار في تصحيح المعاملات على إمكان تصحيح ذلك لا على قصد الصحيح في نظر المتعاملين، فمن باع مال نفسه مع مال غيره جاهلا به أو عالما يصح بالنسبة إلى مال نفسه و يبطل بالنسبة إلى مال غيره إلا مع إجازته، سواء قصد ذلك أو لا. و في المقام تنصرف الزيادة إلى غير الجنس قصده المتعاملون أو لا، و هذا هو مقتضى أصالة الصحة في المعاملات أيضا، بل و كذا في العبادات، فان المدار فيها على إمكان التصحيح واقعا- اجتهادا أو تقليدا- قصد المكلف الصحة أولا، بل لو اعتقد البطلان و كان صحيحا- اجتهادا أو تقليدا- يصح عمله و بالعكس يبطل.

و أما الأدلة الخاصة فتدل عليه النصوص المستفيضة- مضافا إلى الإجماع- منها صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا بأس بألف درهم و درهم بألف درهم و دينارين إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس به»(1). و في صحيح أبي بصير عنه عليه السّلام: «سألته عن الدراهم بالدراهم و عن فضل ما بينهما.

فقال عليه السّلام: إذا كان بينهما نحاس أو ذهب فلا بأس» (2). و في صحيح عبد الرحمن ابن الحجاج: «قلت له: اشترى ألف درهم و دينارا بألفي درهم فقال عليه السّلام: لا بأس بذلك، ان أبي كان أجرأ على أهل المدينة مني، فكان يقول: هذا، فيقولون: إنما هذا الفرار، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، و لو جاء بألف درهم لم يعط

ص: 323


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الصرف حديث: 4، 7.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الصرف حديث: 4، 7.

الناقص، كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين منها (49)، و لو خرجت القيمة مستحقة للغير لا يضرّ بصحة البيع، سواء أجاز الغير أولا (50).

______________________________

ألف دينار، و كان يقول لهم: نعم الشي ء الفرار من الحرام الى الحلال» (1).

و هذه الأخبار مطابقة للقاعدة على ما استظهرناه. و مقتضى إطلاقها هو انصراف الزيادة إلى غير الجنس قصد ذلك أو لا. و لا بد و أن يكون كذلك في المعاملات التي هي مبنية على التسهيل خصوصا في الفرار من الباطل إلى الحق الذي ينبغي أن يكون الطريق عليه سهلا و يسيرا.

(49) لما تقدم، و لما في موثق الحسن بن صدقة عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «قلت له: جعلت فداك إني أدخل المعادن و أبيع الجوهر بترابه بالدنانير و الدراهم، قال عليه السّلام: لا بأس به. قلت: و أنا أصرف الدراهم بالدراهم، و أصيّر الغلة وضحا، و أصيّر الوضح غلة. قال: إذا كان فيها ذهب فلا بأس، قال:

فحكيت ذلك لعمار بن موسى الساباطي، فقال لي: كذا قال لي أبوه، ثمَّ قال لي:

الدنانير أين تكون؟ قلت: لا أدري، قال عمار: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يكون مع الذي ينقص» (2).

(50) أما في صورة الإجازة فلا إشكال في صحة البيع لوجود المقتضى و فقد المانع.

و أما في صورة عدم الإجازة فلاستصحاب الصحة من حيث الربا، و لأن المنساق من أدلة حرمة الربا حرمة الزيادة في نفس العقد، و حرمة إحداث الربا بإنشاء العقد، و أما لو لزمت الزيادة من جهة التقسيط، أو من سائر الجهات الطارية على العقد فلا دليل على الحرمة حينئذ، بل مقتضى الأصل عدمها بعد حدوث إنشاء المعاملة صحيحا.

ص: 324


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الصرف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب الربا حديث: 1.
الثاني: أن يبيع كيلو من الحنطة- مثلا- إلى زيد بدرهم

الثاني: أن يبيع كيلو من الحنطة- مثلا- إلى زيد بدرهم ثمَّ يشتري منه كيلوين من الحنطة بالدرهم (51).

الثالث: ما إذا وهب كل من المتبايعين جنسه للآخر مجانا من غير قصد المعاوضة

الثالث: ما إذا وهب كل من المتبايعين جنسه للآخر مجانا من غير قصد المعاوضة، و لا اشتراط الهبة في الهبة (52).

الرابع: أن يقرض كل منهما جنسه لصاحبه ثمَّ يتبارئا مع عدم الشرط

الرابع: أن يقرض كل منهما جنسه لصاحبه ثمَّ يتبارئا (53) مع عدم الشرط (54).

الخامس: أن يتبايعا بقصد كون المثل في مقابل المثل

الخامس: أن يتبايعا بقصد كون المثل في مقابل المثل و كون الزائد هبة مستقلة مجانية (55).

______________________________

(51) لأن التفاضل المحرم إنما هو في ما إذا كان في معاملة واحدة، و هذه معاملتان فتخرج عن مورد الربا تخصصا. هذا و يمكن أن يستشهد بصحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن الرجل يجي ء إلى صيرفي و معه دراهم يطلب أجود منها فيقاوله على دراهمه فيزيده كذا و كذا بشي ء قد تراضيا عليه، ثمَّ يعطيه بعد بدراهمه دنانير، ثمَّ يبيعه الدنانير بتلك الدراهم على ما تقاولا عليه مرة، قال عليه السّلام: أ ليس ذلك برضا منهما جميعا؟ قلت: بلى. قال عليه السّلام:

لا بأس» (1).

(52) لأن هذا القسم أيضا خروج موضوعي عن مورد أدلة الربا، لأنها في البيع، أو مطلق المعاوضة، و المفروض ان هذا القسم ليس من كل منهما.

(53) لعدم كون القرض بيعا و لا معاوضة، و هذا القسم خارج عن مورد أدلة الربا موضوعا.

(54) لأنه حينئذ يتحقق موضوع الربا القرضي فيحرم من هذه الجهة.

(55) لأنه مشتمل على عنوانين مستقلين لا ربط لأحدهما بالآخر، و هذه

ص: 325


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الصرف حديث: 6.
السادس: أن تكون الزيادة مورد الصلح بعوض أو بلا عوض

السادس: أن تكون الزيادة مورد الصلح بعوض أو بلا عوض شرط فيه مبادلة المثل بالمثل أو لم يشرط (56).

السابع: أن يبيع كيلو من الحنطة بدرهم، ثمَّ يعطيه المشتري كيلوين وفاء عما في ذمته

السابع: أن يبيع كيلو من الحنطة بدرهم، ثمَّ يعطيه المشتري كيلوين وفاء عما في ذمته (57).

مسألة 20: لو عمل في أحد العوضين عملا يوجب زيادة القيمة فبيع بجنسه بالتفاضل

(مسألة 20): لو عمل في أحد العوضين عملا يوجب زيادة القيمة فبيع بجنسه بالتفاضل، كما إذا انقي كيلو من حنطة بأجرة درهم مثلا، فبيع بكيلو و نصف بحيث يقع النصف في مقابل الدرهم لا بأس به (58). و كذا

______________________________

الصورة أيضا خروج موضوعي عن أدلة حرمة الربا.

(56) لأنهما عنوانان مستقلان لا ربط لأحدهما بالآخر، و الشرط صحيح موافق لعمومات الكتاب و السنة فلا محذور فيه، و في الربا القرضي يجوز أن يصالح المقترض الزيادة بعوض أو بلا عوض بشرط أن يقرضه المصالح له شيئا أو بلا شرط، قبل القرض أو حينه. أو بعده، كل ذلك صحيح للأصل و الإطلاق، و عدم اشتراط الزيادة في العقد القرضي، كما لا يخفى.

(57) لأن الوفاء لا ربط له بالبيع، و قد تقدم انه لا ربا في الوفاء.

فائدة: لا ريب في أن مطلق الزيادة أعم من الربا، و الربا المحرم العقدي متقوم بالطرفين، فلو كان قصد أحد المتعاملين الربا المحرم، و قصد الآخر الزيادة بعناوين أخرى غير عنوان الربا، فهل يتحقق الربا المحرم حينئذ أو لا؟

مقتضى الأصل هو الأخير، و لم أجد لهذا الفرع ذكرا في كلماتهم في ما تفحصت عاجلا.

(58) لوقوع البيع مثلا بمثل، و وقوع الزيادة في مقابل الأجرة. و أما الأخبار الدالة على اعتبار المثل بالمثل في السويق و الدقيق و الحنطة كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «الحنطة بالدقيق مثلا بمثل، و السويق مثلا بمثل الشعير بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به» (1)، و غيره فالمنساق منها ما إذا كانا من

ص: 326


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الربا حديث: 2.

كلما يصح أن يقع بإزائه مال (59).

مسألة 21: إذا وقعت المعاملة الربوية بين شخص و بين الظلمة

(مسألة 21): إذا وقعت المعاملة الربوية بين شخص و بين الظلمة، و أخذ ذلك الشخص الزائد يمكن أن يصححها الحاكم الشرعي (60).

مسألة 22: تقدم ذكر بعض الموارد التي ليس فيها الربا المعاملي تخصصا

(مسألة 22): تقدم ذكر بعض الموارد التي ليس فيها الربا المعاملي تخصصا، و قد وردت موارد أخرى نفى الشارع فيها الربا المعاملي و الربا القرضي (61) تخصيصا.

الأول: بين الوالد و ولده (62).

الثاني: بين المولى و مملوكه (63).

______________________________

جنس واحد لا ما إذا ضمّ إلى الأقل شي ء آخر يكون بإزاء الأكثر.

(59) لتحقق المماثلة حينئذ، و وقوع الزيادة في مقابل ماله عوض عرفا.

(60) لأن هذا المال الذي وقع بيد ذلك الشخص مجهول المالك في الواقع، فيهب جميعه لذلك الشخص من باب ولايته على ذلك، و المسألة سيّالة في موارد شتى و في الربا القرضي أيضا.

(61) لإطلاق الدليل- الذي سيأتي ذكره- الشامل لكل من الربا المعاملي و الربا القرضي.

(62) للإجماع و النص، ففي خبر عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس بين الرجل و ولده ربا، و ليس بين السيد و عبده ربا» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «ليس بين الرجل و ولده و بينه و بين عبده، و لا بين أهله ربا» (2)، و غير ذلك من الأخبار، و قد عمل بها الأصحاب.

(63) لما تقدم من النصوص، مضافا إلى الإجماع، و في صحيح علي بن

ص: 327


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 1 و 3.

الثالث: بين الرجل و زوجته (64). فيجوز لكل من الطائفتين أخذ الفضل من الآخر (65).

الرابع: بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الفضل (66) و يثبت بين المسلم و الذمي (67).

______________________________

جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام: «عن رجل أعطى عبده عشرة دراهم على أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أ يحل ذلك؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (1).

(64) للإجماع، و ما تقدم من الأخبار.

(65) لأنه يستفاد من إطلاق نفي حرمة الربا بينهما ذلك بعد عدم دليل على التخصيص بطرف خاص.

(66) نصا و اتفاقا. ففي الخبر: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس بيننا و بين أهل حربنا ربا، نأخذ منهم ألف ألف درهم بدرهم، و نأخذ منهم و لا نعطيهم» (2)، مضافا إلى أن مال الحربي في ء للمسلم يصح له أخذه بأي وجه أمكن له التوسل به إلى الأخذ منه.

و أما الذمي فإن كان مذهبه جواز الربا و أعطى ذلك يصح أخذه منه لقاعدة الإلزام.

و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «قلت، فالمشركون بيني و بينهم ربا؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: فإنهم مماليك، فقال عليه السّلام: إنك لست تملكهم إنما تملكهم مع غيرك، أنت و غيرك فيهم سواء» (3)، فأسقطه إعراض المشهور عنه، أو حمله على محامل.

(67) لإطلاق أدلة الحرمة من غير ما يصلح للتخصيص. و ما ورد في بعض الأخبار عن الصادق عليه السّلام: «ليس بين المسلم و بين الذمي ربا» (4)، فمع قطع النظر

ص: 328


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 6.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 2 و 3.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 2 و 3.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الربا حديث: 6.

مسألة 23: لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى و الخنثى، و لا بين ولد الولد

(مسألة 23): لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى و الخنثى، و لا بين ولد الولد (68)، و الأحوط الاقتصار على خصوص الذكر و بلا فصل (69).

و الحكم مخصوص بالأب فلا يشمل الأم فيثبت الربا بينها و بين الولد (70) و لا بد من الاقتصار على النسبي دون الرضاعي، و على الأب دون الجد (71).

مسألة 24: النقود الورقية المعمولة بها في العالم لا يجري فيها الربا المعاملي

(مسألة 24): النقود الورقية المعمولة بها في العالم لا يجري فيها الربا المعاملي (72).

______________________________

عن سنده و إعراض المشهور عنه محمول على الحربي بقرينة غيره، مضافا إلى ظهور الإجماع خصوصا إذا أخذ الذمي الفضل، و قد أدعوا القطع على عدم جوازه.

(68) للإطلاق الشامل للجميع.

(69) لاحتمال الانصراف و الاختصاص، لكنه ضعيف.

(70) للعمومات و الإطلاقات من دون دليل على التخصيص إلا احتمال أن يكون المراد بقوله عليه السّلام: «ليس بين الوالد و ولده ربا» الأعم من الوالدين، و لكنه خلاف الظاهر خصوصا مع ما تقدم من ذكر الرجل في قول أبي جعفر عليه السّلام.

(71) للاقتصار في الحكم المخالف للعمومات و الإطلاقات على المتيقن من مورد الدليل.

(72) لما تقدم من أنه يعتبر في الربا المعاملي أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون، و النقود الورقية ليست منهما، بل هي من المعدودات، و لذا اصطلح على من يبيع غير المسكوك منها بالصائغ، فيجوز وقوع البيع بينها بالتفاضل.

نعم، لو كانت طريقا إلى الذهب و الفضة بحيث وقعت المعاملة بهما عرفا فيجري الربا حينئذ.

و الحمد للّه أولا و آخرا

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 329

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.